Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



الإمام محمد بن سعود أمير الدرعية والمؤسس للدولة السعودية الأولى,, والبحث العلمي
متعب السيف

الإمام محمد بن سعود امير الدرعية والمؤسس للدولة السعودية الأولى لم يحظ بدراسات علمية تبحث في تاريخ هذا القائد من حيث جهوده العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية,.
وعهد هذا الامام هو الاساس وهو الارث التاريخي والديني الذي استمدت منه الدولة السعودية الثانية ثم الثالثة شرعيتها في حكم البلاد والعباد.
كما ان عهده هو الركيزة التي جعلت حكم آل سعود مقبولا ومطلوبا من ابناء الجزيرة العربية ، لذا فإن اختيار الباحثة نعيمة بنت الشيخ عبدالله بن دهيش عهده (1139 هجرية 1179 هجرية) ليكون موضوعا علميا للحصول على درجة الدكتوراه كان اختياراً موفقاً وحاجة علمية حيث يرغب الباحثون في الوصول الى المعلومات العلمية الرصينة عن عهد هذا الامام المؤسس فهذه الرسالة التي حازت بها الباحثة على درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز قد كشفت للباحثين القدر العظيم الذي بلغته الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود وابنائه من بعده,
وقد كشفت الدراسة ما أن الدولة السعودية الاولى في عهد الامام محمد بن سعود وابنائه من بعده بلغت درجة عظيمة من القوة والاتساع، بحيث شملت مناطق واسعة في شبه الجزيرة العربية، وتمكنت هذه الدولة من القضاء على الفتن والمشاكل الداخلية التي كانت سائدة بين القبائل، واهم من ذلك كله مناصرة الدعوة الاصلاحية، واستقامة الناس على الدين الاسلامي الصحيح، ولذلك جاء اختيار هذا الموضوع بعنوان (عهد الإمام محمد بن سعود 1139 1179ه).
لأن الامام محمد بن سعود كان له الدور البارز، والفضل العظيم، بعد الله، في مؤازرة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، حتى اتت هذه الدعوة ثمارها، وقام على أساسها كيان الدولة السعودية الأولى.
وقد نبعت اهمية الدراسة من أنها تؤرخ لشخصية مؤسس دولة عصرية، شهدت فيها المنطقة كثيرا من الاحداث الجسام، والتغير الشامل الى الافضل.
ويزيد من أهمية الموضوع ارتباط المؤسس بصاحب الدعوة، حتى حدثت النقلة العظيمة في حياة الناس، فمن التبرك بالقبور والاشجار والاحجار الى اخلاص العبادة لله وحده، ومن الاعتقاد بالخرافات الى الطمأنينة والإيمان الصحيح، ولا شك ان اللقاء التاريخي بين الامام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب، وتوقيعهما ميثاق الدرعية، كان بمثابة نقلة حضارية عملت على توحيد الكلمة، وتقرير المصير وتسيير دفة الحكم الى شاطئ السلامة والأمان ونصرة الدين الإسلامي، وقمع الباطل واعوانه.
إن تأييد الإمام محمد بن سعود للدعوة الإصلاحية، أسهم في نجاح الدعوة وتحقيق اهدافها المنشودة ولهذا لا يمكن الفصل بين السياسة والدعوة، فكل منهما يتمم الآخر، ولولا توفيق الله ثم مؤارزة القرار السياسي للدعوة، لما نجحت ذلك النجاح المتميز الذي تتضح أهميته البالغة في الآثار التي خلفتها تلك الحركة الإصلاحية المجددة على مرّ الزمن.
أما عن مصادر الدراسة، فقد كان اعتمادها على المخطوطات المعاصرة وغير المعاصرة، وكذلك بعض المؤلفات ذات الصلة بالموضوع.
اما المصادر التي خدمت هذه الرسالة وافادت منها الباحثة فهي:
تاريخ البسام: لأحمد بن محمد بن عبدالله بسام، فقد سجل بعض الحوادث الواقعة في الفترة من 1015ه، وهي سنة انتقاله من مَلهَم الى العيينة، حتى وصل الى سنة 1039ه، لأنه توفي عام 1040ه تقريبا في العيينة.
تاريخ المنقور: لأحمد بن محمد المنقور التميمي، وقد أرخ لنجد بين عام 945 و1125ه، وهي السنة التي توفي فيها في حوطة سدير، وقد طبع هذا التاريخ بتحقيق الاستاذ الدكتور عبدالعزيز الخويطر في عام 1390ه/ 1970م.
تاريخ ابن ربيعة: لمحمد بن ربيعة العوسجي الدوسري، وقد أرخ فيه للحوادث الواقعة بين سنة 948ه، وسنة 1148ه وتبدو هذه الفترة طويلة نسبيا، حوالي مائتي عام، ولكنه كتبها في صفحات معدودة، ولم تكن الاحداث التي سجلها في هذا التاريخ منتظمة او مرتبة حسب السنين، وقد قام الاستاذ الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل بتحقيق هذا الكتاب.
روضة الافكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام: لحسين بن غنام، ويعد وثيقة تاريخية مهمة واصيلة وذات قيمة كبيرة للباحث في التاريخ السعودي خلال النصف الثاني من القرن الثاني عشر والعقد الاول من القرن الثالث عشر الهجري، ومؤلف الكتاب كان معاصرا للشيخ محمد بن عبدالوهاب والامام محمد بن سعود، وقد طبع الكتاب بتحقيق الدكتور ناصر الدين الاسد، وكانت طبعته الاولى عام 1381ه/ 1961م، ثم طبع بعد ذلك عدة طبعات.
تاريخ الفاخري: لمحمد بن عمر بن حسن بن محمد بن فاخر بن حسن بن سليمان بن عيسى بن علي بن عثمان بن عبدالله بن مشرف الوهيبي النجدي الحنبلي (1186 1277ه)، الشهير بالفاخري وتاريخه هذا أسماه: الاخبار النجدية أرخ فيه للوضع الإداري والحياة الدينية التي كانت تعيشها بلاد نجد قبيل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وقيام الدولة السعودية الأولى، وانتهى بأحداث عام 1288ه، وقد قام بتحقيقه الاستاذ الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل، ونشر الكتاب بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية.
تاريخ ابن سند: لعثمان بن سند، ارخ فيه لحوادث نجد في القرنين الثاني عشر والثالث عشر.
عنوان المجد في تاريخ نجد: لعثمان بن عبدالله بن عثمان بن احمد بن بشر النجدي الحنبلي، الأديب المؤرخ، المولود في سنة 1210ه والمتوفى في سنة 1288ه، وقيل في سنة 1290ه، ويعد كتابه من المصادر الرئيسية للبحث، لما وقع في نجد من الحوادث التاريخية، فقد أرخ من فجر الدعوة الاصلاحية وظهورها الى ماقبل وفاة الامام فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بخمس عشرة سنة، وقد طبع الكتاب عدة طبعات، الاولى منها بدون تحقيق، والاخيرة محققة من قِبل الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف بن عبدالله آل الشيخ، وطبعته دارة الملك عبدالعزيز بالرياض عدة مرات.
السحب الوابلة في تراجم الحنابلة: لمحمد بن عبدالله بن علي بن عثمان بن علي بن حميد النجدي المكي المولود سنة 1236 والمتوفى سنة 1295ه، جمع واستوعب كثيرا من علماء الحنابلة، ومنهم علماء نجد، إلا انه اهمل كثيرا منهم لمعاداته للإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وقد طبع الكتاب مرتين الاولى في عام 1409ه دون التعليق عليها، ولم تشتهر هذه الطبعة عند المهتمين بموضوعه، ثم طبع بتحقيق الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين وبكر بن عبدالله ابي زيد، في ثلاثة مجلدات في مؤسسة الرسالة ببيروت في عام 1416ه/1996م، ويقول محققاه إن ما ذكره من تراجم لعلماء نجد لا يزيد على سبعين رجلا، وقد استدركا على المؤلف ما يزيد على المائتي ترجمة لعلماء نجد المعاصرين للدعوة الاصلاحية.
تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد ووفيات بعض الأعيان وانسابهم وبناءبعض البلدان (من 700ه الى 1340ه) لإبراهيم بن صالح بن عيسى المتوفى سنة 1343ه، وكانت طبعته الاولى عام 1386ه/1966م، من منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر الرياض.
