Saturday 29th January, 2000 G No. 9984جريدة الجزيرة السبت 22 ,شوال 1420 العدد 9984



أيام مع النجوم
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

هذا كتاب في 523 صفحة لرمزي صوفيا طبع في الدار البيضاء هذه الأيام,, والكتاب ذكريات أربعين عاماً تقريباً، ومعظمه مقالات نشرها بجريدة السياسة الكويتية,, وهو لقاء مع 63 فنانا وفنانة ممن تجمعهم السينما والموسيقا من العرب و 29 من الخواجات، ولقد بالغ المؤلف في مقدمته عن قيمة كتابه، وبالغ معه مقدمه ورصيفه في لقاء أهل الفن محمد مصطفى، وبالغت النشرة الدعائية في الغلاف الأيسر.
قال أبو عبدالرحمن: أسقط حياةٍ دنياً وآخرة حياة الفنانين في الجملة، وأسقطهم أهل العصر الحديث، لأنهم تعدَّوا المجون إلى التجديف، وجاهروا بالقبائح,, وكان فنانو العصر الأموي والعباسي وفنانو الأندلس أكثر حياء، ولم يقطعوا مع الله جانباً، ولم يخدشوا كرامة المجتمع المسلم في ذائقته، وهم أهل أدب رفيع أو جميل,, وأظهر وصف لهم بأنهم الظرفاء.
قال أبو عبدالرحمن: وبغض النظر عن كل هذا فليكن الكتاب حاوياً مفيداً عن هذا المجتمع بعلاَّته !!,, ولكن الواقع أنه ذكريات تافهة، وفضول عادي,, لا تجد خطيرا عن حيواتهم، ولا تجد تأصيلاً نقدياً عن فنهم,, وحسب القارئ أن يحفظ 92 اسماً من هذا الوسط، وأن يعرف الاسم الحقيقي والاسم الفني لبعضهم.
وحاسة الحياء، وحاسة التدين مفقودتان في هذا الكتاب نهائياً,.
يذكرك بخواجي أو خواجية كجورج صاند تحلل من مؤونة الحياء من الله وخلقه.
والمؤلف عراقي غادر بلده عام 1956م، ووزع نشأته بين لبنان ومصر والمغرب، ورحل لطلب العلم؟!! في كل مسرح ومرقص ببلدان أوربا.
قال أبو عبدالرحمن: وهذا الكتاب الضخم في حجمه التافه في مادته قدر لي أن أقرأه من ألفه إلى يائه، ويعز علي أن أغادره بلا انطباع، فاقتطفت هاهنا ما يحق لي أن أصفه بأنه كل ما في الكتاب ، لأن ماعدا ذلك فضول غير معتبر,, وهذه الخلاصة رديئة خلقاً وديناً، ومع هذا لا تخلو من العبر,,, ولا سيما بعض الإفادات الخواجية عن إسرائيل والفن، وعن الإنفاق الباهظ غير المشكور في إنتاج الأفلام لشعوب قد لا تذوق اللحمة إلا في الأسبوع مرة,, تقول إحداهن:قبل حرب الخليج يباع الفيلم في السعودية بستين ألف دولار، وفي الكويت بثلاثين، وفي العراق بخمسة آلاف جنيه استرليني,, واليوم يكلف الفيلم مليون ونصف جنيه مصري!! .
قال أبو عبدالرحمن: رحم الله المحدث الفقيه عبدالملك بن حبيب الأندلسي القائل:

صلاح أمري والذي أبتغي
سهل على الرحمن في قدرته
ألف من الحمر وأقلل بها
لعالم أوفى على بغيته
زرياب قد يأخذها دفعة
وصنعتي أشرف من صنعته
وذكر فناناً آخر يتقاضى مليون ونصف جنيه عن الفيلم الواحد!!.
وإحدى المائعات أكدت رفضها لفكرة الحجاب التي عرضت عليها، وثالثة على سرير مرض الموت ينقل لنا همها الكبير في يوم الوداع بهذا النص: لقد اتصلت بي من سرير المرض في القاهرة وأنا في باريس وقالت لي: والنبي1 يا محمد ابعث لي صندوق تفاح,, وفي اليوم الثاني أرسلت لها بدل الصندوق اثنين فاتصلت بي ثانية تقول: التفاح ده حامض,, معلش يامحمد ذق بنفسك تفاحة، فإذا وجدتها حلوة أرسل لي صندوقاً,, وفعلاً نزلت إلى السوق بنفسي، واخترت لها أجود التفاح، وأرسلته مع رسول خاص للقاهرة,, لكن وللأسف الشديد لم تستطع أن تتذوقه، لأن الله اختارها إلى جواره .
والكتاب مليء بفضائح السلوك والقول والمعتقد، وثري بعلاقات الغرام التي قد يتخللها زواج مؤقت لا يفقد فيه الزوجان حريتهما!!, ورابع ضاع كل ماله في إقامة مهرجان في فلولكلوريا بنهر الكلب.
ومن أخلاق هذا الوسط ما ذكره عن خامس بعد عودته من مرض غريب لم ينج منه، ولم يعرف كنهه حتى هذه اللحظة,, قال:وعاد محمد فوزي إلى القاهرة من جديد ليواجه آلاماً نفسية حادة بسبب بعض الناس الذين سلموا إنسانيتهم للشيطان، فقد اعتقد بعضهم أنه لن يعود، فزيفوا كمبيالة عليه بمبلغ 600 جنيه، واستصدروا أمراً بحجز ممتلكاته، وحجزوا على سيارته في الشارع، وعينوا عليها حارساً، ثم باعوها، ورسا المزاد على واحد منهم، واختفت السيارة، لتظهر في مصر الجديدة وقد تحولت إلى تاكسي.
ومن المشاكل التي واجهته أيضاً بعد عودته وزادت في آلامه أنه في فترة مرضه أوكل2 محل الاسطوانات الذي يملكه لشخص يديره، وعندما عاد وجد أن هذا الشخص لم يسدد التزاماته تجاه المحل، ونزع اللافتة وباعها، وترك المحل لقمة أمام بعض شركات الاسطوانات التي طالبت بفواتيرها المتأخرة! .
أما إيهاب نافع فيقول: إن الله شرفه بالظهور في أفلام أسود وأبيض ؟!!.
وسئل رقيع عن ظاهرة تحجب الفنانات فقال:ظاهرة صحية ,, وبعد ضحكة استهزاء قال:على الأقل يتركن المجال لسواهن من المواهب الجديدة !!.
ويضحك تيسير عبود شيطانه بهذا التجسيد الأرعن للولاء والبراء:أن ننسى كل شيء اسمه الهوية والمذهب,, سواء كان ذلك المذهب مسيحياً أم مسلماً، وسواء كان سنياً أم شيعياً، فذلك وحده في رأيي هو الذي يعيد الصفاء ويشفي ماترسب في القلوب من أحقاد وجراح وآلام.
لابد أن ننسى الطائفية والهوية والمذاهب، ولا نتذكر إلا شيئاً واحداً هو لبنان، فالدين لله، ولبنان للجميع, .
وتأتي ومضات تاريخية لقوم غير ذوي تاريخ معتبر من الإفادة عن فنان أو فنانة تجيد عدداً من اللغات، أو أن ذلك الفنان كان طياراً أو أديباً,, إلخ ,, أو صلة غير تاريخي بتاريخي مثل ناريمان وخليع الطرشان.
ومن اللفتات قول كمال الشناوي:والفيلم المصري في طريقه الآن إلى إلغاء عقل المتفرج تماماً، وشل كل قدرة فيه على التفكير,, والمواطن الفرد لم يعد يقرأ الآن، وهو في حالة مخاصمة كاملة للكتاب، ثم يجيء الفيلم المصري، ليضاعف البلية، ويجهز على ما تبقى فيه من قدرة على التفكير، ويحوله إلى كائن أبله وإنسان مسطح,, لقد كنت في يوم من الأيام عضواً في مجلس إدارة غرفة صناعة السينما،وكنت وقتها أنادي بضرورة تحديد هوية المنتج السينمائي، وألا يكون المنتج هو الشخص الذي يملك المال الذي ينفق منه على الفيلم السينمائي,, بل وأن يكون المنتج هو الفنان الذي سبق له تقديم أعمال سينمائية على مستوى جيد، وتصديت وقتها لموضوع النصوص الأدبية والسيناريو، وطالبت بأن يقتصر الأمر في ذلك الشأن على الكفاءات المرموقة في البلاد بحيث تكون هذه النصوص متسمة بالصدق والعمق، وتخدم قضايا وهموم الإنسان المصري والعربي المعاصر,, وفي هذا الشأن أقول: إننا قصرنا في إعداد جيل يمارس كتابة السيناريو بشكل علمي جيد .
