Friday 10th December, 1999 G No. 9934جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,رمضان 1420 العدد 9934


لماذا في شهر رمضان دون غيره ,,,, !؟
الإسراف والتبذير والعشوائية أصبحت عادة استهلاكية لدى كثير من الأسر

كثير من الناس يقضي الأيام التي تسبق رمضان أمام أرفف المحلات والأسواق المركزية أوقاتاً طويلة ليتخيروا مالذ وطاب من المواد التموينية التي زخرت بها أسواقنا في هذه الأيام ويأتي الطلب خلف الطلب حتى تكاد سلة المشتريات تمتنع عن الحركة تحت وطأة هذا الثقل المجحف ولا أدري لماذا يسارع كثير من الناس لكل تلك المشتروات حينما يقترب هذا الشهر الكريم وكأنه مهدد بنفاد تلك المواد إذا لم يقم بشرائها دفعةواحدة ولو أننا دققنا النظر في تلك السلة المسكينة لوجدنا أن تلك الاشياء التي أثقلت كاهلها وكاهل الجيب العامر لم تكن بالضرورة مع العلم أن مصير كل تلك الكميات الزائدة عن الحاجة حاوية النفايات أو ينتهي صلاحية بعضها دون الاستفادة منها فليس ذلك هو الإسراف و التبذير؟! من خلال هذا الاستطلاع نحاول ان نتعرف على الاسباب والدوافع وراء هذه الظاهرة التي اصبحت عادة مع اطلالة هذا الشهر الكريم في كل عام.
الاقتداء بالسلف الصالح
يقول الشيخ/ جلوي بن عبيد العمور امام وخطيب جامع تمرة ان الناس في استقبال رمضان اصناف وأنواع وأشكال فالصنف الأول: هم أهل الخير وأولئك الذين وفقهم الله تعالى لمعرفة الحكمة من فريضة الصيام فهم يستقبلونه بالدعاء الصادق الحار النابع من قلوبهم الخاشعة أسوة بسلفهم الصالح الذين كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان فإذا أتموا الصيام سألوا الله ستة أشهر أن يتقبل منهم وهؤلاء الصنف يستقبلون رمضان بالتوبة الصادقة التي تهيىء النفس للعمل الصالح في هذا الشهر الكريم وكذلك يكون استقبالهم له بالفرح الشديد وكيف لهم لايفرحون والله تعالى يقول في الحديث القدسي :(كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي: للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك) كما ان هذا الصنف لديهم العزيمة الصادقة على المثابرة على العمل الصالح من صيام وقيام وقراءة القرآن والصدقة والبر والإحسان والصلة والاكثار من ذكر الله.
ويضيف الشيخ العمور قائلاً: بأن الصنف الآخر: يستقبلونه بالأفلام والمسلسلات الضارة التي تفسد على الناس الجو الروحاني همهم اللهو والضحك ومن فئة هذا الصنف ممن ليس لديهم إلا الجديد من الأطعمة بأصنافها المختلفة حتى وصل بعضهم الى درجة الإسراف والتبذير بل يصل الامر إلى ذروة التكديس والرسول صلى لله عليه وسلم يقول :(ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه فإن كان ولامحالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) فهؤلاء غفلوا عن هذا الحديث وتسابقوا على المحلات التجارية فلانعجب إذا ثقلت عليهم الصلاة وصعب عليهم القيام.
التباهي والتنافس في إعداد الموائد
اما هدى الدوسري فتقول: في مثل هذه الايام المباركة الخيرة التي تستقبل فيها الامة الإسلامية بعميق الايمان ونسائم الرحمة يحزن الإنسان عندما يرى العديد من الاسر يستقبلون هذا الشهر الكريم بالتسوق وتأمين مختلف انواع الاطعمة والاشربة بحاجة وبدون حاجة بالاضافة الى الاسراف في اعداد الموائد الطويلة التي مآلها الى النفايات نسأل الله العافيه,,وترى هدى الدوسري ان هذه الظاهرة التي اصبحت عادة يتوارثها الاجيال رغم انه ليس لها أصلاً في ديننا الاسلامي الحنيف الذي يأمرنا بعدم التبذير الذي ولده لدينا التنافس والتباهي بين الاسر في اعداد الموائد الرمضانية .
واستطردت هدى الدوسري قائلة: ان على المسلمين ان يتقوا الله في هذا الشهر الكريم ويحاولوا الاقتداء بالسلف الصالح والاتجاه الى الله العلي القدير واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والا يفرطوا في المأكل والمشرب في شهر الصوم حفاظاً على صحتهم وعدم الاسراف في التبضع، وبكميات قدلايحتاجونها وان يجعلوا هذا الشهر لماهوله من تعبد وتقرب الى الله عز وجل بالأعمال الصالحة.
تحقيقات لرغبة الأسرة
اما (مي) فتقول: تظل المرأة دائماً في قفص الاتهام فكثير من النسوة مسرفات وليس يقتصر إسرافهن في فن الطبخ ولكن في غيره وفي رمضان يتمثل الإسراف على المواد بإشكاله المختلفة وتبرير ذلك سعياً لتحقيق رغبة الاسرة ومع تلك الرغبة نقول لامانع من ذلك ولكن الاقتصاد مطلوب والمرأة تظل هي القدوة والمثل الأعلى للأسرة.
ربة المنزل هي المسئولة
وتلقي :(نورة الشهري) باللوم على الأم وتقول: الأم تعد هي ربة البيت وهي المسئولة عن إدارة المنزل الإدارة الصحيحة فالكل يعلم أن رمضان شهر قرآن وصيام وعبادة وليس شهرا لعرض المأكولات والواجب على ربة البيت إعداد السفرة في رمضان في إطار الحد المعقول مما يتيح للمرأة التفرغ لقراءة القرآن الكريم واداء الصلاة والعبادة، فمن المعروف أن كثيرا من النسوة يقضين وقتا طويلاً خلال هذا الشهر امام موقد الغاز وهن يُحضرن أصناف الطعام والحلوى والعصائر حتى ان بعضهن يدركها الوقت فيحين وقت الإفطار وهي لم تنته بعد حيث ان رغبتها أن تظهر سفرتها في رمضان لوحة زاهية بجميع الانواع والاصناف وفي النهاية لايؤكل منها الا القليل .
- (ليلى معلمة)تقول: تعد المرأة اللبنة الاولى في بناء الاسرة بل عليها المسئولية الاكبر في الاتزان في شراء المواد الاستهلاكية واعداد الموائد الرمضانية وهي تتحمل الجزء الاكبر من هذه التصرفات العشوائية التي سوف يقلدها الأبناء والواجب على الأم ان تتذكر قول الله تعالى:( ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا) فالترشيد مطلوب والغريب أن الأم في البيت متاح لها تقديم الأكلات التي يشتهر بها شهر رمضان في غيره دون إسراف على مائدة الليلة الواحدة.
وحملت ليلى الاب الذي يعد رب الاسرة جزءاً من المسئولية وقالت ان الكثير من الآباء ضعيف الشخصية أمام طلبات الأسر وترى ان الدور المطلوب منه في هذا المجال هو النظر في طلبات البيت وتقدير الحاجة الفعلية لهم فهذه نعمة يجب شكرها قبل الزوال وتعويد الأبناء على الاعتدال في كل شيء.
شهر عبادة وليس شهر تبذير
وترى (منيرة الدوسري) ان شهر رمضان شهر عبادة وشهر مغفرة ورحمة وليس شهر تنافس في الاطعمة تقول هل لنا أن نعلم بأن شهر رمضان شهر عبادة وإحسان وهل لنا ان نعلم بأن الواجب علينا كمسلمين أن نسارع بالأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم الذي قد لايمر على الانسان في الأعوام القادمة، فرمضان شهر كريم بمعناه الحقيقي بالتقرب إلى الله بانواع القربات التي توجب رحمته ومغفرته وليس بالإسراف التي تنفطر من مناظره النفوس المؤمنة بل ان الإسراف اقتصر على شهر رمضان فقط دون غيره من الأشهر (ولاتبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) مع تلك الأدلة التي تنهى عن الاسراف نتجاهل ذلك الأمر وكأننا لسنا مسرفين فأي إسراف بعد الذي نراه في شهر رمضان فاللوم على القوامين على النساء وهم الرجال الذين تركوا الحبل على الغارب للنساء للتصرف وفق أهوائهن,, فالأب هو المسؤول الاول عن تلك التصرفات فالكفاية من الحاجة هي المطلب الذي يجب على الأب الاهتمام به.
الدعاية والتأثير السلبي
وترى:(رفعة الدوسري طالبة)أن الإعلانات التجارية التي تبثها وسائل الإعلام لها التأثير المباشر على انقياد الاسرة وراء الإسراف وتقول: تلك الدعاية تجعلنا نقول ان كل مانشتريه بالجملة من المستودعات لانحتاجه بل العجيب الذي يشيب منه رأس المؤمن أن أغلب تلك الأطعمة لاتستعمل حتى تنتهي صلاحيتها ومن ثم يكون مصيرها براميل النفايات وهذا من بطر النعم وقد قال الله تعالى:(وكلوا واشربوا ولاتسرفوا انه لايحب المسرفين) فالاسراف صفة مذمومة يتصف بها الشيطان والواجب على الإنسان ان يحترم تلك النعمة التي وهبها الله لنا والمحافظة عليها من الزوال فكم من حولنا محتاج لكسرة خبزة ولايجدها.
الجمعيات الخيرية والدور الإنساني
وترى :(المعلمة/ جواهر الدوسري) أن الإنسان في هذا الشهر المبارك يمكن له أن يسل أبواب الخير الكثيرة التي توجب رضا الله سبحانه وتعالى وتثير فكرة تنظر لها أنها جيدة حيث تقول: لماذا لايخفف الإنسان حمل الذنب الذي ارتكبه بالإسراف وتعمد المرأة إلى تغليف الأكل الفائض من طعام الإفطار وتسليمه للجمعيات الخيرية لتخصيصه للفقراء والمحتاجين في كل موقع تغطيه تلك الجمعيات ولاشك أن الكثير من ذوي القلوب المؤمنة الرحيمة ستساهم في إيصال تلك الاطعمة لذوي الحاجة الفعلية بما يحقق مصلحة التكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع وعلى المرأة ان تتنحى عن الإسراف فكل نفس بما كسبت يوم القيامة رهينة (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم).
استعداد مبكر لاستقبال (زبون) رمضان
يقول سعيد عطا الله( احد الباعة في محلات المواد الغذائية ان شهر رمضان بالنسبه لنا موسم حيث نبيع فيه اكبر كمية من المواد الغذائية وخاصة قبل دخول الشهر بايام حتى الثلث الاول منه مشيراً الى ان زبون رمضان يقبل على شراء العصائر والعجائن والحلويات وغيرها من المواد الغذائية التي اصبح المجتمع يقبل عليها في هذا الشهر الكريم,,
مخازن الجملة والاستعداد المبكر
ويؤكد (اسماعيل أحمد ,, الذي يعمل محاسبا في مستودع جملة) بأن المستودعات الخاصة بالمواد الغذائية تبدأ استعدادها قبل دخول شهر رمضان بايام مشيراً الى ان الاقبال على المواد الرمضانية بشكل يكون لافتاً النظر مع أن تلك المواد متوفرة حتى في غير شهر رمضان,,
ولكن ذلك الاقبال اصبح يميز استقبال شهر رمضان ويشير الى ان الزحام على الجملة يخفف في اليوم الثاني ويبقى الاقبال على المعجنات الطازجة فقط.
* تحقيق :
سعيد آل عيد - نجلاء الدوسري
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

أفاق اسلامية

محاضرة

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved