Friday 18th February,2000 G No.10004الطبعة الاولى الجمعة 12 ,ذو القعدة 1420 العدد 10004



حديث الديار
مدرسة العطارين بفاس

عرف المغرب انشاء المدارس منذ نهاية القرن الخامس الهجري (11م) اذ تشير المصادر التاريخية الى قيام دولة المرابطين بتشييد المدارس في طنجة واغمات وسجلماسة وتلمسان ومراكش وايضا في العديد من مدن الاندلس مثل قرطبة ومرسية والمرية واشبيلية وطرطوشة وغرناطة وسرقسطة.
ومن اسف ان خلفاء دولة الموحدين التي خلفت المرابطين في حكم المغرب والاندلس قد قامت بهدم هذه المدارس وتغيير معالمها نظراً لتعصبهم ضد تعاليم الامام الغزالي التي كانت تدرس بهذه المدارس المرابطية وبالمثل عامل امراء الدولة المرينية مدارس الموحدين حتى عفيت اثارها ولم يتبق من مدارس المغرب الا بعض منها يرجع الى عصور المرينيين والسعديين.
ومن اشهر هذه المدارس تلك المدرسة الشهيرة باسم مدرسة العطارين وهي تقع بجوار جامع القرويين بمدينة فاس القديمة وقد امر بتشييدها السلطان ابو سعيد بن يعقوب بن عبد الحق في سنة 723ه (1324م).
وقد اعتبرها المؤرخون المعاصرون لها اية الدهر نظرا لجمال عمارتها وروعة زخارفها التي نفذت على الاخشاب والجص والرخام والبلاطات الخزفية المعروفة في اصطلاح اهل المغرب بالزليج.
واستغرق بناء المدرسة حوالي عامين اذ شرع في تشييدها في مستهل شعبان من عام 723ه وافتتحت للتدريس في سنة 725ه وكان المشرف على الانشاء عريف البناء عبد الله بن قاسم المزوار وكما هو الشأن في المدارس المغربية فقد صرفت عناية كبيرة لأمر تزويدها بالماء فمدت اليها من عين غزيرة خاصة بها حتى لا تنقطع عنها المياه.
ونظراً لاعتماد مدرسة العطارين على تدريس مذهب واحد فقط الا وهو المذهب المالكي السائد في بلاد المغرب فقد اتسمت هيئتها الوظيفية بالبساطة في تكوينها فهي تتألف من مدرسين وخدم فضلاً عن مؤذن وامام لاقامة الصلوات لطلاب وموظفي المدرسة وقد افاد السلطان ابو سعيد بن يعقوب المريني من وجود جامع القرويين الشهير على مقربة من مدرسته فألغى منها وظيفة المخطبة نظراً لتوجه الطلاب الى الجامع لاداء صلوات الجمعة (وهو يوم عطلة المدرسة) كما استغنى عن انشاء مئذنة (صومعة) للمدرسة مكتفياً بمئذنة جامع القرويين.
وبالمدرسة لوح رخامي يعرف بلوح التحبيس وقد نقشت فيه اسماء ومواضع الأماكن التي اوقفها السلطان للانفاق من ريعها على انتظام العملية التعليمية بالمدرسة.
ويتكون التخطيط المعماري للمدرسة من صحن وايوان واحد للقبلة ويتم الدخول للمدرسة من كتلة الدخول الرئيسية بالضلع الشمالي وهي عبارة عن دخلة عميقة بوسطها الباب وقد كسيت من اعلاها ببلاطات خزفية مزخرفة برسوم اوراق نباتية ملونة بالأزرق والاخضر والبني وبالمدخل ايضا اشرطة رخامية حفرت بها كتابات كوفية تحوي آيات من القرآن الكريم.
ويؤدي باب الدخول الى دركاه مستطيلة الشكل تحتوي على ثلاثة مداخل الشرقي منها يؤدي الى الميضأة والغربي يوصل عبر سلم صاعد الى اماكن سكن الطلاب (الخلاوي) والاخير يفضي الى صحن المدرسة مباشرة.
وقد جاء صحن المدرسة على هيئة مستطيل بوسطه فوارة رخامية مربعة الشكل وهو منخفض عن مستوى ارضية مباني المدرسة وقد فرشت ارضيته ببلاطات خزفية (زليج) ملونة بالاخضر والاحمر,وفي الجهة الجنوبية من الصحن يوجد ايوان القبلة المستطيل المسقط وقد قسم الى قسمين غير متساويين بواسطة بائكة جانبية مكونة من ثلاثة عقود ترتكز على اربعة اعمدة واكبر القسمين هو الذي يضم المحراب, والايوان له ارضية فرشت هي الاخرى ببلاطات من الخزف الملون اما السقف فمن خشب حافل بالعناصر الزخرفية وقد سدت واجهة الايوان المطلة على الصحن ولم يترك بها سوى باب صغير للدخول وذلك اتقاء فترات برودة الجو في الشتاء ولتوفير الخصوصية لطلاب العلم.
ويحتفظ ايوان القبلة بشبابيك من الجص المعشق بالزجاج الملون (الشمسيات) وكذلك بثريا مصنوعة من البرونز نقش على اطارها السفلي اسم السلطان ابي سعيد المريني مشيد المدرسة.
اما كتلة الخلاوي المخصصة لاقامة الدارسين فتقع على امتداد صحن المدرسة من الجهتين الشرقية والغربية وقد شيدت على مستويين وقد ركبت حجرات الخلاوي في كل جانب على بائكة ثلاثية من عقود قوسية ملبسة في الخشب وللعقد حافة مشرشرة حملت ارجلها على دعامتين مربعتين في المنتصف وعمودين صغيرين في الركنين.
وواجهات كتل الخلاوي كسيت في المستوى الاول ببلاطات من الخزف وفي المستوى الثاني بالجص المزخرف.
وتعتبر مدرسة العطارين بعمارتها وزخارفها المتنوعة والمتقنة من اجمل المدارس التي شيدها المرينيون بمدينة فاس القديمة.
د, أحمد الصاوي


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

أفاق اسلامية

نوافذ تسويقية

شعر

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved