Friday 31th December, 1999 G No. 9955جريدة الجزيرة الجمعة 23 ,رمضان 1420 العدد 9955


د,عبدالغفار هلال عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر لـ الجزيرة
الصحوة الإسلامية,, تبدأ من رمضان
انتصاراتنا الكبرى,, تحققت في هذا الشهر الكريم

* القاهرة الجزيرة محمد المغاوري
شهر رمضان من الشهور التي لها مكانة خاصة في قلبوب وعقول المسلمين، علاوة على ما للصيام من فوائد ومنافع كثيرة لا تحصى ولا تعد للصائم سواء من الناحية الروحية او من الناحية الصحية,, فان لهذا الشهر ايضاً العديد من الافضال على تاريخنا الإسلامي وحضارتنا الإسلامية,, فهذا الشهر دون شك شهد مبعث الصحوة الإسلامية عبر الأجيال المختلفة,, هو شهر الجزوة والصحوة وانتشار الوعي الإسلامي وتعمقه في وجدان واعماق المسلمين.
فيه يكثر المسلمون من قراءة القرآن الكريم,, يزيدون من اعمال الخير,, والزكاة,, ويتمسكون اكثر بأداء الصلاة والالتزام بآداب الإسلام والابتعاد عن المعاصي,, اي انهم يعيشون الشهر كله في صحوة ربما لا يشهد شهر آخر مثيلا لها لسبب او لآخر,كما ان هذا الشهر شهد صحوات اسلامية كبرى عبر التاريخ كان لها تأثيرات ما زالت اصداؤها مسموعة حتى الآن ومحفورة في جوهر الحضارة الإسلامية.
عن علاقة الصحوة الإسلامية بهذا الشهر الكريم,, كان لالجزيرة هذا اللقاء مع الدكتور عبدالغفار حامد هلال عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر.
يقول الدكتور هلال: ان شهر رمضان هو شهر اقامة ركن اساسي من اركان الإسلام وهو الصيام الذي يصعد بالروح عن عالم المادة إلى عالم القوة,, والنشاط الذي يربط العبد بخالقه ونأخذ ذلك من قول الحق تبارك وتعالى في الحديث القدسي كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لي وانا اجزي به هذا لأن الصوم يقضي على ما يسمى بالقوة الشهوية والقوة الغضبية ويصعد بالانسان الى ما يسمى القوة الروحية وهي القوى الثلاث التي تشكل الانسان.
تصفية الروح
إذا قلنا ان العبادات هي اساس لتصفية الروح وتذكيرها بالخالق جلا وعلا من وقت لآخر فإن الصلاة مثلاً بأوقاتها المتعددة في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء تصفية للنفس الانسانية في كل الاوقات والصيام يلحق بهذه التصفية الروحية والحج تصفية كبرى على مستوى اللقاء العالمي للمسلم بأخيه المسلم.
هذا القلب الإنساني كما يقول الدكتور عبدالغفار حامد هلال يحتاج لتجليه والى ما يأخذه من عالم المادة الى عالم الروح لكي يكون اتصاله وارتباطه بالقيم التي جاء بها الاسلام ولكي يبتعد عن الشرور والآثام التي تجذب الانسان في عالم المادة.
ولذلك جاءت آية الصيام في قول الحق تبارك وتعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون فكان الهدف من الصيام هو التقوى,, والتقوى كما يقول العلماء هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل.
فالصوم يؤهل الانسان لهذه الحالة الشعورية التي تجعل الفرد مرتبطا بالله سبحانه وتعالى اقوى ارتباط.
أجود الناس
ورمضان هو هذه الايام المعدودات التي فرض علينا صيامها ربطاً لهذه الامة الإسلامية برباط مبادئها القويمة، ولذلك ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور انه كان اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة وكان بهذا يجذبنا الى الى امرين يتعلقان بهذه الصحوة الإسلامية المبدئية ويذهبان بنا الى مجالات هذه الصحوة من استعادة الانفاق الذي هو اداة للتكامل والتعاون بين المسلمين، فمع ان الرسول صلى الله عليه وسلم كا لا يوقد في بيته نار شهراً كاملا كان اجود الناس واكثر جودا في رمضان مما يدفع المسلمين ان يبذلوا وان يزيدوا البذل في هذا الشهر الكريم لتقوى الاخوة والتكامل والتآلف بين الامة بغنيها وفقيرها.
ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم ينبه الى الامر الثاني وهو ان جبريل عليه السلام كان يقرؤه القرآن خلال هذا الشهر الكريم فيذكر الامة بنزول القرآن الكريم في هذا الشهر وبتدارسه.
ولعل المسلمين حين يتدارسون القرآن في رمضان يتذكرون نزول الوحي على رسول الاسلام ورسول البشرية صلى الله عليه وسلم فيأخذون من زادهم مما يصلح دنياهم وآخراهم.
وفي رمضان صلاة التراويح التي يلتقي فيها المسلمون مساء كل ليلة مع صلاة العشاء فيؤدون هذه الصلوات التي سميت بالتراويح لأن المسلم يستروح منها روح الإسلام.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصليها مع صحابته الاجلاء 8 ركعات كما قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي 8 ركعات لا تسل عن حسنهن وطولهن .
انتصارات المسلمين
ثم جاء بعد ذلك الصحابة الاجلاء بعد ذلك فأضاءوا المساجد وصلاها عمر 20 ركعة ليزيد من هذا الارتباط بلقاء المسلم مع اخيه المسلم بهذه الصلوات وكا اهل المدينة كما ورد عن الامام مالك رحمه الله ورضي عنه كانوا يصلون التراويح 36 ركعة ويليها الوتر 5 ركعات لكي يجلي كل ذلك القلب المسلم، وتتحرك فيه مشاعر الايمان ثم خلال هذا الشهر الكريم ايضا يحس الانسان بانتصارات الاسلام منذ فجر التاريخ حينما التقى المسلمون الاوائل مع الشرك واهله في غزوة بدر الكبرى فتحطمت الاصنام وهُزم الشرك واهله ثم كان فتح مكة ايضا وكانت قولة الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين بعد ان تمكن منهم اذهبوا فأنتم الطلقاء .
سماحة الإسلام
كان هذا علامة ودليلاً على سماحة الاسلام وحسن الدعوة الى الله وهكذا يمكن ان نبلور فكره عن سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم وكيفية خطابه الاسلامي للناس,, فهو ظلال هذا الشهر الكريم جابه الشرك واهله لا بادىء بالعدوان بل ردا للذين اعتدوا عليه مما يؤكد ان المسلم ذو هدوء وذو سكينة ووقار وليس انفعاليا يبدأ بالعدوان وهذه من تعليمات القرآن التي يستفيدها المسلم اذا قرأ هذا الكتاب المبين الذي نزل في رمضان كقول الحق تبارد وتعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .
وجوانب صدقة الفطر التي تطلب من المسلم خلال هذا الشهر وبعد نهايته,, تطهيراً لنفس المؤمن واكمالا لما عسى ان يكون قد نقص من الصيام، فهذه الصدقة التي جعلها الاسلام على كل مسلم حتى لمن يملك قوت يوم فقط عليه أن يخرجها بما يؤكد التلاحم بين جماعات وافراد الامة كلهم.
فاذا رأينا ان رمضان هو شهر العبادة يلتقى فيه المسلم على الصيام والصلاة والزكاة على هذه كلها فهو شهر مغفرة الذنوب ولذلك سمي رمضان لأنه كما يقول اللغويون تغمض فيه الذنوب بمعنى تحرق او لأن القلوب تحترق فيه بالعبادة.
الصدقة والتكافل
فهذا الشهر معلم بارز للخير بكل صوره وللعبادة الصحيحة بكل صورها لكي يدرب الانسان نفسه على الصدق والخير وعلى التعاون والتكافل في جميع شهور السنة فهو باب لهذه الصحوة التي تعود لضمير الانسان وتعود الى يقينه والى عمق ارتباطه بالله ليصبح عبداً ربانياً يقول للشيء كن فيكون,, لذلك جاءت آيات قبول الدعاء بين آيات الصيام واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون وقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والامام العادل ودعوة المظلوم .
صحوة,, تطهر الروح
رمضان شهر التربية الروحية والانسانية لذلك علينا ان ندرب انفسنا واطفالنا ونوجه ابناءنا الشباب الى العناية بالعبادة خلال هذا الشهر الكريم لكي نكوّن منهم مواطنين صالحين في ضوء هذه الصحوة الإسلامية التي تنقي النفس وتطهر الروح ولنربط انفسنا بكل المسلمين في كل بقاع الارض لأننا ونحن نصوم معا نشعر برباط الاسلام الذي يوثق عرى الحق والصدق والخير والسلام والامن ولنقف جميعاً ضد ما يخالف مبادىء السلم مع الله والسلم مع الناس فلا نكون عدوانيين يعتدي بعضنا على بعض ولا نفهم الصحوة الإسلامية على انها صحوة تنشر الاعتداء على الآخرين او النيل منهم وانما تفتح قلب كل مسلم ويديه بالخير والرفق والسلام كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

المتابعة

أفاق اسلامية

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved