Friday 10th December, 1999 G No. 9934جريدة الجزيرة الجمعة 2 ,رمضان 1420 العدد 9934


الفنانة السورية المسكونة بالألوان ,,,أسماء الفيومي
اللوحة العربية تحولت إلى دعاية وإعلان

أسماء الفيومي فنانة سورية لاتعرف التوقف, دائما تبحث عن المتلقي في العواصم العربية, في دمشق والقاهرة ودبي وعمان, تسافر اسماء وبين جوانحها همٌّ قومي وحيوية دافقة, وفي لوحاتها رموز عالمها المحبب,, السمكة رمز الخصوبة والعطاء, والوجه الغائب والحاضر, الحمامة, بقايا المدن والاسوار,, انه عالم حميم يظهر ويختفي عبر سبعة معارض اقامتها اسماء في دمشق، بجانب معرض في امريكا وعدة معارض دولية شاركت فيها لتعبر عن حضور المرأة العربية الفنانة,, وثمة نواح اخرى تتفجر بداخلها فهي مهندسة ديكور موهوبة في التليفزيون السوري، وتكتب الشعر احيانا وفي أحيان اخرى تمارس بعض الاعمال اليدوية الفنية, انه الاحساس الموار بالفن بالحياة رحنا نبحث عنه من خلال اطلالة على معرضها الذي اقيم بالقاهرة مؤخراً.
الأسرة والأستاذ الإيطالي
* بعد ثلاثين سنة ماذا يعني لك الفن التشكيلي وماسر اختيارك له ,,, ؟
هو الهواء الذي أتنفسه,, الحياة النقية التي استطيع ان اعيش فيها فانا مهندسة ديكور في التلفزيون السوري,, هذا يجعلني ارسم كل يوم,, فاذا لم ارسم فانني اصمم الفن التشكيلي هو الذي اختارني، لقد وجدت نفسي ارسم منذ الصغر، ووجدتني منجذبة الى عالم الفنون المختلفة سواء الشعر او السينما لكن يبقى الرسم هو الأساس، اقول لك ببساطة انني اعيش كي ارسم.
* هل وجدت تشجيعا كفتاة على اختيار هذا المجال؟
لم تواجهني مشكلة في اختيار هذا المجال، حيث كانت عائلتي تعرف مدى اهتمامي، وبالفعل درست وتخرجت بامتياز ثم عملت كمعيدة في كلية الفنون الجميلة بقسم التصوير,, وبجانب تشجيع اسرتي، شجعني ايضاً استاذي الايطالي لارجينا الذي درس لي لاكثر من سنتين، وكان يمتاز بالتمكن وبافكاره الجديدة وفتح لي عوالم اخرى تتجاوز حدود المدارس الفنية المألوفة الى عالم تجريدي رحب,, ولكن مع الخبرة عدت مرة اخرى الى الشعب, والى معاناة الانسان البسيط.
* عملك كمهندسة ديكور, ثم كفنانة تشكيلية , ايهما يخدم الآخر ,,, ؟
لا أستطيع ان اعيش من الرسم فحسب, فانا محترفة في عملي سواء الرسم او الديكور، فانا احب المجالين معا, او كفنانة تشكيلية احب الاحتكاك باكثر من مجال فالفن التشكيلي يعد لوحة فحسب وانما اصبح حياة متنوعة فعلى الفنان ان يتجول في الحارات القديمة, وعليّ ان اجرب العمل في الاعلانات وفي التترات,, فعملي في اكثر من مجال يصب في النهاية لخدمة لوحاتي واعمالي التشكيلية.
الأزرق سيد الألوان
* لماذا اللون الازرق هو سيد الالوان في معرضك الاخير ,,,, ؟
في هذا المعرض بالفعل يسود اللون الازرق, وارى ان اللون يسكن الانسان فلا يستطيع الفكاك منه، فكلما امسكت الفرشاة اجدني مدفوعة لا اراديا لاختيار الازرق,, ربما لان المناخ في سوريا واضح ونقي,, فالسماء لدينا رزقاء صافية, واشعر ان البيئية لدينا الوانها واضحة, ومن هنا اعتقد ان المناخ يعطي لونا مميزا لكل بلد,,فافريقيا لها الوانها واوروبا لها الوانها, ولكن الفنان في النهاية لا يتوقف عند لون واحد فحسب, فقد سبق لي ان سكنني اللون الاحمر لعدة سنوات وفي عدة معارض.
* خشونة السطح والخطوط المتعرجة التي تشبه الشقوق والشروخ,, ما اهمية ذلك بالنسبة لك؟
هذا هو اسلوبي في الرسم, أي تكنيك خاص بي, فانا استعمل قماشا ثقيلا اشده للغاية، وعندما ابدأ في تأسيس اللوحة افضل تلك الخشونة، وتلك البقع اللونية المحطمة، كذلك الخطوط الطولية والمتعرجة تعطي قوة للوحة ومتانة في التكوين,, وهذا شيء مفضل لي,, بجانب ان هذا يجعل اللوحة ليست مجرد واحد فحسب وانما تتشظى الى عديد من الاسطح سواء خشنة او ناعمة.
وهذا يعطي حركة بصرية وايقاعات لونية وهارمونية مختلفة.
* الوجه الانساني يحضر ويغيب في العديد من لوحاتك,, سواء وراء الاشياء او وراء الرموز الطبيعية , لماذا ,,, ؟
