Saturday 22nd January, 2000 G No. 9977جريدة الجزيرة السبت 16 ,شوال 1420 العدد 9977



وزير المعارف معقباً
مراكزنا بديل للدروس الخصوصية ,, والقناة التربوية قادمة

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
الأخ الأستاذ خالد بن حمد المالك حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت باهتمام مقال الأخ الكاتب الأستاذ/ إبراهيم الناصر الحميدان بعنوان نعم للدروس الخصوصية المنشور بجريدة الجزيرة العدد 9957 في 25/9/1420ه.
وتأملت ما جاء فيه كثيراً، وأود في البداية أن أؤكد لكم أيها الأخ الكريم انني أشد ما أكون سعادة وغبطة عندما أرى أحد المخلصين من أمثال الكاتب القدير إبراهيم الحميدان قد جرد قلمه للكتابة الهادفة، وأعمل عقله وفكره المنطلق من رؤى وطنية وأمينة، والتي هي من أشد لوازم التكاتف والمشاركة الفاعلة للنهوض، والاستفادة من الأفكار في تطوير الواقع التربوي للأفضل دائماً، لأنني من أشد المؤمنين بأن الرأي إلى الرأي دعامة,, والفكرة إلى الفكرة تجربة ناجحة.
وعندما خلصت من قراءة المقال أحلته مباشرة إلى زملائي المسؤولين بالوزارة للاطلاع عليه ، ودراسة ما جاء فيه، وأود أن أطمئن الاخ الزميل اننا في وزارة المعارف لا نشعر بضيق من رأي أو مشاركة، بل دائماً نرحب بكل نقد بناء، ونحث عليه ، انطلاقاً من قناعتنا بالمسؤولية الجماعية للعمل التربوي.
وأجدد الدعوة من خلال حواري هذا لكل زملائي التربويين المثقفين وكل المهتمين بقضايا التربية والتعليم أن يكتبوا، ويتواصلوا معنا، سواء من خلال الصحافة المحلية ووسائل الإعلام، أم من خلال التبادل البريدي الذي هو في حقيقته ليس مجرد تراسل كما قد يتصوره البعض، بل ان له أبعاداً علمية، واجتماعية، وعملية في غاية الأهمية، ينبغي أن نتخذها منهجاً جديداً في التواصل الحديث,, ذلك أن شعارنا في وزارة المعارف هو: العمل الجماعي القائم على المصارحة والمكاشفة، التي تهدف إلى رفع مستوى الأداء، والارتقاء بالتعليم، الذي تعود نتائجه في الأساس على الوطن وأبنائه.
وأبشركم يا أخي العزيز ان مستوى التعليم في وطننا من حيث الأداء والمحتوى يبشر بالخير والحمد لله ولا نستطيع أن نهضم حقوق المعلمين الأمناء الذين يؤدون أدوارهم الريادية في المدرسة والمجتمع بشكل مشرّف، نتيجة لحالات معينة، وتصور قد يكون نابعاً من موقف معين، أو شعور بعاطفة حدثت بسبب حادثة ما، وقد زارنا في وزارة المعارف خبراء، ووفود من دول عربية، وعالمية وهم يرون ان تجربتنا في التعليم مماثلة لما هو موجود في كثير من دول العالم,وقد أشار المقال إلى أن بعض المواد الدراسية العلمية تحتاج إلى التركيز,, إلى آخر ما جاء في هذا الجانب كالرياضيات وغيرها من المواد العلمية، والواقع ان هذه المناهج وغيرها,, تخضع لعملية متابعة وتحديث بشكل دائم، في ضوء سياسة التعليم في المملكة التي تتسم بالمرونة والشمول لكل المتغيرات العصرية، ويعمل في الأسر الوطنية المعنية بمتابعة وتحديث المناهج مختصون من: معلمين متميزين، أساتذة جامعات، ومسؤولين من الاشراف التربوي، ومسؤولين من المناهج، وكلهم نحسبهم والله حسيبهم من أكثر التربويين كفاءة، ومقدرة، ومعرفة باستعدادات الطلاب العقلية والجسمية في جميع المراحل، وقدراتهم على التحليل والربط، ومعرفة بطرق الحصول على المعلومة، والأخيرة تعني أننا نحاول من خلال مدارسنا ومعلمينا بمساعدة أولياء الأمور الغيورين على مصلحة أبنائهم أن ننمي في الطالب الاعتماد على النفس، ونعرفه بطرق البحث عن المعلومة وتحليلها، ولا نحبذ الطرق التقليدية التي لم تعد تواكب مرحلتنا الحالية، تلك الطريقة القائمة على المعلم الذي يقتصر دوره على الارسال من طرف واحد، إذ اننا نسعى من خلال مناهجنا المطورة الحالية التي أقرت في كثير من الكتب الحديثة ومنها الرياضيات إلى القضاء على هذه النظرة القاصرة للتعليم والتعلم, كما أن مشروع التطوير الشامل للمناهج سوف يكون بوابة جديدة للدخول بتعليمنا إلى مرحلة أكثر وعياً، ومقدرة على اكتشاف المواهب وتنمية القدرات,غير أن الآباء بدافع عاطفة الأبوة، وحرصهم الشديد على مستقبل أولادهم قد يلجأون كما أشار الزميل إلى الدروس الخصوصية التي يقوم بها من ليسوا في الميدان، أو من أصحاب الخبرة التعليمية، ظناً منهم أنها الطريق الأقصر لتحقيق النجاح لأبنائهم، ومن النادر جداً أن نجد آباء يبحثون عن معلمي دروس خصوصية لتحقيق التفوق، لأن التفوق صفة لا تكتسب نتيجة لهذا الاعتقاد أي من خلال الاعتماد على الدروس الخصوصية ولكن في تصوري أن هناك قصوراً واضحاً في فهم العلاقة بين البيت والمدرسة عند هؤلاء، اذ يتصور الأب أن السبيل الى التفوق هو حشر المعلومات في ذهن الطالب، ليحصل على أعلى الدرجات، وهذا وإن كان حقاً من حقوق الآباء وأولياء الأمور إلا أن النجاح لمجرد النجاح ليس هدفاً، ولا علاجاً لضعف الطلاب دراسياً، لأن الدراسات والتجارب أكدت أن تعلم الطالب للنجاح لا يحقق التفوق، ولا يثبت المعلومة في ذهنه، والدروس الخصوصية التي تقدم للطلاب هي ببساطة: وسيلة خاملة لتحقيق نتيجة هزيلة، ولا نرجوها لطلابنا، وليست الوسيلة المضمونة لتحقيق النجاح في الحياة العامة، إذ تعلم الطالب الكسل والخمول، والاعتماد على الغير، وبالتالي تربي فيهم عدم الثقة في النفس.
لكن عملية التعلم في حقيقتها تقوم على التفاعل بين المعلم وطلابه، واستثمار الدرس لإثراء حصيلة الطلاب المعرفية، من خلال النقاش، والحوار، وابداء الرأي العملي، والطرق الأكثر فاعلية، وخصوصاً في مرحلة التعليم الثانوي التي يصل فيها الطالب الى مرحلة من العمر هو أشد ما يكون فيها حاجة إلى نتائجها التي لا تخفى على التربويين والآباء.
ولو أدرك بعض أولياء الأمور أن التزام الطالب، وحضوره الذهني، وتفاعله مع معلمه، وانتباهه في الدرس، وسؤال معلمه عما يشكل عليه مع استعداداته الشخصية وقدراته، ومتابعة المنزل، وأن هذا هو الطريق الأقصر والمضمون بإذن الله لتحقيق النجاح لطلابنا عموماً، والتفوق لمن أعطاه الله القدرات التي تؤهله لتحقيق نتائج ممتازة يتطلع إليها كل ولي أمر، لما لجأ أحد إلى الدروس الخصوصية.
لقد أودع الخالق تبارك وتعالى في كل إنسان ملكة، وربما ملكات عديدة تحتاج إلى من ينقب عنها وينميها، لا يئدها قبل أن ترى النور، بحجة التخفيف عن الأبناء، ومساعدتهم على النجاح بأيسر السبل من وجهة نظر الأب ولكنها في حقيقة الأمر قتل للطموح والحماس والثقة في النفس، التي تعين الفرد على تحمل أعباء الحياة في المستقبل دون اعتماد على أحد.
والحقيقة ان الغالبية العظمى من الطلاب لا يتجهون إلى الدروس الخصوصية لأنهم يحققون شروط التعليم والتعلم، ولا يستنكفون عن التفاعل الايجابي مع معلميهم، ويدركون أن التفوق لا يأتي إلا بالجد، وبذل الجهد، والمثابرة, أمر آخر أشار إليه المقال، حيث طالب الأستاذ الحميدان بشطب المواد النظرية وهي في حقيقتها أساس لغيرها من المواد العلمية، فهي كالجسد الواحد، الذي لا يمكن أن نستغني عن أحد أعضائه لوجود غيره، مهما كانت درجة كفاءة العضو الموجود وأهميته، وإلا أصبح مشوهاً معاباً، يصعب عليه أداء مهماته كما ينبغي، وهذه حقيقة قد لا تحتاج إلى مزيد ايضاح، ولا أعتقد ان الكاتب يعنيها بشكل مباشر، لكن ما أؤكد عليه أن المواد النظرية هي التي تدعم الثوابت لكي يعلو البنيان ويصمد في وجه التحديات وعوامل التعرية، ومناهجنا ولله الحمد قائمة على الدين الحنيف، الذي نستمد منه قوتنا وكياننا، الذي نتشرف بالانتماء إليه، ولغتنا العربية الأصيلة التي من أبسط حقوقها علينا أن نلم بها إلماماً كاملاً للمتخصص وغيره، فهي لغة القرآن الكريم ولساننا وهويتنا، التي تقوم عليها بقية العلوم، والمواد النظرية تاريخ وحضارة وجغرافيا ووطنية,, وفي الوقت الذي نؤكد فيه هذه الحقيقة، ونتمسك بها في مدارسنا، وحرصنا على تطويرها، فإننا لا نقلل أبداً من شأن المواد العلمية، بل نحن على يقين ان عصرنا هو عصر الثورة التكنولوجية وعصر المعلومة السريعة، عصر الإنترنت، والقرية الكونية.
إننا أخي الفاضل لا نستطيع أن ننكر أهمية الجرعات المنشطة للتحصيل الدراسي للطالب الذي يتعرض لظروف تحول دون تحقيق النجاح والتفوق، وبالتالي فإن اعطاء دروس تقوية بأسلوب تربوي مدروس، وفي اطار واضح من حيث: الرسوم المالية التي لا ترهق ولي الأمر، وتحقق النفع للطالب الذي يحضر هذه الدروس في مجموعات مع زملائه، وعلى مرأى من مدير المدرسة والمشرف التربوي,, لها بعض العوائد على التحصيل، لذلك فقد أنشأت الوزارة المراكز التربوية الملحقة بادارات التعليم، وهي البديل التربوي للدروس الخصوصية التي من شأنها تكميل جوانب النقص لدى بعض الطلاب بأجور رمزية، لا تستنزف مدخرات الأسرة ،ولا تقدم الوجبة للطالب دون أن يسهم في صناعتها، وهي تؤدي دورها بشكل طيب.
ولعلي أشير هنا إلى أن مدارسنا بحمد الله تزخر بالعديد من المعلمين المخلصين الذي يقدمون هذه الدروس لطلابهم بالمجان، وقد وقفت شخصياً على العديد منهم، وفي لقائي بنخبة من المعلمين المتميزين مؤخراً أحسست فيهم أنهم ينظرون إلى التعليم على أنه رسالة، وأنهم ليسوا مجرد طلاب وظيفة.
ووزارة المعارف لديها مجموعة من البرامج التطويرية للعملية التعليمية، ومن ذلك اقرار مادة الحاسب الآلي في المرحلة الثانوية، وتوجهنا الذي نعمل عليه حالياً بتعميمها في المدارس الابتدائية والمتوسطة، بمتابعة ودعم شخصي من سمو ولي العهد المعظم حفظه الله واحد من ثمار ما تتمتع به من شفافية ومرونة للتعامل مع مستجدات العصر، ومن ذلك أيضاً: مشروع ربط المدارس بشبكة من الحاسب الآلي، الذي سوف يصل ادارات التعليم بالوزارة، والمدارس ببعضها وبالوزارة، كما يجري الاعداد لتنفيذ مشروع الاتصال عبر الفيديو Video conerencing أو الانترنت لتنفيذ برامج تدريبية موسعة يشارك فيها أكبر عدد من المعلمين، وسيكون وسيلة لنقل الخبرات وتبادل الأفكار، وكل ذلك بهدف ايجاد التطوير الذي ننشده جميعاً, من جانب آخر فقد بدأت الوزارة في خطوات جادة لانشاء قناة تربوية،تكون عوناً للأسرة التعليمية لتقديم دروس تعليمية قائمة على أسس علمية وتربوية، وقد تم التنسيق مع وزارة الإعلام لاعداد دروس منهجية تبث في القناة الأولى من التلفزيون السعودي، وينتظر أن نرى نتائج هذا التعاون بين الاعلام والتربية خلال الفصل الدراسي الحالي بإذن الله.
أكرر شكري وتقديري لجريدة الجزيرة، التي تفسح صفحاتها لكل رأي ومشاركة بناءة، وأجدد الدعوة للأستاذ الحميدان وكل الزملاء التربويين والمثقفين لمزيد من التواصل الحضاري.
وكل عام وأنتم بخير.
أخوكم وزير المعارف
محمد بن أحمد الرشيد

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

الحدث صورة

رياض الثقافة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.