وهذا سؤال وجواب بين المؤلف وبليغ:
وهل تقتبس ألحاناً غربية لتدخلها على اللحن الشرقي؟.
بالعكس أدخل الفكر الشرقي على النظرية العالمية وليست الأوربية، لأن كثيراً من الألحان الأوربية مستمدة من أساسات عربية، فمثلاً كل الموسيقى الإسبانية بكل توليفاتها مستمدة من أساسيات الموسيقات العربية، فأنا أطبق الفكر العلمي على الموسيقا الشرقية، ولست مؤمناً بالخلط والاقتباس من اي مدرسة عالمية .
وأما برلنتي عبدالحميد فارتبطت بزعيم سياسي أيام قوة العرب من خلال التطبيل والمبالغات إعلامياً، فكان في كلامه عنها قليل مما يهم,, والمهم اللقاء مع بعض الخواجات، فمع إليزابيث تيلور وريتشارد بورتون كان هذا اللقاء:
قالت إليزابيث تايلور بصوت يحمل من خلال نبراته بعض الإجهاد النفسي والفكري: أرجو أن يكون انتظارك في مستوى الأجوبة التي ستحملها إلى بلادك!!
هذا متوقف على صراحتك.
ولكني في نظركم النجمة العدوة، فهل تستمعون إلى الأعداء؟.
إن بعض النقاش لا يفسد نقاء الموقف.
أي موقف؟!
موقفنا من النجوم الذين يساعدون العدو!.
أنت تجافي الواقع.
كيف؟!, لأن أكثر النجوم يساعدون إسرائيل، والسبب أن الصهيونية العالمية تسيطر على السينما العالمية، وعلينا مجاملتهم، وإلا حاربونا,, ومحاربتهم لنا معناها تمزيق أثواب الشهرة من على أجسادنا.
ولكن مطلوب من النجوم الكبار أن يكونوا إنسانيين!.
ماذا تقصد؟.
قلت لها وأنا أعتذر عن هذا التشبيه: لو قام شخص بقتل أحد أفراد عائلتك، وانتزع منه منزله، وعلمت أن شخصاً آخر يساعد المجرم فماذا تفعلين؟.
أحاربه بكل مالدي من وسائل,, أحاربه بدون تردد.
هذ ا هو موقفنا الطبيعي,, إن فلسطين هي أرضنا، وقد غدرت الصهوينية بأبناء فلسطين، فذبحوا الشيوخ، ونكلوا بالنساء، ومن ثم نسمع أن النجوم يجمعون التبرعات لها، فماذا يجب ان يكون موقفنا من هؤلاء النجوم؟!.
ولكن الصهاينة يقولون العكس,, يقولون: إن الأرض ملكهم، وأنكم أنتم العرب تريدون انتزاعها منهم، ولم نسمع بأية دعاية عربية تدحض ما يقوله الإسرائيليون!.
إن الدعاية العربية مفقودة خارج البلدان العربية نسبياً، ولكن ألم تسمعي عن وعد بلفور؟!,, ألم تسعي أنهم اغتصبوا أرضنا اغتصاباً، وأنهم يزيفون التاريخ؟!.
وسيطرت لحظة من الصمت على ليز تايلور، كما يسمونها، انتهزتها بالقول: لقد اعتنقت أنت اليهودية، فهل على النجمة أن تتنكر لمذهبها الحقيقي؟,, هل النجوم الذين يساعدون إسرائيل مضطرون لاعتناق اليهودية أيضاً؟.
لقد اعتنقتها من أجل زوجي السابق وأولادي، فالمعروف أن المرأة هي التي تتبع الرجل، ثم إن اليهودي لا يستطيع التنكر لديانته، وإلا فإنه يحرم من الظهور على الشاشة.
ولكن هناك نساء تزوجن يهوداً ولم يعتنقن اليهودية؟!.
كانت هناك حرب موجهة إلي من قبل أهل زوجي الأسبق الذي مات بحادثة طائرة، ثم هناك أطفال وإرث وأموال، فالأطفال يؤخذون مني، والمال يتبخر لو لم أفعل ذلك,, وأضافت ليز تقول: أنت تتكلم هكذا لأنك لا تعيش بيننا.
قلت موضحاً: الإنسان لا يحتاج إلى مناخ أوربي أو عربي حتى يعيش ويستمر!.
ثم أضفت: لنتحدث عنك شخصياً,, أنت تقولين: إنك اعتنقت اليهودية من أجل أطفالك، ولكن كيف تريدين أن يكون موقف باقي الأمهات اللواتي شاهدن الصهاينة يعذبون أطفالهم؟.
ولفَّت إليزابيث تايلور مسحة من التأثر لا أعرف إذا كانت إجادتها التمثيل قد أعطتها القدرة على التلون، أم أن الموقف قد هزها بحق,, وبينما هي على هذه الحالة شق صوت زوجها ريتشارد بورتون المكان عندما قال: هل شاهدتهم فيلم كيلوباترا ؟.
لقد منع من العرض في البلاد العربية، ولكن ما هو رأيك أنت؟.
قال أبو عبدالرحمن: ماهزمت أمتنا إلا بغياب خالد والمثنى وقيام رمزي وأمثاله بالدفاع عن حقنا!!.
وقال المؤلف: في أوربا لا يستطيع العربي أن يسيطر على أعصابه طويلاً,, ليس لأنه انفعالي بطبعه كما يقال، أو لأنه ربما يكون من سكان حوض البحر الأبيض المتوسط حيث يسبق لسان الفرد في هذه المنطقة تفكيره كما هو الشائع,, بل لأن الدعاية الإسرائيلية سوف تعترضه في أي مكان يحل فيه، وتثير أعصابه، وتدفعه بأية طريقة، لكي يخفف عن نفسه، وينصف قضيته.
وأخبث أنواع الدعاية الإسرائيلية هي السموم التي تبثها في السينما، فالأفلام السينمائية هي أهم الأسلحة التي تدخل بها إسرائيل المعركة الإعلامية، لكسب الرأي العالمي لصفها، ومحاولة خداع الجماهير التي تؤخذ بدعاية السينما بسبب تأثيراتها وإمكانياتها الضخمة أكثر مما تؤخذ مثلاً بندوة أو محاضرة أو موعظة مكشوفة,, تبدأ ولا تنتهي.
وفي إيطاليا أحسست لأول مرة بقيمة الكلمة القائلة: الكلام غير المشاهدة,, فنحن نسمع ونقرأ بأن شركة سينمائية تنتج فيلماً يخدم إسرائيل، فتكون النتيجة أن يصير الفيلم إلى المنع، ومن ثم يوضع أبطاله على اللائحة السوداء، وكان الله يحب المراقبين؟!,, أما ماهو موضوع الفيلم، وكيف يمكن التصدي والرد: فهذا اللي مش ممكن أبداً ؟.
وعندما سمعت في روما أن هناك فيلماً سينمائياً يزيف الحقيقة عبر عدد من النجوم وعلى رأسهم كيرك دوغلاس، وفرانك سيناترا، وجون واين، ويول برينر، والنجمة النمساوية أنجي ديكنسون، وغيرهم : تصورت أن التزييف طفيف كما اعتدنا أن نقرأ لا يغني عن جوع، ولكن تصوراتي كانت في واد آخر، فقد فهمت بأن الفيلم يشوه القضية من جذورها، ويظهر العرب في أبشع الصور، ويبين إسرائيل كبلد مسالم لا يريد شعبه إلا السلام مع العرب!!!.
ولإدراكي بأن الأوربي يمكن ان يؤخذ بسهولة من جراء هذه السموم,, خصوصاً وأننا نقف منها موقف المتفرج: كان علي أن أسعى لمقابلة نجوم الفيلم للدخول معهم في حوار صحفي، فنحن كما نعرف بأن أكثرهم يتحالفون مع الصهيونية تحت ضغط التضليل، ولكني اكتشفت شيئاً جديداً,, إننا لا نعرف شيئاً عن الموضوع، وإننا نستخف بهذه المواقف أكثر من اللزوم، ونعيرها اهتماماً أقل بكثير من المطلوب.
وتيقنت وأنا أحاول الوصول إلى سر الفيلم بأن الطريق إليهم كعربي 3 ستعترضه السدود، إذ إنه ليس من المعقول أن يصفعك خصمك في هذا العصر على وجهك وكيانك ووجودك وتجلس لتتفرج عليه وتقول له: سلمت يداك,, لذلك كان علي أن أمهد للقاء بقفاز من حرير عن طريق أصدقائي السينمائيين القدامى, ووفقت بأحدهم، ورجوته ان يسعى لي عن طريق اتصالاته لزيارة الاستوديو ومقابلة النجوم,, فقال مستغرباً: إنك عربي، ومن الطبيعي أنه لن يسمح لك بالدخول.
قلت بإصرار: لابد أن أشهد التصوير.
هدئ من روعك ,, علينا بإيجاد 4 وسيلة.
هل يعني بأنه 5 على التخفي؟.
وفكر صديقي برهة من الزمن خلتها عمراً ثم قال/ مارأيك أن تتحول إلى صحفي إيراني؟.
صحفي إيراني؟,, إنها فكرة معقولة، ولكن كيف يكون موقفي لو طلع بين النجوم من يجيد الإيرانية؟.
وضحك صديقي ثم قال: اطمئن قلت أن تتحول إلى ايراني لأنها اللغة الوحيدة التي لا يجيدونها.
وهكذا اضطررت أن أنتظر خمسة أيام في روما بعد أن كان برنامجي أن أقضي فيها يومين.
وعندما ذهبت إلى الاستوديو كان العمل يجري على قدم وساق وبكل دقة، وكان هناك بعض الصحفيين الأمريكيين والإنكليز الموفدين من مجلة تايم ولايف وغيرهما للكتابة عن هذا الفيلم، الذي سيصور إسرائيل في مظهر الحمل الوديع، وكان بطل الفيلم كيريك دوغلاس يشرح لهم واقعية الفيلم ومغزاه والنتائج والآمال التي ستترتب عليه,, ووقفت أستمع إليه بضعة 6 دقائق خرجت بعدها عن صمتي لأسأله: هل أنت مؤمن بحقيقة المضمون؟.
أجاب مؤكداً: إن كل الذي أقرؤه وأسمعه في كل أنحاء العالم يؤكد أكثر من ذلك,, قضية اليهود هي قضية حق، وما على العرب إلا أن يعيشوا معهم بسلام فهم قوم مسالمون.
ولكن الوقائع تقول عكس ذلك، فالمعروف أن فلسطين للعرب، وقد شرد اليهود أهلها ونهبوا أملاكهم.
وقاطعني قائلاً: مالذي أسمعه منك، هل جئت تدافع عن العرب، أم لتكتب ضدهم؟.
وجمعت انفعالاتي وقلت: قصدت أن أعطيك فكرة عن الحقيقة، فأنت نجم سينمائي كبير لك ملايين المعجبين في البلاد العربية، وعليك ألا تصدم أحلام المعجبين بك، لأن الواقع يقول العكس.
وبعصبية بادية على وجهه رد دوغلاس: مالذي تقوله، هل أنت هنا لتدخل معي في مشادة، أم لتجري حديثاً لصحيفتك؟.
قلت وأنا أحتفظ بكل ما تبقى عندي من ضبط الأعصاب: إن إعجابي بك دفعني لإنقاذك من الدعاية الصهيونية,, ونسيت نفسي,, نسيت أنني أتقمص شخصية صحفي من إيران، وانسجمت مع الحقيقة حيث ظهر في هذا الوقت الممثل المعروف فيكتور ماتيور، وكان هو الآخر يقوم بتمثيل أحد الأفلام في الاستوديو، ليوجه كلامه إلى دوغلاس قائلاً: كيف تسمح لجاسوس أن يتكلم ضد إسرائيل؟.
ورددت: مالذي يجعلك تعتقدني جاسوساً؟.
لأنك تساند العرب.
أنا منهم.
عرفت ذلك من نقاشك.
ولكنكم تغالطون الواقع؟.
هل جئت تقص علينا حكاية؟.
الظروف دفعتني، فأنتم تنظرون إلى القضية من وجهة النظر الصهيونية، وهي وجهة نظر خاطئة.
إنه موقفنا.
هل أستطيع أن أعرف موقفك لو أنك لم تكن خاضعاً7 تحت نفوذهم كممثل؟.
أنا مؤمن بالصهونية العالمية، وبحق اليهود في فلسطين بمعزل عن أي تأثير.
حتى وإن كان ذلك يتناقض مع الإنسانية؟.
البقاء للقوة.
إذن كيف تقولون: إن إسرائيل هي المسالمة؟.
وصرخ ما تيور بطريقة جعلت يول براينر وفرانك سيناترا يطوقاننا قال: اذهبوا إلى الجحيم,.
التاريخ هو الكلمة الفصل.
وانتهزت فرصة وجود يول براينر بقربي لأعلن له أسفي وهو النجم الذي كان قد زار لبنان منذ سنوات، بقصد الاطلاع على أحوال اللاجئين بحجة مساعدتهم كموفد 8 من قبل الولايات المتحدة بينما الآن يمثل فيلماً يناقض موقفه السابق .
وبدلاً من أن يجيب براينر التفت إليه فرانك سيناتر ليقول له: لابد أن هذا الرجل عربي، وليس إيرانياً كما قيل لنا
وعاد ماتيور ليردد:إنه جاسوس.
وتطلعت حولي لأرى العيون ترمقني بنظرة غير مطمئنة، ولأقرأ التعصب في عيونهم، فهم يرفضون النقاش، ولا يقبلون بالوقائع، والصحيح في نظرهم مايبدر عنهم، فإنهم يمهدون لقضيتهم,, يجيدون طريقة دفعها في الأجواف الجائعة إلى اي شيء.
وفي هذه اللحظة اقترب مني كيرك دوغلاس يرجوني أن أغادر الاستوديو قبل أن تتطور الأمور.
وانسحبت من المكان,, انصرفت من الاستديو وأنا أتساءل: هل يستيقظ السينمائيون عندنا على أهمية الفيلم السينمائي, , هل يجندونه للقضية الكبرى,, هل يدركون أي سلاح خطير هي السينما؟؟؟.
وهذا سؤال وجواب مع حسن مصطفى:
يقال في أكثر من مناسبة: إن كوميديا اليوم أصبحت لا تترك أثراً في نفس المتفرج، وأن الإضحاك كفن9 في معظم الأعمال الكوميدية صار لزجاً ومفتعلاً مارأيك؟.
يجب أخذ بعض النقاط في الاعتبار,, أولها ظروف اليوم التي تختلف اختلافاً جذرياً عن حيثيات الحياة الاجتماعية بالأمس، فجيل الأمس كان يعيش في ظروف غير التي يعيشها جيل اليوم، والمتفرج اليوم له هموم لا تطاق والأزمة الاقتصادية الشقة، التعيين، الغلاء، تدريس الأولاد كل ذلك له أثر على النفوس وعلى الأمزجة وعلى ما يمكن تسميته بالقابلية للضحك، فالمتفرج اليوم أصبح يتطلب مجهوداً أكبر حتى يضحك,, أصبحت الظروف تشكل ضغطاً كبيراً على النفوس هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العقليات تتطور معها الأحاسيس البشرية من ضحك وبكاء وخوف وأمن,, وما يضحك بالأمس قد يثير الشجن اليوم، لأن الأحاسيس نسبية كما يعلم الجميع.
قال أبو عبدالرحمن: ثمة ظاهرة أخرى، وهي أن من دوافع الضحك الاستغراب,, واليوم لا شيء يستغرب,, كل شيء أصبح واقعياً، فليس هناك ما يستغرب وقوعه ديناً أو حياء.
وثمة ظاهرة ثالثة، وهي أن العجب يذهب بمعرفة السبب، وقد عرف كل شيء في هذا العصر العلمي المادي,, ومن لم يعرف يتمعلم، ففيه إذن استكبار على الضحك!!.
قال أبو عبدالرحمن: هذا كل مايهم من 532 صفحة من القطع الكبير، والله المستعان.
الحواشي:
1 القسم بغير الله سهل على هؤلاء القوم.
2 الصواب وكل ، لأن الفعل متعد بنفسه.
3 قال أبو عبدالرحمن: إذن هذا الكاتب ليس عربياً، ولكنه شبه عربي!!.
4 الباء لامعنى لها في هذا السياق.
5 والباء أيضاً هنا فضول.
6 الصواب: بضع.
7 الأفصح بيان متعلق خضع هكذا: خاضعاً لنفوذهم، وذلك أولى من فضول تحت .
8 كاف التشبيه هاهنا فضول مثل قوله: كعربي.
9 هذه الكاف التشبيهية غير المرادة لحن عمت به البلوى في كلام المعاصرين.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

شعر

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.