احاول من خلال ذلك الدمج بين الانسان والطبيعة، حيث لدي شعور بان الطبيعة والانسان هما حالة واحدة، فأحيانا يغيب الوجه الانساني وتحضر الطبيعة، واحيانا يحدث العكس, هذا نوع من الحضور اللوني والطبيعي في اللوحات,, فلون الازهاراو الورود او اليد المستسلمة, او تقطيع اللوحة الى مقاطع يعطي مايشبه البلور المتكسر,, هذا لعب في اللوحة لكنه لعب هادف وليس لعبا مجانيا, فأنا اهدف الى تكوين لوحة متماسكة تمتاز بالشفافية في نهاية المطاف.
اللعب بالتيمات
* الملاحظ استخدام تيمات بعينها مثل السمكة الوجه الحمامة الوردة,, ورقة الصبار, ماسر اختيارك التيمات؟ وهل هناك تيمات أخرى ,,,؟
من التيمات التي استخدمها ايضا بقايا المدن والاسوار,, ولكل فنان تيماته واشاراته الخاصة التي تعقد صلة بين الفنان وبين المشاهدين, فأنا ابحث عن صلة تجذب المشاهد الى لوحاتي ,, الى عالمي,, فعندما يرى المشاهد السمكة او ورقة الصبار فإنه يتساءل ما الذي تريد الفنانة ان تقوله؟ ومن هنا ينجذب تماما الى اللوحة ككل, من ناحية اخرى لا تكون تلك التيمات عناصر جذب فحسب وانما احملها بالدلالات الخاصة بي, فمثلا تأثرت بشدة بمذبحة قانا وحاولت ان اعبر عنها من خلال اوراق الصبار والايدي المتقطعة ووجوه الاطفال وهكذا.
* هل هذه التيمات ثابتة ام تتغير من معرض الى آخر ,,, ؟
انا لي اسلوبي في الرسم, فمنذ ثلاثين عاما وانا لدي اسلوبي الخاص لكن كل عدة سنوات يراجع الفنان اسلوبه ويغير فيه بعض الشيء إلا ان اللوحة تبقى حاملة لبصمة الفنان واسلوبه الخاص, والتيمات غالبا ما تبقى ثابتة كما هي لدى الفنان لكنها تأخذ معاني جديدة ومواقف جديدة من معرض الى معرض آخر.
فتيماتي غالبا ثابتة لا تتغير مثل وجه الانسان, ومثل الايدي التي اعتقد انها تعبر احيانا اكثر من الوجه, احيانا تعيب تلك التيمات واحيانا تحضر, احيانا يتغير واقع التيمة, فأوراق الصبار قد استخدمها للتعبير عن حالة السعادة واحيانا استخدام الاشواك فحسب كتعبير عن حالة مأساوية.
محطات سريعة
* إلى أي مدرسة تنتمي اسماء الفيومي ,,, ؟
انتمي الى المدرسة التجريدية التعبيرية, في بداية حياتي انتميت الى المدرسة الاكاديمية، ثم بعد ذلك انتميت الى المدرسة التجريدية الكاملة لكنني مع الوقت آثرت المزج بين التجريد والتعبير، لان تلك المدرسة تجعلني انتمي الى المدرسة العالمية من ناحية ومن ناحية اخرى تجعلني اعبر عن موقف خاص, وانا اعبر عن بيئتي ومحليتي لانني مقتنعة تماما بان الفنان كلما اقترب من المحلية فانه يصل اكثر الى العالمية, وهذا ما احاوله دائما.
* المشاركة في المعارض الجماعية ماذا تعني لك؟
الاحتكاك بفن آخر، حيث نتبادل الاستفادة من بعضنا البعض, فالفنان التشكيلي يرسم منفردا، فهو بطبيعة عمله انعزالي، ومن هنا فان تلك المعارض تكون الفرصة الوحيدة للاحتكاك والاستفادة.
* تجربة السفر, ماذا تمنحك كفنانة ,,, ؟
اهم تجربة يعيشها الانسان في حياته لانها تتيح له رؤية افق اوسع من الافق المحلي, يرى عوالم ومجتمعات جديدة، ويشعر بأهمية ان يكون عمله اكثر شمولية وعالمية,, فعندما يخرج الانسان خارج وطنه يعرف الانسان موقعه بدقة,, فربما يأخذ الفنان في وطنه وضعا يستحقه او لا يستحقه, وانما حيث اخرج بعيدا عن سوريا فإنني اقيم كفنانة فحسب بعيدا عن أي اعتبارات اخرى، ومن هنا اعرف مكاني كفنانة وهل انا في الطريق الخطأ ام لا؟
* مامدى اهتمام العواصم العربية بالفن التشكيلي، خاصة وقد زرت دبي وعمان والقاهرة ,,, ؟
الفن التشكيلي يتراجع قليلا هذه الايام لم تعد له المكانة التي كانت له منذ عدة سنوات.
فمنذ عشرين عاما كان الفن التشكيلي اقرب الى الناس عامة، اما الان فقد اقتصر الامر على المختصين, واصبحت حياة الانسان العربي مشغولة بالعولمة والاعلام، وبالسعي وراء لقمة العيش، ولم تعد للوحة مكانة كبيرة في حياتنا؟ للاسف وصل الامر الى احد الفنانين الكبار يتحول الى مجال الدعاية والاعلان!! هذا ما الاحظه في العديد من العواصم العربية, وربما العديد من العواصم العالمية ايضاً.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

أفاق اسلامية

محاضرة

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير



[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved