Thursday 20th January, 2000 G No. 9975جريدة الجزيرة الخميس 14 ,شوال 1420 العدد 9975



خيول ومربعات
الرياض والثقافة 2 - 2
علي الدميني

هل نزف الرياض الى الثقافة ام نزف الثقافة الى الرياض؟
ذلك هو السؤال الذي بادرني به احد الاصدقاء عقب قراءته لزاويتي السابقة عن هذا الموضوع, ورغم ما تتلبسه صيغة السؤال من سفسطة لفظية، الا انه حفزني لكتابة هذه الحاشية لمتن الزاوية الماضية، لذا سأحرر نفسي هنا قليلاً من عمومية النظر الى التسمية ودلالاتها كما اراد الصديق لكي اقارب ملامح مقترحات ملموسة تعيننا على النظر الى الموضوع بصيغة متسائلة حول طريق الرياض الى العاصمة الثقافية .
وحين نقف امام الافق المحدد بمزدوجتين، يدعونا الانصاف الى النظر بكل تقدير الى جوهر الامنيات النبيلة المتمثلة كإمكانية في المؤسسات الثقافية الرسمية والنوادي الادبية والجمعيات والمهرجانات الثقافية، والصحافة الادبية، من جهة، وان نشير الى كل المنجزات المتميزة لمبدعينا ومفكرينا ومثقفينا في ساحتنا على وجه العموم.
وفي نفس الوقت ينبغي ان نشير الى آليات الفعل الاجتماعي والثقافي ايضاً التي تختلف مع منجز كل تلك المؤسسات واطروحاتها مما يلقي بظلاله القاتمة على صاحب القرار الثقافي سواء كان مسئولاً اعلامياً او مسئولاً ثقافياً عن مناشط المؤسسات الرسمية في بلادنا.
ولكي ننصف كل الاطراف الثلاثة فان علينا أن نتفهم قناعات ودوافع كل طرف وان نبحث معاً عن صياغة حديثة لمفهوم عقد ثقافي معاصر يقوم على اساس احترام حق الحرية المسئولة لكل فرد في التعبير عن رأيه المسؤول, وعلينا ايضاً ان نكفل حق القراءة المغايرة نقضاً او تثنية دون الذهاب الى الطعن في النوايا او الغايات، او المعتقد.
وهنا اشير الى الاطروحة التي كتبها الدكتور/ معجب الزهراني، في جريدة الرياض مؤخراً حول نفس المعنى، وادعو الى تبني مفهوم حق الاختلاف وممارسته ايضاً، بحيث نعتبر حق الاختلاف في القراءة الابداعية والتأويل والمقترح والنقض والرفض والاشادة والتثنية لتعزيز الرأي بحسب مقترح فوزية ابو خالد في الجزيرة امراً لازماً لتطوير حياتنا الثقافية وسعينا في الطريق الى عاصمة الثقافة، وفي هذا المجال اود ان انبه الى خطأ يقع فيه بعض من يستظلون بحق النقد والاختلاف، حيث يحتكرون فعل النقض والمغايرة بينما يصادرون على الآخرين حق الرد والدفاع والاشارة الى خطأ الحكم او مسوغات التهمة، وهذا هو مقتل حق الاختلاف الذي ينبغي التنبيه اليه وتجاوزه.
* * *
واحتفاء بالثقافة وعاصمتها لعام 2000م، يأمل مثقفنا الى المساهة في تطوير آليات النشاط الثقافي بما يعزز من مشروعية التسمية واستمرارية فعل رمزيتها في مختلف المجالات, وهنا لابد من بذل جهود عميقة لاخراج خشبة المسرح من عتمتها والتغلب على معيقات تشكله وارساء تقاليده لدى الجمهور، وكذلك العمل على تبيئة مفهوم السينما عروضاً وانتاجاً لنسهم مع غيرنا في ملء الزمن الفضائي الصاخب, ونأمل ايضاً حث المؤسسات الادبية من اندية وجمعيات لاشراك المرأة في فعالياتها، اذ لا يصح ان ندخل الالفية الثالثة بجهود واحلام نصف المجتمع فقط.
اما بشأن المؤسسات الثقافية القائمة فلا اظن من الخطل القول بانها تحتاج الى اعادة بناء كاملة رؤية وادارة وطريقة عمل، وفي هذا الصدد أؤيد الاقلام الثقافية الكثيرة التي طالبت بوضع نظام اساسي للروابط والاتحادات الثقافية المختلفة في المسرح والتشكيل والادب والصحافة، اسوة باتحادات الالعاب الرياضية، وغرف التجارة والصناعة والزراعة، وروابط المهنيين المختصين في الطب والمحاسبة والهندسة وغيرها.
وباعتقادي ان قيام هذه المؤسسات الاهلية سيفتح المجال امام كل الطاقات لان تنتظم اتفاقاً واختلافاً في عمل مؤسساتي اهلي يشجعها على اعادة انتاج دورها وتطويرها والمحافظة على منتسبيها, ولعل قيام هذه الاتحادات المفتوحة لكل منتجي الثقافة ستضم المثقفين العضويين الذين يمثلون الجماعات المختلفة المكونة للتشكيلة الاجتماعية والذين سيعبرون بجدلهم الثقافي عن غنى وتعقد الحياة ذاتها, وهذا النشاط سيؤدي بالضرورة الى توفير مناخ حضاري يسمح لكل تيار بالتعبير عن رؤيته ومبرراتها كرؤية نخب وتجنب ثقافية تعكس نبض الحراك الاجتماعي وتدفع بمكونات الثقافة الى افق الجدل والاتفاق والاختلاف المعافى الذي سيرسخ معنى الحوار الاجتماعي ويغلب جدال الكلام على خصومة الاحكام الانفعالية او المتعجلة احياناً.
ولكي لا يبقى الحديث معاقاً في فراغ التأمل والاماني فقط، ولكي يبقى في الذاكرة من طريق الرياض الى العاصمة الثقافية ما يجعلنا نصغي الى رنينها بحنان، فانني ارى او اقترح ما يلي:
1 انشاء مراكز تنمية ثقافية متخصصة في مجالات علم الاجتماع والنفس، والتنمية، والخطط الاستراتيجية، والفكرية، والنقدية، والابداعية في المسرح، والتشكيل، والشعر، والسرديات، بحيث يتم الاستفادة من الكوادر المؤهلة من داخل البلاد وخارجها لانجاز مساهمات متخصصة في هذه المجالات التي ستدفع بإمكاناتنا الثقافية الى الافق الارحب الذي تستحقه.
2 اعادة النظر في قوانين الرقابة على المصنفات الابداعية المكتوبة والمرئية بما يتلاءم مع دخولنا الالفية الثالثة.
3 اقامة معرض للكتاب تشترك فيه ابرز دور النشر العربية والاجنبية ويتم تنقله من شمال البلاد الى جنوبها ومن شرقها الى غربها طوال العام، وان تطبق عليه قوانين العيون الرقابية المعاصرة.
4 تكريم المبدعين والمفكرين شيوخاً وشباباً تحت مظلة جائزة الدولة التقديرية, وتفريغ المبرزين منهم للانتاج الابداعي والفكري.
5 تنظيم اسابيع ثقافية مشتركة داخل المملكة وخارجها مع مثقفي ومبدعي وفناني الدول العربية البارزين بمعدل اسبوع ثقافي لكل شهر.
6 تبني مشروع ثقافي دائم، يقوم باعادة طباعة ابرز الكتب الثقافية من التراث العربي، وابرز الكتب المعاصرة، ومنح الكتاب الاحياء منهم مكافأة مالية مجزية.
7 تأسيس مركز ترجمة لنقل اهم الابداعات والمصنفات النقدية الفكرية المؤلفة بالعربية الى الانجليزية، تحت عنوان الرياض عاصمة الثقافة العربية.
وبعد,, تلك بعض رؤوس احلام مصفوفة على الورق، فهل يحين اوان استنباتها في مناخ الاحتفاء بعاصمة الثقافة لعام 2000؟.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.