Friday 11th February, 2000 G No. 9997جريدة الجزيرة الجمعة 5 ,ذو القعدة 1420 العدد 9997



الكل يبحث عن معنى جديد
مجلات ثقافية للقرن الجديد
العصور الجديدة وتكوين 2000 وأمكنة والجيل ووجهات نظر

**ما بين وداع القرن العشرين واستقبال القرن الجديد شهدت المجلات الثقافية المصرية حركة مد وجزر فثمة مجلات توقفت عن الصدور ومجلات اخرى تصدر تحاول ان تقدم نفسها للقارىء العربي في ثوب جديد يتناسب مع قرن جديد، فبعد مجلة المجلة والرسالة والكاتب والقاهرة والادوار الهامة التي قدمتها تلك المجلات على الساحة الثقافية المصرية والعربية يشهد واقع المجلات حالياً صدور العصور الجديدة، ووجهات نظر وتكوين 2000، والجيل وامكنة، منها الجديد ومنها ما اعيد احياؤها وتجديدها غير ان اللافت ان هذه المجلات تصدر عن مؤسسات مستقلة.
الجزيرة تجولت في هذه المجلات الجديدة وقرأت دلالتها على المشهد الثقافي العربي.
مجلات تموت ومجلات تحيا
في اوائل التسعينات ظهرت اخبار الادب كجريدة اسبوعية ثقافية تخاطب القارىء العربي من المحيط الى الخليج، لكن في المقابل وبعد سنوات قليلة كانت هناك مجلة ثقافية هامة تموت بموت رئيس تحريرها الناقد غالي شكري، وطوال العام الماضي جرت محاولات متعددة لاحياء تلك المجلة مرة اخرى، فقيل ان مجلة القاهرة سوف تصدر بشكل مختلف برئاسة تحرير انيس منصور، وتلقى اغلب المثقفين هذا الكلام بحذر!! ثم قيل انها ستصدر كمجلة متخصصة باشراف الناقدين رجاء النقاش وطلعت الشايب، ورغم ان الكثيرين رحبوا بالاسمين مبدئياً الا ان مجلة القاهرة قد لفظت آخر انفاسها بوفاة غالي شكري ولم تصدر الى الان,, ويبقى ثمة امل في الا يكون موتها نهائياً!!
ثم كان الحدث الهام الآخر، وقبل الاحتفال بالقرن الجديد بأيام معدودة، فاجأ الدكتور جابر عصفور امين عام المجلس الاعلى للثقافة جميع المثقفين باستقالته من رئاسة تحرير مجلة فصول التي تعتبر واحدة من المنابر الثقافية رفيعة المستوى، بما ينشر فيها من ابحاث ومقالات متخصصة,, وبذلك تدخل مجلة ثقافية هامة هي فصول نفقاً مظلماً فيما بين الحياة والموت,, وتتراوح الاقوال حيالها فيقال انها ستصدر برئاسة تحرير الدكتورة هدى وصفي وتارة يقال انها ستصدر برئاسة تحرير الدكتور صلاح فضل,.
ويدور الحديث بين جميع المثقفين حول جدوى المجلات الثقافية، خاصة التي تصدرها الدولة، واهمية ان يعاد النظر فيها لانها اصبحت مجلات بلا قارىء، تطبع منها الاف النسخ ثم تلقى في ظلمات المخازن الحكومية الى اجل غير مسمى!!
وجهات نظر
في بدايات عام 1999م فاجأت دار الشروق احدى اهم دور النشر في العالم العربي الاوساط الثقافية بأنها ستصدر مجلة بعنوان وجهات نظر ,, وبالفعل صدرت المجلة في قطع كبير وغير مألوف بالنسبة للمجلات الثقافية الشهرية، وبثمن غير مألوف ايضاً هو عشرة جنيهات للعدد الواحد، واعتبرها البعض مغامرة مجنونة من الناشر ابراهيم المعلم صاحب دار الشروق، وتوقع آخرون انها لن تستمر بسبب ارتفاع سعرها مقارنة بالمجلات الثقافية الاخرى مثل مجلة العربي او الدارة او عالم الفكر او الفيصل,.
ولكن وجهات نظر استمرت بقوة برئاسة تحرير الكاتب الصحفي سلامة احمد سلامة، واعتمدت في توزيعها على المقالات السياسية الساخنة للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وعلى الاعلانات التي تنشرها دور النشر المختلفة عن المطبوعات,ورغم تحفظ الكثيرين على حجمها الذي يجعل حملها والاحتفاظ بها امراً عسيراً، الا ان المجلة تقدم باقة من المقالات المتخصصة والثرية في مختلف مناحي الفن والثقافة، فهي وان كان يغلب عليها الطابع السياسي.
الا انها قدمت مقالات اخرى متنوعة، وتشي بلمسة التطوير من عدد لآخر ففي بعض اعدادها نشرت مقالا هاما عن الفنانة الكبيرة فيروز وآخر عن مدينة القسطنطينية منذ الف عام ونص كلمة ماركيز في احتفاله بجائزة نوبل في الآداب,, وكأن وجهات نظر تسعى للجمع بين الحس الصحفي السياسي وبين الطابع الادبي والبحثي في توليفة تتسم بالاخراج الفني الراقي والمتميز.
العصور الجديدة مرة اخرى
يمكن القول ان مجلة العصور الجديدة هي محاولة للاحياء، فقد صدرت في اواخر العقد الثالث من القرن العشرين مجلة بذات الاسم لكنها توقفت عام 1930م وبعد سبعين عاماً تقريباً رأت دار سينا للنشر ان تعيد احياءها من جديد، في حجم متوسط وطبعة انيقة وبخمسة جنيهات فقط.
وتبحث المجلة لنفسها عن افق رحب لا يرى الماضي كله جميلا ولا الحاضر سيئاً، انها تحاول ان تستبصر ما تراكم في نهر الحياة والحرية من انجازات ومآس، دون جلد للذات او تضخيم لها، يرى المحرر العام للمجلة الشاعر مهدي مصطفى ان المجلة تعبر عن طليعة الشباب المستنير وتجاربهم في الكتابة والابداع والبحث هم كما هم!! ان احسنوا فلهم وان قصروا فتلك امكاناتهم وظروفهم دون تزويق او مواربة,انها منبر للغائب بين سطور الماضي والحاضر، يعيد الاص ول الى رونقها الجوهري كي ترى من جديد كقيمة حقيقية تعبر عن المسكوت عنه وليست كسائر المجلات الثقافية مجرد زينة او اضافة غير مرغوب فيها.
من هذا المنطلق حفلت العصور الجديدة خلال اربعة اعداد حتى الآن، بالعديد من الدراسات التاريخية والبحث في العقائد والحضارات القديمة، وتمتاز عن وجهات نظر بكونها اكثر اهتماماً بالابداع والفنون، واكثر انفتاحاً على الاجيال الشابة.
تكوين 2000
مجلة غير دورية مطبوعة ماستر ولا تسندها دار نشر كبرى كالمجلتين السابقتين، تعتمد بالدرجة الاولى على جهد مجموعة من الشعراء الشبان على رأسهم الشاعر سامي الغباشي، وقد صدر العدد الاول منها في سبتمبر عام 1999م ولاقى استحساناً نقدياً لا بأس به.
يرى سامي الغباشي ان المجلة نافذة يطمح من خلالها الى القاء الضوء بشدة على المشهد الشعري المعاصر مع الاهتمام على وجه الخصوص بشعراء التسعينات، هذا الجيل الذي يكتب قصيدة,, مثقلة باللحظة الراهنة، قد تزاحم عليها الادعياء، واساء اليها الكثيرون باسم التجاوز والتجريب,, يرى الغباشي ان هذا الجيل يتميز بأنه مبعثر حيث له قصيدة هنا ودراسة هناك مما يؤدي الى التشتت والتسطيح، مما يفرض ضرورة وجود محلات الهامش لتعبر عن ازمة هذا الجيل تعبيراً كاملاً مثل الجراد والكتابة الاخرى وكذلك تكوين 2000 التي تعتبر مرصداً حقيقياً لهذا الجيل حيث تقتصر على نشر ابداعه او رصده بالدراسات المختلفة، وبالحوار الثقافي الموضوعي بعيداً عن التشنجات الايدلوجية.
الجيل من جريدة الى مجلة
الجيل اصدار جديد ينتظر الميلاد مع غرة الالفية الثالثة,, منذ فترة وجيزة صدرت الجيل كصحافة اسبوعية شابة ومتوهجة لكنها ماتت فجأة بالسكتة القلبية.
ومنذ اسابيع قليلة تجري محاولات حثيثة لاحياء الجيل من جديد في صورة مجلة شهرية ذات طابع ثقافي، وبدلاً من الصحافة المتنوعة فانها ستخاطب الصفوة المثقفة التي تساهم في صنع القرار السياسي ,,, !!
ويتحسر يوسف هلال رئيس تحرير الجيل على ايام ما قبل الثورة، فرغم قلة عدد السكان آنذاك كانت المطبوعات اكثر غزارة وتنوعاً,, ويرى ان القارىء العربي لايزال بحاجة الى مزيد من الاصدارات المتنوعة والمتميزة، حيث يكون الفيصل بينها هو التنافس الشريف، وفي هذا خدمة للقارىء العربي ولمهنة الصحافة ذاتها, ورغم توجه الجيل الى القارىء المصري تحديداً الا انها تفرد صفحة للشئون العربية، كما ان الاهتمام بالمحلي المصري في رأي يوسف هلال مفيد للقارىء العربي عامة حيث يتطلع لمعرفة مايدور على ارض مصر.
ويحرص اصحاب الجيل على التوازن الصحفي ما بين كبار الكتاب والصحفيين وبين حماس الشباب الدافق تحت شعار صحافة جيل جديد , ولاتزال المجلة قيد الصدور حيث تعاني من مشاكل التصريح من الخارج والطباعة في الخارج ايضاً، نظراً لان الجهات المسئولة لم تصرح لها حتى الآن لان تطبع من داخل مصر، ولذلك فهي تصدر حالياً من قبرص من خلال شركة مصرية تحت التأسيس.
امكنة شمعة اخيرة
اصدار خامس من خواتيم القرن العشرين يحمل عبق البحر الابيض المتوسط، حيث فريق عمل من ابناء الاسكندرية يقدمون مجلة بعنوان امكنة صدر العدد الاول منها عن مدينة الاسكندرية بسعر سبعة جنيهات.
تعنى تلك المجلة بثقافة المكان بالدرجة الاولى، فمثلاً في الاسكندرية هناك مكان يسمى السوق الفرنساوي وهو مكان مسقوف به العديد من المحلات التجارية التي كان يديرها اليونانيون والارمن وجنسيات اخرى، وقد تعلم بعض المصريين على ايدي هؤلاء، وحرص المحرر ان يلتقي بالمصريين ليتحدثوا عن اسرار هذا السوق وعن الاجانب الذين كانوا يديرونه، ليكون هناك تاريخ للمكان,, تاريخ للبشر ايضاً,,
انها اصدار مختلف واخراج فني راق يعنى بقيم الصورة واهميتها، ويحسب لها ايضاً انها صرفت النظر عن فكرة الابداع وعرض النصوص الشعرية والقصصية، حيث ان ذلك يحصر المجلة الثقافية في افق ضيق، ويجعلها تجنح الى الاستسهال والادعاء بلغة اكاديمية جافة، امكنة هي باختصار بحث عن المكان في التاريخ والذاكرة والطوبوغرافيا، عن الانسان والروائح والاشياء في بوتقة واحدة,,
فمثلاً يقترح المحررون عدداً خاصاً عن الصحراء كثقافة وأدب وأشعار وتاريخ وجغرافيا وبشر,.
ولاشك ان مثل هذا الاختيار والتخصص المتميز يكفل لها الاستمرار والتفرد ايضاً، كما انها تسد فراغاً هاماً في المجلات الثقافية حيث تتخصص لكنها لا تفقد الثراء.
خمس مجلات لقارىء جديد
انها ظاهرة حميدة في الوسط الثقافي في ان تستقبل القاهرة الالفية الثالثة بخمس مجلات جديدة، سواء من دور النشر الكبرى او الشركات الخاصة او جهود الافراد المتواضعة، ورغم تفاوت السعر وجودة الاخراج الطباعي الا انها جميعاً تتفق في الطموح الشديد في تقديم فكر حر وجديد الى قارئ متميز، وكلها تحمل دلالة واضحة على ان الثقافة لاتزال هي القلب النابض في الامة العربية، والسلاح الاهم الذي يضمن بقاءنا في قرن جديد ينتظر بجانب القوة غذاء للروح!!
شريف صالح

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

أفاق اسلامية

الجنادرية 15

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved