Monday 6th December, 1999 G No. 9930جريدة الجزيرة الأثنين 28 ,شعبان 1420 العدد 9930


وجهة نظر
الاقتصاد الإسلامي مرة أخرى 2/2
د,محمد يحيى اليماني

والزكاة لايقتصر دورها فقط علىكونها أحد المصادر المالية للحكومة والتي تغطي بعض جوانب الإنفاق الهام بل انها تعد أحد العوامل المؤثرة في الاستهلاك الكلي والادخار والاستثمار والدخل القومي كما يمكن عن طريقها التأثير في هذه المتغيرات بشكل أو بآخر, ومن الطبيعي أن الزكاة لايمكن أن تعمل بكفاءة إلا إذا كانت تعمل ضمن منظومة الاقتصاد الإسلامي الذي يضمن تفاعل المتغيرات الاقتصادية وفق آلية معينة لتحقيق أهدافه.
إلىجانب الزكاة يوجد في الاقتصاد الإسلامي نظام الوقف, الذي يعتبر مجاله أرحب وأوسع من الزكاة فمصارفه عامة جداً، فهي تشمل الانفاق على المدارس وطلبة العلم والطرق ومصادر المياه والصحة والفقراء وعلى العديد من أبواب الإنفاق التي يحددها الواقفون, وإيرادات الوقف تصل في بعض الدول إلى بلايين الريالات سنوياً كما يعني مصدر دخل ضخم للحكومة تنفق منه على العديد من أوجه النفقات التي لايمكن تغطيتها عن طريق الزكاة, ولتحقيق اقصى فائدة ممكنة من الوقف لابد من العمل على استثماره وتشغيله بناء على أسس اقتصادية تضمن تحقيق عوائد مناسبة وكذا التدقيق في عملية إنفاق العوائد والتأكد من وصولها إلى أصحابها, وهذا يعني ضرورة وجود إدارة مؤهلة تدير هذه المشروعات الاقتصادية الهائلة يعمل فيها متخصصون امناء من اقتصاديين ومحاسبين وغيرهم.
ومن لايرغب في الابتعاد كثيراً عن الاقتصاد التقليدي يرى أن نظام الزكاة في الاقتصاد الإسلامي لايختلف عن نظام الضرائب في الاقتصاد الراسمالي ولكن المتأمل البسيط في كلا النظامين يتبين ان بينهما بوناً شاسعاً لعل من معالمه الرئيسة مصدر التشريع لكل منهما وفرضيته وإلزاميته إلى غير ذلك من الفروق الجوهرية الأخرى.
ولو لم يكن بينهما فرق لما أضطر العلماء إلى مناقشة قضية الضرائب في الإسلام ومناقشة الشروط المجيزة لفرضها وكيفية فرضها وجبايتها وذلك بشكل مستقل تماماً عن الزكاة, ويطيب للبعض ايضاً عند الحديث عن الوقف تذكر ماهو موجود في المجتمعات الغربية من أملاك تابعة للكنيسة, وأظن الوقف مختلف تماماً فهو ليس ملكاً للمسجد دائماً ولاينفق حصراً على المساجد أو ما يتعلق بها بل مجاله واسع جداً يكاد يغطي جميع أوجه النفقات العامة, فضلا عن أن للحكومة حق إدارة الأوقاف واستثمارها وإنفاقها في الأوجه المحددة لها.
والوقف مثل الزكاة بحاجة إلى تفعيل دوره في الحياة المعاصرة ليأخذا مكانهما ضمن أدوات الاقتصاد الإسلامي وليوفرا للمجتمعات الإسلامية حلاً للعديد من المشاكل عوضاً عن الحلول المستوردة التي عجزت عن حل مشاكل مصدريها.
ويمتد مجال الاقتصاد الإسلامي ليشمل أسواق الأسهم والعملات والسلع، فهويحدد طبيعة المعاملات المقبولة من الناحية الشرعية وآلية العمل في هذه الأسواق وفق ضوابط وأسس دقيقة تهدف إلى تحقيق العدالة بين أطراف التعاقد ومنع الظلم والاستغلال والسعي نحو جعل الاقتصاد أكثر استقراراً وأقل عرضة للهزات الاقتصادية الناشئة عن بعض أساليب المعاملات والآليات المتبعة في الأسواق الآن.
واهتم المفكرون المسلمون في جانب الاقتصاد الإسلامي بالعديد من القضايا كالتسعير والاحتكار سواء في أسواق السلع أو في أسواق عناصر الانتاج كالعمل وكان لبعضهم نقاش طويل حول هذه الجزئية وكيفية التعامل مع المحتكرين وعلاج الاحتكار والآثار المترتبة عليه, كما ناقشوا أيضاً الآلية التي تتحدد بها الأسعار وأسباب التضخم وعلاجه والعديد من الأمور المرتبطة بالنقود والطرق التي يفترض اتباعها للمحافظة على الاستقرار النقدي وعلى قيمة النقود.
ماذكرته مجرد أمثلة لمايمكن أن يشتمل عليه الاقتصاد الإسلامي والذي يتصوره البعض مطابقاً للاقتصاد التقليدي تماماً مع بعض التعديلات البسيطة في الجانب المصرفي, لكن الصورة الكاملة تبين أن هناك اقتصاداً قائماً بذاته له أسسه ومرتكزاته الشرعية والفلسفية التي يقوم عليها وله أدواته واساليبه التحليلية، وله أيضاً قضاياه واهتماماته، ومع ذلك تظل إمكانية التشابه بين الاقتصاد التقليدي والإسلامي واردة لتشابه بعض منطلقاتهما الفلسفية كاحترام الملكية الفردية وعدم تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي إلا بشكل استثنائي ومنع الاحتكار وغيرها ولتشابه المشاكل والقضايا التي يناقشانها, لكن ذلك لايعني التطابق بقدر مايعني إمكانية التحول التدريجي نحو تطبيق الاقتصاد الإسلامي.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الادارة والمجتمع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved