Sunday 2nd January, 2000 G No. 9957جريدة الجزيرة الأحد 25 ,رمضان 1420 العدد 9957



قسط كبير يقع على الأسرة
تربية الطفل,, الواقع والمأمول

عزيزتي الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
فإن نعم الله عز وجل لا تحصى، وعطاياه لا تعد، ومن تلك النعم العظيمة واجلها نعمة الابناء قال تعالى : المال والبنون زينة الحياة الدنيا ولا يعرف عظم هذه النعمة الا من حرم منها فتراه ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاج ما اصابه.
وهذه النعمة العظيمة هي امانة ومسؤولية يسأل عنها الوالدان يوم القيامة أحفظا ام ضيعا؟ وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها الا بالدين وحسن الخلق والا كانت وبالا على الوالدين في الدنيا والآخرة.
يقول قدوة المربين وصفوة الخلق أجمعين الرسول الأمين عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: فالامام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع في اهله وهو مسؤول عن رعيته متفق عليه.
وهذه الرعية امانة حذر الله عز وجل من إضاعتها والتفريط في القيام بحقها قال تعالى: انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا .
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: فمن اهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد اساء غاية الاساءة؛ واكثر الاولاد انما جاء فسادهم من قبل الاباء واهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فاضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا أ,ه, ان الاصل في تربية الاطفال اقامة عبودية الله عز وجل في قلوبهم وغرسها في نفوسهم وتعاهدها ومن نعم الله علينا ان المولود يولد على دين الفطرة وهو الاسلام الحنيف فلا يحتاج الا الى رعايته ومداومة العناية به حتى لا ينحرف او يضل.
لقد اهتمت الشريعة الاسلامية بالنسل اهتماما عظيما حيث حرصت على ان تحيطه بكل ضمانات السعادة والاستقرار لذا اهتمت الشريعة بالأسرة اذ الاسرة هي الحصن المنيع الذي يحمي الطفولة في اول مداركها من تلاطمات الحياة وقسوتها.
والطفل لابد له من النشأة في اسرة والا نما مبتور العاطفة شاذ السلوك, وحاجته الى امه وابيه حاجة اصيلة لا يغنيه عنها رعاية انسان او تعهد قريب والاسرة هي العامل الوحيد للحضانة والتربية المقصودة في المراحل الاولى للطفولة ولا تستطيع اية مؤسسة عامة ان تحل محل الاسرة في هذه الشؤون.
وعلى الاسرة يقع قسط كبير في واجب التربية الخلقية والبدنية والدينية في جميع مراحل الطفولة بل في المراحل التالية لها كذلك.
فالاب والام في عبادة لله عز وجل حين التربية والانفاق والسهر والمتابعة والتعليم بل وحتى ادخال السرور عليهم وممازحتهم اذا احتسبوا ذلك فالاصل تعبد الله عز وجل: وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ,والنفقة عليهم عبادة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : دينار انفقته في سبيل الله ودينار انفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار انفقته على اهلك اعظمها اجرا الذي انفقته على اهلك , رواه مسلم, وقال عليه الصلاة والسلام: اذا انفق الرجل على اهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة متفق عليه.
ان المجتمع الصالح ماهو الا مجموعة من الاسر الصالحة تلك التي ستعيد امجاد هذه الامة امجاد المجتمع الخير القائم على نهج سديد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الامة.
واذا علمنا ان التخطيط الهادف من ابرز ما يمليه علينا ديننا الحنيف ومن افضل الوسائل لبناء عقيدة الاجيال وصيانتها من الانحراف ادركنا الواجب الملقى على عاتق الآباء والامهات ومن ثم المعلمين والمعلمات والمربين والمربيات وانها لامانة عظيمة وأية امانة.
وحيث ان كلا من البيت والمدرسة يكملان بعضهما في التربية السليمة فان كليهما يجب ان يتعاونا في مساعدة الناشىء للتمسك بعقيدة الاسلام واخلاقه العظيمة والتزام السلوك السوي حسب هذا الدين.
لقد اجمع علماء التربية والاخلاق على ان الدين اقوى دعامة في النهوض الخلقي للافراد والجماعات وبدون التربية الدينية لا يمكن للتربية ان تستقيم ولا للحضارة ان تزدهر.
يقول فالتر شوبرت في كتابه اوروبا وروح الشرق : الحضارة لا تنبت كما هو ملاحظ الا بالعقيدة الدينية .
والروح وحدها هي التي تتيح للإنسانية ان تنهض وتتقدم وحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة او انحطت.
وقد ثبت ان عدم وجود فلسفة عقيدة واضحة للحياة قد يجر الشخص في سن المراهقة الى الاندفاع والمخاطرة وعمل ما يخالف الدين فواجب المربين ان يجعلوا نصب اعينهم رعاية الاجيال ومساعدتهم على الوصول لأقصى درجة من التربية, ونقطة البدء في ذلك هي تعهد الفطرة من الانحراف وصيانة عقيدتهم الاسلامية التي تنظم كل شأن من شؤون حياتهم وذلك يكون بتعهد النشء منذ الطفولة فيحبب اليه الايمان ولا يسمعه ما يتنافى مع عقيدة واخلاق الاسلام.
فالتربية العقدية ضرورة حتمية لانقاذ الطفولة وحماية الاطفال من الانحراف مستقبلا حيث تطمئن القلوب وتعم مشاعر العزة والكرامة في النفوس وتشيع السلوكيات الجيدة في المجتمعات وتنشط الجوارح لبناء المجتمع وعمل ما يرضي الله تعالى.
ان الواجب على الاباء والامهات والمعلمين والمعلمات ان يعلموا ان امر التربية ليس بالامر اليسير وانما هو المحرك الاساسي لسلوك الطفل فيما بعد.
لذا لابد من ان يهتموا بأمرها ويتقنوا اصولها ولقد كان المسلمون الاوائل ينتقون لاولادهم افضل المؤدبين علما واحسنهم خلقا واميزهم اسلوبا ولابد للمربين من معرفة اصول التربية الاسلامية والالمام بجميع جوانبها حتى يقوموا بها خير قيام ويعدوا لنا الجيل الذي يعود بالامة المسلمة الى سيرة الاسلاف الكرام الذين سادوا الارض بعزة الايمان, ان البيت هو المدرسة الاولى للاطفال والبيت هو اللبنة التي يتكون من امثالها بناء المجتمع وفي الاسرة الكريمة الراشدة التي تقوم على حماية حدود الله وحفظ شريعته وعلى دعائم المحبة والمودة والرحمة والايثار والتعاون والتقوى ينشأ رجال الامة ونساؤها وقادتها وعظماؤها,والطفل قبل ان تربيه المدرسة والمجتمع يربيه البيت والاسرة وهو مدين لابويه في سلوكه الاجتماعي المستقيم كما ان ابويه مسؤولان الى حد كبير عن انحرافه الخلقي, قال ابن القيم,, رحمه الله تعالى: وكم ممن اشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والاخرة,, باهماله وترك تأديبه واعانته على شهواته ويزعم انه يكرمه وقد أهانه وانه يرحمه وقد ظلمه ففاته انتفاعه بولده وفوت عليه حظه في الدنيا والاخرة واذا اعتبرت الفساد في الاولاد رأيت عامته من قبل الاباء, أ,ه.
فعناية الاسلام بالاطفال تتوجه الى تربيتهم وحسن تنشئتهم ذلك لانهم شباب المستقبل ورجال الغد هم امتداد الحاضر ودعاة المستقبل وحملة رسالة الاسلام الى البشرية باذن الله ومن حقهم على الامة ان تؤمن لهم الرعاية الكاملة والتوجيه السليم القائم على اساس راسخ من الايمان بالعقيدة الاسلامية الصحيحة، والاهتمام يصبح اصيلا بالطفل لانه الحلقة الاولى في العمر,, الحلقة الاولى من حياة الانسان ,, الحلقة الاولى بعد مولده ثم نموه تدريجيا ليصل الى مرحلة البلوغ والتكليف ثم الرجولة والكهولة.
فاهتمام الاسلام بالطفل اهتمام اصيل وهو اهتمام يدل على علمية الاسلام كمنهج حياة قبل ان يكون شريعة سمحاء.
ان ثروة الامة تنبع من قدرتها على تنمية الاستعدادات الفطرية لابنائها والاستفادة منهم بصورة مستمرة خاصة ونحن نعيش اليوم عصر علم وفكر وابداع، عصراً يتسم بالتطور السريع، الحياة فيه للفكر والفعل والعلم، تعد فيه القوى البشرية من اهم واخطر عوامل التنمية الاقتصادية فلم يعد ينظر الى التربية في عالم اليوم على انها تقتصر على جانب معين من جوانب النمو وانما هي تربية مستمرة مدى الحياة تلاحق (التغير الاجتماعي) و(الانفجار المعرفي) كما وكيفا.
ان مرحلة الطفولة مرحلة اساسية حساسة اذ يبنى عليها مستقبل الافراد وبالتالي مستقبل الامة بل ان الاطفال هم امل الامة الباسم وامتدادها المشرق فالواجب عليها اعدادهم ليكونوا بناة المستقبل الذي طالما انتظرته امتنا الاسلامية وقد اعادوا اليها مجدها العريق بعقيدة اسلامية سلفية سليمة وخلق اسلامي اصيل ومعرفة بواقع الحياة وظروف العصر وبنفس تفيض خيرا وطهرا وعطاء.
ان تربية الاطفال هدف سام وغاية نبيلة نسعى جميعا الى حسن ادائها باختيار افضل الوسائل التربوية حسبما يقتضيه الهدى الرباني والسنة النبوية المطهرة وما كان عليه سلف هذه الامة الصالح , ان صفاء المنهج في تربية الاطفال وخلال كل تربية واجب شرعي نسعى اليه جميعا بل هو فرض يلزمنا ان نتبعه حتى نستمر في اداء الامانة امانة تنشئة هذه الاجيال على ما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم اجمعين.
فالكتاب والسنة هما مصدر التلقي في هذه الحياة وما كان عليه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم وطريقهم هو مما نلتزم باتباعه وكل مقالة سوف تنبثق ان شاء الله من هذه المنطلقات وتخضع للنصوص الشرعية فسوف تلقي اضواء صافية على منهج تربية الطفل.
فاطفالنا اكبادنا ولاشك فلابد من الحرص على ما نغذيهم به من عقيدة وآداب واخلاق وعبادات وافكار .
انها امانة عظيمة امانة تحديد مستقبل اجيال الامة لتحمل مشعل الخير والهداية فتحارب الشر والرذيلة والله اسأل ان يوفقنا الى ما يحب ويرضى وان تقر اعيننا برؤية الاجيال المؤمنة وقد خالطتها بشاشة الايمان عسى ان تعيد الى هذه الامة ماضيها الزاهر وآمالها الحبيسة وليس ذلك على الله ببعيد.
والله الموفق وهو الهادي الى سواء السبيل.
عبيد بن ادريس الشمري
مدرسة العويقيلة الابتدائية
تعليم الحدود الشمالية

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

المتابعة

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.