Friday 26th November, 1999 G No. 9920جريدة الجزيرة الجمعة 18 ,شعبان 1420 العدد 9920


شخصيات قلقة
ايرفي بازان
عاش حياته بين قسوة الأم وقبضة الأفعي

اسمه الحقيقي جون بير اما ايرفي بازان فهو اسم العائلة الذي ارتضاه الناشر الاول لاعماله كاسم فني.
ولد بازان سنة 1911في مدينة (اونجيه)Angers شمال غرب فرنسا,, كانت عائلته ثرية تعيش في رغد، لكن امه رأت الغناء في الاستغناء عن اولادها، فالقت بهم الى الجدة وسافرت مع زوجها رجل القضاء الى الصين حيث انتدبوه هناك خبيرا في القانون.
عندما عاد الوالدان بعد 9 اعوام من ولادة بازان، هرع الصبي مع اخويه الى رصيف محطة القطار وبدلا من الحضن الدافىء الذي حلم به تلقى صفعة مفاجئة لم يدرك سببا لها اللهم الا اذا كانت الأم العائدة تعلن سيطرتها على الامور بحكم ماسيكون.
هذه الصفعة بعد الحرمان الطفولي الطويل تركت في نفسه اقوى اثر ممكن ان تتركه ام قاسية في حياة ابنها الذي سيصبح فيما بعد وبفضل هذا الاحساس المرير كاتبا شهيرا تترجم اعماله الى اكثر من 40 لغة.
الغريب ان امه لم تكتف بذلك وراحت تطلق عليه اسم براس بويون اي الولد الذي يقلب الحساء، وهي مهنة حقيرة في ذلك الوقت اما ابوه فدفعه دفعا لدراسة الحقوق ليصبح قاضيا, وكان من الطبيعي ان يتعثر(بازان) في دراسة القانون فيترك الكلية الى المدرسة الحربية وهناك يمضي عامين ثم يهرب الى باريس ليدرس الآداب ويحصل على شهادة الليسانس بعد ان تقلب لوزان في اكثر من مهنة بسيطة كبائع في شوارع باريس او عامل اونادل,, التحق باحدى الجرائد وعمل كصحفي في القسم الثقافي والفني.
عرف عنه انه يحب الشخصية القوية التي تتجه الى تحقيق افكارها مهما كانت الظروف وربما لهذا جاءت معظم شخصيات رواياته من ذلك النوع الذي يكره الضعف والاستمتاع به.
في كتابه الافعى في قبضة اليد يقول: انا اختيار التمرد انا النفي لكلمات الذل ولكلمة نعم قيلت لتتصالح مع الافكار الثابتة.
وان كان قد كتب بالاضافة الى رواياته كتبا تعالج العلاقات الاسرية فلم يكن هذا سوى صدى لتلك الصفعة المفاجئة، لقد كتب مدام اكي عن الطلاق واوضاع الاطفال ثم موت الحصان الصغير عن الام الارمل وحياتها الشاقة.
ظل يؤمن بان الكاتب الحق لايكتب الا لاعلان رفضه، وكانت كلمته المفضلة كن أي كن كما انت، نفسك، لا اكثر ولا اقل, وعاش لوزان نفسه وكتب عن حياته، عن حلمه، عن افتقاده لامه عن قسوتها وحتى عن لحظات موتها الاخيرة وكان قد تصالح معها قبلها بخمس سنوات فقط لا اكثر.
انضم عام 1958الى اكاديمية جنكور Academie Goncourt كعضو دائم وفي سنة 1972 اصبح رئيساً للاكاديمية وحتى وفاته عام 1996, تزوج 4 مرات وانجب 7 اولاد وكان له من الاحفاد 21 حفيدا ومن ابناء الاحفاد 65ولدا وبنتا.
فهل كانت هذه هي طريقته في الانتقام من قسوة الام؟
حين كتب الافعي في قبضة اليد قال لزوجته، لن يقبلها ناشر،وان قبلها فلن يطبع منها سوى (500) نسخة ولن يحدث شيء ذو بال بعدها.
لكن برنار جراسيه حين قرأ المخطوطة ابدي اعجابا شديدا وعلى الفور طلب توقيع العقد, لتتحول حياة بازان مائة وثمانين درجة, ويصدق حدس الناشر, وينجح الكتاب نجاحا ملحوظا حتى ان اخر احصاء دل على توزيع خمسة ملايين نسخة من الكتاب ليصبح من اكثر المبيعات بعد الحرب العالمية الثانية.
في هذا الكتاب اختار بازان اسما لشخصية الام الشبيهة بامه وهو فول كو (fd coche) وكان يطلق على انثي الخنزير التي تأكل اولادها, وهل لايعرف احد في فرنسا هذا الاسم, لقد اصبح لفظا شهيرا يطلق على اقسى النساء.
من اقواله الشائعة من يعيش طفولة تعيسة يصبح امامه احد اختيارين، هامشي يرفض المجتمع او اجتماعي ممتاز لن يكون له الطريق الوسط ابدا.
وعندما بلغ الرابعة والسبعين، اصر على ان يتزوج من فتاة شابة احبته وعشقت ادبه وانجب منها طفلا جميلا تركه الى الحياة الابدية وعمره عشر سنوات,
والسؤال الان هل استفاد لوزان من الدرس جيدا هل تذكر الصفعة وهويتخذ قرار الانجاب في مثل هذا السن, ام ترى نسي وعلينا انتظار نضوج ابنه السابع والاستماع لرأيه؟!
علاء بربري

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

أفاق اسلامية

قمة مجلس التعاون

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved