Saturday 22nd January, 2000 G No. 9977جريدة الجزيرة السبت 16 ,شوال 1420 العدد 9977



مدفع العيد ومدفع وفاة أبي مالك

يعتبرالعيد من الأيام الخالدة والمناسبات السعيدة التي يحتفل بها المسلمون ويستقبلونه ببهجة وفرح عارم، وذلك منذ أن تبدأ المدافع من ليلته بهز أرجاء المدن إيذانا وإعلانا بحلول العيد بجماله وسروره, ولكن في هذه السنة تزامنت وتداخلت مع مدافع العيد مدافع أصمت آذان كل من سمعها ومن سمع بها سواء في مدينة بريدة أو خارجها حيث انعقدت معها الألسن وارتجفت لها الأفئدة، فقد حملت بصوتها المهيب أمرا لم يخطر على بال، ولم يتصور في خيال، ذلكم هو تعرض محمدبن ابراهيم النغيمشي لحادث مروري وهو في طريقه عائدا من مكة المكرمة ووفاته في ذلك الحادث.
فتباينت نوعية التفاعل فيما بين الصوتين الأول بالسعادة والفرح والسرور والآخر بالحزن والوجوم والذهول المأطور والمقنن بالتسليم بقضاءالله وقدره, لقد انتقل محمد النغيمشي وودع هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية على حال وخاتمة الجميع يغبطه عليها بعد أن أدى عمرة في رمضان بارا بوالدته التي كانت في صحبته مستقدما شفيعته ووحيدته التي رحلت بمعيته وكأنه كان يصر على أن ترحل معه عندما تناولها في منتصف الطريق وضمها إلى صدره ليرحلا سويا.
رحل أبو مالك فانطفأ أحد القناديل التي تضيء للشباب طرقهم المظلمة, رحل الذي تميز وامتاز بمزية كانت هي أحد أسرار حب الناس له، ألا وهي إشعاره لكل من يتحدث أو يتعامل معه أنه يبادله الشعور ويعيش حالته ويحمل همه صغر ذلك الشخص أم كبر، فاحتوى الجميع وخرج كل واحد يوقن أنه الصديق الذي لا يعلو غيره مرتبته في قلب أبي مالك.
رحل الذي كانت أمنيته منذ صغره ارتداء الزي العسكري والذي نسأل الله عز وجل أن يلبسه سندسا أخضر واستبرقا في دار كرامته.
رحل الذي نذر نفسه لإصلاح شباب أمته بحيه ومدرسته وكل من لقيه حتى حرم نفسه متعة إجازته الصيفية ثانيا ركبتيه موجها ومرشدا ومربيا في المراكز الصيفية, يتأجج حماسا، ويتفاعل أداء، فيجني من وراء ذلك استقامة وصلاحا كل ذلك أمانة لدينه، ونصحا لأمته، وهماً جعله من أولويات مشاغله.
رحل الذي بنبل مشاعره وعظيم إحساسه وبالغ إنسانيته، عز على نفسه مرض ومعاناة شقيقه فجسد لأمه وأمته معنى الأخوة والتضحية بأن قرر بطوعه واختياره بل وإعلال حاله التبرع بعضو من أغلى وأنفس أعضائه عندما تبرع بكلية لأحد أشقائه.
رحل الذي سأظل أعض أصابع الندم ما حييت على عدم مصافحته والحديث معه عندما حرمت نفسي من عناق الوداع له وذلك حينما رأيته في سطح الحرم المكي بعد صلاة الفجر لابسا غترة بيضاء وجالسا القرفصاء بعد موجة هواء بارد يتلو كتاب الله عز وجل, ولكن عزائي لنفسي أنني انصرفت عنه خجلا من مقاطعته وهو يقرأ كلام ربه, وليتني ,,, (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير),في الأخير بودي أن أستأذن والدته بكلمات أقول لها فيها: لا نولمك بالحزن على فراق ابنك البار والذي قضيت لعمرتك وهو ممسك بيدك يسمعك الدعاء ويرشدك للفعل الصحيح ولكن لتعلمي أن محمدا بوفاته قد ظهرت بشارته العاجلة (أنتم شهداء الله في الأرض) فهو قد انضم إلى أخبار وفاة الصالحين فوفاته تنازعها الحزن على فراقه والفرح بعطر سيرته والتزامه، وإعلمي وتيقني أن حزنك حزن الجميع وفقيدك فقيد الجميع,, وهنا لابد أنه تبادر إلى ذهنك وجال في خاطرك أنك أنت أمه وهو ابنك ولا يمكن أن يساوي عظم مصيبتك على فراقه كائن من كان.
وهنا لا يغيب عنك قول الباري عز وجل: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء,,,) نسأل الله أن يجمعك به في دار كرامته فاصبري ولا تجزعي ولا تجعلي الحزن عليه يتغلب على الفرح له وأنت مأجورة إن شاء الله (,,, وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون, أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
فاحمدي الله على ما لابنك من حميد الخصال وما كان عليه من الاستقامة والالتزام وحسن الختام.

يا رب نحسبه وأنت حسيبه
عبداً مطيعاً دينه التوحيد
بحواصل للطير فاجعل روحه
ليطير في الجنات حيث يريد
عبدالرحمن الحنايا
بريدة


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

الحدث صورة

رياض الثقافة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.