Sunday 20th February,2000 G No.10006الطبعة الاولى الأحد 14 ,ذو القعدة 1420 العدد 10006



خيركم من تعلّم القرآن وعلمه
د, سالم بن خلف الله القرشي
عميد كلية المعلمين بالطائف

الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة جنوداً لكتابه، ودعاة لدينه، منهم تشرّبت هذه البلاد المباركة رسالة الله إلى اليوم,, وتقبّلت هذه الأرض الطيبة نفحات الوحي الكريم,, فصاغت من ابن هذه الجزيرة مشعل هداية إلى البشرية قاطبة، وجعل من آل سعود حملة لدينه منذ قاموا فاحتضنوا دعوة الاصلاح التي دعا إليها شيخ المجددين المصلحين محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
والصلاة والسلام على الهادي البشير، المبعوث رحمة للعالمين، بكتاب عربي مبين، القائل: خيركم من تعلم القرآن وعلمه,, وبعد:
فقد جعل رسولنا الكريم الخيرية في فئتين من الناس هما:
من تعلم القرآن، وأقبل على حفظه وترتيله وفهمه وتفسيره.
من علم القرآن.
وتعليم القرآن الكريم متعدد الصور، والوجوه، يتخطى مجرد تلقينه والقيام بتعليمه وتحفيظه إلى: فتح الأبواب إليه,, وتهيئة السبل له,, وحث الناس على حفظه، واقبالهم على فهمه,, ودعم المؤسسات التي تتصل به.
ومدّ الرواق الذي يحتشد فيه الحفّاظ على موائده,, ومنافعه.
وجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم راية مجد وفخار، تقوم بهذا الدور العظيم في نشر كتاب الله، وفتح الوسائل والموارد لحملة الذكر الحكيم وتوجّه أبناؤنا وبناتنا إلى الاغتراف من هذا المعين الصافي الذي يحفظ عقيدتهم، ويصون حياتهم,, ليتشربوا تعاليمه,, ويتمثلوا أخلاقه، ويتبعوا مواعظه,, ويطبقوا أحكامه,, وتصبح أخلاقهم قرآنية.

إذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ
تلقّفها عرابةُ باليمينِ
سلمت يمينك يا سلمان حين تلقّفت هذه الراية، وغرست هذه المنارة التي تستثمر أوقات الشباب والشابات، وتحوطهم بسياج العقيدة، وتطعّمهم ضد تيارات الالحاد والفساد,, وتشغل فراغهم بما يعمر قلوبهم، ويقوي ايمانهم ويبني شخصياتهم، ويربطهم بسيرة السلف الصالح من أبناء هذا الوطن العريق.
والحق أن هذه الجائزة سجل حافل من أعمال البر,, وصنائع المعروف، تحركه الدوافع النبيلة فكرة ومسيرة وتطبيقاً يحدوها ابتغاء وجه الله، وطلب الثواب عنده، ورجاء رضوانه وطاعته,, وتزرع الخير وتنشر الإيمان في الناشئة كما يبذر القمر ضياءه.
هي مهرجان يجمع شباب هذا الوطن وشاباته حول أشرف الكتب، وأنبل الغايات، وأسمى القيم,, كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وأتذكر قول شوقي وأجده أصدق تعبير عن هذه التظاهرة الشبابية:

في مهرجانٍ هزّت الدنيا به
أعطافَها، واختالَ فيه المشرقُ
وكيف لا يختال المشرق بعمل كهذا,, دافعه الإخلاص,, ولحمته التقوى، وسداه الإيمان,, وغايته الخير,, وهدفه خدمة كتاب الله,, ومادته أبناء هذا الوطن وتربيتهم على الدين والخلق,, وكيف لا تهز الدنيا أعطافها بهذا العطاء السخيّ,, والدعم الوفير,, والبذل المتواصل الذي يقدمه أبو سلطان من ماله الخاص لنشر كتاب الله.
إنَّ من فضل الله على هذه البلاد ان هيأ لها حكاماً صيغت نفوسهم على منوال العقيدة,, وجُبلت قلوبهم على هدى الشرع,, وتتطابقت هممهم مع هذا الدين الحنيف وغاياته النبيلة، فهم يحكِّمون شرع الله في كل صغيرة وكبيرة.
وقد بنى الإمام المؤسس الموحد عبدالعزيز رحمه الله، منذ بدأ مشروعه العملاق، دعوته في سكناته وحركاته,, في نومه ويقظته,, في ليله ونهاره,, في قيامه وقعوده,, في سرِّه وعلنه,, في حربه وسلمه,, على الاستهداء بالشرع,, وتحكيم كتاب الله,, وتطبيق قواعد الاسلام, فأقام دولة عصرية تجمع المجد من أطرافه:

تطبيق واع لأحكام الإسلام.
ومعاصرة حية لمتطلبات الحياة.
ونشأ من هذه المعادلة دولة فريدة في بنائها وتوجهاتها في العالم المعاصر، تتميز بالأمن، والرخاء، والاستقرار، والدين، والتعاون، والوحدة، يشار إليها بالبنان حين ينقطع النظير، وينعدم المنافس.
وسار أبناؤه البررة من بعده على هذا المثال الحي، فدعموا الحضارة ونشروا العلم، ومدّوا رواق الأمن، وطبقوا أحكام الدين، واستظل الناس بظل ظليل,, وماء وفير,, وخير عميم,, وامتدت أياديهم إلى أنحاء عديدة من المعمورة تنصر المظلوم,, وتنجد المستغيث,, وتهدي النور,, وتفتح دور العلم وتؤسس مراكز الدعوة,, كما قال زهير:

وفيهم مَقَاماتٌ حسانٌ وجوهُها
وأنديةٌ ينتابُها القولُ والفعلُ
وإن جئتهم ألفَيتَ حول بيوتِهم
مجالسَ، قد يشفي بأحلامها الجهلُ
وإن قام منهم قائمٌ قال قاعدٌ
رشدتَ، فلا غرمٌ عليك ولا خذلُ
فما كان من خيرٍ أتوهُ فإنما
توارثه آباءُ آبائِهم قبلُ
وهكذا شمخ البناء، وتطاول في الفضاء.
وسلمان ابن هذه الدوحة العظيمة,, وغرس من غروسها,, ونتاج من نتاجها الفريد,, وسليل هذه الأسرة الكريمة التي رفعت راية الإسلام في عصر ضاع الطريق تحت أقدام السالكين.
وقديماً قال العرب: الشيء من معدنه لا يستغرب.
ليس عجباً ان يتبنى سموه هذا المشروع العملاق الذي يحشد فيه شباب الوطن في ظل القرآن الكريم، ويدفعهم إلى مائدته الشهية، ويجالسهم في رياض الإيمان، كما قال زهير أيضاً:

وهل ينبت الخطيَّ إلا وشيجُهُ
وتُغرس إلا في منابتها النخلُ
ومن غير أمير الرياض يفعل ذلك.
وحدث كما تبغي,, وقل كما تريد عن اسهاماته الجليلة في أعمال الخير وأفعال البر,, التي امتدت في أرجاء بلادنا العزيزة ثم امتدت إلى أنحاء المعمورة.
فأعمال الإغاثة في رعاية أسر المجاهدين في فلسطين، ثم في الصومال، والبوسنة والهرسك، وأفغانستان، وكوسوفا، تشهد على أياديه البيضاء وقلبه الكبير الذي يحمل الخير للوطن وللإنسانية جمعاء.
ولا تزال قلوب العظماء تتسع وتنمو حتى تأوي إليها البشرية,, وتسكنها الرحمة,, وينبت فيها الخير لكل الناس.
وتحدث عن المراكز الإسلامية، والمساجد، ودور العلم التي يحرص ان يفتتحها بنفسه في كبريات العواصم في العالم لتكون منارات يرتفع منها نداء الإسلام وتمثيلاً للوجه الإسلامي الصحيح في تلك الأصقاع النائية.
وتحدث عن إيواء العجزة والمسنين,, هذه اللفتة الإنسانية الحانية ولا تنس أن تذكر عاصمة الثقافة العربية عام 2000 التي أناخت إلى رحابه واستكانت إلى ساعده,, تختال بين العواصم بأميرها المخلص,, ومصمم لوحتها الجميلة.

ألقَت إليكَ بنفسها ونفيسها
وأتتكَ شيقةً حواها شيّقُ
خلعت عليك حياءها وحياتها
أأعزُّ من هذين شيءٌ يُنفقُ؟
والمطلع على أثر هذه الجائزة بين الناشئة والشباب، ذكوراً وإناثاً يلمس البعد العظيم الذي احدثته في هذا القطاع المهم العريض في المجتمع السعودي حين أثارت التنافس الشريف بينهم,, وربطتهم بالأثر الخالد، مناط العزة ومصدر دين الله.

فأشرقَ نورٌ تحت كلِّ ثنيَّةٍ
وضاعَ أريجٌ تحت كلِّ حصاةٍ
فإلى أمير نجد,, أزجي الشكر والتقدير,, وأدعو الله أن يجزل له المثوبة,, وأن يعظم له الأجر.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved