Sunday 23rd January, 2000 G No. 9978جريدة الجزيرة الأحد 17 ,شوال 1420 العدد 9978



بيننا كلمة
الجاثوم

في البدء كان الصمت ,
وكنا نسمع صراخنا وغناءنا وهمساتنا .
في إيقاع أنفاسنا .
*
ثم تفتق الصخب واندلعت النيران .
وامتزجت الأصوات الهادرة .
في انهمارات من الضجيج والحزن والدخان الأسود .
*
والآن هو زمن الصدى,, مربك وبلا معنى .
أصواتنا ترتد لتصطدم بالآخرين .
*
من يدري ,
ربما ندرك غداً .
أنها كانت فعلاً تقول شيئاً ذا معنى .
***
ربما هو الجاثوم .
يعيث بلا صوت في رماد أحلامنا,.
ويرتع في كوابيسنا المجروحة .
***
مثل الكثيرين صرت أهرب من الاجترار الإعلامي لحرب الخليج وذاكرة الغزو والرعب الذي عشناه وأحاول نسيانه,, ثم أفشل في ذلك,.
قلبي العربي يرفض أن يستلذ الحزن متوالدا بآلامه وآلام الأشقاء,
في الخليج نسمي الكابوس الجاثوم ,.
والجاثوم يأتي من كلمة جثم أي جلس بكل وزنه الثقيل ولم يبد رغبة في التحرك أو الابتعاد.
العراق أرضاً وشعباً لا يزال ضحية جاثوم متواصل,, هو فيه صاح، وواع تماماً لما يحدث له من تعذيب, ثم لا يستطيع حراكاً,, تتفجر جراحه وتتلوث وتلتهب ويفيض الصديد على الجيرة كلها, مسيرته تسلسل أحزان لا يبدو أنها ستنتهي.
***
كل يناير تعود الى البال ذاكرة حرب الخليج الثانية,, مثل كابوس مؤلم يعيدها صخب خطب الرئيس العراقي وتناولات الإعلام لها وله.
في ذاكرة حرب الخليج التي لم تنطفئ كلنا ضحايا لوهم نيرون مجنون تربع فوق كرسي السلطة وعشق نفسه ومذاق التحكم في مصير الآخرين,, إنه مازال يتدفأ بإحراق آمال العروبة.
والعاصفة انتهت ولم تنته فالغبار لا يزال يملأ حلوق أهل المنطقة.
وحلوق العراقيين فوق ذلك مشققة من الجوع والعطش وملتهبة من تواصل أنين التعذيب وصرخات الاستنجاد وانعدام الدواء,, ورئيسهم جاثم على صدورهم يخطب عن الفضيلة ,,, !
وإذا كانت دول الخليج قد صورت على أنها الضحية الأساسية لاعتداء الغزو العراقي في حرب الخليج قبل عشر سنوات وذلك بعض الحقيقة,, فإن الحقيقة الأمر هي أن شعب العراق هو الضحية التي لا تزال في قبضة الجاثوم وتحت وطأته.
د, ثريا العريّض

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.