Monday 6th December, 1999 G No. 9930جريدة الجزيرة الأثنين 28 ,شعبان 1420 العدد 9930


قراءة تحليلية ثالثة في أهداف سياسة المملكة لتكريس التضامن العربي
قناعة خادم الحرمين الشريفين أن جميع الخلافات العربية - العربية هامشية
محطات مضيئة لجهوده الوفاقية في تحقيق المصالحة بين العديد من الأطراف العربية

* الرياض الجزيرة
في أكتوبر عام 1980م، وفي مقابلة صحفية مشهورة مع رئيس تحرير مجلة الحوادث اللبنانية الراحل سليم اللوزي، قال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله وكان وقتئذٍ ولياً للعهد, قال في اجابة على سؤال حول حال التضامن العربي وفرص تحقيقه:نحن يعني الحكام العرب متفقون على الفكرة، متفقون على الهدف, فقط يجب التخلي عن الرغبات الخاصة، والحزازات الشخصية، فالخلافات العربية العربية دائما هامشية لا تمس جوهر الروابط الأخوية والوشائج الأزلية , وبهذا الفهم الموضوعي لحقيقة الخلافات العربية العربية، واسبابها الحزازات الشخصية والرغبات الخاصة شرع خادم الحرمين الشريفين بعد توليه مسؤولية الملك في تحديد استراتيجيته السياسية على الصعيد العربي لاستعادة التضامن بين القادة العرب وتكريسه كقاعدة للعمل العربي المشترك,, ويقول في هذا المعنى: أولى مراحل تعاوننا العربي هي دائرة جامعة الدول العربية التي تحيط بالأمة العربية وترسم حدود نشاطنا معها، ونحاول داخلها ان نتعاون مع اشقائنا العرب على جمع الكلمة ورأب الصدع، إذ نؤمن بأن وحدة الصف قوة رادعة، وفي تفككه ضعف وهوان، ونأمل مخلصين ان تزول الخلافات الهامشية بين الدول العربية .
نفس رؤية وخطى الملك المؤسس
وتطابق هذه الرؤية لطبيعة الروابط بين الأمة العربية، والأمل في ان تزول خلافات ابنائها وخاصة الحكام، تطابق رؤية وأمل الملك الوالد المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تجاه الشؤون العربية إذ يحتكم أيده الله في معالجته للخلافات بين الأطراف العربية أو المشكلات التي تنجم عن هذه المشكلات أو تسبقها وتتسبب فيها، يحتكم في كل ذلك الى العقل والروية والأناة والحكمة والتبصر واضعا نصب عينيه الأمل في تحقيق وحدة الأمة وتضامنها في المواقف تجاه التحديات التي تعرقل مساعيها لنيل حقوقها في الأمن والسلام والاستقرار وفي التنمية والتقدم والازدهار.
ولهذا يقول :ان المملكة لن تدخر وسعا في يوم من الأيام في اتخاذ المواقف الايجابية التي تخدم المصالح المشتركة للعرب جميعا، كما تهدف الى دعم السلام العالمي ورخاء العالم ورفاهية الانسان في جميع أنحاء العالم,, ان المملكة تحرص كل الحرص على ما يدعم التعاون بين الأشقاء المسلمين والعرب والدول الصديقة، ويهمّنا دعم الحوار العربي الأفريقي لتحقيق المصالح المشتركة لخير شعوبنا العربية والافريقية، ولن تتردد المملكة في اتخاذ أي موقف يخدم هذه المصالح المشتركة .
وهو بهذا يعطي البعد العربي عمقه الاستراتيجي الذي وضع أساسه والده الملك المؤسس عندما دعا منذ بداية عهد الدولة الوليدة لوحدة العرب وتضامنهم للدفاع عن قضية فلسطين بدعم مجاهديها.
ويقول: لو تحقق هدف الوحدة والتضامن اللذين نسعى إليهما لما حاكت الدول الكبرى مؤامراتها ضدنا لتفتيتنا وتقطيع أوصالنا وغزو أراضينا، ولما بقي الشعب الفلسطيني عشرات السنين دون كيان يحميه أو وطن يعيش فيه .
السعي بين الأشقاء بالصلح والوفاق
لقد كان وما زال ايمان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله راسخا بأن قوة الأمة العربية تكمن في وحدة صفها، وكلمتها وتضامنها في المواقف الحاسمة، مثلما هي وحدة العقيدة بين المسلمين مصدر قوة وعزة ونصر.
من منطلق هذا الايمان بذل مساعيه طيلة السنوات الثماني عشر التي مضت حتى الآن على قيادته للمملكة الغالية أمد الله في عمره من أجل تحقيق التضامن بين الحكام العرب ليكون كما تقرر في القمة العربية التي عقدت في العاصمة الاردنية عمان عام 1987 قاعدة للعمل العربي المشترك.
