Sunday 23rd January, 2000 G No. 9978جريدة الجزيرة الأحد 17 ,شوال 1420 العدد 9978



عامٌ ثقافي واعدٌ ومميز
بقلم معالي : الدكتور / فؤاد عبد السلام الفارسي

لقد كان وما يزال موضوع اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000م محل اهتمام الكثير، فمنهم من يرى أن هذا الاختيار رغم مدلولاته الطيبة جاء متأخراً، ومنهم من لم يلتفت الى مسألة التوقيت، وفي اعتقادي أن كلا التوجهين على حق، لأن الأول مصدره الحب والاعتداد بالوطن، والثاني مرده الرغبة الصادقة المخلصة للتجاوب مع مقتضى الاختيار لتحقيق النجاحات المطلوبة وذلك بصرف النظر عن قضية التوقيت وعلاقتها بالترتيب المنطقي لأن ذلك لا يعني شيئاً وبخاصة بالنسبة لبلادنا العزيزة التي تضم بكل تحنان الاراضي المقدسة التي مشى على أديمها الطاهر المبارك ابو الانبياء ابراهيم الخليل عليه السلام حيث هبط الوحي بالرسالة الإسلامية فأهدت النور والهداية للعالم أجمع، وأن بلداً هذا شأنه أينما جاء ترتيبه فهو دائماً في المقدمة عقيدة وتاريخا وامجاداً.
ففي المدينة المنورة أقام سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام فكانت اول عاصمة في التاريخ الاسلامي شهدت مواكب الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعاً الذين أدوا الأمانة ونصحوا الأمة فكانوا بحق مثلاً يحتذى على درب الحياة السعيدة في الدارين.
وبعد العهد الراشدي انتقلت الخلافة الى دمشق ثم الى بغداد واستمر الازدهار عدة قرون وبمرور العصور وتكالب الأعداء، ضعفت الدولة وأخذت في الانحسار شيئا فشيئاً، ولكن المنابع ولله الحمد لم تجف فقد قيض الله لهذه الامة من أبنائها المخلصين من يعمل على إيقاظ المسلمين مما هم عليه من ضعف ووهن فكان في مقدمة الدعوات التي قامت بدورها خير قيام دعوة المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي لقي في الاسرة السعودية الحاكمة النصرة والمؤازرة.
فكانت الدرعية التي شهدت توقيع الميثاق عام 1157ه بداية لمولد الدولة السعودية الاولى على أساس تحكيم شرع الله وفقاً للعقيدة الاسلامية السمحة الصافية من البدع والشوائب، ثم جاءت الدولة السعودية الثانية على نفس الأسس والمبادىء كما أن الدولة السعودية الحديثة التي ارتبط اسمها بالراحل العظيم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه قد انطلقت بكل قوة لإقامة الصروح العلمية والثقافية التي تستهدف بناء الإنسان السعودي بناء متكاملاً باعتبار أنه محور التنمية الشاملة وجوهرها.
وقد اتسمت الخطط العلمية والثقافية التي يتم الاخذ بها بالتوجه الإسلامي المستنير في جميع المراحل التعليمية والمعرفية من أجل تحقيق التوازن بين الجانبين الروحي والمادي في النفس الإنسانية ليتوفر لها الاعتدال بعيداً عن الغلو أو الشطط.
فالدرعية هي معقل الأسرة السعودية الكريمة كما أنها تشكل اليوم حضارياً وجغرافياً امتدادا للعاصمة الرياض التي تزداد بهاء وجمالاً لتواصلها الوثيق مع المدينة التاريخية لذلك لم يكن غريباً ان تتوالى النجاحات على المسارات الخيرة كافة لإقامة الدولة العصرية الحديثة وفق سلم أولويات تدرج عليه خلفاء الملك المؤسس رحمه الله.
وفي العهد الذهبي على يد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين نبصر خطونا بكل وضوح ونحن نضع اقدامنا على أولى عتبات القرن الميلادي الجديد بكل ثقة واقتدار للتعامل مع المستجدات كافة أخذاً وعطاء وفي الإطار الايجابي الواعي المتفهم لحقيقة الاشياء مثلما فعل اجدادنا الذين أثروا الحضارة الإنسانية وعلى نفس الدرب ستتواصل جهودنا عبر صروحنا العلمية والثقافية التي تعمر بعلمائنا ومفكرينا وادبائنا لإثراء الحضارة الإنسانية حاضراً ومستقبلاً بكل ما يسمو بها في مدارج العلياء.
وما توفيقي الا بالله.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.