Friday 26th November, 1999 G No. 9920جريدة الجزيرة الجمعة 18 ,شعبان 1420 العدد 9920


لما هو أتٍ
فاقد الشيء هل حقاً لايعطيه؟
د,خيرية إبراهيم السقاف

يُقال: فاقد الشيء لا يعطيه,,.
فهل يأخذه؟
أما حدث أن فكَّر أحدكم لماذا يمنح المرء الذي حُرم؟
ولماذا يَبذلُ الذي لم يُعطَ؟
وكيف يبتسم من حُرم من السعادة؟
وكيف يتعفّف، من يعيش الفاقة؟
ألا يحدث أن يكون العكس أكثر صحة؟
ومتى يكون كذلك؟
إن فاقد الشيء يعطيه,,, ولكن,,, يحدث ذلك في مجال الإحساس والتعبير عنه بأكثر مما يحدث في أمور مثل:
فاقد العلم لا علم له فمن أين يغرف؟
وفاقد الخلق لا سلوك له فمن أين يفعل؟
وفاقد المال لا ثروة له ولا فائض عنده فمن أين يعطي؟
وفاقد الخبرة لا تجربة له فكيف يمنح؟
والفقد هذا هل هو بفعل المرء ذاته، أم بمقدرات اللَّه؟
أما فاقد العلم فهو من يجني على نفسه، لأن العلم حق مشاع,, وقد فرَّط فيه إن لم يبلغه غلبه الجهل,.
وفاقد الخلق فأهله من يجنون عليه، لأن الخلق اكتسابي يبدأ من الآخر المسؤول عنه وينتهي إليه ذاته, فما لا يُكتسب أساساً لن يُكتسب لاحقاً، وقد فرط كل منهم فيه إن لم يبلغه غلبه الشقاء.
وفاقد الخبرة فهو ومن حوله يجنون عليه، لأن الخبرة محك لأداء الإنسان، إن لم يقم بها غلبته السذاجة والتسطح,,.
أما فاقد المال فلا حول له ولا قوة لأن رزقكم في السماء وما توعدون .
فكيف إن قسنا كلَّ فَقدٍ على مايُقاس عليه؟
ألا ندرك بأن أمثالاً كثيرة قد رمى بها المتقوِّلون ولم تُصب في مَقتل، ولم تصل إلى حقيقة، ولم تؤدِ ما وضعت له؟!
أحد الآباء قال: لقد حرمني أبي من الحنان، كان قاسياً حدَّ الضرب، بعيداً حدّ الغياب، جافياً حدّ العطش,,.
لكنني رحيم بأبنائي, قريب منهم، حنون عليهم,, لقد فقدت، ولابدّ أن أعوض مافقدته كي لايعيش أبنائي تجربة الحرمان.
إحدى المعلمات قالت: لم أكن أجد معلمتي معي، كان يفصلني عنها حاجز سميك من الخوف والرهبة والحياء، لقد وَضَعت بيني وبينها قيوداً وحدوداً، ربما لو أزيحت لكانت المسافة مابين اليمن والعراق!
وعندما أصبحت معلمة، رميت بحذائي العالي، وانتعلت ورقة شجرة، وأرخيت قامتي، ومددت يدي,, واحتضنت تلميذاتي, قربت منهن لم أشأ أن يعيش مأساتي مع معلماتي.
قال أحد المستخدمين: بذلت لمرؤوسي كل التقدير والحب والتفاني والعطاء والصبر، وكافأني بالطرد، والحسم، والقسوة,, لأنني كنت نشيطاً حدَّ النحلة، أما هو فقد كان كسولاً حدّ الركود,.
ولأنه حرمني أعطيته، ولأنه ظلمني صفحت عنه,, ولأنني أحترمه احتملت حماقاته.
أما كلام اللَّه تعالى فيقول: (والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس,,)
أفلا تفسر هذه الآية بأن من ظلم، أو سلب، أو أُعتدي عليه، أو حُرم لابد أن يصفح ولا يعامل بالمثل,,,، ويصل إلى رتبة الصابرين الذين يفلحون؟!.
فكيف إذن فاقد الشيء لايعطيه؟!
* افتحوا فضلاً كتب الأمثال,,.
وارموا في البحر بأكثرها!!.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

أفاق اسلامية

قمة مجلس التعاون

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved