Friday 18th February,2000 G No.10004الطبعة الاولى الجمعة 12 ,ذو القعدة 1420 العدد 10004



الحسد بين الرئيس والمرؤوس
د,محمد بن عبدالرحمن البشر

عندما يكون التباين في وجهات النظر بين الرئيس والمرؤوس نابعا من الحرص على المصلحة العامة فذلك أمر محمود، وفي وضع كهذا لابد للمرؤوس أن يترك للرئيس مهمة اتخاذ القرار، كما أن عليه أن ينفِّذ مايوكل إليه بكل أمانة وصدق، ولكن عندما يتخطى ذلك التباين حدود المصلحة العامة إلى الصراع الشخصي والمماحكة فإن الخاسر الأوحد هومصلحة الوطن والمواطن والمواطنون في حاجة ماسة إلى موظفين هيئ لهم مناخ نفسي وعملي يجعلهم قادرين على الابداع حريصين على تذليل العقبات, وعندما يكون الرئيس حريصاً على الاستمتاع أكثر من الابداع، والتراخي أكثر من التفاني، وعندما يسيء التدبير فيرى في كل خبير قدير منافسا له، فيسعى جاهدا على التقليل من شأنه والتهوين من امره، دافعه في ذلك جهل عاش فيه أو حسد جبل عليه، فذلك داء لايرجى برؤه, قال الإمام الشافعي:

كل العداوات قد ترجى مودتها
إلا عداوة من عاداك عن حسد
أليست تلك مقولة حق؟ فوربي لقد أنصف فيما قال: فإن العدو الحاسد لايثوب عن معاداته الا بزوال نعمة المحسود فمبعث العداوة يكمن في بقاء النعمة وتمتع المحسود بها، فلا تلطف المحسود للحاسد يمنعه من مواصلة حسده، ولا انصرافه عنه رادا إياه عن اربه, فديدن الحاسد في الحياة كذلك، حتى وإن أسديت له من المعروف ما تعتقد انه سيلجم فاه، فهو غير بالغ رضاه, وسيان إن فعل المحسود او لم يفعل, فسيظل هدفا يستلذ الحاسد برميه، وتظل غايته سقما لايرجى برؤه, وأنه لحري بالإنسان أن يتبصر ليرى بأم عينه أن أولئك النفر موجودون على ظهر هذه البسيطة شربوا من ثقافات عالم وعاشوا كما عاش غيرهم، وعانوا وعانى الناس منهم غير أن استمتاعهم يكمن في شقاء نظرائهم، وعناؤهم راجع لسعادة سواهم, ومما يعزي المرء السوي ان اولئك النفر قليل،وإن كان اثرهم غير يسير، وليس للمرء مخرج من عائلتهم، فما لغريمهم من صفات تميزه، ولا لصديقهم خلال تمنعه، فكان الله في عون من ساقته الأقدار للتعامل معهم.

ودارين كل الناس لكن حاسدي
مداراته عزت وعز فعالها
وكيف يداري المرء حاسد نعمة
اذا كان لايرضيه إلا زوالها
وأعتقد ان المخرج من كيد الحاسد هو الرجوع إلى الباري عزَّ وجل وترك الأمور لأعنّتها ، والمثابرة على العمل المخلص فهو دواء المحسود وداء الحاسد, فالوطن في حاجة إلى رجال يعملون لأنهم يرغبون أن يعملوا، رجال يحسنون الإنتاج أكثر من قدرتهم على التملق والانتهاز ، رجال ليس لديهم أغلى من كرامتهم.

زن مَن وزنت بما يزنك
ومايزنك به فزنه
من جاء اليك فرح اليه
ومن جفاك فصدَّ عنه
من ظنّ أنك دونه
فاترك هواه إذن وهنه
وارجع إلى رب العباد
فكل ما يأتيك منه
هذه المعاني الجميلة هي شيم ذوي الالباب، وخلائق ذوي النهى والأحلام، فوربي لايجد النبيل متعه ألذّ من الكرامة، كما لايجد الذليل متعة ألذّ من المهانة، فكلاهما قد نال مراده بإشباع مبتغاه، غير أن البون شاسع بين الواقعتين، والفرق في السلوك واضح جلي، وللمرء أن يختار وما يتوافق مع ماحباه الله من قيم، وارتضاه لنفسه من واقع, فهل يعي كل رئيس ومرؤوس هذه المعاني لنكون جميعاً في خدمة المواطن وينأى بنفسه عن الحسد، ويتسلح بالعمل، فالمواطن والوطن في حاجة إلى جهود المخلصين بدلاً من حجبها بأيدي الحاسدين.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

أفاق اسلامية

نوافذ تسويقية

شعر

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved