Saturday 22nd January, 2000 G No. 9977جريدة الجزيرة السبت 16 ,شوال 1420 العدد 9977



الرياض: بين الماضي والحاضر(1)
* بقلم: السيد عبدالله فيلبي

* ترجمة : د, محمد بن عبدالله آل زلفة
مع بعض التعليقات
ينطلق مع مساء هذا اليوم السبت إعلان الاحتفال رسميا الرياض عاصمة للثقافة العربية خلال عام 2000م.
يحضر هذا الاحتفال كوكبة من المثقفين والمفكرين وحملة القلم المعنيين بالشأن الثقافي وبمشاركة مدير عام اليونسكو هذا الاحتفال تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الابن البار والمخلص لهذه العاصمة الذي جعلها بفضل جهوده الحثيثة تصبح مدينة عصرية ذات شخصية متميزة وأصالة تحمل رسالة ثقافة وحضارة ابن هذه البلاد.
إن عمر هذه المدينة العاصمة مائة وثمانون سنة وذلك حين اتخذ منها الإمام تركي بن عبدالله عاصمة للدولة السعودية الثانية بعد تهديم الدرعية العاصمة الأولى على أيدي ابراهيم باشا 1818م.
مرت هذه العاصمة في مراحل تاريخية مختلفة وشهدت أحداثا جساما ظلت رغم قساوة تلك الأحداث عاصمة صامدة.
شهدت أزهى فتراتها أثناء حكم الإمام فيصل بن تركي للمرة الثانية 18411865م ثم ما لبثت أن تعرضت لأحداث هي الأكثر قساوة في تاريخها بعد وفاة ذلك الإمام العظيم إلى أن شهدت اطلالة فجر جديد وذلك في عام 1902م على يد حفيده القائد العظيم الملك عبدالعزيز الذي أعاد للرياض عزها ومجدها وخطا بها خطوات حثيثة نحو الرقي والتقدم لكي تصبح العاصمة الأولى في الجزيرة العربية الأكثر تأثيرا في مجريات السياسة العربية المعاصرة,,حيث لها أن تفخر بأنها عاصمة أكبر وحدة عربية عرفتها منطقتنا العربية في زمان سماته التفتت لا التوحد.
رسم المؤسس الخطوط العريضة لنمو هذه المدينة العاصمة ومنحها برعايته وبعد نظره ما يؤهلها لأن تكون عاصمة عصرية,ثم سار الملوك من ابنائه من بعده على نفس خطى المؤسس في الأخذ بتلك الأسباب لجعل الرياض العاصمة واحدة من أكبر العواصم العربية، بل في مصاف كبريات العواصم العالمية وهي بفضل هذه الرعاية أصبحت تتبوأ هذه المكانة المرموقة التي أهلتها لتكون عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م,, هذا العام المتميز بكونه انطلاقة لألفية جديدة في تاريخ الإنسانية وتدخل الثقافة العربية هذه الألفية الجديدة عصرا جديدا من خلال بوابة الرياض.
ورغبة من شخص عشق الرياض وحبها من كل قلبه وتابع تاريخ نموها منذ البدايات الأولى من خلال تخصصه بتاريخ هذه البلاد والرياض العاصمة قلبها النابض أردت المساهمة في هذه المناسبة بالقاء بعض الأضواء على جوانب من تاريخ هذه المدينة ومسيرة تطورها لكي يكتمل شيء من صورتها لدى من يجهل بعضا من ملامح تطور هذه المدينة وكيف استطاعت أن تنمو بشكل مذهل وخلال فترة قياسية بتاريخ نمو المدينة لتصل إلى ما وصلت إليه وما نشاهدها عليه الآن.
هذه المساهمة ليست من ابداعي ولكن نقلا حرفيا لما كتبه أحد محبيها ومن تابع تطورها منذ أن كانت مدينة مسورة إلى أن أصبحت مدينة متمددة خارج أسوارها وفي كل الاتجاهات، هذا المحب لمدينة الرياض هو السيد عبدالله فيلبي الذي عرف الرياض منذ عام 1917م وكتب عنها ما لم يكتبه غيرها من حيث الدقة والموضوعية والوضوح، بل ظل وسيظل المصدر الأول لكل من يريد أن يكتب عن مدينة الرياض وتطورها التاريخي إلى عام 1960م وهو العام الذي توفي فيه السيد فيلبي.
وكان آخر مقالة كتبها عن الرياض هي هذه المقالة التي قدمها في الأساس محاضرة عن مدينة الرياض بعنوان الرياض بين الماضي والحاضر في واشنطن عام 1959م ثم طبعت بعد ذلك في مجلة الشرق الأوسط المجلد 13 ربيع 1959م.
والذي يسعدني ويشرفني أن أقوم بدوري بتقديمها إلى القارىء العربي وإلى كل محب لمدينة الرياض بهذه المناسبة مناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام 2000م.
وكانت وظيفتي في هذا العمل هي أن انقله بكل أمانة كما كتبه مؤلفه دون زيادة أو نقصان ودون تدخل في أي رأي يحمل مسؤوليته المؤلف, وكل ما حاولت القيام به هو توضيح بعض ما يجب توضحيه وذلك في أضيق الحدود لكيلا اثقل على القارىء بكثرة الهوامش والتوضيحات التي ربما وجدت لها مكانا مناسبا عند طباعة هذه المقالة مع مقالات السيد عبدالله فيلبي الأخرى عن الرياض في كتاب يجمع بين دفتيه ما كتبه عن هذه المدينة التي عاش فيها طويلاً وأحبها كثيرا.
قبل مائة عام مضت لم يكن هناك أي أوروبي قد شاهدت عيناه مدينة الرياض، مع أن الكابتن جي, إف, سادلير قد مر قريبا منها في عام 1819م من الناحية الجنوبية وهو في مسيرته من منفوحة إلى الدرعية، عاصمة الوهابيين الأصلية التي قدر للرياض أن تحل محلها بعد فترة قصيرة.
ولربما كان الاعتقاد السائد آنذاك أن يظل المعقل الرئيسي للمذهب التطهري باقياً على حاله إلى الأبد دون أن يطاله الفضول الغربي، وهو يقبع خلف هذا الحاجز الرملي الذي لا يمكن اختراقه، إضافة إلى بعض الأجانب والتعصب الديني, ومع ذلك فقد حدث، في تلك الفترة نفسها أن أغري أحد الشبان البريطانيين من العهد الفكتوري المبكر ليقوم بمغادرة شواطىء تلك الجزر المعزولة متأثرا بالروايات الرومانسية الخيالية الخاصة بالأسفار لكل من (ألكساندر دوماس) و(جولوس فيرن) وغيرهما، وهي حكايات بنيت في الغالب، إذا جاز لنا التعليق، على المعلومات العلمية المتاحة آنذاك، او على تقارير العديد من المغامرين الذين ولجوا البلدان المجهولة.
وإنه لمن البديهي أن العملية كان يمكن أن تشكل انتكاسة عكسية، وخصوصا إذا ما كان محورها هوالخيال!
وعلى أية حال لم يأخذ الأمر وقتاً طويلاً قبيل سقوط القناع وتمزقه إربا إربا لكي يكشف عن الأسرار الخاصة بوسط الجزيرة العربية إلى عالم يسوده الحيرة والإعجاب, وخلال الستة أشهر الأخيرة من عام 1862م قام السيد دبليوز جي, بلجريف أثناء رحلته بدءا من مدينة غزة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالمرور عبر قلب الجزيرة العربية، حتى مدينة القطيف على الخليج العربي (2) وقد قام بتمضية خمسين يوماً (وهي في الواقع ثمانية وثلاثون يوما حسب روايته هو) في مدينة الرياض ذاتها.
وقد ولّد وصفه للرحلة نوعا من الإثارة العميقة، وأكسبه شهرة سريعة (حتى مع التشكيك الذي لايستهان به من جانب بعض الخبراء المختصين، وبخاصة العالم المستعرب جي, بي بادجر) بوصفه أحد المغامرين الأبطال الذين قل أن نجد لهم مثيلا في مجالات الاستكشاف (3) .
وبعد سنوات قليلة من ذلك، وفي عام 1865م، كانت هناك بعثة رسمية بريطانية بقيادة السير لويس بلي، والذي صار لاحقا فيما بعد المندوب البريطاني المقيم في الخليج العربي وقد سافرت البعثة في رحلة من الكويت إلى الرياض وبالعكس، حيث قضت فقط بعض الأيام القليلة في عاصمة الوهابيين، أمضتها في إجراء محادثات مع الإمام العجوز فيصل بن سعود وولي عهده عبدالله الذي تولى العرش بعد وفاة أبيه بعد ذلك بأشهر قليلة (4) .
وقد انقضى حوالي نصف قرن قبل أن يأتي إلى الرياض أحد الرحالة الأوروبيين الآخرين، وقد كان ذلك هو الرحالة الدانمركي (باركلي رونكير)، الذي أمضى في المدينة أقل من 48 ساعة، وذلك في مارس 1912م (5) .
وفي ديسمبر من العام نفسه أمضى الكابتن جي, إيه, ليخمان الذي قدم من دمشق أسبوعا في القصر في ضيافة ابن سعود قبل أن يغادر الجزيرة العربية عبر مدينة الإحساء التي كانت واقعة تحت الاحتلال التركي, وأخيرا، وفي ربيع عام 1914م كان الكابتن دبليو ,إتش آي, شكسبير، الذي أصبح لاحقا مندوبا سياسيا لبريطانيا في الكويت، قد أمضى ثلاثة أيام في الرياض أثناء رحلته الطويلة من الكويت إلى السويس.
وعند نشوب الحرب تم إرساله مرة أخرى إلى ابن سعود لكنه اغتيل في يناير 1915م في المعركة التي دارت رحاها في (جراب) بين الأخير وقوات ابن رشيد, ويجب ألا ننسى أيضا الزيارة القصيرة التي قام بها إلى عاصمة الوهابيين في صيف عام 1917م الدكتور بول هاريسون، ذلك المبعوث الطبي الأمريكي المشهور في الخليج العربي، والذي وجهت إليه الدعوة من قبل ابن سعود لمعالجة بعض الحالات المرضية التي يعانيها أفراد الاسرة المالكة (6) .
هذه هي القائمة الكاملة بالأوروبيين الذين سبقوني إلى الرياض التي وصلت إليها في الثلاثين من نوفمبر 1917م أي بعد خمس وخمسين سنة بالضبط من مغادرة بلجريف لها, وسوف يكون من الأفضل أن نوضح، ومن خلال ما ذكرته أعلاه عن رحلاتهم العديدة، وباستثناء حالة واحدة فقط، أن أياً منهم لم يجد الوقت الكافي للقيام بتحريات واسعة للمدينة وما جاورها, ولم يحاول أي منهم أن يقدم للعالم شيئا سوى وصف هزيل للقصر.
أما الاستثناء الوحيد فقد كان بطبيعة الحال هو بلجريف نفسه الذي لا يمكن بالتأكيد أن يتهم بالشح في إبراز المعلومات التاريخية والاجتماعية، بل حتى الجغرافية، وعنه كتب الدكتور دي, جي, هو غارث، الذي يعد مرجعا في المعارف العربية في عصره، في كتابه التغلغل في الجزيرة العربية (ص301)، والذي نشر في عام 1905م ما يلي: أقام بلجريف في الرياض خمسين يوما,, وإدراكا منه للمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه العلم في تلك المنطقة التي يصعب الوصول إليها أكثر من الأماكن الأخرى، فقد قام بإحداث نقلة فيما يتعلق بوصف الظواهر الطبيعية والاجتماعية وتعريفها، وقد تم تأييد دقة الوصف الطبوغرافي العام الذي قام به للمنطقة في تقرير خلفه بلي .
إن هذا الحكم الجدير بالاحترام, وحتى مع النقد والتشكيك المعروف الذي صدر من قبل ريتشارد بيرتون، وجي, بي, بادجر وآخرين يعدون مؤهلين جيدا لأن يكون لهم رأيهم فيما توصل إليه بلجريف، لكن الحكم هو الذي ظل مسيطرا في الواقع علىالمسرح لحوالي سبعين سنة حتى عام 1919م، عندما ظهرت أنا مستأنفا ضده بالعديد من الأدلة والبراهين الجديدة المؤيدة والداعمة للادعاء القديم.
وخلال سنتي الأولى في الجزيرة العربية أمضيت سبعين يوماً في الرياض، كما شاهدت جزءا كبيرا من بقية القطر، وكلما شاهدت أكثر أصبحت أكثر تشككا في مصداقية بلجريف وموثوقيته, وفي نهاية المطاف توصلت إلى خلاصة مفادها أنه، وفي الوقت الذي كانت فيه كامل قصته ومع وضع كل الاحتمالات في الحسبان ليست بأكثر من تلفيق متعمد, فإنه وبكل تأكيد لم يسبق له أن زار الرياض على الإطلاق! وعلى مدى سبعين سنة كان العالم قانعا بخداعه بصورة مزيفة بالكامل عن الجزيرة العربية (جنوب القصيم) وعن عاصمة الوهابيين.
وفي اعتقادي أن هذا هو الرأي السائد في الدوائر الرسمية حاليا، وقد تم التعبير عنه بكل وضوح وبصورة لا لبس فيها في أحدث المسوحات الأخيرة للاكتشافات العربية للسيدة (جاكلين بيرين) الذي تم نشره في باريس في السنة الماضية 1958م ولا مجال هنا للاسترسال في هذه النقطة أكثر من ذلك (7).
لقد كان الوصف الذي أورده بلجريف لمدينة الرياض عام 1862م، وبصورة مثيرة للسخرية، لا ينطبق على مدينة الرياض عام 1919م أو بعد عشرين سنة لاحقة, ومع ذلك فالضرورة تقتضي قول كلمة من باب الاحتراس وهي: قد يقول زائر حديث لعاصمة المملكة العربية السعودية وبكل إنصاف الشيء نفسه عن كل أوصافي للمكان قبل نهاية الحرب العالمية الثانية, فليس هناك بالتأكيد أي تشابه بين مدينة اليوم الواسعة الضخمة والمدينة الصغيرة الضيقة المحصورة ذات الأسوار، والتي كانت خلال الاربعين عاما المنصرمة مقرا رئيسيا لابن سعود العظيم اثناء حملاته الخاصة بإخضاع الجزيرة العربية وتوحيدها.
وإنه لمن الجدير بالأهمية أن نتذكر أن تلك المهمة قد تم إكمالها بكل دقة وصدق في وقت لم يكن يملك فيه أيا من المال أو الأسلحة أو الجيوش المدربة، أو حتى الأصدقاء الذين يقدمون له العون والمساعدة عندما يكون بحاجة إليها, لقد قام بتحقيق أهدافه فقط بعزيمته القوية، وإيمانه الذي لا يتزعزع بمقاصده وتوجهاته، ولم يحدث إلا بعد تحقيق كل ذلك، أخذه شخصيا بزمام المبادرة نحو إرساء دولة الرفاهية التي لم يكن يحلم بها أحد، بالنسبة لمملكته الصحراوية.
أما فيما يتعلق بأوصافي التي أوردتها للمكان القديم والنظام القديم الذي أحببته جيداً، والذي ما زلت أسفا على انقضائه، فإنني أمتلك ميزة على بلجريف (الذي لم يعد قط إلى الجزيرة العربية) وهي أنني أمضيت بقية حياتي في ذلك البلد أشاهد وأسجل، خطوة خطوة, عملية التغيير التي بدأت أولا بصورة تدريجية ومتأنية لكنها اندفعت لاحقا بسرعة متزايدة لا تعرف التمهل، وهي التي مكنت من تحقيق ملامح التغيير وإنجازاته ومشاهده التي تنبري اليوم للترحيب بالزائر, وهي ما زالت بعيدة جداً عن بلوغ مرحلة الاكتمال، ولا أحد يدري إلى أي مدى سوف تصل, لكن العمران، والعمران النشط والمتواصل هو طابع اليوم، وهذا دون أن نقول شيئا عما يصاحب ذلك من عمليات هدم للمنازل التي تم تشييدها على الطراز القديم (من اللبن) وإزالتها لكي تفسح مكانا لتشييد العمائر الضخمة من الخرسانة والحصى على النسق المعماري الغربي نفسه.
أما بالنسبة للمباني المتلاصقة،فهي تسير قدما منتشرة على طول الطرق الأسفلتية الممتدة في أعماق الصحراء، وفي كل الاتجاهات، مع أعداد لا حصر لها من الطلبات بالنسبة للمواقع السكنية التي تم تخطيطها سلفا خارج مسافات بعيدة من وسط المدينة، مما يوحي بالثقة الظاهرة أن المشكلة الرئيسية والمهمة المتعلقة بإمدادات المياه سوف تجد طريقها إلى الحل بصورة جذرية عما قريب.
ومع ذلك فإن الشيء الذي يسترعي انتباه المراقب أكثر في هذا البرنامج التنموي هو سرعة الانطلاق أكثر من الحقيقة أو الواقع، ومن ثم يمكن للواحد أن يقول، وهو يتحدث مع حاكم جزيرة جيرسي، إن أمانة مدينة الرياض تحاول أن تنجز كثيرا جداً وبأقصى سرعة!, (8)
وأياً ما كان الأمر، فقد كانت المدينة المسورة في بداية عهدي بها (انظر الخريطة الموجودة في كتابي (في قلب الجزيرة العربية) ص (70) ذات أبعاد تبلغ (700) ياردة من الشمال إلى الجنوب، وحوالي (650) ياردة من الشرق إلى الغرب, وهي محاطة ببساتين أشجار النخيل الرائعة من كل جوانبها عدا الجزءالشمالي الشرقي حيث يمتد السور الشرقي على طول طرف وادي البطحاء، بينما يتاخم الجزء الشرقي من السور الشمالي تلك المقبرة الكبيرة التي يرقد فيها كل من الإمام تركي، الذي قام بتبني الرياض عاصمة للدولة الوهابية بعد أن تم تدمير الدرعية على يد ابراهيم باشا عام 1818م، وحفيده سعود بن فيصل،في قبريهما.
وفي اتجاه الشمال من المقبرة يقع شريط طويل آخر من بساتين النخيل الغنية، في الوقت الذي تنتشر فيه أيضا مزيد من البساتين من الجانب الأيسر، أو الشرقي لضفة وادي البطحاء، وتسير في عمق معقول باتجاه الشرق، بينما هناك شريط من الأرض الخالية تقع أكثر بعدا في اتجاه الجنوب على ضفة الوادي نفسه، حيث تم تخصيصها لتشكيل مقبرة ملكية جديدة عند وفاة الإمام فيصل في عام 1865م، والذي يرقد هناك مع كل أحفاده الذين فارقوا الحياة منذ ذلك الحين.
وباستثناء بعض المساكن القليلة والمتفرقة والمتوسطة الحال، وعلى وجه التحديد قصر الشمسية الخاص بحفيد فيصل، سعود الكبير (الذي ما زال على قيد الحياة) (9) والواقع على بعد ميل من المدينة، وسط بساتين النخيل المحيطة، لم تكن هناك أية مساكن لأهالي مدينة الرياض خارج المدينة المسورة نفسها، والتي أذكر أن أن سكانها كانوا لا يجاوزون، على وجه التقدير (30,000) نسمة.
لم يتبق اليوم إلا القليل من ذلك الحزام الأخضر الكبير الذي كان يحيط بالمدينة, فقد عمل الأمن الذي قام بتوفيره ابن سعود إضافة إلى توحيد الجزيرة العربية على جذب البدو وغيرهم من العناصر الأخرى إلى داخل العاصمة التي وجدوا فيها ما طمأنهم، وأكد لهم وجود الكرم التقليدي من جانب الأمراء، والرعاية الطبية لعلاج أمراضهم المختلفة (مثل الرمد، والدرن وما شابههما)، بالإضافة إلى حلقات الوعظ الديني التي تقام في المساجد على أيدي أنصار المذهب الوهابي الشجعان.
وقد امتدت الزيارات القصيرة التي تم التفكير بها في بادىء الأمر وتوسعت بصورة لم تكن في الحسبان، لتصبح إقامة طويلة الأمد مع تنامي فرصة التوظيف المثمر والمربح في المشاريع الإنشائية وغيرها من الاعمال, وحضر البدو ومعهم خيامهم المصنوعة من الشعر، وشيدوا حولها أسوارا من الطين لتقيها من الرياح، ثم قاموا بعدها بتسقيف الجدران لخلق مخيمات, وسرعان ما انتشرت القرى الصغيرة قريبا بجوار أسوار المدينة الواقية، ثم تحولت سريعا إلى ضواح، في الوقت الذي صار فيه سكان الرياض الميسورة الحال يبحثون فيه عن متنفس لهم خارج الأحياء المكتظة التي كانوا يعيشون فيها، وذلك من خلال التوسع خارج الأسوار.
وقد كان هذا التوسع على حساب بساتين النخيل، وارتفعت قيمة الأراضي بصورة حادة حتى تجاوزت قيمة ما يتم جنيه من محصول التمر، وصارت أشجار النخيل تقطع دون رحمة، لكي تفسح المجال لتشييد المساكن, وفي تلك الأيام لم يطرح السؤال بالبحث عن متنفس من هذا الزحام في الأراضي الصحراوية الواسعة الواقعة خلف بساتين النخيل، فما زالت التقاليد القديمة والبالية تفرض على الغالبية ذلك التوجس الحذر من التعرض الذي لا داعي له لأي هجوم محتمل قد يشنه الأعداء.
وعليه فقد تمت التضحية بروعة الحزام الأخضر من أجل إسكانه الأعداد المتزايدة دوما من البشر الذين جاء أغلبهم في هذه الفترة من أطراف مملكة ابن سعود, ولم يكن الاحتياج الأجنبي قد بدأ بعد، وحتى أولئك الأجانب الموجودون بالرياض كان يترتب عليهم التكيف الصارخ مع الطريقة الوهابية في الملبس والتصرف.
وكان ابن سعود نفسه هو الذي بدأ باطلاق عملية التنمية في هذه الصحراء عندما انتقل في عام 1938م إلى خارج المدينة ليقيم في قصر جديد تحيط به القلاع، كان قد تم تشييده له على موقع إحدى التلال الصغيرة المحيطة والتي تعرف باسم (المربع)، والتي تقع قريبا من قصر ابن عمه في الشمسية, وكان يوصله بالمدينة طريق معد من الخرسانة للسيارات.
وفي المدينة كان القصر القديم الخاص بكل من تركي وفيصل لا يزال مستخدما مركزا للإدارة والحكم، كما كان عليه سابقا، ودون أن تطرأ عليه أية تغييرات بالنسبة للأشياء المحيطة به مثل الجامع الكبير والسوق اللذين ما زالا على مقربة منه.
وفي هذه الأثناء قام ولي العهد، الملك الحالي، بتشييد قصر لنفسه في (المربع)، في الوقت الذي أضيف إليه قصر آخر فسيح لاستخدامه استراحة لإقامة الضيوف الملكيين, وقد اتبع ذلك الأمير فيصل بتشييده قصرا لنفسه على الطريق المعبد الواقع بين المربع والمدينة مع أنه لم يسكنه على الإطلاق، إذ تم أخذه هو الآخر استراحة ملكية إضافية, وفي تلك الأيام تصادف أنه لم يكن هنالك شخص يقوم بزيارة الرياض إلا بتصريح من الملك، وكان كل الذين قاموا بزيارتها هم من ضيوف الملك.
وبعد انتهاء الحرب مباشرة، وعندما شب الجيل الأول لما بعد الحرب من أبناء الملك عن الطوق، واستقروا في حياتهم الزوجية تم تشييد حوالي العشرين تقريبا من القصور الملكية ذات الطراز المتماثل لسكناهم في أحد الأحياء الجديدة الذي أطلق عليه اسم (الفوطة)، وقد كان ذلك على حساب بساتين النخيل المحيطة بقصر المربع من الجانب الشمالي الغربي للمدينة, في كل هذه الخطط العمرانية تم التمسك بصورة صارمة بطابع العمران النجدي التقليدي، وقد استمرت المدينة المتوسعة في الحفاظ على لب الثمرة التي تفرعت منها إلى الخارج، لتغطي مساحة تبلغ عشرة أضعافها على الأقل, وبعدد سكان يقارب ضعف عدد سكان المدينة القديمة.
وقد استجاب الحائط الغربي ببوابتيه للضغط الناجم عن اقتراب العمران باتجاه حلقة من الأرياف غير المتميزة تم تشييدها خلف حزام بساتين النخيل بواسطة النازحين الذين جاءوا من الأقاليم بحثا عن فرص العمل, ومن ناحية الجنوب الشرقي أيضا أزيلت بعض بساتين النخيل الجميلة لتفسح المجال أمام توسعة رئيسية للمدينة لتضم الورشة الملكية، وورش صيانة السيارات، إضافة إلى الإرسال الإذاعي الجديد (10) (التي تم تشييدها في عام 1931م) كذلك نمت إحدى الضواحي الكبيرة على الضفة الشرقية لوادي البطحاء من أجل مقابلة وتلبية متطلبات عنصر جديد من السكان يتمثل في سائقي السيارات والميكانيكيين الوافدين من العديد من البلدان المسلمة الذين اجتذبوا للحضور إلى المملكة العربية السعودية نتيجة الأجور العالية التي كانوا يحصلون عليها مقابل خدماتهم.
هذا بالإضافة إلى الفرص غير المحدودة التي تتيح لهم مكتسباتهم من خلال السرقة والاختلاس.
وختاما نقول إنه كان تجمعا لا يبعث على السرور، وإنه كان بمثابة جرح ينزف في جانب مجتمع، كان في ذلك الوقت وعلى كل مستوياته، نموذجا للأخلاق الفاضلة والمستقيمة, ولم تستطع الحكومة السعودية إطلاقا أن تفرض عليها احترام النظام والأمن الذي هو بمثابة حجر الزاوية في الدولة المتحضرة.
تلك كانت هي الرياض في فترة الشفق وعتمة الليل لفقرها البدائي المدقع، وبين إطلالة الفجر المفاجئة لرفاهيتها التي لم يكن يحلم بها أحد, فالنفط بطبيعة الحال قد كان اكتشافه سلفا في الأحساء، لكن استغلاله قد كان قاصرا بصورة صارمة على المتطلبات السياسية الحربية للحلفاء, ومع ذلك فقد كان الأمل في المستقبل مشرقا بصورة معقولة، مع أن أحدا لم يكن يتوقع آنذاك بأن هناك احتمالا أن يصل إلى ما وصل إليه من تألق, ولم تجد عائدات الأرباح الأساسية الاولى طريقها إلى الخزينة السعودية إلا في عام 1946م، وقد كانت مصادفة عجيبة ان يقوم ابن سعود في بداية تلك السنة نفسها، وبعد أن كان قد زار مصر في عام 1945م للاجتماع بكل من روزفلت وتشرشل، بقبول دعوة الملك فاروق له بتسجيل زيارة رسمية إلى مملكته.
ولم يكن بمقدوره أن يفشل في المقارنة بين البحبوحة التي يعيش فيها ذلك البلد مع الفقر والتخلف الذي ترزح تحته مملكته، وهو شيء ظل قانعا به طيلة حياته, واستنادا على ذلك قرر أن التقدم والتطور هو سنة العصر، فبدأ بمدينة الرياض نفسها، والتي قرر وصلها عن طريق السكك الحديدية بأحد الموانىء الوقعة على الخليج العربي، مثلما ترتبط القاهرة بميناء الإسكندرية, وفي عام 1945م أهدى له الرئيس روزفلت طائرة (داكوتا)، وقد تمكن بصعوبة من إقناع السلطات التقليدية للعاصمة بمشروعية استعمالها في تطوير وسائل الانتقال داخل البلد.
وعليه فقد تم انشاء مطار مناسب في مدينة الرياض على بعد مسافة معقولة من المدينة, وقد وافق القادة الدينيون على ذلك، ومن ثم ذاب الجليد على الفور، ولم يكن هنالك من سبب آخر معقول للاعتراض على ذوبانه مرة أخرى بواسطة قيام خط السكك الحديدية, لكنه كانت قد واجهته الآن بعض اعتراضات الخبراء الاقتصادية ضد مشروعه العالق بذهنه، وهي أن خط السكة الحديد لن يتمكن من تغطية تكاليفه قط، وأن البلد لم تكن قادرة على تحمل مثل هذه الرفاهية، وغير ذلك, لكنه وضع كل ذلك جانباً، وأصر على إعطاء الأسبقية المطلقة للمشروع.
وفي أكتوبر 1951م كان على قناعة تامة عندما ترأس شخصيا الاحتفال الرسمي بافتتاح الخط (550 كيلومتر)، وذلك بوصول أول قاطرة من الدمام, وعليه فقد تم التحقق وبكل نجاح من سلامة رؤيته المستقبلية.
وقد تحسن الوضع الاقتصادي في الرياض، وبصرف النظر عن الاعتبارات الأخرى، نتيجة انخفاض تكلفة نقل كل البضائع والمستلزمات الضرورية, ومن ثم أصبح من المؤكد أنه لولا وجود خط السكة الحديد لكان تطوير مدينة الرياض وتحديثها يعد مستحيلا تماما، أو في أفضل الظروف ليس بأكثر من مشروع خيالي لمستقبل لا أحد يستطيع التكهن به.
وحتى لو لم يعش ابن سعود ليشهد الازدهار الكامل لمشروعه فهو قد خلف على الأقل لمن يأتي بعده إرثاً يشتمل على مفتاح الأرض الواعدة.
وقد كان سعود نفسه مستعدا لذلك بصورة جيدة من خلال الأسفار الخارجية التي قام بها حديثا (إلى مصر والهند خلال الحرب، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب) الشيء الذي مكنه من استيعاب فرص تحقيق النمو وإمكانيته في بلد تأكدت قدرته حاليا على توفير السيولة الكافية لجعل الصحراء (تتفتح كالزهرة), وحتى هنا توقف الأنموذج الخاص بتحويل الصحراء عموما نتيجة لتحول اعجاب العالم بالتنمية اليهودية في فلسطين, لكن سعود بن عبدالعزيز سرعان ما أثبت أن الأمر ليس مجرد مشروع، بقدر ما هو في غاية البساطة متعلق بالمواد المالية, وكان يحظى بتذوق خاص للمباني ذات الطابع الأنيق والحدائق المنمقة، وكان لا يزال وليا للعهد عندما أشرف على أول تجربة تتعلق بتطوير مدينة الرياض وتحديثها, وكان يقع على بعد ثلاثة أميال غرب المدينة بئر وحديقة الناصرية البالغ مساحتها أربعة أفدنة، والتي كانت المنتجع المفضل للملك عبدالعزيز في جولاته خارج المدينة أثناء فترة ما بعد الظهيرة.
وقد قرر سعود أن يؤسس لمكان يتلاءم مع منصبه الرفيع وآرائه الطموحة, فحفرت مزيد من الآبار العميقة في الجوار حيث كانت نتائجها مدهشة، وتمت زراعة أشجار الفاكهة وأشجار الزينة، المستوردة من أمريكا وغيرها من بلدان العالم، على أيدي خبراء البساتين الذين تم جلبهم من الهند وبخارى, وسرعان ما بدأ خبراء التشييد القادمون من الهند وسوريا في العمل على وضع القواعد الخرسانية الضخمة لقصر ملكي ضخم من طابقين, وفي خلال سنة أو سنتين كان ولي العهد يقوم فيه باستقبال ضيوف والده القادمين من شتى أطراف العالم وبقاعه, وكان معظمهم من بلدان يتناقض شظف العيش، الذي عانت منه بعد الحرب تماما مع الكرم الشخصي للصحراء العربية!
وسرعان ما تحولت حديقة البئر الصحراوية الصغيرة التي كانت مخصصة لزراعة البرسيم والقليل من أشجار النخيل بسرعة مذهلة إلى متنزه تبلغ مساحته مائة فدان من المروج الخضراء والأزهار اليانعة، والطرقات والممرات المشجرة، والأكواخ ذات الشجيرات المزهرة وبيوت زراعة البرتقال وبساتين الفاكهة والغابات المزروعة بأشجار الزينة، هذا بغض النظر عما تحويه من أحواض السباحة، وملاعب التنس وغيرها من النشاطات الترويحية, وكان يوجد بها أيضا، وبجوار القصر نفسه وحوله، مسجد ومدرسة أنيقة لأطفال الأسرة المالكة، بالإضافة إلى (استاد) لكرة القدم مجهز بمدرج للنظارة وكل ما يلزم.
وفي مرحلة لاحقة بعض الشيء تمت إضافة إحدى حدائق الحيوان إلى منتجعات حدائق القصر، لكي تستقبل بدورها أحد كبار الزوار القادمين إلى الرياض جوا، وقد كان هذا الزائر أسداً من أفريقيا!
لقد تناولت الناصرية بشيء من التفصيل، لأنها تمثل بلا شك الخطوة الأولى التي اتخذت قدما نحو تطوير مدينة الرياض وتحديثها, وقد أدى قيامها إلى ضرورة الشروع في عمل طريق يربطها بقصر المربع والمدينة من خلال أوتوستراد عريض من مسارين يفصله في الوسط خط من المساكب, ومنه يتفرع طريق جانبي آخر يؤدي إلى محطة السكة الحديد من أحد اتجاهاته، بينا يؤدي إلى المطار من الاتجاه الآخر.
وفي هذه الأثناء تفرع من هذه النواة للشوارع الرئيسية مزيد من الشوارع الحديثة التي انتشرت في كل الاتجاهات حول المدينة القديمة، وعبرها وإلى خارجها باتجاه القصر الصيفي في البديعة، وفي الممر الرئيسي لوادي حنيفة، وإلى غيرها من الحدائق والقصور الأخرى الخاصة بالأمراء، والتي سرعان ما برزت فجأة على هذا النمط الذي شيد عليها قصر الناصرية, ولاحقاً بعض الشيء شمل البرنامج الطرق الإسفلتية الواسعة التي جعلت الآن من الرحلة إلى الدرعية والخرج شيئا ممتعاً، بدلا من المعاناة التي كانت عليها أيام الصحراء القديمة, وقد تم البدء حديثا في عمل الطرق التي سوف تقوم تلقائيا بربط الرياض بكل من مكة المكرمة والخليج العربي، بصرف النظر عن المراكز السكانية الوسيطة الواقعة على امتداد هذه الطرق, ولكن مشروع مد خط السكة الحديدية إلى مكة المكرمة، عن طريق محافظة القصيم، والمدينة المنورة وجدة كان هو الشيء الوحيد الذي واجه تباطؤاً في تنفيذه، في الوقت الذي ظلت فيه مشكلة إصلاح خط سكة حديد الحجاز بين المدينة ودمشق ودون أدنى مبرر من المشكلات العالقة، بعد أن كانت تحظى بالاهتمام الفعلي لأكثر من ثلاثين عاما، وقد بدا أن الاتجاه يميل إلى تفضيل الطرق البرية على السكك الحديدية.
إن كيفية معالجة الوسط التاريخي للمدينة القديمة تعد بلا شك أمرا يتطلب قدرا كبيرا من الاهتمام والعناية، إذ كان واضحا أن عدم ملاءمة شوارعها الضيقة والمتعرجة لحركة المرور تمثل مشكلة حقيقية, ولكن من الغريب حقا أن أول ما خضع لعملية التكسير وإعادة الإصلاح من قبل سعود كان هو الجامع الكبير الذي يمثل حجر الزاوية في التاريخ الوهابي والذي يعد كذلك ممثلا لعقلية الوهابيين، بسقفه المسطح ومناراته القصيرة، وهو الذي أسند إليه أبوه، بوصفه ممثلا للأجيال القادمة، مهمة تحديث العاصمة السعودية وتطويرها.
وقد شرع في البداية (بتقطيعه إلى أجزاء) كخطوة أولى نحو تحديثه, وقد تم هدم المسجد المشيد من الطين، وعدد كبير من المنازل المجاورة له وسويت بالأرض, وأقام في مكانها المسجد الجديد المشيد من الخرسانة، بمنارتيه الاثنتين العاليتين وصفوف أعمدته الجميلة, وسرعان ما تبع ذلك قصر الإمام تركي القديم الذي تم تغييره بمبنى ضخم ذي تصميم على الطراز الأجنبي، ويحتوي على المساكن ومجمع للمحاكم، ومكاتب لحاكم منطقة الرياض، وصالات عامة فسيحة لاستخدام الملك في المناسبات الخاصة بالاحتفالات الرسمية، التي تتقابل عند هذه النقطة, وتفرعت منها الشوارع الحديثة في كل الاتجاهات.
وقد تم هدم المنازل الطينية القديمة الموجودة على اطرافها وإزالتها لكي تفسح المجال لقيام بديل لها من المنازل المشيدة من الطوب أو الخرسانة، كما تم أيضا هدم أسوار المدينة وإزالتها, وقد ارتفعت قيمة الأراضي في المدينة القديمة والأماكن المجاورة لها مباشرة بصورة رهيبة، وهناك حالة مشهورة تم فيها انتقال ملكية أحد المباني المطلوب من مالكه إلى المشتري بسعر وصل إلى 7000 ريال للمتر المربع، (أي حوالي 2000 دولار).
وفي الواقع كان المبنى التاريخي الوحيد الذي صمد أمام الرغبة في التحديث هو قلعة المصمك الشهيرة, التي تم تشييدها قبل مائة عام بواسطة عبدالله بن فيصل وريث عرش الإمام فيصل، والتي ما زالت تحمل على بوابتها الخشبية القديمة ذلك السهم المكسور الذي يعيد إلى الأذهان انتصار ابن سعود في عام 1902م، وقد كانت تستخدم حتى وقت قريب سجنا.
وقد تم استبدالها الآن بسجن جديد من نوع أكثر حداثة، ويبعد كثيرا خلف المنطقة التي يطلق عليها الآن (الرياض الجديدة)، وبجوار حديقة الحيوان الجديدة التي حلت محل حديقة الحيوان بالناصرية، لكي تريح حدائق ميادين القصر من الأعداد الضخمة من البشر الذين كانوا يرتادونها لمشاهدة القردة وغيرها من الحيوانات الأخرى، كالأسود والنمور والفهود والأفيال وأفراس البحر وغيرها.
أدى التطور السريع الذي حدث في حركة النقل الجوي والسكك الحديدية، بغض النظر عن السيارات، إلى جذب الزوار من شتى أنحاء العالم وبأعداد كبيرة تجاوزت حجم الترتيبات التقليدية المخصصة لاستقبال الزوار الحجاج والمعتمرين القادمين إلى الأراضي المقدسة, وبغرض توفير السكن لهم تم إنشاء ما لا يقل عن ثلاثة فنادق ضخمة من الدرجة الأولى في خلال الخمس سنوات الأخيرة، أحدها بجوار محطة السكة الحديد، والاثنان الآخران على طريق المطار الذي شيدت الحكومة عليه صفا من الأبنية الحديثة الضخمة بغرض استيعاب العديد من الوزارات المختلفة في مجالات الإدارة والمؤسسات العسكرية بما فيها كلية للقادة والأركان ومستشفى عسكري.
أما بالنسبة لصحة المجتمع المدني فقد كان يتم الإشراف عليها من خلال ثلاثة مستشفيات رئيسية، ومستشفى للتوليد، إضافة إلى العديد من المنشآت الصغيرة الأخرى, وبالنسبة لشباب المدينة فلم يكن لديهم أدنى شكوى فيما يتعلق بالمدارس بشقيها الديني والدنيوي، في الوقت الذي اكتمل فيه حديثا تشييد مدرسة داخلية جديدة بالقرب من قصر الناصرية، ومع أنه لم يتم تشغيلها بعد، لكن من المؤكد أنه عندما يتم ذلك فسوف تحتل مكانة مرموقة وسط أفضل الكليات في العالم من ناحية المرافق السكنية والتعليمية.
ويجب ألا يغيب عن بالنا أن نذكر جامعة الملك سعود الجديدة التي سجلت بداية نموذجية ومعقولة في منطقة الرياض الجديدة خلال العام المنصرم، وكذلك متحف الناصرية الذي اكتملت مبانيه لكنه لم يتسلم بعد الأشياء التي يجب عرضها فيه، والتي تم وضعها مؤقتا في المتحف الموجود بمدينة جدة.
وقد لا يتسع المجال لأكثر من ذلك من مجرد الذكر فيما يتعلق بساحة البلدية الجديدة والمكتبة العامة في الرياض الجديدة، أو فيما يتعلق بميدان سباق الخيل بمدرجه الجديد، أو بالنسبة للعديد من ميادين كرة القدم وغيرها من التسهيلات والمرافق الترويحية، أو الحدائق الغناء التي يجد الناس فيها متنفسا للخروج من المباني الحديثة، والتي تم وضعها في العديد من الأماكن والنقاط المختارة, وكل ذلك يوضح أن هناك اهتماما بالغا من قبل السلطات المحلية، وتحت إشراف الملك نفسه وتوجيهه،فيما يتعلق بتلبية احتياجات المدينة الحديثة ومتطلباتها البالغ عدد سكانها حوالي 300,000 نسمة، والتي تغطي مساحة تبلغ حوالي مائة كيلومتر مربع، وتمتد في كل الاتجاهات بدءا من (قلب الجزيرة العربية) السابق والبالغ مائة فدان.
وإنه لمن نافلة القول أن نذكر أن مشكلة الإمداد بالمياه لهذه الرقعة الضخمة لم يتم تجاهلها، فكل هذه المساحة مغطاة بشبكة من الأنابيب التي تقوم بجلب المياه من موقعين في وادي حنيفة, وبالإضافة إلى ذلك فهنالك الآبار الأصلية التي تم تشغيلها حاليا بالمضخات الرافعة، إضافة إلى العديد من الآبار الارتوازية ذات المخزون الجيد من المياه.
وتشير الإحصاءات التقليدية إلى أن الاستهلاك اليومي من المياه في الرياض الجديدة لا يمكن أن يقل عن عشرة ملايين جالون يوميا.
نخلص من هذا إلى أنه مع أن الملك سعود نفسه هو الذي مهد الطريق إلى تحديث عاصمته وتطويرها عندما قام بتشييد قصره الصيفي ومنتجعات الناصرية لكن من المحتمل أنه لم يكن يعد تلك المحاولة أكثر من كونها تجربة للتمهيد والتحضير لأشياء أعظم من ذلك, وعلى أية حال لم تمض سنوات كثيرة على ذلك حتى تشجع وأمر بإزالة البنيان بأكمله لإفساح المجال لتشييد قصر جديد يكون أكثر تمشيا مع مكانة المملكة التي انشأت لنفسها مكانة مرموقة في المحافل الدولية.
ويجب الاعتراف بأن أجمل مجموعة من المباني في الرياض الجديدة هي مجمع قصر الناصرية الجديد، كما يشاهد من مكان مرتفع يقع في الطرف الشرقي من حديقته ذات الأشجار الطويلة, وقد كانت المادة المستعملة دائما هي الخرسانة المائلة إلى اللون الرمادي، والتي كانت تنسجم بسهولة مع خضرة الحدائق، وتعطي انطباعا بأنها نوع من الحجر الرملي, وفي الوسط كانت تقع كتلة القباب المسطحة التي تشكل قصر إقامة الملك الذي تحف به الحدائق الغناء، وتزينه البحيرات الاصطناعية والأشجار المزهرة, وعند واجهته اليسرى يقع الديوان الملكي (الذي يضم مكاتب السكرتارية وصالة المقابلات، وصالة الطعام)، وكذلك الجامع الكبير والمتحف، بينما تقع في الواجهة اليمنى قصور نساء البلاط.
وإنه ليحق القول إن الملك سعود حاز بكل امانة وجدارة لقب (أستاذ العمران)، وما الرياض التي نراها اليوم، وبكل تأكيد، إلا من معالم إنجازاته، حتى لو كان ما لا يزيد على نصف دستة من الأوروبيين قد تشرفوا برؤية المدينة المسورة القديمة الخالدة الذكرى قبل أن أراها، فإن عشرات الآلاف قد حظوا بكل سرور بقياس مدى التطور الذي حدث منذ تلك الأيام الغابرة, وبكل لطف، لقد تغير النظام القديم، وأفسح المجال للجديد، وإن الله يوفي وعده بعدة وسائل، خشية أن يؤدي تقليد جيد واحد إلى إفساد العالم .
وحتى لو تجاوز التحول الطبيعي لمدينة الرياض أبشع أحلام أولئك الذين كانوا يعرفونها قديما، فإن ذلك قد اقترن بثورة اجتماعية وروحية كانت مدهشة كثيرا حتى بالنسبة لأولئك الذين يعرفون الرجال الذين أقاموا المملكة العربية السعودية، وإنه لمن البدهي أن المذهب الديني والتعصب الذي كان يميز ذلك الجيل، لا يمكن أن نتوقع له أن يحترق بصورة مبهمة تحت الحرارة البيضاء أثناء استهلاكهم امداداته الوقود الموجودة بمتناول أيديهم, ولكن يجوز أيضا أن نوجه سؤالا عن كيف تم كل ذلك؟ ولماذا؟ وقد طرح هذا السؤال على أحد أفراد الأسرة المالكة المسؤولين، والذي كان يوما ما من أشدهم تزمتا, وقد كانت إجابته عنه في الصميم ومقنعة للغاية، إذ قال: لقد توسعنا , وقد كانت هذه بالضبط هي الكلمة الصحيحة.
لقد تغيرت النظرة الروحية المتسمة بالطهر، والتي كانت سائدة في فترة الوهابيين، والتي انتهت في اليوم الذي قام فيه الأمريكيون باكتشاف النفط بكميات تجارية، أي قبل مضي عشرين سنة، وحلت محلها نظرة متحررة ومتسامحة في مواجهة المشكلات العالمية ومشكلات المملكة العربية السعودية.
وقد أوردت (الموسوعة البريطانية مجلد 11/1910 ) تعريفا للمتحرر على النحو التالي: هو الشخص الذي يكون مستعدا ليبدو أكثر تسامحا وتحررا في المسائل الخاصة بالانضباط والعقيدة ، مضيفة أن الكلمة تتعلق بأولئك الذين يمارسون ضغطا على التعليم العرقي للكنيسة، ويقللون من قيمة العقيدة الأرثوذكسية , ويعرف (قاموس أكسفورد المختصر Concise oxford Dictionary) كلمة تحرر بأنها (الانعتاق من ضيق الأفق، وحرية التفسير، والاختلافات المقبولة في التصرف أو الرأي وخاصة في المسائل الدينية).
وكلا التعريفين ينطبقان بصورة حرفية على التحول الأخلاقي الذي حدث في المملكة العربية السعودية، وخصوصا في مدينة الرياض التي تعد عاصمة الوهابية، فمنذ عام 1912م فصاعدا، ولمدة تقارب الثلاثين عاما، كانت مجمل حياة البلد ونشاطاته تخضع بصورة صارمة للاحكام الشرعية, وعندما تحين أوقات الصلاة يتوقف كل عمل، وتغلق بوابات العاصمة في وجه كل حركة الدخول أو الخروج ويتوجه كل القاطنين من الرجال إلى المساجد، ويتم حث المتلكئين على الطريق بواسطة الفضوليين من الناس وأحيانا يتم ذلك بالصورة البدنية بواسطة (المطاوعة) الذين يكون لزاما عليهم التأكد من أن كل رجل يقوم بتأدية صلاته بالمسجد إنفاذا لقوله صلى الله عليه وسلم (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد).
وفي تلك الأيام كان كل شخص يقيم بجوار أحد المساجد! أما اليوم فقد تغير كل ذلك، نعم ما زال المطاوعة موجودين للتأكد من أن أبواب المحال التجارية قد أغلقت أثناء أوقات الصلاة، وأن هناك أعدادا كافية من المساجد لمقابلة الارتفاع المتزايد في عدد السكان، لكن لم تعد هنالك بوابات يتم إغلاقها، كما أن الحشود المتلاطمة صارت أكبر بكثير من أن يستطيع الرعاة سوقها في الاتجاه الصحيح, وعندما يكون الناس عائدين إلى منازلهم في ساعات الذروة يكون من النادر ألا نلاحظ انطلاق أجهزة التنبيه والصيحات المتلاحقة أثناء حركة السير, وبالإضافة إلى ذلك فقد توقف اعتبار أداء الصلاة في وقتها شيئا إلزاميا.
ففي تلك الايام كان من المفترض أن يكون كل شخص منتميا إلى المذهب الوهابي, وحتى بالنسبة للمسلم الأجنبي كان عليه الالتزام بالمبدأ فيما يتعلق بالملبس والمظهر, أما بالنسبة للنصراني فقد كان مطلوبا منه ارتداء الزي العربي في الرياض، وفي الصحراء (كان الملك يقوم عموما بتوزيع أزياء كاملة في شكل هدايا على الزوار من أية فئة), وقد أدى مشهد ظهور الأمريكان الأوائل الذين قدموا لزيارة المدينة (في مهام تجارية) وهم يرتدون الأردية القصيرة، بصدورهم العارية وقبعاتهم المستقدمة الطويلة (أو رؤوسهم المكشوفة) إلى خلق نوع من الحساسية، بل حتى الاستياء.
وكل هذا قد تغير وصار الواحد يشاهد الآن في الأسواق العديد من الناس، إن لم يكن أغلبهم, وهم يرتدون الزي الأوروبي بالقدر نفسه الذي يشاهد فيه الزي العربي, وإنه ليعد محمدة للأسرة المالكة، ولأبناء الطبقة العليا والوسطى ذوي الأصول الوطنية أنهم باستثناء الخف أو الصندل لم يقوموا على أية حال حتى الآن بالعزوف عن ارتداء الملابس العربية الأصيلة والجميلة, (صارت الأحذية والعالية الساق منها البوت والجوارب يتم ارتداؤها الآن تقريبا بواسطة كل شخص باستثناء الأشخاص التقليديين من كبار السن), كما صار كل أفراد الجيش والشرطة يرتدون الزي الرسمي الأوروبي، مع أنهم لم يتوصلوا بعد إلى إجماع ثابت فيما يتعلق بغطاء الرأس.
وعندما بدءوا أولا بارتداء الزي الرسمي كان قد تم الإبقاء على غطاء الرأس التقليدي إلى أن تم اكتشاف أن (البيريه) (أو القبعة) تتسم بكل الصفات المتميزة للعقال، إذا تم وضعها بصورة سليمة على الغترة، لكن ذلك كان هو المحك, وسرعان ما تلت الغترة العقال في نسيانها, ومع أن الطاقية مازال يتم ارتداؤها حتى داخل البيوت وفي المساجد، وحتى داخل قاعات طعام البعثة العسكرية الأمريكية حيث يكون المضيفون كاشفي الرأس، بينما تظل رؤوس الضيوف مغطاة.
أما العقبة الوحيدة التي واجهتهم حتى الآن، فتتمثل في قبعات الرأس الموشاة بالذهب، والخاصة بضباط هيئة الأركان والذين يكونون عاملين في خدمة المساجد، إذ يقوم بعضهم بخلعها طوال مدة وجوده هناك، بينما يقوم بعضهم الآخر بلفها مع الشارة الموجودة في المقدمة حول العنق، لكنهم جميعا يرتدونها عندما يجلسون على مائدة الملك, وبطبيعة الحال فإن الضباط الزائرين من الدول المجاورة يقومون بخلع قبعاتهم بالداخل، عندها يواجه الضابط السعودي بمشكلة حساسة لا شك في أنها ستجد طريقها إلى الحل على المدى الطويل.
لقد كان للنفط تأثير مضاعف على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية, ففي المقام الأول أدى الثراء الناجم عنه إلى خلق نوع من الرغبة في الاستمتاع بوسائل الراحة و(التقدم) على النهج الغربي وكذلك بصورة ملحوظة في أوساط الأمراء والمواطنين الميسورين.
فاعتادوا على الأسفار الخارجية وارتداء الملابس الأجنبية ومزاولة وسائل الرفاهية الأجنبية بجميع أنواعها، في الوقت الذي كانت فيه هذه الممارسات محظورة في وطنهم، مع أنه لم يكن هناك عزوف كامل عنها في الحياة الخاصة داخل المنازل، حيث بدا شبح التحرر الأنثوي، شيئا فشيئا وبصورة بطيئة، يغزو المسرح.
وقد شكلت السيارة، بما زودت به من تجهيزات للرحلات البرية، عاملا مهما وقويا باتجاه التطور، ويبدو أنه وبمرور الزمن، سوف يغدو النهج الغربي في الحياة شيئا عاما ومنتشرا في المملكة العربية السعودية، كما هو الحال في شقيقاتها من الدول المجاورة لها.
وفي المقام الثاني قام النفط بجذب أعداد ضخمة من المهاجرين من تلك البلدان المجاورة، لدرجة أن التركيبة السكانية للمدن قد تغيرت كثيرا رغم كل الاعتبارات, فقد يكون هؤلاء النازحون من طبقة الموظفين والعمال الباحثين عن عمل، أو من فئة التجار وعمال المتجر الباحثين عن المكاسب السهلة، أو من أرباب الصناعة المهتمين بالعمل في فرص الإنشاء أو تطوير المصانع, وفوق كل هذا كان هناك مجموعة من معلمي المدارس والخبراء الفنيين من كل الأنواع، الذين كانوا يمارسون تأثيرا قويا نحو طرح النهج الغربي أمام الأجيال الصغيرة الناشئة.
وعدا بعض الاستثناءات، فقد كانوا جميعا يرتدون الأزياء الأوروبية، بل كانوا بالتأكيد غير مختلفين عن الغربيين في طريقة حياتهم، وكانوا يرتادون المطاعم والمقاهي التي تعد نسبيا من الأشياء الجديدة على الرياض، التي كان الاعتقاد السائد فيها سابقا أنه من غير اللائق الأكل في الأماكن العامة.
وصارت نساؤهم يتجولن بكل حرية داخل الأسواق، متى ما سنحت لديهن الفرصة للقيام بالتسوق أو الزيارة أو ما شابه ذلك، وهن يرتدين خمار الوجه والأزياء الأكثر شفافية من تلك التي يرتديها نساء البلد, أما بالنسبة للنساء الغربيات، فقد كن في حل تماما من أي حظر فيما يتعلق بالملابس التي يرتدينها، كما كانت الممرضات القادمات من البلدان المجاورة يلبسن بطريقة يقلدن فيها الأوروبيات، وهن سافرات الوجه، ويرتدين تنورة قصيرة مع جوارب من النايلون أو بأرجل عارية،إضافة إلى أحذية انيقة بكعب عال.
وحتى نوفي هذا الموضوع حقه بالكامل، فإننا سنكون بحاجة إلى مجلد، ولكن ربما كان ما ذكرناه كافيا لإلقاء الضوء على مدى عمل التمازج الغربي في التأثير في الغالبية العظمى من بلدة كانت يوما ما معقلا رئيسيا لأحد أكثر المذاهب تعصبا في العصور الحديثة، فلم يستطع أي من كوابحها أو أساليب الحظر المتبعة لديها أن تقف في وجه أساليب التطور الحديثة, وحتى مع تلاشي الأجيال القديمة فإنني أشك كثيرا فيما إذا كان سيبقى بعدها أي أحد يمكن أن يراوده التفكير في أن يذكر بالخير تلك الأيام الخوالي، أم يأسف على الاختفاء أو الزوال الكامل تقريبا لما يمكن أن يوصف دون تردد بأنه واحد من المذاهب الدينية المشهورة.
إنه لمن الغريب أن نفكر على هذا النحو، لكن لو لم يكن هذا المذهب لما كانت المملكة العربية السعودية قد ولدت على الإطلاق!

الهوامش:
(1) نشرت هذه المقالة في مجلة الشرق الأوسط Middle East Journal المجلد 13، ربيع 1959م, وهذه المقالة آخر مقالة علمية يكتبها فيلبي عن العاصمة الرياض.
(2) لقد سبق أن أشرت إلى أن الكتاب الغربيين يطلقون على الخليج اسم الخليج الفارسي وهي تسمية اعتادوا عليها منذ القدم، وهم بذلك يجانبون الحقيقة فهو عربي أكثر منه فارسي, ولذا فقد قمت بإحلال لفظة الخليج العربي بدل الخليج الفارسي أينما وجدت.
(3) عن رحلة بلجريف إلى الرياض وما دار حولها من نقاش وعن وصفه لمدينة الرياض انظر بحثنا عن هذا الموضوع المنشور في مجلة التوباد المجلد الأول العدد الرابع شوال 1408ه/ يونيو 1988م.
(4) قام بترجمة هذه الرحلة إلى اللغة العربية كل من الدكتور عبدالرحمن الشيخ والدكتور عويضة الجهني بعنوان رحلة بلي إلى الرياض طبعت في مطابع جامعة الملك سعود.
(5) ترجم هذه الرحلة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية منصور محمد الخريجي بعنوان عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل مكتبة العبيكان بالرياض 1419/1999م.
(6) لم تقتصر معالجته لأفراد الأسرة المالكة، بل قام بعلاج كثير من الناس من سكان الرياض وخارجها ولعله أول طبيب أوروبي يقدم إلى الرياض في عهد الملك عبدالعزيز, (المترجم).
(7) مات فيلبي وهو الوحيد الذي استمر على رأيه في التشكيك في مصداقية رحلة بلجريف وهذا الرأي لا يخلو من التطرف ولا يستغرب أن يستشهد بالسيدة الدكتورة جاكلين بيرين فهي صديقته وشريكته في كثير من الآراء، وظلت كذلك إلى حين وفاتها في أواخر الثمانينيات أو مطلع التسعينيات، ولم تكن آراؤها حول رحلة بلجريف إلا صدى لآراء زميلها السيد فيلبي, وقد ترجم قدري قلعجي كتابها المشار إليه بعنوان اكتشاف جزيرة العرب .
(8) ماذا عسى السيد فيلبي سيقول لو رأى ما هي عليه الرياض الآن، ومدى توسعها المذهل الذي فاق كل توقع حيث تضاعفت مساحتها أمثال المرات عما شاهدها فيلبي في نهاية الخمسينيات وذلك التوسع الذي كان محل ذهوله حينذاك.
(9) توفي عن عمر يبلغ (76) سنة، بينما كتب هذا المقال في 24/2/1959م.
(10) يقصد بالارسال الإذاعي هنا البرقية والهاتف اللاسلكي التي أنشئت في التاريخ الذي أشار إليه، أما الارسال الإذاعي بالمفهوم الحرفي للاذاعة فلم تؤسس الإذاعة في الرياض إلا في مطلع عام 1384ه/1964م.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

الحدث صورة

رياض الثقافة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.