Sunday 6th February, 2000 G No. 9992جريدة الجزيرة الأحد 30 ,شوال 1420 العدد 9992



الخيارات السعودية في مواجهة الرفض الياباني بالمسؤولية التعاقدية

* كتب عبدالله الرفيدي
كل تقييم لمشروع استثماري لابد ان يستند الى مردود ذلك المشروع، أي جدواه من حيث العوائد المادية المباشرة,, أو من حيث الخدمات المساندة التي تدعم دوران عجلة الاقتصاد في مسارها المرسوم.
هذه البدهية التي لا تغيب عن أذهاننا نحسب أيضا انها ماثلة امام الفكر الاستثماري الياباني، حيث لابد من توفير الأرضية الاستثمارية والربحية امام كل مشروع محل دراسة، حتى تتوفر لطرفيه او أطرافه فرص جني الفائدة، والمحافظة على وجود جوانب التحفيز لتفعيل بنود العمليات التعاقدية التي يتم الاتفاق عليها.
والوجود الاستثماري الياباني في الخفجي، والذي يعود لربع قرن من السنوات، حيث دخل اليابانيون شركاء في استثمار عائدات الحقل البترولي هناك,, هذا الوجود خضع للمعايير والبدهيات الاستثمارية المعهودة، من حيث وجود حق ووجود التزام تتكامل بهما الفائدة المرجوة لكلا طرفي العملية الاستثمارية.
وككل عمل استثماري يخضع للمتابعة والتقييم ميدانيا,, قرر الجانب السعودي الاطلاع على مقر الشركة اليابانية بالخفجي، والتأكد من أوضاعها الفنية والادارية ومدى قدرتها على تنفيذ التزاماتها المنتظرة,, وبالفعل حدث ذلك منذ حوالي العامين، وقد كانت محصلة الجولة الميدانية:
أ الجانب الياباني يحصل على امتيازات العملية الاستثمارية وفق ما هو مقرر وبالكامل.
ب واجبات الجانب الياباني تم الاخلال بها برمتها ,, حيث تنصل عن تنفيذ ما اتفق عليه مسبقا من تطوير للمدينة وانشاء نهضة عمرانية وخدمية بها.
ج الاستمرار على ما هو حادث الآن يعني انخفاض في الدخل المتوقع.
ولأن هذه النتائج توضح وجود اختلال في الالتزام، بل وأبرزت اخلالا بالغايات الاستثمارية التي ترتبت عليها الحقوق والواجبات الملقاة على الطرفين,, طرح الجانب السعودي شروطه لعودة الاتزان للعملية التعاقدية، بحيث يحافظ على المصالح العليا للدولة، دون اجحاف بحق الآخرين في التمتع بالمزايا التعاقدية المتفق عليها,, خصوصا ان الدراسات اثبتت ان تجديد العقد بين المملكة والشركة اليابانية يكلف الجانب السعودي خمسة بلايين دولار على مدى خمسة وعشرين عاما وهي الفترة المحددة للعقد، حيث ان الشركة اليابانية اقترحت مضاعفة انتاجها الى خمسمائة ألف برميل يوميا، وهي خطوة ترمي بظلالها على حجم المخزون النفطي في الحقل بما يحتم وجود مقابل حقيقي لذلك الاجراء.
وكانت الشروط السعودية الموضوعة أمام اليابانيين هي كالآتي:
ترفع اليابان استيرادها من النفط السعودي ليصل إلى 1,5 2 مليون برميل يوميا بدلا من 900 ألف برميل في الوقت الحالي.
تلتزم المملكة بتزويد اليابان باحتياجاتها النفطية عند الطوارىء التي قد تطرأ على التدفقات النفطية العالمية.
الطلب باستثمار مشروعين بتروكيماويين يستخدم فيهما الغاز المستخرج من عمليات الشركة بتكلفة بليوني دولار وذلك بعد ثبات الجدوى الاقتصادية لهما, ويكون مقرهما الخفجي,
تنفيذ خط سكة حديد يربط القريات بحائل وسدير والرياض ويرتبط بخط الرياض الدمام ومن ثم استكماله الى الجبيل الصناعية بالمنطقة الشرقية للاستغلال التجاري في نقل البضائع وخامات المعادن تبلغ تكاليفه ملياري دولار تنشئه اليابان وتسترد ما انفقته بعد التشغيل ثم تعيد ملكيته للمملكة إلا ان الجانب الياباني ذكر ان المشروع غير مجدي اقتصاديا وتم الاقتراح على الجانب الياباني بديلاً عن ذلك بأن تقوم الحكومة اليابانية ببناء خط سكة حديد على نفقتها من خلال شركات يابانية وليس كمشروع استثماري وتسلمه الى المؤسسة العامة لسكة الحديد بالمملكة أو تقديم تكلفة انشاء الخط التي قدرها الجانب الياباني بحوالي 1,2 مليار دولار ,هذه الشروط قوبلت للأسف برفض تام من الجانب الياباني، حيث ذكر مسئولو وزارة الصناعة والتجارة الدولية ان الحكومة اليابانية حريصة على عدم اضاعة اموال دافعي الضرائب اليابانيين في بناء سكة حديدة كهبة لحكومة المملكة, وهذا الادعاء يدحضه عرض الحكومة اليابانية الذي يتضمن مساهماتها في تخفيض نسبة الفائدة على القروض التي سيقدمها بنك اليابان للتعاون الدولي وتقديم 200 مليون دولار تخصص لإجراء دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع التي ستقدم لها القروض.
وكان واضحا ان هوة التفاهم تتسع مع التعرجات التي يريدها الجانب الياباني كسبا للوقت,, كما كان واضحا ان الاستمرار في التعاقد وفقا للرؤية اليابانية يعني تكبيد الاقتصاد خسائر في وقت لا تحبذ فيه السياسة الاقتصادية السعودية الدخول في أي صفقات لا ترتب عائدات ربحية مجزية في مقابلها.
لقد بدأ الجانب السعودي بالفعل في اتخاذ الخطوات الفعلية التي تحفظ الحقوق السعودية في حال استمرار النهج التفاوضي الياباني على حاله، ولعل زيارة وفد مهندسي وزارة البترول وأرامكو لمقر الشركة في الخفجي وتطميناتهم للموظفين السعوديين على مستقبلهم الوظيفي ,, هي خطوة تؤكد الجدية في الاستراتيجية التفاوضية السعودية,.
حيث لا مجال للتفريط في حقوق الاقتصاد الوطني,.
ويضاف لما سبق ان حكومة المملكة قد شرعت بالفعل في الإجراءات البديلة التي سيتم العمل بها عند انتهاء الاتفاقية الحالية، وهي قيام ارامكو السعودية بتشكيل شركة مملوكة لها تتولى رعاية مصالح المملكة في المنطقة بموجب اتفاقية تشغيل مشتركة، بحيث تمثل الشركة الجديدة التابعة لأرامكو السعودية المملكة في العمليات المشتركة، وتمثل شركة الزيت العربية المحدودة دولة الكويت الشقيقة وسيتمكن جميع الموظفين السعوديين في شركة الزيت العربية المحدودة من الالتحاق بالشركة الجديدة المملوكة لشركة ارامكو السعودية مع المحافظة على كافة مصالحهم وحقوقهم الوظيفية في الترتيبات الجديدة.
وفي نفس الوقت تنويع الرؤية واخذ الاحتياطات بوضع سيناريوهات اقتصادية مدروسة وذات جدوى,, يمكن اللجوء اليها وقت الحاجة بكل ثقة واطمئنان, علماً بأن عدم التجديد لشركة الزيت العربية المحدودة لايعني ان هناك تغييرا في العلاقات القائمة بين المملكة واليابان وستستمر الجوانب التجارية الاخرى بين البلدين ولن تتأثر بموضوع التجديد للشركة من عدمه.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved