Wednesday 12th January, 2000 G No. 9967جريدة الجزيرة الاربعاء 6 ,شوال 1420 العدد 9967



وقفة في أعقاب انقضاء الشهر الكريم

عزيزتي الجزيرة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
قبل أيام قلائل ودّع المسلمون شهر رمضان المبارك وقد اغرورقت عيونهم بدموع الحزن وألم الفراق، كيف لا وهم يودعون شهر البركات والخيرات وشهر إجابة الدعوات ومضاعفة الحسنات، كيف لا وهم يودعون شهراً تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتصفد فيه مردة الشياطين والجان؟! ولكن هذه هي سنة الله تعالى في هذه الحياة تمضي الأيام فينتهي رمضان ويتبعه شوال وهكذا تتابع الشهور وتمضي السنون وتنتهي بمرورها الأعمار وتفنى الأجيال وهكذا تدور الأيام حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لذا فنحمد الله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ونسأله سبحانه أن يتقبل منا فيه الصيام والقيام وأن يجعلنا فيه من عتقائه من النار كما نسأله ان يعيده علينا وأمتنا الإسلامية بعز وخير وأمن وأمان وقرب من الرحمن انه سميع مجيب,أيها الأحباب/ لن اقتطع هذه المساحة لأتكلم عن لوعة الفراق التي اصابت المسلمين بوداعه فهذه هي سنة الله في خلقه ولكن حديثي سيكون عن مسألة هامة نعاني ويعاني منها الكثيرون ألا وهي الانقطاع عن كثير من العبادات بعد انقضاء شهر رمضان المبارك فالمساجد تشكو من الهجران بعد الوصال والمصاحف عادت الى أدراجها فقل قراء القرآن والصيام ودعه الكثيرون الى حلول رمضان القادم وهكذا!! لذا فنحن بحاجة ماسة لتدارس هذا الوضع، والتناصح فيما بيننا علّ الله ان يفتح على قلوبنا ويوفقنا للعمل الصالح في جميع شهورنا, أيها الأحباب/ إنه لمن أشد الحرمان وأعظم الخسران أن يرجع المسلم للضلال والغواية بعد تمام الهداية، وأن يعود لحرقة المعصية بعد لذة الطاعة فما أحسن الارتباط برب العالمين وما أسعد من اقتدى بسنة نبيه الأمين، وما أجمل الاستمرار على الطاعات والتمسك بالدين، لذا فمن الواجب علينا ان نبذل كل ما نستطيع في سبيل تحقيق تلك الغايات ومقاومة ما تدعو اليه النفس من المعاصي والشهوات ولعلي في هذه العجالة اتناول طرفا من ذلك من خلال الإلماحات السريعة التالية:
1 لقد صمتَ أخي المسلم شهرا كاملا أي تسعة وعشرين يوما متواصلة ولم تفكر لحظة بالافطار وكنت حريصا على حفظ صيامك عمّا يفسده وينقص من أجره، وهذه نعمة عظيمة منّ الله تعالى بها عليك ولكن يارعاك الله مالي أراك تعرض عن الصيام بعد انقضاء شهر رمضان مع سهولته وعظيم أجره وثوابه، وكيف تعجز عن صيام أيامٍ معدودة مع انك صمت شهرا كاملا؟ ألا تشاركني الرأي بأن سبب ذلك هو إرخاء العنان لشهوات النفس وعدم كبح جماحها، لذا فوصيتي لك ولنفسي قبلك ان نجتهد في مقاومة شهوات النفس وارغامها على الطاعات ومنها الصيام، واعلم ان الله تعالى حث على الصيام وجعل الجزاء عليه خاصاً به وجعل للصائمين بابا خاصا بهم لا يدخل منه أحد غيرهم ألا وهو باب الريان، كما انه سبحانه لم يطلب منّا صيام الدهر بل نهانا عن ذلك, وشرع لنا أياما نصومها ورتب على صيامها الأجر العظيم مثل صيام ستة أيام من شوال وثلاثة أيام (الأيام البيض) من كل شهر وكذا يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع وكذا يوم عرفة وعاشوراء ويوما قبله أو بعده وهكذا، لذا ينبغي لنا ان نصوم تلك الأيام أو بعضها او أكثر منها حسب طاقتنا وتوفيق الله لنا والمهم هو ألا نهجر الصيام بعد انقضاء رمضان بل يكون لنا من الصيام المستحب في السنة نصيب والله الموفق.
2 لقد كنت أخي العزيز مرتبطا بكتاب الله تعالى ارتباطا وثيقا في شهر رمضان تتلوه قبل الصلوات وبعدها وكذا في المنزل حتى إنك تقرأ في اليوم الواحد عددا من الأجزاء لذا لا تحرم نفسك من هذه النعمة التي هُديت اليها بعد انقضاء شهر رمضان واحرص ان يكون لك وردا يوميا من كتاب الله تحرص عليه وتتلوه، وليكن رمضان بداية الألفة والتلذذ بكلام الرحمن، وإياك ان تهجر قراءته لأن ذلك غاية الحرمان وقمة الخسران.
أيها الحبيب: لا يطالبك المحبون بأن تكون تلاوتك لكتاب الله تعالى بعد رمضان كما كانت فيه، ولكنه يتمنون منك ان تقرأ نصف او ربع ماكنت تقرأ في رمضان، والمهم هو ألا تهجر كتاب الله تعالى وأعلم ان القليل الدائم خير من الكثير المنقطع ومع مرور الزمن وترويض النفس ستجد نفسك تتأقلم مع هذا الوضع ولن تسمح لنفسك بأن تفرّط فيه بل وستجد في نفسك رغبة ماسة للتزود والازدياد من هذا المعين الذي لا ينضب.
3 لقد كنت يارعاك الله من المحافظين على أداء الصلوات المفروضة مع جماعة المسلمين، كما كنت حريصا على أداء صلاة التراويح، والقيام طوال شهر رمضان المبارك، لذا فمن الخسارة الفادحة أن تفرّط في هذا الفضل العظيم بمجرد بزوغ هلال شوال، واعلم ان المحافظة على ا لصلوات المفروضة مع الجماعة أمر محتم ولا يقبل التردد والتفريط، وأما صلاة القيام والوتر قبل النوم او قبل الفجر فهذا أمر مشروع ومسنون لا يليق بالمسلم ان يتساهل فيه، وسائل نفسك الأمارة بالسوء والميالة للراحة والدعة كيف كنت تصلي في رمضان صلاة التراويح والقيام لمدة ساعة او نصف ساعة ثم تعجز بعد انقضائه عن صلاة ثلاث ركعات مثلا لا تتجاوز مدة أدائها خمس دقائق أو أكثر بقليل؟؟ انه الشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء فلا تسمح لها بحرمانك من الأجور العظيمة والأعمال اليسيرة العظيمة, أخي الحبيب/ هذه بعض الخواطر والكلمات أوجهها أولا لنفسي ثم لك سائلا المولى جلّت قدرته ان يعيننا على طاعته انه سميع مجيب وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

عيد الجزيرة

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.