أعرف أنك تنتظر متململاً ,, أتمر السانحة ,, ولا تطرق ثانية!
أتظل تستعصي على التناسي,, والنسيان,,!
*
ربما تساءلت يومها لماذا طرقت الباب العتيق,,!
أنا أيضاً تساءلت حين وجدتها فجأة تشدني لنطرقه,, لماذا؟
ألا تكفي كل الطعنات التي جاءت من قبل متوقعة ,, ومفاجئة غير متوقعة؟
تعود إلى الباب مثل أولئك العشاق المولعين بالوقوف على الأطلال,.
وكأن طيفا ما سيهرع مشرعا أذرع الشوق,,!
لم أستغرب أن تجد الباب غير موصد.
ولم أستغرب أن يستوقفها الحارس ليسأل عن هويتها,.
ولم أستغرب أن ألمح ومضة خنجر مستعد متأهب للمفاجآت المنتظرة.
هي لا تحمل خنجراً أبداً,, وأنا دائما أغفر للمخدوعين؛ قيصر وبروتس معاً.
كم كنت تحب أكاليل الغار,, وهي ,, توّجتك يوماً وطناً.
تبكيني إذ تتذكر سطر شعر حزين: وطني ليس حقيبة .
وتضحكني إذ تتذكر أغنية نزار الذي يرضي غرورك أن تراك فيه,, ويقول لي مولاي ليس هنا,.
مولاه ألف هنا,,لكنه جبنا,, .
مازلت كما كنت تخاف الأصدقاء خاصة من لم تقتلهم طعنة الظهر!
ومازلت مستعداً لتمثيل أي دور يحمي ملامحك بقناع نبيل.
* * *
لماذا طرقت الباب العتيق؟
حقاً,, لم يكن لديها أو لدي ما نقول!
مجرد استجابة عفوية لارهاصات نداء بعيد,, كما الأمس ,, تذكر؟,.
نداءات لا منطقية يحملها في وهج الزنابق البيضاء ودون توقف للتفكير في المنطق والممكن والمستحيل,, نستجيب.
* * *
اننا نعود دائما لنتأمل براءة ملامحنا أمس,.
نعود في الزمان والمكان نضحك أو نبكي,,
العودة الى الأماكن القديمة تثير دوامات الانفعال والشعور,.
نعود الى مكان عرفنا فيه مشاعر السعادة فتملؤنا العودة بالطمأنينة والفرح.
ونعود الى مكان ملأنا يوماً بالحزن والمرارة فنحس بالتخوّف والقلق.
ثم هنالك تلك الأماكن الأخرى الملتبسة الانفعالات، نتناقض فيها بين ابتسامة الشوق ودمعة التوجس.
بين الأمكنة نعيش التغرب والانتماء,, رحلة في فضاءات الذات والآخرين، قرباً وبعداً,, تحليقاً وانحصاراً.
***
عادت الى الباب العتيق,.
ولم تجد شيئا قد تغيّر,,؟
ربما,.
ربما لا,.
هل تهيأ لي أنني سمعت شهقة ملتبسة دون صوت؟
شهقة فرح,, غصة ندم,, رماد غضب؟
كلنا تلتبس بنا المشاعر الصامتة حين نجد أنفسنا فجأة أمام الأبواب العتيقة مشرعة تصفر فيها ريح الذاكرة ورائحة السانحة.