Friday 26th November, 1999 G No. 9920جريدة الجزيرة الجمعة 18 ,شعبان 1420 العدد 9920


منطق
باريس,, مدينة النور والكلاب!
د, عبدالله بن عبدالرحمن آل وزرة

معظم الذين يزورون العاصمة الفرنسية باريس يعرفونها بوجهها السياحي الجميل ، المتمثل في مركزها الذي يبدأ من الشرق عند جزيرة سان لويس ، وجزيرة لاسيته (المدينة) بكاتدرانيتها الاثرية (نوتردام) مرورا بمتحف اللوفر وحديقة التويلري وميدان الكونكورد وجادة الاليزية وحتى قوس النصر المنتصب في وسط ميدان شارل دي جول، ويعرفونها كذلك ببرج ايفل، رمز باريس، وبالاوبرا وميدانها وبناطحات السحاب في حي الديفانس وبمعالم اخرى كثيرة, لكن هناك امور ومعالم لا يعرفها جميع زوار باريس الا القلة القليلة ممن اجبرتهم ظروفهم على العيش في هذه المدينة الغريبة.
في عنوان هذه المقالة اخترت الكلاب رمزا لباريس الى جانب النور الذي وصفت به باريس زورا وبهتانا لان الكلاب في الحقيقة رمز من رموز جميع احياء العاصمة الفرنسية، واما النور فلا ارى دليلا واحدا يؤكد احقية باريس لتوصف به, ففي رأيي ان انوار وبهاء مدننا الجميلة وعلى رأسها مكة المكرمة والمدينة المنورة تفوق كثيرا ذلك النور الذي ادعى الفرنسيون بانه يميز عاصمتهم, اما الكلاب على قذارتها المعهودة ونجاستها المؤكدة شرعا فهي تشكل جزءا لا يتجزأ من المجتمع الباريسي المخملي!,, الباريسيون (المتحضرون) يخرجون بكلابهم المدللة في الصباح الباكر وفي المساء، وبشكل يكاد يتطابق مع عقارب الساعة دقة، لا للتفسح والتباهي بكلابهم (الغالية الجميلة) ولكن يخرجون بها لتلويث شوارع وحدائق عاصمتهم بقذارات الكلاب!! الفرنسيون عامة والباريسيون بشكل خاص ينفقون الملايين كل يوم على الكلاب لشراء اطعمتها وعلاجها والذهاب بها الى حلاقي الكلاب لقص شعرها كما تصرف بلدياتهم الملايين يوميا لتنظيف قذارات كلابهم من على ارصفة الشوارع بينما يشاهد على جنبات هذه الشوارع وفي محطات المترو اعداد من الفقراء المعدمين الذين لا يجدون مأوى ولا طعام!!، تصوروا ماذا سيحدث عندما ينطلق الشخص سيرا على الاقدام في شوارع مدينة النور من غير ان ينتبه لمواضع قدميه!!
في احيان كثيرة وانت تسير في شوارع باريس او تتسوق في بعض متاجرها تقابل احد الباريسيين وقد اصطحب كلبا صغيرا كالقط او كبيرا (الجحش) ثم تفاجأ بان هذا الكلب قد بدأ يحاول التحرش بك,, عفوا، اقصد يحاول التعرف عليك من غير مناسبة وذلك من خلال شمشمة ملابسك بأنفه القذر المبلل عادة والملوث بجميع اصناف المايكروبات، فلا تجد حينها مناصا من ان تبتسم رغما عنك حتى لا ينزعج الكلب (المحترم) فيهجم عليك هجمة غاضب.
وفي الاحياء الواقعة خارج المدن، واعني بها الاحياء ذات المنازل والفلل المنفصلة يتفنن الفرنسيون بايذاء خلق الله من المارة وذلك باقتناء كلاب ضخمة شرسة وقد لا يكتفون بواحد بل تجد اثنين وثلاثة وربما اكثر في المنزل الواحد، وتبقى هذه الوحوش طوال تواجدها بالمنزل تتعهد البيت حراسة وكذلك الشارع فهي لا تسمح لاحد ان يمر راجلا من امام بيت مربيها, وقد لا تكتفي بالنباح المزعج، بل قد تهجم على بعض المارة, واعرف اكثر من واحد هاجمتهم هذه الكلاب وتسببت لهم بجروح بالغة واذى كبير، وربما قرأنا في الصحف بين وقت وآخر محاكمات في بعض البلدان الاوروبية لاصحاب كلاب تركوها تؤذي خلق الله.
في بيوت معظم الفرنسيين تربى أنواع مختلفة من الحيوانات والطيور والزواحف، بعضها نعرفها كالقطط والكلاب وطيور الزينة، وبعضها عجيب غريب، فهناك من يربي الفئران في اقفاص خاصة ليس لعمل تجارب عليها وانما ليلعب بها ابناؤه ويتمتعون بالنظر اليها!! كما ليس بمستغرب ان تجد الفئران البيضاء تباع باسعار غالية في المتاجر المتخصصة لبيع الحيوانات وطيور الزينة وكذا نجد السلاحف، والثعابين!! وبعض انواع من الحشرات كالعناكب وغيرها.
في احدى القنوات التلفزيونية الفرنسية هناك برنامج اسبوعي مستمر منذ قرابة العقدين من الزمن مخصص للكلاب والقطط بشكل رئيس، ولبقية الحيوانات (الرفيقة) من طيور وزواحف وحشرات، وفيه يساعدون المربين على فهم سلوك رفقائهم، وافضل ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا في حقل تربية الكلاب!، اما المجلات المتخصصة في الكلاب واساليب تربيتها والعناية بها فحدث ولا حرج, هذه جوانب من حضارة باريس، وربما تسنح الفرصة مستقبلا بالكتابة عن جوانب اخرى، هي في رأي الباريسيين اكثر (تحضرا)!, وقد صدق استاذنا المجيد حمد القاضي، بقوله انما هذه حضارة الحضيرة, والله المستعان.
E- Mail: awazrah* yahoo.com
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

أفاق اسلامية

قمة مجلس التعاون

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved