Monday 6th December, 1999 G No. 9930جريدة الجزيرة الأثنين 28 ,شعبان 1420 العدد 9930


لما هو آتٍ
اليوم معكم
د,خيرية إبراهيم السقاف

* أن نلتقي في إحدى المحطاتِ، لا يعني أننا لن نتزامل دربَ الباقيةِ، ربما يحدث أن تفترق الطرق، لكن في النهاية نقطة التقاء القوافل واحدة,,.
* ربما يرى الجالسون في الخلفِ كلَّ الذين يجلسون أمامهم، أما الذين في الأمام فلا يرونهم إلا من خلال المرآةِ، وربما يحدث عندما يديرون رؤوسَهم إلى الخلفِ,,.
هل تعلمون أن الجالسين في حافلةِ الحياةِ كلهم يجلسون في الخلفِ؟ لذلك يتسنى لهم رؤية مَن يجلس أمامهم,,.
ولو لم يكن الأمر كذلك، لجهل الإنسانِ نفسه,,.
وبعد ، صوت القطارِ ينبئ بأن المحطة أوشكت، فضلاً استعدوا للرحيلِ عن مقصورة القطارِ، احملوا أمتعتكم وتقدموا إلى مقدمةِ المقصورةِ، دقائق وسوف يُؤذن لكم بالنزولِ,,.
هذه المحطة فما الذي تبحثون فِيها؟
*** القارئة منال أحمد العثمان: لا أذكرُ أنني تسلَّمت خطاباً منكِ، فهذا هو الأول,,, لن أحرمكِ كما قلت من تحقيق رغبتِكِ في نشر جزءٍ مما جاءَ في خطابكِ,,.
تقول منال : حين عرفتك تمنيت أن يتوقفَ بي الزمن كي لا أتركك ، وتقول: ,,, أجل لقد كنتُ واحدة ممن يخطئون في تأويل الظنون في الآخر,,,، لكن توقفت بعد قراءتي لكل الحروفِ التي هي بمثابةِ عصا الكفيف تقودني إلى برِ الأمانِ وتقول: لا أنكر أنني في مقتبلِ العمرِ، لكنني أضع عمري الباقي بين يديكِ كي تتفضلي فترسمي لي خارطة أيامي القادمة ,,.
يا منال : أما وأن الزمنَ لا يتوقف، وكلّنا ماضون فإنني سأظل، ولا أحسب سوف أكون قادرةً على أن أتركك، أو أترك كل الذين هم معك معي,,,، كما أتمنى أن تؤملي الخير في كلِّ الذين أخطأتِ تأويل الظنون فيهم، كي تتجردي من، وتتجنبي أن تقعي في شراك الإثم، ألا تقولين إنك في مقتبل العمر، وإنك تمنحينني فرصة أن أرسم لك خارطة خطواتك القادمة؟ إذن: فلتكن صفحة أيامك التي ستأتي بيضاء، خضراء,,,، ازرعي فيها الأمل، وابذري فيها الحب، وليكن في كل خطوة لك اتجاه نحو الآخر كل الآخر، لا تكن لك خانات تنزلين فيها أناساً دون الآخرين، لتكن كل خانة في نفسك وفي دربك معدَّة لكل الذين يمرون بك,,,، جماعية الاحتواء في داخلك تجعلك قادرة على تجاوز ثغراتِ الدروبِ الطويلةِ التي ستمرين بها,,.
تذكري أن عيناً ترقبك لا تغفل ولا تنام، وأن ميزاناً منصوباً لك لا يضل ولا يزل، وأن ديواناً مبسوطاً لك، لا يفلت منه شيء لك أو عنك,,,،
كوني للآخرين، ومن خلالهم تكونين لنفسك، عندما ترين نفسك من خلال الآخرين، تسمو نفسك إلى مراتب الإيثار، والعطاء، والزهد، والصفاء,,,، لا تكن الحياة همك إلا كي تكون مجالك تتحركين فيه للآخرين,,, فالحياة ليست تحلو إلا عندما توظَّف كلُّ جارحة في الإنسان كي يكون للآخرين, يا منال، العصا التي تقودك لدرب الأمان هي ذلك الضابط الحسي الذي يوجه انفعالاتك الداخلية نحو الكظم، والصبر، والاحتمال، والتجاوز ومن ثمَّ العمل الدؤوب الصامت الذي لا ينتظر مقابلاً إلا السعادة بأن تكوني قادرة على الاحتواء لكل سلبيات الآخرين، وصهرها في بوتقة النفس الصافية كي تخرج في صورة نقية، وضيئة، خذي يا منال من اسمك كي تحققي معناه وأنت تعبرين محطات الذي بقى, وسوف تجدينني أتوكأ معك على عصاك.
*** القارئ معجب محمد سعيد القحطاني: خطابك الثاني وصل واضحاً على العنوان البريدي، أما الأول الذي ارسلته فاكسياً من الباحة فلم يكن واضحاً وكلّ الذي قرأته منه بعض كلماتٍ متقاطعة,,,، أدري أن أجمل العلائق بين الناس تلك التي لا يُجمِّلها إلا شعور جميل مثل شعورك، وأثق أنك واحد ممن يجمِّلون الحياة التي نعيش، ولكن اعلم أنت إنني لا أستمد ولا أعطي إلا منكم ولكم,,,، ولا بأس أن يكون في طلبك ما يحقق لك المتعة الفكرية، وسوف أزودك على عنوانك بما تريد, أما موضوع المقابل التكريمي للمعلم فسوف أناقشه في مقال قادم, وشكراً.
*** القارئة التي رمزت لاسمها بالمتطلعة لما هو آت تقول: ما فكرت لحظة فيما هو آتٍ، وكنت أعيش حتى هذه اللحظة في أيامي التي تمر بي، أستيقظ لألبس وآكل وأزور وأتسوَّق وأضحك وأذهب للكلية، وأخاف فقط من فوات صلاتي عندما أشغل بأي أمر من ذلك، أمي لا تعجبها نمطية حياتي، وأبي اختاره الله إلى جواره، وإخوتي مشغولون عني, فكرت اليوم فيما هو آتٍ فتخيلت نفسي عدت من الماضي بخفَّي حُنين، أقابل القادم صفر اليدين أشكرك أن أعدتِني إلى نقطة البدء فكيف أعوّض الذي مضى بي يا سيدة الموقف؟ علماً بأنني استظهر عن ظهر غيب منذ عشر سنوات أكثر الذي تكتبين، وأشعر أنني أكتب بأسلوبك لأنني أحبك , ولأنك يا عزيزتي قد وضعت قدميك على نقطة البدء، فلا تترددي، انطلقي، فما هو آتٍ سيكون كفيلا بتعويض ما هو ماض، ولن تعودي بخفَّي حُنين، بل ستجدين زوادتك قد امتلأت بكل ما هو مضيء وجميل طالما أنك استدركت ما فات وما هو قائم إلى ما سيكون, أشكرك أن استودعت ذاكرتك حروفي، فهي في مأمنها الذي سيحفظها، وهي إلى مكمنها الذي تطمئن إليه ذلك لأنني لا أكتب إلا لكم,,,، فاكتبي ما شئتِ كيف شئتِ زادُك القرطاس، والحرف,, و,,, زوديني باسمك الصريح كي يكتمل الجسر.
*** عنوان المراسلة:
الرياض 11683 ص,ب 93855.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الادارة والمجتمع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved