Sunday 20th February,2000 G No.10006الطبعة الاولى الأحد 14 ,ذو القعدة 1420 العدد 10006



شدو
مشاعرنا: بين الموت والكمون؟
د/ فارس الغزي

(سقط رأسك في قرية ما!) ورغم قربها الجغرافي اليك فإنك تزورها لماما! ومن خلال تلك الزيارات القليلة يعتريك احساس تعوزك القدرة على تفسيره! .
حسنا، دعنا نسبر غور هذا الاحساس الجميل/ الكئيب! الذي اعتراك في قريتك, فلربما أنك رأيت نخلة متوفية! ومع ذلك لا تزال باسقة مليئة بالعزة والإباء والجمال، يشجيها ويرقصها نسيم قريتك العليل فتميل اليه تارة وتحيد عنه تارة أخرى، مما عزز تفاؤلك في مشوارك الزمني العمر المتربص بك بل وعزز قدرتك النفسية على مناورته!, ربما أخرى أنك رأيت مَعلَما تراثيا ساد ثم باد مما أيقظ غريزة حب البقاء لديك وضاق صدرك! , هنا ومن لدن تلك المشاهد المتناقضة نستطيع ان نستشف عددا من المفاهيم الحياتية المتمثلة بذكريات تداعت! من تفاؤل وتشاؤم وموت وحياة واطلالة على الماضي وتتطلع نحو المستقبل والتي نستطيع حصرها كلها في كلمة واحدة: مشاعر.
شارفت اجازتك الأسبوعية على الانتهاء فشددت الرحال شطر مدينتك الحديثة متأبطا الصور التي قمت بأخذها لمعالم قريتك المترهلة! ووصلت منزلك سالما غانما وفي خضم بحلقتك! في تلك الصور لفت نظرك كتاب مهجور قابع بالقرب منك قمت بتصفحه لتجد ان ما أخذته من مشاهد تراثية لقريتك الصامتة صمتا سرمديا قد حكتها قصيدة,, ولنقل قصيدة شعبية عصماء! تنبيك عن أحداث تلك الأيام الخوالي الحالكة المفرحة الحاكية المبكية, هنا اختراع الكاميرا وتطور تكنولوجيا الطباعة المتمثلة في الكتاب أغنياك وكفياك مؤونة التردد على قريتك التراثية ولكن هل سوف يغنياك عن التعبير عن مشاعرك السابق ذكرها؟! واصل القراءة! ,, حيث انه في نهاية ذلك السيناريو المشاعري هاجت! شياطين شعرك فقمت بنظم قصيدة تصف ما جال بخاطرك من مشاعر جياشة تجاه قريتك, هنا وفي ذينك اللحظة تساءلت بينك وبين نفسك عن سر ديمومة مشاعرك تلك، بل وصمودها في وجه رياح التغير والتغيير التي مررت بها أنت يابن المدينة؟! .
باختصار لكل ما قرأت آنفا : هل تعتقد ان المشاعر سلبها أو ايجابها تظل مشاعرا؟!، أم هل أنها تتغير من انقراض وخلافه؟! شأنها شأن الكثير من الظواهر المادية التي عاشت زمنا فقط لتنقرض وتصبح جزءا من الماضي؟! بمعنى آخر: لماذا لا تصبح المشاعر تراثاً؟! ننقب عنه ترفا وفضولا شأنها شأن أشيائنا المادية الأخرى؟!,, لماذا عندما نستعرض قصيدة للمتنبي مثلا تصيبنا حالة من التجلي بل وحالة من التقمص لمشاعره؟! في الوقت الذي لا نعير أشياءه الخاصة من قلم وسيف أي اهتمام؟! أليس هذا دليل على ان المشاعر وان تقادمت فإنها لا تموت؟!,, ما هو السر وراء ذلك؟! السر يكمن في ان التكنولوجيا وتطور الحياة قد أوجدا لنا بدائل عن كل ما هو مادي, فالكهرباء ذبحت السراج! والسيارة قصمت! ظهر البعير حقيقة وليس مجازاً! كما ان الكاميرا والكتاب أغنياك عن التردد على قريتك وهكذا دواليك، بل كما ان المدفع قد أغنانا عن سيف المتنبي والثوب جعلنا لا نفكر في إزار! هذا الرجل الذي ملأ الدنيا وأشغل الناس مشاعريا على الرغم من موته منذ أمد بعيد,, هذا لأن المشاعر تنبثق من مكان مكين يمثل عواطفنا وتفاعلنا وتفاؤلنا وتشاؤمنا,, ولذا فهي لا تموت أبدا بل ولن تموت إلا بموت تلك الغرائز الانسانية مرة واحدة مما يعني البعث والنشور , وعليه، لن يكون بمقدور التكنولوجيا القدرة على ايجاد بديل لمشاعرك ما دمت حيا وعليه أخرى سوف تظل مشاعرك ومشاعر غيرك تجاهك! تحت المجهر طالما ظللت حيا تجول وتصول على الهواء مباشرة في أروقة مسرح الحياة المتلاطم بالمشاعر الانسانية من حب وطن وفقد حبيب وابتهاج بمناسبة عزيزة وردة فعل لانتكاسة عاطفية ووو,, حقا ومرة أخرى: هل تموت المشاعر,, أم هل أنها تكمن! في مكان ما في سديمنا المشاعري! فقط لتطل علينا متى ما سمح الزمن بذلك؟!؟!,, أعتقد أنها تتروى ويعتريها فترة كمون ولكنها لا تموت وهذا ما عناه الشاعر في قوله:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول>بوح

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved