Sunday 20th February,2000 G No.10006الطبعة الاولى الأحد 14 ,ذو القعدة 1420 العدد 10006



بيننا كلمة
قارورة مع الموج
د , ثريا العريّض

,, يوم أطلقت الأشرعة لزرقة التأمل وانطلقت بكثير من العفوية وتجربة طفولية النقاء، لم تكن مبادرة أو جرأة مني,, لم أكن وحدي؛ معي كنت يا ابن ماجد تترك لي اختيار لون الأفق، وترسم خرائط المجهول من وجودنا, يراعات ملتاثة بهوس ومضاتها النارية في حياة قصيرة تنهيها نفخة من ريح,, وبعدها يقين الغياب,,
واليوم اقرأ ذاكرة الأمس,, وأرسل رسالة في قارورة يتقاذفها الموج.
***
أتراني قبل قرون البراءة سمحت لانعكاسات الشمس في البحر أن تغريني بالسفر بلا بوصلة سوى إحساسات القلب ونداءات الأفق,,؟
كم ميناء بلا فنار، ومدينة بلا اسم ظلت تحاول أن تغوي السفينة بالتوقف؟,,, تأتيني أصداؤها مليئة بسراب الحنين في حفيف الشواطىء الرملية, أتأملها من على ظهر السفينة، أصغي لغمغماتها وهمهماتها.
أتذكّر بحَّة الصوت وحكايات عوليس الذي تطارده نداءات السيرانات,, هل تراني سمعتها معه؟,, أو منه؟ صدقت حكاياته عن تصوراتها وتهيؤاتها؟ هل تحولتُ ذات كابوس الى سيرانة منها؟
***
أعود بعيني زرقاء الى الأفق البعيد,, دمعة,, وابتسامة.
ومازال السفر عبر المكان والزمان,, مازال الأفق الأزرق،، ومازلت.
ولكن تلك الطفلة التي تسكن زرقة أعماقي تناءت الى آخر ظل في الأفق, هي ترفض أزمنة المعرفة الرمادية,, ووهج الشمس يعشي عينيها المبتلة الأهداب.
وأنا بعد جنون عوليس مثقلة بالمعرفة، لا أثق بسراب الآفاق.
أعرف أن قوس قزح حين يضيء زمانها ومكانها قد لا يكون سوى وهم طفولي, وأخاف أن أفجعها بحقائق الواقع فيتبخر الخيال, تموت فيَّ وهي أجمل ما فيَّ.
لم يبق بعدها بيننا سوى صفير رياح البعد؟
صمت الخوف من إيقاظ أشباح الذاكرة؟
أنين سفينة تمور بدوامة مفرغة من الزمان والمكان؟
أزيز شظايا المرايا التي حطمتها أصداء انفصاماتنا؟
صراخ التيه حال نزاعاتنا وجهة أي ريح نتبع؟
لا بل همس قصيدة أزلية,, ايقاع طفولة فطرية الأصداء.
انعتاق الى فضاء لا ينحصر بين الانتظار والمواعيد المختزلة,.
الى الزمن اللامحسوب الساعات والأيام,.
والمكان اللامحدود المساحات والمسافات,.
قصيدة أزلية تلوننا بأزرق الخزامى,,, تتوالد,, أغنية لابن ماجد,,!
تتشكل في مثل ملامح تتجذر في عمق الذاكرة,.
عودة مسافرة تبقى متوّجة على عرش الانتظار الأزلي,.
شوق لبحَّة صوت مشاغب,, تستعصي على النسيان!
أزمنة المعرفة بكل مذاقاتها وألوانها تبدو الآن متبلورة الشفافية لا دمعة حيرى,, ولا ابتسامة واجفة, تبقى حقيقة الوجد.
اليوم,, لا أعرف أي ذاكرة تتلبسني,, وبأي لون تجيء,.
أزمنة الفرح الأزرق,,؟ أم أزمنة التعب الأبيض,,؟
أم أزمنة تناثر الأجنحة الوردية,,؟
شوق رمادي في قارورة تطفو,, على موجات الوجد!

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved