Tuesday 22nd February,2000 G No.10008الطبعة الاولى الثلاثاء 16 ,ذو القعدة 1420 العدد 10008



معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ 3
تأليف المهندس المعماري عبدالعزيز بن عبدالرحمن كعكي
عرض : حمد الجاسر

ثم تحدث المؤلف الكريم عن منهجية البحث والدراسة فالدراسة تركزت على كل عهد بشكل منفصل، باستقصاء ما امكن استقصاؤه عن كل مرحلة في كتب التاريخ، او ما استنبط من حوادث تاريخية، او ما وجد من تسجيل ووصف ومشاهدات لبعض الرحالة الذين قدموا المدينة في فترات زمنية مختلفة.
ثم أنهى كل مرحلة بملخص لأهم عناصر التطور العمراني، والتقدم الحضاري في تلك المرحلة مضيفا: وقد شغل العهد الحالي عهد الدولة السعودية ايدها الله ما يقارب نصف هذا الجزء لما تميز به من تطور عمراني شامل، لمختلف القطاعات، فكان له التأثير الكبير في البنية العمرانية والحضرية.
ثم ذكر انه حرص قدر الامكان على التوثيق العلمي والتاريخي لكل ما ورد في هذا الجزء ووقع ما تقدم في أربع وعشرين صفحة .
واتبع تلك المقدمة بتمهيد في الدراسات الجغرافية والطبيعية لخصائص المدينة المنورة، موضحاً ان التعرف على تلك الخصائص من خلالها يمكن تحديد الخصائص العمرانية والطبيعية والجغرافية، وما تعكسه على سلوكيات المجتمعات والافراد، القاطنين بتلك المدينة، ممن تنوعت عاداتهم وتقاليدهم تبعاً لذالك.
ثم استمر في ايضاح وبيان ما للمدينة من خصائص لانها في موقع يتميز بارتفاع درجات الحرارة صيفاً وشتاء، مشيرا الى تأثير ذلك على نسيجها العمراني، حيث درسها من الناحية الجغرافية والطبيعية، كما تحدث عن موقع المملكة من الجزيرة العربية والعالم، وحدودها الطبيعية والسياسية واقاليمها، وتضاريس اقليم الحجاز، وتكونه من جبال وسهول ساحلية يطلق عليها اسم تهامة .
وتحدث عن موقع المدينة من حيث خطوط العرض والطول وعن ارتفاعها عن سطح البحر، واحاطتها بالحرات البركانية من الجنوب والشرق والغرب، واكتنافها بجبل احد شمالاً وجبل عير جنوبا، وذكر اوديتها وتميز تربتها بالخصوبة لما جرفته اليها السيول، مما سبق ان اوضحه في الكلام على المعالم الطبيعية، وخلص من ذلك للكلام عن مناخ المدينة المنورة، والمظاهر الرئيسة لطبوغرافيتها، واصفاً ما يحيط بها من جبال وحرات واودية، وغير ذلك من خصائصها الجغرافية، مع لمحة تاريخية عن عدد سكان المدينة قديما، منتهيا بذلك الى قوله: وقد رجح بعض الكتاب والمؤرخين بأن عدد سكان المدينة عندما قبض النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ستين الف نسمة، ومصدره في ذلك كتاب سكان المدينة المنورة لمحمد شوقي، وانه يميل الى هذا الرأي واستمر في ذكر عدد السكان في كل مرحلة من المراحل التي اشار اليها معولاً على كتاب الاستاذ محمد شوقي، مورداً جدولاً عاماً لاحصاءات السكان حسب تلك المراحل ذاكرا مصادره.
وبذلك انتهى تمهيد المؤلف في الدراسات الجغرافية والطبيعية، بحيث انتهى في الصفحة الخامسة والاربعين من هذا الجزء، ثم شرع في تفصيل محتويات الكتاب، وفق ما ذكر من مراحل،واكتفي باجمالها، وكنت اود ان اورد لمحات مما ورد فيما اطلعت عليه من هذا المؤلف، تبرز حرص مؤلفه الكريم على ان يقدم لقارئه اصح الدراسات وأوفاها في موضوعه، الا انني رأيت له ان يطالعه كاملاً، لتتضح تلك العناية الفائقة: ومن ورد البحر استقل السواقي وهاهو اجمال تلك الفصول كما وردت في مقدمة الكتاب:
الفصل الاول: التطور العمراني والتقدم الحضري للمدينة قبل الاسلام من ص 50 الى 63 .
الفصل الثاني: التطور العمراني في عصر النبوة من ص 64 الى ص 97 .
الفصل الثالث: في عصر الخلفاء الراشدين من ص 98 الى ص 118 .
الفصل الرابع: في العصر الاموي من ص 119 الى ص 135 .
الفصل الخامس: في العصر العباسي من ص 136 الى ص 141 .
الفصل السادس: في العصر المملوكي من ص 152 الى ص 163 .
الفصل السابع: في العصر العثماني والهاشمي من ص 164 الى ص 211 .
الفصل الثامن: العصر السعودي من ص 212 الى ص 487 .
الفصل التاسع: ملخص لاهم مراحل التطور العمراني والتقدم الحضري للمدينة المنورة، في المراحل المتقدم ذكرها من ص 488 الى ص 513 .
وتحدث في هذا الفصل عن الاسس والركائز التخطيطية في اعمال التخطيط والتطوير، وعن تخطيط المناطق الحضرية التاريخية في المدينة، وسلامة البنية العمرانية والطبيعية، وأتبع ما تقدم بموجز لأهم توصيات الندوة العالمية للعمارة والتخطيط في العالم الاسلامي وعن السياسات العامة لتخطيط المدن الاسلامية،ووسائل تنفيذها والتوصيات الخاصة بتعلم العمارة والتخطيط في الجامعات الاسلامية، ومراكز الدراسات، وممارسة المهنة, ثم الفهارس من ص 514 الى ص 541 للموضوعات العامة وللصور والمخططات والجداول والمراجع.
والواقع ان هذا الجزء وان لم تزد صفحاته على 544 الا ان من المناسب ان يكون في مجلدين، اذ طباعته على هذا الورق الثقيل الناعم كوشيه وزن 120 جم مما يرهق القارىء ولاسيما الشيوخ ممن يعجزهم حمله.
اما الحديث عن اتقان الاخراج والطباعة صوراً ورسوماً ووضوح حروف، فقل ان يماثله في ذلك غيره من المطبوعات العربية، مما يدل على ان المؤلف وفقه الله تكلف في هذا الكتاب جهدين احدهما: بجودة الاخراج مما يسبب كثرة نفقات الطبع والتجليد والصور وغيرها.
والثاني: وهو الاهم ان المؤلف قل ان يدع موضعا تحدث عنه دون ان يصوره او يرسمه رسماً متقناً، وان يحدد بعده عن مركز المدينة بالاكيال 1 وان يوضح ذلك الموقع في مصور جغرافي.
والمؤلف في كل ذلك تتبع ما تحت يد القارىء من المؤلفات عن طيبة الطيبة فرجع اليه واستفاد منه، ولهذا فليس من المبالغة القول بأن من طالع كتاب وفاء الوفا للسمهودي وهو أوفى كتاب الف في موضوعه واشمله من حيث تتبعه لمصادر التاريخ القديم, أما ما بعده من مؤلفات، فهي على كثرتها وجلالة قدرها، تعده المرجع فيما تضيفه من استنتاجات او دراسات.
لهذا يصح القول بأن ما ورد في كتاب السمهودي الآنف الذكر عن المظهر الطبيعي للمدينة المنورة من حيث الحرار والجبال والاودية المسماة في ذلك الكتاب قد درسها الاستاذ المهندس عبدالعزيز دراسة علم ومشاهدة، ووصفها وصفاً دقيقاً، وابرزها ممثلة في الصور والرسوم فيما صور في مؤلفه الضخم، الذي يعد اتمامه من اوفى المراجع عن تاريخ طيبة الطيبة وجغرافيتها.
ومن المعروف ان كل عمل يقوم به الانسان لا يبرز كاملا فالكمال لله سبحانه وتعالى، الذي قال في وصف كتابه الكريم: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا .
فقل ان يوجد مؤلف لا يخلو من المآخذ، غير ان القارىء يهتم بالجوهر، ولا يعنيه ما قد يعترضه من هفوات هينات، قد يكون في الاشارة الى بعضها ما يدفع المؤلف الى تداركها فمن ذلك:
1 الاعتماد على مصادر غير موثقة، كما ورد في قوله 2 : وتقع بين هذه المرتفعات بعض الهضاب والحرات البركانية مثل حرة الحجاز ، ومن الحرات حرة خيبر وتعرف ب حرة النار وتقع شمال شرق المدينة و حرة الكرماء التي تقع شرقي المدينة وتصل بين حرة خيبر و حرة بني سليم التي تمتد من المدينة المنورة الى قرب مدينة الطائف انتهى.
هذا الكلام رجع فيه المؤلف الى كتاب شبه جزيرة العرب لمحمود شاكر وهو غير الاستاذ الثبت المحقق محمود محمد شاكر رحمه الله فالاول اسمه الكامل محمود شاكر سعيد، من الاخوة المنتدبين للتدريس في المدارس من اهل الشام.
والقول بان حرة الكرماء التي تقع شرقي المدينة، تصل بين حرة خيبر و حرة بني سليم , فلا يعرف في كتب المتقدمين حرة بهذا الاسم، انما يوجد حزم مسطيل عريض، يعرف قديما ب حزم بني عوال تغلب على مظهره صفات الحرة، وقد اطلق عليه حديثا اسم حرة الكرماء خطأ، والكرماء هنا اسم محرف عن اسم عربي قديم، لايزال مستعملا وهو هرمة اسم منهل واقع في هذا الحزم، رسم في احدى المصورات الجغرافية من قبل اناس اعاجم، لا يحسنون اللغة العربية كرماء وهي في الاصل هرمة ، قال عنها عرام بن الاصبغ السلمي في رسالته 3 في كلامه على الطرف المعروف الان باسم الصويدرة : يكتنفه ثلاثة جبال: احدهم ظلم وهو جبل اسود شامخ، لا ينبت شيئاً، و حزم بني عوال وهما جميعا لغطفان، وفي عوال آبار منها بئر ألية ، اسم إلية الشاة و بئر هرمة وبئر عمير و بئر السدر وليس بهؤلاء ماء ينتفع به انتهى، و بئر هرمة معروفة في هذا الحزم الذي اطلق عليه فيما بعد هرمة من ذلك العهد الى عهدنا الحاضر، ويقع بين خطي الطول: 00/40 و 31/40 وخطي العرض: 20َ/24 و 40َ/24 .
2 والحزم الذي تنطبق عليه صفات الحرار لا يصل بين حرة خيبر و حرة بني سليم بل بينهما اودية وارض واسعة.
3 القول بأن حرة بني سليم تمتد من المدينة المنورة الى قرب الطائف, غير صحيح ف حرة بن سليم ، وتعرف الآن باسم حرة رهاط ، ورهاط احد الاودية الممتدة منها نحو البحر قال ابو علي الهجري في تحديدها 4 : حرة بني سليم تبتدىء من ذات عرق، ورهاط، ثم تنقطع بحبس عوال، الى قرب الطرف المنزل الذي قبل المدينة انتهى والهجري من اهل القرن الرابع الهجري ومن العلماء المشهورين، وحبس عوال هو حزم بني عوال الذي تقع فيه بئر الهرمة ، وذات عرق تعرف الآن باسم وادي الضريبة يقع بقرب خط العرض: 50َ/21 بينما بلدة الطائف تقع بقرب خط العرض:15َ/21َ فالمسافة بين منتهى حرة بني سليم وبين مدينة الطائف طويلة عريضة.
4 منها عدم التثبت من صحة النص كما في ص 40 حيث ورد:تشير الروايات التاريخية الى ان سكان المدينة قبل البعثة كانوا من عقيل وفالج ومنهم العماليق .
لعل المؤلف الكريم رجع في هذا الى كتاب وفاء الوفاء 5 :فنزلت عبيل يثرب، ويثرب اسم ابن عبيل .
اما عُقَيل فمن القبائل الحديثة من بني عامر من هوازن ومساكنها جنوب الجزيرة.
5 ومن ذلك ما ورد في الصفحة نفسها من تقدير عدد سكان المدينة، فقد نقل المؤلف عن كتاب سكان المدينة للاستاذ محمد شوقي بن ابراهيم مكي، الا مما يؤخذ على ورود النص عدم ذكر المصادر التي تشير الى تحديد العدد، والقول بانه توجد بعض المصادر مع عدم ذكرها لا يحمل القارىء على الثقة بما بين يديه.
6 ومن ذلك ايضا وقوع كثير من اللحن مثل كلمة: ص 40 نحو مئتا الف نسمة و حوالي مئتان وتسعة الاف نسمة , اذ ينبغي ان يكون ما بعد كلمتي نحو و حوالي مجروراً: نحو مئتي الف و حوالي مئتين وتسعة آلاف .
اما وقوع التطبيع الاخطاء المطبعية فقل ان يسلم اي كتاب مطبوع منها، ومع تحري الدقة التامة في اصدار الكتاب خالياً منها، فقد وقع فيه كثير من ذلك، ومنها اثبات همزة الوصل، ومن الامثلة ص 40 ويسكنون فيه أنتظارا و فيما أقتصرت وص 41: ثم إرتفع ، اي إرتباط وامثال هذا مما لا تخلو منه صفحة من صفحات الكتاب
ان تقديري للاستاذ المهندس عبدالعزيز وحرصي على ان يبرز هذا المؤلف على خير صورة ممكنة، هو الذي حملني على ان اشير الى تلك الملاحظات العابرة دون التوسع فيها.
ولا شك انه وفقه الله من اليسير السهل عليه ان يخلو مؤلفه من تلك الهفوات، وقد بذل ما استطاع من الجهد، في الرجوع الى المصادر واستخلاص أوثق ما صح له منها، فلا يلام بعد ذلك لان الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً الا وسعها.
وقد برز الكتاب في مظهره وكثير من مخبره، بصورة ممتازة من الطباعة، وصدرت طبعته الاولى عام 1419ه 1998م عن مطابع دار احياء التراث العربي في بيروت.
* الحواشي:
1 الاكيال جمع كيل فكما عرب المتقدمون من العرب كلمة مايل الانجليزية الى كلمة ميل فقد حاول بعض المعاصرين من علمائنا كالدكتور عبدالوهاب عزام في كتابه رحلات عبدالوهاب عزام والدكتور احمد رضا مؤلف كتاب متن اللغة ج1 ص 95 معالجة بعض هذه الكلمات وامثالها، في الوقت الذي كثر فيه استعمال اللهجات العامية لكل قطر من الاقطار الاسلامية والاستغناء بها عن لغة القرآن الكريم التي بدت كما وصفها حافظ ابراهيم:
فجاءت كثوب ضم تسعين رقعة
مشكلة الالوان مختلفات
فمن واجب كل مسلم الحفاظ على هذه اللغة الكريمة فكلمة كيل بكسر الكاف بدل كلمة كيلو متر اي الف متر في قياس المسافات، واستعمال كلمة كيل بفتح الكاف بدلا من كيلو غرام اي الف غرام في الموزونات والمكيلات، مما ينبغي ان يقره مجمع اللغة العربية لصيانة هذه اللغة الكريمة.
2 ص 30
3 اسماء جبال تهامة وسكانها ص 424 من نوادر المخطوطات .
4 التعليقات والنوادر ص 1385
5 ص 156

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

نوافذ تسويقية

ملحق تكنولوجيا المعلومات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved