Monday 6th December, 1999 G No. 9930جريدة الجزيرة الأثنين 28 ,شعبان 1420 العدد 9930


يارا
الصحافة بين الهلال والنصر
عبدالله بن بخيت

يمكن أن أقول أن سمو الأمير عبدالرحمن بن سعود واحد من أعظم الرجال الذين ساهموا في نهضة الرياضة في المملكة العربية السعودية وسيحتفظ له التاريخ بمكانة كبيرة وسامقة, فهو الوحيد الذي خلق فريقا عالميا من الصفر, فالنصر قبل سموه لم يكن سوى فريق حواري صغير كان يمكن أن يلقى نفس المصير الذي لقيه منافسوه آنذاك من فرق الدرجة الثانية كالاتحاد والكوكب, وقد أفنى سموه زهرة أيامه وخيار أمواله في صناعة هذا النادي العملاق حتى إننا لا يمكن ان نتصور نادي النصر دون أن نرى سموه الكريم ولا يمكن أن يذكر سموه دون أن يذكر النصر, فالعلاقة بينهما علاقة جوهرية من المستحيل الفصل بينهما, وعلى مدى ثلاثين عاما مضت تقريبا لم يبتعد أي منهما عن الآخر, فالنصر هو النادي الوحيد الذي لم يعرف توالي الرؤساء, وتنوع الأفكار ما زلت أظن أن الصراع الدائر بين الهلال وبين النصر هو في الواقع صراع بين ارادة عبدالرحمن بن سعود الصلبة وبين جماهير الهلال الغفيرة, واذا لم تخني الذاكرة فأول تصريحات أطلقها سموه بعد صعود نادي النصر الى الدرجة الأولى كانت مفعمة بالتحدي حيث أعلن سموه ان طاولة الكأس جاهزة في نادي النصر في شارع الظهيرة ولم يبق سوى أن يأتي الكأس مرغما ويجلس عليها, ومنذ ذلك الحين والمنافسة بين الهلال والنصر لم تهدأ أبدا, واذا كان النصر حظي طوال تاريخه برئيس قوي ومتفان وذي بأس عظيم، فالهلال من جهة أخرى كان يتناوب على رئاسته عدد من الرجال من كافة أنماط ومناطق المملكة, ومن هناك افترق الفريقان جوهريا في نوع المدرسة الادارية لكل منهما, ولو تأملنا في هذه النقطة جيدا لعرفنا نوع الفرق الجوهري بين الهلال والنصر يمكن أن نقول بلغة الادارة ان الهلال يدار كشركة مساهمة بينما يدار النصر كمنشأة فردية.
اذا قارنا بين تركيبة الهلال الادارية وتركيبة النصر الادارية التي صنعها التاريخ، سنلاحظ دون عناء ان بنية النصر الادارية بنية مغلقة تكيفت مع الطريقة التي أرادتها ادارته بينما بنية الهلال تبقى دائما بنية مفتوحة حسب الرئيس القوي الذي يرأس الهلال في هذه الفترة أو تلك, ويتضح هذا الكلام اذا عرفنا انه تعاقب على رئاسة الهلال عدد كبير من الرجال من مختلف تنويعات المجتمع السعودي ومناطقه, بينما بقي النصر منذ ان عرفناه تحت ادارة واحدة لم تتغير إلا في الشكل, ومن الطبيعي ان ينعكس هذا على كافة علاقات الفريقين وتوجهاتهما, فرجل الأعمال والقيادي والخلاق وأي من يرغب في تسلم منصب يستحق الذكر سيتجه للهلال على الفور, ليس لأن الهلال هو الأفضل أو المحبوب أو الجماهيري ولكن لأن الهلال يمنحه فرصة كبيرة للوصول حتى الى رئاسة النادي, وذلك يعود كما قلنا الى بنيته المفتوحة, أما من يتوجه للتعاون مع النصر حتى من أخلص جماهير النصر، فلن يكون لطموحاته الشخصية أي فرصة للتحقق, وعليه ان يستمر في خدمة ناديه في اطار الاخلاص المطلق والوفاء للفريق, وفي حدود الدعم الكامل لتوجيهات الادارة التي تقود النصر منذ فجر تاريخه, بينما يتيح الهلال الفرصة لكل من يريد ان يخدمه لتحقيق الولاء وتحقيق الطموحات الشخصية في الوقت نفسه, وقد أنتج هذا في النهاية بالنسبة للهلال ما يمكن ان اسميه حق الاختلاف أي حق الابداع والتفكير الحر, فبنية الهلال الادارية تتيح لك ان تختلف مع الرئيس وأعضاء الشرف وحتى مع الجماهير ومع اللاعبين وتتصارع مع الجميع علناً وتبقى هلاليا فوق الشبهات, لا يستطيع ولا يحق لأحد التشكيك في ولائك للهلال, ونشاهد دائما الصراعات بين قيادات الهلال وبين اعلامييه على صفحات الجرائد, أما بالنسبة للنصر فأي اختلاف مع ادارته سيعني اختلافا مع النادي والجماهير، وبالتالي خلل في الولاء, فهناك دمج تام بين قيادة النصر وبين النصر, ولذلك لم يرق النصر أبدا الى مستوى ثراء الهلال أو جماهيريته أو مستوى نفوذه أو اعلامه, ولكنه في الوقت نفسه امتاز بالثبات في الهدف والاستمرارية ولم يصادف في تاريخه هزات عنيفة كما صادف الهلال وبقية الفرق الأخرى ذات البنى المفتوحة.
وهذا الفرق في البنية لاشك يساهم بشكل جوهري في توجهات الفريقين وينتج عنه مجموعة من الأساليب المتباينة وطرق عمل مختلفة فهو فرق على مستوى الأيديولوجيا الادارية وبالطبع سوف ينعكس هذا على بناء المؤسسات التي يقوم عليها أي ناد وهي الادارة، الجمهور، الصحافة، اللاعبين .
ولكن طالما أنني أدعي أن بنية الهلال المفتوحة هي التي تجتذب رجال الأعمال والخلاقين والطامحين للهلال، فالشباب والرياض لا يختلفان في هذا الأمر, إذا لماذا اقتصر توجه هؤلاء الطامحين ورجال الأعمال الى الهلال دون سواه, للإجابة على هذا السؤال المشروع والطبيعي في هذا السياق لابد ان نعود مرة أخرى ونتحدث عن الآلة الاعلامية الهلالية ودورها في صناعة القوة والضعف بين فرق الوسطى ومن ثم صناعة توجهات الجماهير سواء جماهير القوة والنفوذ أو جماهير المدرجات التي لا تملك سوى حناجرها.
الى اللقاء يوم الاربعاء القادم لمزيد من القراءة في هذا الموضوع.
لمراسلة الكاتب
YARA222*HOTMAIL.com

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الادارة والمجتمع

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved