Wednesday 26th January, 2000 G No. 9981جريدة الجزيرة الاربعاء 19 ,شوال 1420 العدد 9981



لهاث بين طينها وطيباتها
حمد بن عبدالله القاضي

** في هذا الزمن الذي لم يبق فيه نقي غير الأطفال كما يقول د, غازي القصيبي.
في هذا الزمن لم تتغير أواصر الرحم,, أو تتبدل وشائج الحب فقط بل: إن التبدل طال حتى علاقة الانسان بنفسه,,!
لقد اضحى الانسان منشغلا عن نفسه ببعض مطامع نفسه,, حتى فقد الاستمتاع بطيبات هذه الحياة الدنيا.
انه يركض,, بل يلهث ليس خلف أحلام أو أوهام فقط هو قد لا يحتاج إليها، بل إنها قد تجلب له الكثير من العناء, وهذه الأوهام قد تكون مطامع لن يصل إليها، أو هي عداوات يسعى إليها,, الخ.
إنني أزعم ان كثيراً من الاشياء الجميلة التي كانت تحرِّض على طمأنينة النفس,, وتعيد انفتاح ساحات القلوب لأشرعة المحبة,, كادت في هذا الزمن ان تتلاشى,.
وإن كان في ثمالة بعض النفوس شيء من وهج الحب والارتياح، والسكينة إلا أن عوامل الزمن,, وأطماع النفوس تكاد ان تقضي على هذه الثمالة ، وإن كان الكثيرون حريصين على التشبث بها,, واستشرف ان يقبِّل النصر في هذه المعركة,, حدقات عيونهم,.
ترى ,!
هل فقد الزمان عذريته وطهارته فلم يعد هناك شيء يحرِّض على فعل الأشياء الجميلة؟
أم أن الناس هم الذين فقدوا ذلك فلم تعد هناك جماليات حياتية تأخذهم إلى الاشراقات المتوهجة.
إنه سؤال أزلي رغم يقين ذلك الشاعر القديم بان العيب فينا لافي الزمان.
لكن لو عقلنا لأدركنا ان في الحياة أشياء جميلة وان في الناس خيرا عظيما.
لكن هذه الاشياء الجميلة بحاجة إلى من يكشف عنها حجبها لتبدو أمام احداقنا، وتتراقص في حقول حياتنا.
لكن السؤال,,!!
كيف نجعل هذا الخير ينبع ويتألق ويضيء دروبهم ودروبنا,؟
إنني أزعم بقدر كثير من التفاؤل أنه كلما اشتد ضغط الحياة وماديتها وتهافت الناس عليها فإن ذلك سوف يكون محرضا لعودة الناس إلى منابع الخير والحب والسكينة مادامت الفطرة نقية، واليقين بأن ما عند الله خير وأبقى.
وانني أؤسس هذا التفاؤل على سبب بسيط ألا وهو ان كثيرا من الناس سوف يكتشف ان الركض المرهق الذي يتجاوز الحدود وراء عرض الدنيا من مال ومنصب وآمال إنما هو وهم,, بل انما هو تعب يجر وراءه تعبا,.
هل فكر الوحد منا أنه قد يرحل من هذه الدنيا وهو لم يستمتع بطيباتها بسبب لهاثه الذي لا ينقطع وراء طينها ,,!
لكن قُتل الإنسان ما أكفره.
***
شايب وعجوز
ما أبشع هذين الوصفين,,!
** أثار حنقي قبل بضعة أيام رجل أربعيني يقف في إحدى الصيدليات، وناول (الصيدلي) روشتة علاج قائلا للصيدلي: لعل عندك هذا الدواء للشايب وفهمت انه يقصد اباه من خلال الحوار الذي دار بين الرجل والصيدلي.
لقد آلمني أن يصف هذا المرء أباه بالشايب، هذا الوصف الذي يفهم منه الضيق والملل ومن من؟ من ابنه الذي نهى الله أن يقول لأحد والديه مجرد كلمة أف,,!
أذكر انني كتبت ذات مرة عن شاب أعرفه، جاء إليَّ ليشفع في موضوع يتعلق بوالدته، وكان يردد بين آونة وأخرى العجوز تعبانه العجوز تريد,, فلم أطق صبرا على هذا الوصف إذ قلت له: إن برك بوالدتك يتجسد أول ما يتجسد باحترامها وتوقيرها ونعتها بأجمل الأوصاف,, قبل ان يكون برك بها بسعيك وشفاعتك بهذا الموضوع لها,,!
وكان الشاب عاقلاً إذ قدَّم شديد الأسف، وعلل أنه اعتاد ذلك لا عن قصد عدم التوقير لها، ووعدني ألا يخاطبها إلا بأجمل خطاب امي ووالدتي ,!
كم أتطلع أن يختفي من أفواه البعض كلمات مثل الشايب والعجوز التي تدور على ألسنة بعض الأبناء وهم يتحدثون عن آبائهم وأمهاتهم!
يا الله,!
كم هذه الكلمة قاتلة,, ومشحونة بالعقوق لتلك الأم التي حملتك تسعة وضحّت من أجلك مقدمة أغلى سنوات حياتها من أجلك.
وكم هذه الكلمة قاسية ومفعمة بالأسى تجاه ذلك الأب الذي سعى في رزقك وتربيتك أيها الولد وعانى أشد المعاناة في سبيل تنشئتك وتعليمك حتى صرت رجلاً,,!
لنحترم أيها الناس أغلى الناس,,!
وإلا فإنه لا خير فينا,!
***
طفل بنجلاديشي مسلم ب23 ريالاً,,!
** تفاعلا مع الموضوع الذي كتبته في شهر رمضان المبارك تحت عنوان صدقاتنا بين حاجات الاقربين وضرورات الأبعدين الذي تطرق إلى حاجة اخواننا المسلمين في اقطار الدنيا الى انقاذهم من الفقر والمرض والجهل، وذلك عبر صدقاتنا وزكواتنا بإعطاء جزء منها الى مؤسسات الخير في بلادنا كمؤسسة الحرمين الشريفين - لايصالها إليهم.
ومن ضمن هذا التفاعل والاصداء ما بعث به الي قارئ كريم حيث أرسل لي قصاصة دامية تحمل خبرا نشرته صحيفة المدينة من مندوبها في بنجلاديش الدولة الاسلامية العزيزة.
يقول الخبر المؤلم كدمعة يتيم المفجع كآهة حزين:
* باعت أم بنجلاديشية رضيعها بمبلغ (300 ثلاث مائة تاكا فقط) أي ما يقرب من 23 ريالا سعوديا وذلك في محافظة (صافي نباب غنج) ببنجلاديش واسم الام منورة، تزوجت برجل يسمى مجيب الرحمن من نفس المحافظة قبل (5 سنوات) وانجبت منه ولدا سماه (أدار) وتزوج الزوج مجيب الرحمن بأخرى وطرد منورة وهي حامل، وحين بدأت تتألم بآلام الولادة أدخلت المستشفى وبعناية الله وضعت هناك طفلة، وعادة فالأمهات يفرحن بما يلدن لكن الحزن خيم على الأم منورة بعد الولادة لما هي فيه من الظروف المالية القاسية التي تطعنها فصعب عليها الامر إذ كيف تعول الولدين وهي لاجئة في بيت غيرها ومشردة من زوجها، وبحثا عن لقمة العيش لها ولولدها البالغ 4 سنوات من عمره باعت المولودة الجديدة بمبلغ (300 ثلاث مائة تاكا) أي ما لا يتجاوز 23 ريالا سعوديا، اي والله باعت فلذة كبدها وحسبكم أن تتصوروا أما تبيع فلذة كبدها واشترتها امرأة عقيمة ترغب في ضم البنت الى حجرها منذ سنين وفرحت بها فرحا شديدا في حين تبكي والدتها منورة، دما على فراق رضيعتها .
* وبعد ,,!
لا أستطيع ان اعلق فهل أكثر دلالة على احتياج اخواننا خارج بلادنا من كون الأم تبيع فلذة كبدها، إنني أجدد دعوتي التي أشرت اليها في مقالي السابق، ألا وهي الوقوف الى جانب اخواننا المسلمين,, وإعطاؤهم فضل حاجاتنا,, بدلا من الإسراف في مآكلنا ومشاربنا ونحن نعلم وجود أمثال المئات من الآلاف من اخواننا وأخواتنا الذين يبيعون فلذات أكبادهم من أجل ألا يموتوا من الجوع.
***
أمير البقاع
والوعد الكريم
** أسعدني كما سوف يسعد كل محب لمكة المكرمة، إطلاع واهتمام سمو امير منطقة مكة المكرمة الامير عبدالمجيد بن عبدالعزيز بما جاء في مقالتي التي كتبتها في هذه الصحيفة في شهر رمضان المبارك تحت عنوان أهم مشروع أمامك يا امير البقاع والذي تناولتُ فيه ضرورة السعي إلى توسيع بقية الساحات المحيطة بالحرم.
ولقد اسعدني سمو الامير عبدالمجيد كثيرا عندما أشار في خطابه الكريم الذي وصلني بعد إطلاعه على المقال بقوله في خطابه:
ان كل ما يُعلي شأن مكة المكرمة سوف يتحقق بحول الله تعالى .
وهو وعد من سموه وهو على ذلك بحول الله وقوته قدير بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين، وأمامنا الانجاز العظيم الذي حققه سموه بتوجيه ودعم القيادة في المنطقة المركزية المحيطة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الساحات الواسعة والعمارات الرائعة والخدمات المتكاملة.
***
عمل المرأة مرة ثالثة وأخيرة
* لقد سعدت كثيرا بتلك الأصداء التي تلقيتها حول مقالي (عمل المرأة) وسعادتي بالآراء التي اتفقت معي لا تقل عن سعادتي بالآراء التي اختلفت معي.
وأخص هنا معالي الاستاذ محمد الفايز وزير الخدمة المدنية الذي بارك فكرة هذا المقال، ومعالي الدكتور علي المرشد الرئيس العام لتعليم البنات الذي أبدى اعجابه واتفاقه مع الرأي الذي طرحته، وسعادة الصديق المهندس يحي المعلّمي الذي اتفق معي فيما طرحته في كثير من محاور هذا الموضوع.
واخص هنا بالشكر والتواصل كلا من الدكتور الكريم طارق الخويطر على تفاعله مع الموضوع عبر رسالته المؤثرة، والكاتبة الكريمة د,عزيزة المانع التي اختلفت معي في الرأي بزاويتها أفياء بصحيفة عكاظ، وإنني أحييها لأن طرحها كعادتها كان متزناً وموضوعياً,, ولأن اختلافها معي وليس خلافها كان ينطلق من قناعات لديها، ومن هنا كانت المحصلة بيني وبينها حول هذا الموضوع مختلفة، كما أشكر الكاتبة الكريمة د, ابتسام حلواني التي كتبت حلقتين في صحيفة (عكاظ) والتي اتفقت معي في كثير مما طرحته حول هذا الموضوع.
واخيرا للصديق الاستاذ بندر بن عثمان الصالح بالغ تقديري على مودته ومتابعته وتفضله بإبلاغي بما سمعه من آراء حول مقالتي سواء من المتفقين او المختلفين.
وعلى كل فهذا رأيي، ومن جاء برأي خير منه قبلناه كما قال الإمام أبوحنيفة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

ملحق جازان

منوعـات

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.