ويرى ان تحرير الأراضي المحتلة يبدأ من العمل المشترك على قاعدة التضامن، ولتحقيق ذلك يرى الضرورة الملحة لتنقية أجواء العلاقات العربية العربية، ونشر الوفاق بين الفرقاء بعد ازالة اسباب الخصومة وتجاوز الخلافات الهامشية.
وما نشب خلاف أو نشأت خصومة بين طرفين عربيين أو أكثر إلا وبادر شخصيا أو كلف ولي عهده الأمين أو سمو النائب الثاني بالتحرك لاحتواء الخصومة، وازالة الخلاف، ومحو آثارها من علاقات الطرفين أو الأطراف المعنية.
أولى ثمار الوفاق والتضامن العربي
لقد كان من بين أبرز ما ساهمت المملكة في تحقيقه من أجل الوفاق لاستعادة التضامن العربي، دورها النشط في قرار قمة عمان عام 1987م الذي اعطى كل دولة عربية الحق في اعادة علاقتها بمصر وفي عودة مصر للصف العربي بعد تلك القطيعة التي وقعت بينها وبين الدول العربية عقب قيام الرئيس الراحل أنور السادات بزيارته التاريخية والمفاجئة للقدس المحتلة,,وكانت عودة مصر للصف العربي فاتحة مساعٍ حميدة بذلتها المملكة في اتجاهات عربية مختلفة لاحتواء مشكلات وازالة خلافات وتنقية أجواء لتحقيق مصالحات عربية/ عربية.
المصالحة المغربية/ الجزائرية
ومن بين أهم وأبرز محطات المساعي الوفاقية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين بنجاح معهود فيه وفي كل مساعيه الخيّرة بين الفرقاء الأشقاء تحقيقه المصالحة بين المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية بعد خلافات مزمنة وصلت حد المواجهات المسلحة في بعض الأوقات على حدودهما المشتركة، إذ المعروف أنه منذ ان حصلت الجزائر على استقلالها عام 1962م وهي في حالة خلافات مستمرة مع المغرب وكان أول هذه الخلافات حول اقليم تندوف حيث اشتبكت الدولتان بالسلاح بسبب هذا الاقليم الذي طالبت المغرب بضمه ورفضت الجزائر.
ثم جاءت قضية الصحراء الغربية حيث وقفت الجزائر الى جانب ما تسمى جبهة تحرير بلوساريو التي تطالب باستقلال الصحراء.
وتصدى خادم الحرمين الشريفين لهذه الخلافات المزمنة بين دولتين مغاربيتين كبيرتين تحتاج الأمة العربية الى قوتهما السياسية والاقتصادية والعسكرية في صراعها مع العدو الاسرائيلي وفي مواجهاتها المتجددة للتحديات التي يفرضها عليها اعداؤها.
وأفلح خادم الحرمين الشريفين في أن يجمع بين العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني رحمه الله والرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد في مدينة وجدة الحدودية عام 1987م، وتم بعد ذلك اللقاء اعادة العلاقات الثنائية بين الدولتين الشقيقتين الجارتين, حيث تواصلت اجتماعات المسؤولين في الدولتين لمناقشة جميع الملفات العالقة بينهما.
الصلح المغربي/ الجزائري أساس الاتحاد المغاربي
ولا نغالي في شيء اذا قلنا ان الصلح الذي أفلح خادم الحرمين الشريفين أيده الله في تحقيقه بين المغرب والجزائر مهد الأرض المشتركة لقادة دول المغرب العربي الكبير للاتفاق في لقاء مراكش في نفس العام 1987م، للاتفاق على اقامة الاتحاد المغاربي الكبير بين دولهم.
محطة الوفاق اللبناني في مؤتمر الطائف
ومن المحطات الوفاقية العربية الهامة التي حققتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، محطة الوفاق الذي حقق الصلح بين فرقاء الأحزاب والطوائف اللبنانية من خلال مائدة مفاوضات مؤتمر الطائف في أكتوبر/1989م حيث خرج الزعماء اللبنانيون من ذلك المؤتمر وهم متشابكو الأيدي في وفاق ومودة ليضعوا بذلك نهاية للحرب الأهلية التي دامت خمسة عشر عاما في لبنان الشقيق.
ولعلّ ما ينعم به لبنان اليوم من أمن وسلام واستقرار واستئناف لدوره العربي يرجع الى ذلك الصلح التاريخي الذي تحقق في أرض المملكة وعلى يدي خادم الحرمين الشريفين.
من أجل لبنان أجَّل زيارة لأمريكا
ولعلّ ما يجدر ذكره هنا هو ان اهتمامه حفظه الله بالهم اللبناني قد عبّر عنه بقرار له مغزاه وذلك عندما أجَّل زيارة رسمية مقررة للولايات المتحدة الأمريكية وهي الدولة الصديقة الكبرى للمملكة.
وتعبيرا عن اهتمامه الشخصي بقضية الأمن والسلام في لبنان قال في حديث صحفي مع الأستاذ أحمد الجارالله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية ونشرته عنها الجزيرة يوم الثلاثاء 2/4/1410ه الموافق 31/10/1989م ومما قاله: تأجيل الزيارة لأمريكا بسبب قضية لبنان التي تحولت من قضية عربية، شرق أوسطية الى قضية تحظى باهتمام العالم كله .
ويضيف: ولقد وجدنا أنفسنا بالتالي امام قضية لا تحتمل التأجيل بعد كل هذا الاهتمام العالمي بها ولقد اعتذرت مرتين عن موعد الزيارة الى أمريكا لأتابع الشأن اللبناني الذي لم يكن الاهتمام به مقصورا على اللجنة الثلاثية فقط التي شكلتها القمة العربية في الدار البيضاء.
انه الهمُّ اللبناني الذي قال عنه خادم الحرمين الشريفين انه يمثل ذروة الهموم العربية.
ولهذا سعى بجهد لا يكل من أجل وضع نهاية سعيدة للحرب الأهلية فيه ونجح في ذلك نجاحا انتزع اعجاب العالم العربي والاسلامي والأجنبي.
ومحطة تحرير الكويت
ولم تكن محطة تحرير دولة الكويت في جهوده أيده الله من أجل الكويت وحسب أو من أجل مجلس التعاون الخليجي وحسب أيضاً وانما كانت جهوده لتحرير الكويت من العدوان العسكري العراقي الغادر من ذلك كله وفوقه من أجل كيان الأمة العربية وحمايته من التصدع، ومن الانهيار اذا ما تصدع بعضه.
كان تحرير الكويت من أجل ان تظل الكويت رقما أساسيا كما كانت دائما في معادلة التضامن العربي كقاعدة لوحدة الصف والعمل المشترك.
كما كانت جهوده من أجل تحرير الكويت لتكريس بقاء مجلس التعاون الخليجي الذي اعتبره مع اخوانه قادة دول المجلس رافدا من روافد جامعة الدول العربية، وتجربة رائدة في صيغتها وفي نجاحها لتحقيق وحدة كيان الأمة العربية من جديد.
إبعاد العدوان العراقي على الكويت
لقد كان يرى في العدوان العراقي على الكويت عدوانا مباشرا على مجلس التعاون وجريمة في حق هذا المجلس، وقال: هناك أعداء متربصون بمسيرة مجلس التعاون التي ميزت علاقات قادة وشعوب دوله بالقوة والصدق والمحبة والوئام، اعداء يواصلون التضليل والتآمر وذلك ادعى لشعورنا المشترك بيننا جميعا بأن التحرك الأمني هو هاجسنا المشترك ايضا ومسؤوليتنا المشتركة وضمانتنا في وجه الأعداء,, اعداء دول المجلس واعداء الأمة العربية.
وهكذا يعطي خادم الحرمين الشريفين للعدون العراقي على دولة الكويت بعده التآمري على الخليج والوحدة العربية كما يعطي مهمة تحرير الكويت من ذلك العدوان عمقها الاستراتيجي الذي يرتبط بقاعدة التضامن والعمل العربي المشترك.
ومصالحات أخرى ثنائيات العنصر
وهناك مصالحات وفاقية أخرى عديدة حققت المملكة فيها الوئام بين أطراف عربية ثنائية الخصومة مثل الوفاق الذي حققته بين سوريا والأردن، وبين سوريا ومصر وبين موريتانيا والمغرب أو تونس وليبيا.
وكلها كانت خلافات من قبيل ما أطلق عليها خادم الحرمين الشريفين وصف الخلافات الهامشية التي لا تمس جوهر الروابط الأخوية والوشائج المصيرية بين أبناء الأمة العربية.
دعم التضامن بالمساعدات الفعالة
على أن جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين في سبيل تكريس التضامن والعمل المشترك بين أطراف الأمة العربية كان دائما مدعوما بمساعدات مالية ومادية عينية لتعزيز وحدة الصف من ناحية، ولتسريع خطوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى حتى تتواكب تلك الخطوات في مسيرة الوحدة والتكامل العربي العضوي والسياسي والاقتصادي والتجاري والأمني والدفاعي في مواجهة مستجدات العلاقات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد الذي سيحكم أو يتحكم في العلاقات بين الدول خلال عقود القرن المقبل.
أمل متجدد في فكره وضميره
ويظل حلم الوحدة العربية التكاملية حياً في ضمير وفكر ووجدان خادم الحرمين الشريفين الذي لا يألو جهداً أو يدخر وسعاً لتحقيقه ذلك الحلم العزيز سواء بتحركاته الشخصية أو بتحركات سمو ولي عهده الأمين أو سمو النائب الثاني حفظهم الله جميعاً.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الادارة والمجتمع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved