Thursday 23rd December, 1999 G No. 9947جريدة الجزيرة الخميس 15 ,رمضان 1420 العدد 9947


الانحرافات السلوكية والبيئة الأسرية

مامن شك سواء من الناحية العلمية او من الناحية الواقعية ان معظم الانحرافات السلوكية والاضطرابات النفسية تنبت في بيئة اسرية مضطربة وذلك لان الاسرة تحتل موقعا استراتيجيا داخل مجموعة المتغيرات التي تؤثر في عملية التنشئة الاجتماعية نظرا لكونها المحيط المبدئي الذي يتواجد فيه الطفل ويتعرف من خلاله على التراث الاجتماعي والثقافي, ولا غرو ان يظل تأثيرا ممتدا لفترة زمنية طويلة في تاريخه الحياتي.
ومن هذا المنطلق نجد ان الاسرة المتعاطفة الودودة تساهم في نمو الطفل عاطفيا ونفسيا حيث تمثل العلاقة بين الوالدين وبين الطفل في اسلوب ونمط التربية دورا خطيرا ومؤثرا في تشكيل شخصية الطفل وتحديد خصائصه وسماته ونضجه العقلي والاجتماعي.
ولعل ما لاحظناه في مجال العمل في دور التوجيه الاجتماعي من ان معظم الانحرافات السلوكية والاضطرابات النفسية هي مردود حتمي لمناخ اسري مضطرب فمن البحوث الفردية والجماعية التي كانت تجرى لنزلاء هذه الدور ومن نتائج الدراسات نجد ان العلاقة الوجدانية الخاصة بين الام والزوج وبينهما وبين الاولاد تؤكد مدى الايجابية في النمو الانفعالي والعقلي والاجتماعي للابن وتتركز اهمية الاسرة على مدى نجاحها في بناء الجهاز القيمي والنفسي والعقلي للابن.
ومن واقعنا الاجتماعي تتم عملية التنشئة الاجتماعية من خلال الاسرة الممتدة رغم تقلص شكلها التقليدي بفعل التغير الاجتماعي الا ان شبكة العلاقات والتفاعلات الاسرية في صورتها الممتدة لاتزال قائمة من خلال تشعب العلاقات الاسرية وهذا يتيح للطفل في بيئتنا العريبة فرصا كبيرة من التفاعل الاجتماعي المتوافق كما انها تقدم للطفل فرصا واسعة من الرعاية والاسرة المستقرة تقدم للطفل الرعاية والحنان والتوجيه بينما تعجز الاسرة المضطربة التي تفتقر الى مقومات السلامة النفسية والعضوية عجزا سببيا في اداء وظيفتها الاساسية المنوطة بها مما يجعلها وسطا سيئا وعاملا من عوامل انحراف الاطفال.
ومن خلال التجربة والمعايشة فضلا عن نتائج البحوث والدراسات يتضح ان الخلل الذي يصيب بناء الاسرة ويصيب نظامها يعد من اهم اسباب الانحراف وعدم التكيف الاجتماعي للطفل اضافة الى فساد الطرق التي تتبعها في التنشئة الاجتماعية للطفل.
وقد اتضح لنا ايضا ان هناك عوامل مادية واخرى نفسية وتعزى الاسباب التي تؤدي الى تصدع الاسرة الى العوامل المادية التي ينتج عنها في الغالب احتدام الصراع بين الوالدين او تغيب الام عضويا او وجدانيا عن ابنها وتخليها عنه او كثرة غياب الاب عن الاسرة او طول فترة الغياب او تعدد انماط التعامل مع الزوجة او ترك الطفل للخادمات يشكلنه كفيما يردن خاصة من النواحي الوجدانية وينتمي للناحية النفسية ظهور عوامل انحلال داخل الاسرة مثل القدوة السيئة والسلوك المشين للوالدين والعادات الضارة وضعف الوازع الديني او التربية بأساليب خاطئة.
ولقد ظهر لنا ان هناك نسبة كبيرة من المودعين بدور التوجيه الاجتماعي ينحدرون من عائلات متصدعة او مفككة في الغالب الاعم وان تصدع الاسرة يزداد بين طوائف الجانحين وبصفة خاصة بين الاحداث الجانحين وذلك لعدم وجود رقابة عليهم, وايضا ان طبيعة العلاقات والعادات والقيم الاخلاقية التي تسود بين افراد الاسرة تسهم الى حد بعيد في توجيه سلوك الابناء فعدم التوافق وانعدام الرعاية والعاطفة والاهمال والقسوة والمحاباة المفرطة والتحكم الزائد والغيرة كلها اسباب تؤثر سلبيا على سلوك الطفل, وقد لوحظ ان هذا التصدع النفسي ومثل هذه العلاقات السيئة تعتبر عاملا مشتركا بين معظم اسر المنحرفين اجتماعيا فالاسرة التي يشيع فيها عدم الثبات وعدم الاكتراث لمستقبل ابنائها تكون سببا في انحرافهم.
وخلاصة القول هي ان الطفل يتأثر اكثر من غيره بالبيئة الاسرية فاذا اهملت الاسرة في قيامها بوظائفها نحو اطفالها فقد هدمت اللبنات التي يقوم عليها الوجود الاجتماعي,فرحمة بابنائنا في تربيتهم ورعاية شئونهم وتدبير احتياجاتهم بما فيه نفعهم والحفاظ عليهم فهذه مسئولية الجميع لما تحمله من آثار على الابناء.
مندل القباع

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير







[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved