Thursday 23rd December, 1999 G No. 9947جريدة الجزيرة الخميس 15 ,رمضان 1420 العدد 9947


هكذا يجدر أن نعيش أيامه
رمضان ودراما الفضائيات

تختلف الحياة في رمضان عن سواها في بقية الشهور الاخرى اذ تأخذ سمات جديدة تكتسبها من روحانية شهر الخير رمضان فهذا الشهر الكريم تختلف مقوماته من إنسان الى آخر إذ يجعل الناس لأنفسهم برامج يومية تتناسب مع الطبيعة الإيمانية وحرمة هذا الشهر الكريم:
فالبعض يقوم بتلاوة القرآن الكريم او حفظه وتأمل ما ورد فيه من الحكم والمواعظ، ويستغل البعض الآخر رمضان بقراءة السيرة النبوية وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم التي تحمل العديد من الدروس والعبر والكنوز التي لا غنى عنها في واقعنا الاجتماعي، حيث يتميز رمضان عند هؤلاء بمزيد من الخشوع والطاعة والتعبد والتخلص من نزوات الشهوات والمعاصي ، فهم يرون بأن رمضان كسحابة صيف تأتي لتغيث صحراء النفوس من جفاف الايام التي سبقت رمضان فتراهم يسعون الى استدرار غيث هذه السحابة لترتوي انفسهم وتزهر وتثمر بعد ان تطهرت بغيث تلك السحابة بالرجوع الى الله تعالى، ومن لم يحسن استدرارها فقد أقحط وأجدب فإذا حاولنا الاستطلاع عن طرائق العيش لمثل هذه الفئة الاخيرة من الناس في هذا الشهر الكريم لوجدناها فئة لها اهتماماتها التي تظهر على ارض الواقع ونشاهدها بأعيننا ونشعر بها، اذ يتميز رمضان عند هذه الفئة بالمزيد من الاكل والشرب والسهر واللهو وتقليص العمل والانتاجية، ويتطلعون الى التفنن في كل ما لذ وطاب من الاطباق الشهية والدراما الهابطة، فليت هؤلاء يتطلعون بعين الرحمة الى الفقراء والمحرومين الصائمين في رمضان وغيره وهذه الفئة من الناس أساءت الفهم الصحيح لمعنى شهر الصوم والخشوع والانقياد والعمل حين جعلوه شهر الاكل والسهر ليلا والكسل والخمول والنوم نهارا، فأين نحن من رمضان الذي كان فيه التاريخ على موعد مع اعظم التحولات والفتوحات التي اقامت دولا واسقطت اخرى، حيث كان فيه المسلمون الصائمون جوعى الى الجهاد والفتوحات ومتشبعين بالانتصار والعزيمة، وكان الكفار غير الصائمين متخمين بالانكسار والفرار، متشبعين بالذل والهزيمة,
فبقي الآن ان نعرف ماذا اعددنا نحو بقية شهر الفطام؟ هل سنفطم انفسنا عن براثن ونزغات النفس ونستجيب لايام الفطام؟ ام اننا سنبقى نرضع المعاصي فوق ما رضعنا سابقا، ويكون همنا الاكبر هو النزول الى الاسواق لشراء مكونات اشهى الاطباق وكأن رمضان لم يكن الا لتعويض البطون ما فاتها بالنهار لتدركه بالليل, وننسى ما لرمضان من فضائل عدة يعجز الانسان عن حصرها وعدها في مثل هذا المقال.
ام سيظل هم البعض الآخر منا الاكتفاء بمتابعة تلك القنوات الفضائية عن كثب وما تقدمه من الابداع الدرامي أهكذا يجب ان نستقبل رمضان,؟ أبهذا الشكل نرى خصوصية رمضان ونقيس نجاحنا في اختبار هذا الشهر بنجاح وتميز برامجه الدرامية التي تعرض فيه في ظل ما تقدمه الكثير من القنوات الفضائية المتراكضة للفوز باعجاب مشاهدها الصائم في النهار والمتحايل في الليل.
ان رمضان شهر خلجات النفس حيث الاحساس بالفقراء والشعور بالذنب تجاه التقصير امام الله، شهر التذكير بعذاب الله وما اعده لكل من عصاه واستكبر، شهر الخشوع والانقياد لله للفوز بالجنة، شهر الوقفة الانسانية مع ذواتنا وإصلاح ما بها من عيب ونقص.
هكذا هي ايام رمضان التي ينبغي ان نعيشها، رمضان الذي كان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم يدعون الله في الاشهر الستة السابقة له ان يبلغهم اياه، ويمضون الاشهر الستة التي بعده في الدعاء الى الله ان يتقبله منهم، لا رمضان دراما الفضائيات الذي ما ان ينقضي حتى نبدأ بالندم على كل لحظة من اللحظات التي مرت بنا فيه لأننا لم نقم به على اكمل وجه، فينطبق علينا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش .
وأخيرا، اللهم اني صائم .
جمعان الزهراني
رماح

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير







[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved