Monday 3rd January, 2000 G No. 9958جريدة الجزيرة الأثنين 26 ,رمضان 1420 العدد 9958



زكاة الفطر نظرة شرعية
صالح بن سعد اللحيدان

أصل زكاة الفطر أنها زكاة البدن بدن المسلم حتى يتطهر بها، فإن لكل شيء زكاة وهذا أمر يحتاج إلى فقه ووعي لمراد الأدلة والآثار الصحيحة.
وزكاة الفطر سُميت بهذا لأنها تكون بعد إفطار المسلمين من: صيام رمضان، لكن لا يجوز إخراجها إلا ليلة الفطر بعد غروب الشمس ويصح الإخراج قبل مجيء العيد بيومين لكن قبل ذلك لست أعلم فيه نصاً صحيحاً.
وزكاة الفطر واجبة وجوباً عينياً على كل:
مسلم على وجه مطلق لعموم ما جاء في الحديث المتفق عليه ونصه (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من بُر أو شعير على: العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة), وهذا جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هكذا (صاعاً من بر أو صاعاً من شعير,, إلخ).
وهذا عند البخاري ومعناه كاملا عند الإمام مسلم.
وزكاة الفطر تكون من:
بر أو شعير أو تمر أو أقط، لكن ما يخرجها إلا الذي يجدها فإن الله سبحانه وتعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) فيخرج المسلم أولاً عن نفسه ثم عمن تلزمه إعالته كالزوجة والأولاد ومن يعولهم وتلزمه نفقتهم كالعامل المسلم والعاملة المسلمة، لأن الكافر نجس نجاسة معنوية فلا تطهره الزكاة إذ قد كفر بالأصل.
وتعطى الفقير من المسلمين لصحة ما ورد في هذا ولا بأس حسب علمي أن تعطى زكاة اثنين وثلاثة وأربعة لفقير واحد حسب الحاجة إذ لا يجوز في الزكاة المجاملة أو المحاباة ولأن الفقير المحتاج إلى الكثير قد يكون أولى من غيره في هذا خاصة إذا كان مسلما من الجيران أو الأقرباء أو كان له معروف على الغني.
وزكاة الفطر يجب فيها الفطنة والذكاء فلا تعطى إلا الفقير ولا تعطى لمن يتزود بها تكثراً أو تعطى لمن يخدع المسلمين فيتاجر بها أو تعطى لمن يستغلها بمحرم كمن علم من حاله علماً بيناً أنه يبيعها ليشتري خمراً أو مخدرات أو دخاناً أو يسافر سفراً محرماً.
لكن إذا لم يتضح شيء فالمسلم يبني أمر الفقير على أحسن المحامل فيعطيه من الزكاة.
ومن أراد إخراج الزكاة عن الحمل الجنين فحسن جداً لفعل عثمان رضي الله تعالى عنه ومثله يقتدى به، ولأن هذا فيه من الأجر ما فيه.
والزكاة لا تخرج إلا من طيب الطعام فلا يصح إخراج الرديء ولا ما انتهت صلاحيته لقوله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون .
والأرز الطيب يجزي لأنه من غالب قوت البلد وكذا الجريش.
والتمر الطيب الذي لا تشق قيمته على المزكي، ومقدار (الزكاة) انها صاع أو ما يكون ثلاثة كيلات (كيلوات) وهذا قريب من الصاع.
لكن الزكاة لها ضوابط يحسن بي ذكرها حتى تكون الحال على بينة فمن ذلك:
أولاً: لابد من النية عند الإخراج.
ثانياً: لا تعطى إلا الفقير.
ثالثاً: تخرج عن الصغير والمجنون.
رابعاً: تخرج عمن تلزمه النفقة عليهم.
خامساً: لا يجوز إخراج زكاة الفطر من الطعام المعيب مثل المتعفن، والمسوس، والمخلوط برديء.
سادساً: لا أرى حسب فهمي إخراج الزكاة من الخبز ولو كان براً لأن الفقير أدرى بمصلحته كيف يعمل بالطعام الذي يأتيه.
سابعاً: لا تُرسل زكاة الفطر إلى بلد آخر إلا لضرورة مُلحة بان أمرها.
ثامناً: يجوز في الزكاة التوكيل في حال تسلمها وحفظها لصاحبها حتى يعود مثل من:
سافر للعلاج أو للعمرة أو زيارة أقاربه ولا يعود إلا بعد مُضي العيد كما يجوز التوكيل في تسليمها لمستحقها ولم أر في هذا غضاضة.
تاسعاً: إذا كان الغني قد نسي بسبب من الأسباب, وهذا قد لا يكون.
نسي دفعها فيدفعها بعد ذلك وله في هذا أجر.
العاشر: في زكاة الفطر وزكاة المال وسواهما اقتفاء السنة فيقول مُخرِجُها: اللهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً ويسرها في نفسه إن ظن ظناً كبيراً أن هذا فيه شيء ما يقع في نفس المعُطى.
ويقول آخذ الزكاة آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهوراً .
الحادي عشر: أن تُعطى الزكاة لمسلم فقط لأنها حق له من مال الغني، والكافر يعطى من مطلق الصدقة إن كان هذا فيه منفعة له كدعوة إلى الإسلام مثلاً.
الثاني عشر: الذي يظهر من مجمل أقوال أهل العلم ان القيمة لا تجزي، وقد ذهب كثير من الحنفية إلى دفع القيمة لأنها أصلح لحال الفقير، وذهب الجمهور إلى أنه لابد من الطعام وقال هؤلاء لأن النص ورد فيه وهو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ولأنه أدرى بحاجة الفقير، وهذا هو الصواب، وتدقيق النظر في هذه المسألة بالذات يوجب الأخذ بما ذهب إليه الجمهور.
الثالث عشر: تحسس حال المحتاج جداً من غيره ودفعها، أو توزيعها لمن تساوت حالتهم إذا كانت الزكاة كثيرة.
الرابع عشر: من سافر وهو يسكن مع أسرته ومؤنتهم واحدة فإنهم يزكون عنه زكاة الفطر إلا إذا جرى اتصال يخبرهم أنه يريد إخراج الزكاة عن نفسه بنفسه.
الخامس عشر: من أسلم قبل العيد فإنه هنا يصوم الأيام التي ابتدأ فيها إسلامه، ويخرج زكاة الفطر.
وكذا حال من مات يوم العيد مثلاً فإنه يزكي عنه.
وإذا كانت الزكاة من العبادات الجليلة التي يجب رعايتها والمحافظة عليها فإن هناك بعض أمور يحسن بي بيانها مثل:
1 يحرم إخراج الزكاة من المال الحرام.
2 يحرم إخراج الزكاة من المال المغصوب.
3 يحرم إخراج الزكاة من المال المشتبه.
4 لا يجوز للمسلم أن يستلف مالاً لكي يزكي, فإن الله سبحانه وتعالى قد رفع عنه مالا يقدر عليه وورد في صحيح السنة إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .
5 من لم يزك سهواً أو جهلاً وهذا قد يكون بعيداً فإنه يخرج زكاة الفطر بعد وتعتبر: صدقة.
ويؤجر إن شاء الله تعالى حسب نيته.
6 إذا لم يجد ما يزكي به فلا يجوز للمسلم أن يبيع بعض ما يملك ضرورة لكي يزكي, لكن تسقط عنه الزكاة إذا لم يجد قيمتها وليست عنده: أصلاً.
7 الأفضل أن تعطى زكاة الفطر قبل صلاة العيد.
8 لا يجوز إخراجها قبل العيد بثلاثة أيام أو أربعة أيام لما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما يحكي حال الصحابة رضي الله تعالى عنهم قال: (وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين).
وهذا موقوف على ابن عمر.
والزكاة بهذا طهرة للصائم لإتمام الأجر وحتى يغني الله تعالى بها الفقراء والمساكين عن العوز والسؤال، وحتى يفرحوا بالعيد فيتساوى المسلمون بالبر والتقوى وبذل اليد والوجه من المال الحلال وصلة الرحم وحسن الخلق والتودد ورد المظالم ورد الاعتبار إلى أصحابها فإن العيد مناسبة جليلة وإدخال الفرح والسرور على نفوس الفقراء والمساكين له عند الله تعالى منزلة عظيمة.
كذا حال وأجل رد المظالم والاعتبار وهذا أمر غاية في الأهمية لأنه رد حق واجب مفروض في الكتاب والسنة والاجماع.
وليس رد الحقوق زكاة للقوة والمال والجاه بل رد حق واجب لصاحبه، وما مات ميت وما هرم من هرم وما ندم من ندم وضاق من ضاق بعد الشرك بالله إلا بسبب الظلم والخيانة والغيبة والنميمة الوشاية خاصة إذا كانت من ذكي قادر أو ذكي حاسد أو داهية كبير حاقد لكن قد يقدر الله تعالى كشف مثل هذا عند من قيل عنده ما قيل أو كتب له ما كتب، فهناك يقع الظالم مكشوفاً أمام العقول النيرة الهادئة النظيفة.
فوجب هنا رد الحقوق قبل الفوت، لأن هذا أمر لازم على من فعل، أو قال، وليست من زكاة: القوة أو البدن أو الجاه كما قد يفهم هذا بعض الذين قد يفوتهم فقه الأدلة وحقيقة المظالم بين الناس في هذه: الحياة.
وقد أطنبت في هذا لما قد جاءني من كثير من الشكاوى الشخصية بين شخص وآخر أذاه بكلام أو عمل أو وشاية فضرت به في: بيته أو عمله أو سمعته أو ولده وبناته, وموجب هذا: النصيحة وما يلزم نحوها من بيانها والدعوة إلى الخير ورد: الحقوق حسها ومعناها.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.