Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



امرأة من هناك ,,,!!
منيرة أحمد الغامدي

كنت أجلس مواجهة لها,,,,, كان لقاء علميا,, وحتى يحين موعد بدء اللقاء، كنا في جلسة شاي تبادلنا خلالها الاحاديث من الشرق الى الغرب، ومن الشمال الى الجنوب، ولم تعف من احاديثنا الجهات الفرعية ايضا، كنا مجموعة من السيدات جميعهن موظفات ما بين قطاع حكومي وخاص,,، على درجات متفاوتة من التعليم والثقافة,, منهن المتزوجات ومنهن من تأمل وتدعو ان يكون ذلك قريبا!!، وقد تتمنى لاحقا لو بقي الحال على ما هو عليه!!
كانت تلك السيدة اللطيفة قد طلبت مني الجلوس بجانبها بعد ان علمت من الحضور محاولاتي الكتابية المتواضعة هنا وهناك,, وجلست بجانبها، كانت تحمل شهادة عليا، تعمل في مجال له علاقة بالخدمات الانسانية.
قالت اريدك ان تكتبي! ابتسمت وقلت عن ماذا؟ قالت بسماع الجميع عن موضوع لم اجد له اجابة,, ولعلك تستطيعين ان تجدي في القراء من يستطيع الاجابة على تساؤلي!! قلت حدثيني يا أخية.
قالت: عملي في مجال له علاقة بالخدمات الانسانية وتمر بي حالات تقطع نياط القلب، ولكني استطيع التعامل معها وايجاد الحلول لها في معظم الاحوال، وان كانت حلولا تحقق لي درجات متفاوتة من الرضا، ولكن هذا الموضوع الذي سوف احدثك عنه لم اجد له حلا يحقق لي ادنى مستويات الرضا,,,, !!
قلت فإن هات ماعندك,, قالت: نعم الشرع حلل للرجل الزواج بأكثر من واحدة فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم قلت فما المشكلة؟ قالت يتزوجون بأخرى غير بنت البلد، قلت هنا قد تكون مشكلة!! قالت يهمل زوجته التي عاش معها عمرا بحلوه ومره، وانجب منها (درزنا) من الاطفال، وينسى نفسه مع تلك العربية الاخرى، فلماذا؟ قلت هنا فعلا مشكلة كبرى ,,, !!
تساءلت هي: ما هو السر الذي يجذب الرجل في مجتمعنا لغير بنت البلد؟، قلن ضاحكات: لعله بياض البشرة!! قلت فينا من البيض والسمر ولكل طلبه الذي سيجده, قالوا لعلها الثقافة! ولكن كثر منا هن المثقفات,, هذا بالاضافة الى ان معظم الفتيات اللاتي يتزوجون بهن من هناك لسن على اي مستوى من الثقافة بل لربما كن حاملات لشهادات دراسية بسيطة,, فقط، او غير متعلمات اصلا!!.
قلن اقرب طريق الى قلب الرجل معدته,, وهن هناك يجدن عمل المحاشي والملفلف والمخلل والتبولة,, قلت كل ذلك متوفر في كتب الطبخ ومع اسامة السيد في ال (mbc) والعبء الآن على بنات الجزر اللائي يأتيننا ب القادو قادو السامبل بالاضافة الى ما نعلمهن اياه، والبركة في المطاعم ايضا، كل شيء متوفر اذاً! قلن ربما الشياكة؟ قلت لا احد يذرع الاسواق طولا وعرضا، في الداخل والخارج مثلنا، وها نحن كأننا خريجات مداس ايف سان لوران او كوكو شانيل او ذلك الآخر التعيس الذي مات مقتولا فرزاتشي.
قلن ربما يكون السر في الرشاقة، ولكن هانحن كل منا لها عضوية في ناد رياضي، وان لم يكن فبيوتنا بها من اجهزة الرياضة ما يمكن ان ننشىء به ناديا متكاملا، ثم ان من يتزوجون بهن وهن رشيقات لا يمضي شهر العسل حتى تبدو مثل الجاموسة بعد اول شهر!!
وحارت بنا الافكار في فهم عقل ذلك الرجل؟ وكيف يفكر؟ وبدا لنا وكأنه من كوكب آخر وفجأة ومن بين الحاضرات كانت هناك واحدة ترقب في صمت وتسمع دون تعليق,, وفجأة نطقت، فالتفتنا جميعنا لمصدر الصوت,,، قالت الناطقة: اوما سمعتن قول المصطفى صلى الله عليه وسلم هي الولود,, الودود؟!! فقلنا جميعا بوركت يا اخية كلنا ولودات!! بل ان بعضا منا يشرف على فريق كرة كامل مع الاحتياطي.
قالت وماذا بشأن الودودات,, وهنا طأطأ البعض منا الرؤوس، ومنامن ليس لها سابق خبرة تطبيقية في الزواج فحارت بين الاجابة والسكوت، اما البعض الآخر وهن الاغلبية فقد قالت احداهن,, متى اراه ويراني ليودني واوده,, لا اراه الا وانا متوجهة لعملي صباحا مع السائق, ثم نعود لنتناول الغداء كلانا متعب وبحاجة للراحة,, وينام,, يستيقظ بعد ان اكون اعددت له القهوة ليرشفها على عجل ويغادر الى لقاء الاصدقاء!!، فلا اراه الا اليوم الثاني,, وهكذا قالت الاخرى عن اي ود تتحدثين؟ هو زوج على الورق! وأب على شهادات الميلاد!! لا يدخل البيت الا مزمجرا وصارخا يرعب الصغير منا والكبير,, لا اشعر بأنه الزوج الذي ألجأ الى صدره عند الرغبة في الشعور بالامان والحنان,, ولا يلجأ اليه الابناء عند الرغبة في الشعور بالعطف!!، لا يرغب ان يناقشه احد في اي موضوع ويعتبر ذلك نوعا من التطاول عليه,, هو يأمر ونحن ننفذ,, يتحدث مع رفاقه في الهاتف ضاحكا منشرحا, اما معنا فهو وحش كاسر,, عاقد الحاجبين!! حتى بات خروجه من البيت رحمة لنا، وانطبق عليه القول نوم الظالم عبادة!! فكيف ومتى نبادله الود ويبادلنا ,,,, ؟
قالت اخرى: كيف اوده؟ يمضي اليوم في انتقادات لاذعة وتجريح,, لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب,, الاكل لا يعجبه,, ان سخناه قال بردوه، وان بردناه قال ما هذا البرود؟! اذا طبخنا السمك قال لماذا لم يكن اليوم دجاج؟ واذا طبخنا الدجاج قال لماذا لم يكن لحم؟ واذا وضعنا له اللحم قال رفعتم عندي الكلسترول!! بل الضغط والسكر والجلطة هي ما سوف يسببه لي!! ثم يتساءل لماذا تتعمدون وضع جهاز التلفاز على هذه القناة التي لا احبها؟ نقول كلنا بصوت واحد,, بها برنامج مدته ساعة فقط وكلنا نتابعه,, فيقول تابعوه اذا خرجت من البيت!! ويبدأ اللعب باعصابنا وهو يغير من قناة الى اخرى بعشوائية مثيرة تسبب الجنون وتجعلني ارثي حتى لحال الريموت في يده!!
كلنا نرتعد منه ونكتم الانفاس في حضوره، اعيننا تبحث مثل اجهزة ال سكانر هنا او هناك عن اي شيء قد لايروق له، فنحاول تغييره قبل ان تصل اليه عيناه، فكيف بالله اوده؟.
وهنا بدأت الرؤوس المطنطنة ترتفع شيئا فشيئا,, وبدأت الرؤوس الاخرى تهتز بالموافقة، فكل ما قيل ليس بغريب عليهن ومع ذلك يشعرن بالغبن فبودهن ان تكون الحياة اجمل مما هو قائم!! هذا وهناك من الاخريات التي تتناولهن الايدي احيانا، وان لم يكن فلعنا وسبا وشتما او كلها.
كيف يعيش الانسان عمرا كاملا,, حياة يسودها البؤس والالم والاحساس بالحرمان وبعدم الحنان والعطف؟ كيف يعطي من هو فاقد للشيء؟ كيف يمكن ان نتحد مساء وكلانا يعيش يومه منفصلا جسدا وحسا ومشاعر؟ نتعامل مع بعضنا البعض وكأننا رئيس تقليدي متسلط ومرؤوس جبان!1 لماذا وكلنا في لحظات معينة ينطلق فينا ذلك الطفل الصغير فنحنّ ونشتاق لكلمة,, لهمسة,, ليد حانية,,؟
لماذا تختفي الرمانسية من حياة الزوج والزوجة بمجرد مرور ليلة الدخلة؟ او لنقل مع الحمل بأول طفل ان طالت المدة؟، قد يقول البعض ان الحب موجود، ويقول البعض بل يزداد بعد الزواج!! لكنه حب العشرة، وهو يختلف عن ذلك الحب,, حب قيس وليلى,, حب عروة وعفراء,, كثير وعزة!! لم نطلب المستحيل فكل ذلك كان موجودا ومحسوسا في فترة الخطبة!! لماذا لم تعد لذلك الحب حميميته وسخونته؟ وتحول الى حب عشرة؟ مثلما نحب تلك الشغالة التي عاشرتنا لسنوات، او الجيران الذين جاورونا اعواما ,,,, ؟؟!
المشاعر لا يمكن ان تزول او تمحى او تموت فالبشر دون مشاعر هم اقرب الى كائنات اخرى او جماد!! فكيف تدفن كل تلك المشاعر تحت حياة مملة رتيبة ,,,, ؟
وهنا وبعد ان استشعرنا ما يمكن ان يبحث عنه الرجل، وهو ما نبحث عنه ايضا! عدنا الى تساؤلنا الاساسي,, هل يجد الرجل ذلك الود في غيرنا؟ وان كان فأين نجده نحن؟؟؟ وهل يمكن ان تختلف النساء باختلاف مواقعهن على خارطة العالم؟ ام ان الرجل من هنا تستهويه المرأة من هناك,, فتصبح طلباتها اوامر بحكم انها تعودت على تعامل ارقى مما تحلم به المرأة هنا؟ هل تنشئة المرأة من هناك وهي ترى امها واباها يتبادلان كلمات لها فعل السحر جعلتها اكثر جرأة على بث مشاعرها؟ كلمات نحن نخجل احيانا من التصريح بها مع اقرب الناس لنا؟ وكيف نتعلمها ونحن لم نسمع في حياتنا الا الاوامر من آبائنا وعلينا الطاعة من امهاتنا ,,,, !!
هل تعلمن هناك كيف يكون الود وما هي مصطلحاته، في وقت نتعلم نحن كلانا الرجل والمرأة ان قوة الشخصية والهيبة تموت وتهتز اذا ماتداولنا بعضا من كلمات الغزل مع بعضنا؟ ام هو شعور بالعيب ان نتفوه بتلك الكلمات؟ وكثرت التساؤلات,, هل ,, وهل,,؟واعلنت الميكروفونات بدء موعد اللقاء العلمي,, الذي بدأناه بلقاء اجتماعي,, دون ان نتوصل الى اجابة مقنعة,, ومنطقية,, تحقق لنا ولهم الراحة حتى نودهم ويودونا!! ونحبهم ويحبونا فالحياة مملة بدونحب تلك الكلمة من حرفين صغيرة هي ولكن فعلها كبير وكبير جدا,, دعونا الله ان يغير علينا الى الاحسن,, وتوجهنا للقاعة بعد اعصار من التنهدات العميقة,, وزوبعة من التساؤلات المتلاحقة وكل منا يحدوها الامل ان تجد اجابة شافية عند اصحاب الشأن ربما ,,,, !!



رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved