* مونتريال رويترز
توصلت اكثر من 130 دولة الى اتفاق تاريخي السبت الماضي لتنظيم التجارة في الكائنات المعالجة وراثيا التي تستخدم في انتاج اغدية اثارت مخاوف صحية وبيئية وسببت توتر العلاقات التجارية الدولية.
وحقق الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة توازنا دقيقا بين مصالح كبار المصدرين للمحاصيل المعالجة وراثيا مثل الولايات المتحدة وكندا والمصدرين في الاتحاد الاوروبي والدول النامية التي اعربت عن القلق بشأن الاثر الصحي والبيئي للأنواع الغذائية الجديدة.
ويجب ان تقر 50 دولة اخرى الاتفاق قبل سريانه وهو ما قد يستغرق ما بين عامين الى ثلاثة اعوام، ويؤسس الاتفاق اطارا دوليا تستخدمه الدول حيث تتخذ قرارات بشأن الاغدية المعالجة وراثيا.
ويطلب ايضا ولأول مرة بموجب اتفاق دولي وضع ملصق مميز على شحنات السلع التي قد تحتوي على اغذية معالجة وراثيا، لكن لم يفرض الاتفاق ان يفصل المزارعون او صناعة الحبوب بين المحاصيل التقليدية والمعالجة وهو ما تقول الحكومة الامريكية انه يتكلف مليارات الدولارات.
وقال ديفيد ساندالو مساعد وزير الخارجية الامريكية للمحيطات والبيئة والعلوم للصحفيين نعتقد ان هذا الاتفاق يحمي البيئة دون الاضرار بالتجارة العالمية .
ويشير مصطلح الكائنات المعالجة وراثيا الى النباتات والحيوانات التي تحتوي على جينات نقلت من انواع اخرى لانتاج خصائص معينة مثل المقاومة لآفات بعينها.
ورغم ان الكائنات المعالجة وراثيا في الولايات المتحدة تخضع لاختبار وموافقة الحكومة الامريكية تخشى بعض الجماعات ان تكون للأنواع الجديدة بعض الآثار السلبية صحيا وبيئيا.
وفي سبيل التوصل الى اتفاق اضطرت الولايات المتحدة وكندا الى قبول صياغة اقوى مما ارادتا بما يعترف بحق الدول في اتخاذ تدابير وقائية لدى اتخاذ قرارات الاستيراد على ان تأخذ في الاعتبار ايضا قوانين منظمة التجارة الدولية.
وفي ظل لغته بشأن المبدأ الاحترازي يمكن ان يتيح بروتوكول الامان الحيوي للدول اغلاق اسواقها أمام المحاصيل المعالجة وراثيا بدون دليل علمي قاطع على وجود ضرر.
وفي نفس الوقت يتضمن الاتفاق فقرة تحفظ تؤكد ان الاتفاقية الجديدة لا تتجاوز الحقوق والالتزامات الواجبة في ظل اتفاقات دولية اخرى بما في ذلك منظمة التجارة العالمية.
ورحب الاتحاد الاوربي بالاتفاق، وقالت مارجوت والسترون المفوضة البيئية للاتحاد الاوروبي هذه لحظة تاريخية وانفراج بالنسبة للاتفاقيات الدولية بشأن التجارة والبيئة ، واضافت ان هذا الاتفاق سيفيد الجانبين .
وافادت والسترون انه اذا ثار خلاف بشأن قرار دولة اغلاق اسواقها أمام منتج غذائي فسوف تراجع منظمة التجارة العالمية البروتوكول قبل اصدار حكم.
واشادت جماعات بيئية بالاتفاق، وقال بنديكت هارلين من جماعة السلام الاخضر في بيان هذه خطوة تاريخية تجاه حماية البيئة والمستهلكين من اخطار الهندسة الوراثية .
واضاف انه الى ان يسري البروتوكول فيجب حظر كل الكائنات المعالجة وراثيا .
وقالت جماعة اصدقاء الارض في بيان على مدى الاسبوع الماضي ابتزت الولايات المتحدة وخلانها باقي العالم لحماية المصالح الخاصة لشركات قليلة .
واضافت لم ينجحوا ولدينا الآن بروتوكول لتنظيم الأغذية والمحاصيل المعالجة وراثيا .
ولكن السؤال المطروح هو هل تثير المنتجات المعدلة وراثيا المخاوف من احتمال ان يكون لها تأثير ضار على البيئة والصحة؟,, والاجابة على هذا السؤال جاءت من دراسات علمية استندت اليها منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة ومن تصريحات خاصة ادلى بها لوكالة فرانس برس البروفيسور مارك فيلوس رئيس وحدة المناعة الوراثية البشرية في معهد باستور ورئيس اللجنة الفرنسية للهندسة الوراثية.
* هل تنتشر الجينات موروثات المعدلة في البيئة؟
ترى غرينبيس ان حبوب اللقاح التي ينقلها الهواء او الحشرات تؤدي الى نشر الجينات المعدلة وراثيا في الجو بحيث لا تقتصر عدواها على النبات المماثل وحده بل تتعداه الى الاعشاب الضارة التي تكتسب مناعة وتصبح اعشابا ضارة خارقة القوة لا يمكن التخلص منها.
وترى اللجنة الفرنسية للهندسة الوراثية ان هذا الخطر يستحق الدراسة لهذا السبب تلتزم الحكومة الفرنسية بفترة تجميد تؤجل خلالها طرح بعض المنتجات المعدلة وراثيا مثل اللفت في الاسواق، وذلك لكي يستفاد من هذا التأجيل المحدد بعامين في استكمال المعلومات والاستنتاجات العلمية الخاصة بهذه المسألة .
* هل تفرز المنتجات المعدلة وراثيا سميات تؤثر على الحشرات وتكسبها مناعة غير عادية؟
ترى غرينبيس ان الكمية الكبيرة من توكسين سم بي,تي التي تفرزها المنتجات المعدلة وراثيا تجعل الحشرات شديدة المقاومة لهذا النوع من السميات ومن ثم للمبيدات الحشرية التي يدخل في تركيبتها.
وترى لجنة الهندسة الوراثية الفرنسية أن ظهور مقاومة لانواع المبيدات الحشرية والعشبية والفطرية امر معروف في الزراعة، ولا يوجد سبب لأن تشذ المنتجات المعدلة وراثيا عن هذه القاعدة، والهدف هو ايجاد السبل للحد من آثارها .
* هل يمكن ان تؤثر التعديلات الوراثية على الحشرات غير الضارة؟
تأكيدا لذلك تسوق منظمة غرينبيس كمثال دودة فراشة مونارك التي تموت في المختبر بعد تغذيتها بحبوب لقاح ذرة معدلة وراثيا.
وترى لجنة الهندسة الوراثية الفرنسية ان هذا الاحتمال ضئيل وتنصح بتوخي الحذر في نقل المختبرات الى الظروف الطبيعية.
* ماهي المخاطر التي تمثلها التعديلات الوراثية على صحة البشر؟
ترى غرينبيس ان الجينات المقاومة للمضادات الحيوية يمكن ان تهاجم البكتيريا او الجراثيم عن طريق غذاء الحيوان وتزيد من مقاومة الجسم للعلاج بالمضادات الحيوية، والحال نفسه ينطبق على البشر.
تلزم لجنة الهندسة الوراثية الفرنسية الحذر بشأن هذه النقطة قائلة يتفق العديد من العلماء على ان تأثير المنتجات المعدلة وراثيا والجينات المقاومة للمضادات الحيوية التي تحتويها على العلاج بالمضادات الحيوية لا يذكر ورغم ذلك من الانسب التشجيع على استخدام بدائل لها .
* ما هي المخاطر التي يمثلها تناول المنتجات المعدلة وراثيا؟
تستشهد غرينبيس بدراسة جرت على فئران قدم لها كغذاء بطاطا معدلة وراثيا واصيبت بخلل في جهاز المناعة وبالتهابات داخلية.
وترى اللجنة الفرنسية للهندسة الوراثية ان هذه الدراسة موضع شك مشيرة الى ان هذه النقطة تستند الى دراسة مختلف عليها نشرت في مجلة دي لانست تتعلق بتجربة جرت على ستة فئران، واحصائيا تعتبر غير ذات مدلول، لا احد يزعم ان التحول الجيني لا يمثل اي خطر، لكن لابد من اجراء دراسة تحليلية لكل حالة على حدة لتشكل عامل امان لا غنى عنه .
ويسمح البروتوكول الجديد للدول المستوردة برفض المنتجات المعالجة بالهندسة الوراثية اذا ما انتابتها الشكوك ازاءها.
وينص البروتوكول ايضا على ضرورة قيام الدول المصدرة لتلك المنتجات بكشف كافة المعلومات المتعلقة بصادراتها من هذه المنتجات وإلصاق بطاقات تعريف على المنتج ذاته.
وقال خوان ماير وزير البيئة الكولومبي الذي تولى رئاسة المؤتمر الموافقة على هذا البروتوكول يمثل انتصارا للبيئة .
بينما قال ديفيد ساندلو المندوب الامريكي بالمؤتمر هذا اتفاق يحمي البيئة دون ان يتسبب، في الوقت نفسه، في عرقلة حركة تجارة الموارد الغذائية العالمية .
ورحبت آندريه فيشر وزيرة الصحة الألمانية عن حزب الخضر بالاتفاق واصفة اياه بأنه مقبول تماما للحكومة الالمانية ويمثل خطوة كبيرة تجاه حماية المستهلك والحفاظ على التنوع البيولوجي .
واشارت فيشر الى ان البروتوكول لا يخضع للوائح وقوانين منظمة التجارة العالمية لكنه اقيم على اساس مساو لها.
من جانبها، قالت بيني هارلين المنسق الدولي للتكنولوجيا البيولوجية بمنظمة السلام الاخضر: هذه خطوة تاريخية تجاه حماية البيئة والمستهلكين من مخاطر الهندسة الوراثية .
واضافت هارلين قائلة البروتوكول الذي تمت اجازته هنا اليوم يضع الاساس لاتفاق اكثر قوة في المستقبل من شأنه ان يوفر في نهاية المطاف الحماية للبيئة من اضرار المنتجات المعالجة بالهندسة الوراثية .
وكانت محاولات سابقة لفرض آليات رقابة دولية على الصدارات من المنتجات المعالجة بالهندسة الوراثية قد باءت بالفشل في مؤتمر عقد في كارتاجنا في كولومبيا قبل عام مضى.
واوضحت هارلين انه حتى قبل اختتام مؤتمر مونتريال لاعماله بساعتين، بدا ان عملية التوصل الى البروتوكول قد منيت هي الاخرى بالفشل.
وقالت فيشر لوكالة الانباء الالمانية (د,ب,أ) انه في اعقاب فشل مؤتمر كارتاجنا العام الماضي، تصاعدت حدة الضغوط على كل من الحكومتين الامريكية والكندية وربما تكون تلك الضغوط هي التي مهدت الطريق أمام خروج بروتوكول السلامة البيولوجية للنور في مؤتمر مونتريال.
والمعروف ان الولايات المتحدة تقود صناعة التكنولوجيا الحيوية ويحمل الآن محصولها من فول الصويا وثلث محصولها من الذرة جينات معالجة وراثيا انتجت لمقاومة الامراض او الآفات.
يذكر ان بروتوكول السلامة البيولوجية يعتمد اساسا على قواعد اتفاقية لحماية التنوع البيولوجي كان قد تم اقرارها خلال مؤتمر الامم المتحدة للبيئة الذي عقد عام 1992 في ريو دي جانيرو بالبرازيل.