تاريخ الذكير: لمقبل بن عبدالعزيز الذكير المتوفى سنة 1360ه، قد اختلف في تحديد عنوان الكتاب، وما زال مخطوطا، وتوجد منه نسخة في مكتبة معهد الدراسات الإسلامية بجامعة بغداد بالعراق،وقد أرخ لنجد منذ بداية دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب حتى عام 1353ه.
تاريخ ملوك آل سعود: للأمير سعود بن هذلول، وقد ترجم لحكام الدولة السعودية الاولى بإيجاز، ولم يقدّم اي إضافة تزيد على ما ورد في المراجع الأصلية، وطبع هذا الكتاب لأول مرة في مطابع الرياض عام 1380ه/ 1961م.
وأفادت أيضاً من عدد كبير من المراجع ذات الصلة بالموضوع، ورجعت الى بعض المطبوعات الحكومية، وكذلك بعض المقالات المهمة في العديد من المجلات المتخصصة.
اما عن تقسيم الرسالة، فقد اتبعت الخطوات التالية: المقدمة، ثم فصل تمهيدي، تناولت فيه احوال إقليم نجد قبل الدولة السعودية الأولى ، وهي الاحوال السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، ثم الفصل الأول، وعنوانه: إمارة الدرعية وتولية الإمام محمد بن سعود الإمارة في الدرعية ، ويشتمل على خمس فقرات: الفقرة الاولى بعنوان: اسرة آل سعود وإمارتهم في الدرعية قبل حكم الإمام محمد بن سعود، والفقرة الثانية عن: الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مولده، نشأته، تعليمه، شيوخه، دعوته في العيينة، وانتقاله الى الدرعية، وتتحدث الفقرات: الثالثة والرابعة والخامسة عن الإمام محمد بن سعود في الدرعية، وتوليه السلطة، والدرعية في عهده خلال الفترة (11391157ه).
أما الفصل الثاني فعنوانه: تأسيسه للدولة السعودية عام 1157ه، ومراحل الكفاح في عهده ، وتناولت الباحثة ميثاق الدرعية، والرسائل والبعوث، وردود الفعل للدعوة، ومراحل الكفاح في عهده.
وجاء الفصل الثالث بعنوان أحوال الدولة في عهده، وعلاقاته الخارجية وتضمن الحديث عن: مدى اتساع الدولة في عهده، وصدى قيام الدولة، وعلاقاته مع دول الجوار، ووفاة الإمام محمد بن سعود وتولية ابنه الإمام عبدالعزيز من بعده.
والفصل الرابع عنوانه: تنظيماته الداخلية وتحدثت فيه عن: نظم الحكم والإدارة، الإمامة، وولاية العهد، وامراء المناطق والمدن، وشيوخ القبائل، والنظام الحزبي، والنظام القضائي، والنظام المالي، والاهتمام بالتعليم.
وبنظرة عامة الى ما تضمنته هذه الدراسة من موضوعات ينبغي الاشارة الى ما توصلت اليه الباحثة من نتائج منها:
أثبتت الدراسة ان الاوضاع السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية في نجد والمناطق المجاورة لها، اتسمت في الفترة السابقة لعهد الإمام محمد بن سعود، بالتفكك والصراع الدائم بين القبائل، وكانت المنطقة بأسرها تعيش حالة قلق وخوف، وتستظل بأنظمة واعراف قبلية بعيدة عن الإسلام، وكانت تعيش حياة من الضلالة والبدع والانحرافات العقدية، وليس للأمن والاستقرار مكان فيها.
وأظهرت الدراسة ذلك الدور المتميز الذي قام به الإمام محمد بن سعود بعد توليه السلطة، وكيف جعل من الدرعية حصنا منيعا، وعاصمة قوية متماسكة، بعد ان كانت كغيرها من المدن التي سادها الجهل وعمّها التأخر، ومما زاد في مكانة هذه المدينة أنها حفلت بتوقيع احدى الوثائق المهمة في تاريخ شبه الجزيرة العربية الحديثة وهي: ميثاق الدرعية الذي وقعه الإمامان: محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب، وجوهره معاهدة على نصرة دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والجهاد في سبيله وإقامة شرائعه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من آثاره انه وضع اللبنة الأولى لكيان الدولة السعودية الأولى، ثم إنه من ناحية اخرى مهد لتصبح الدرعية حاضرة الدولة الجديدة، والمركز الرئيسي للدعوة الإصلاحية، ومقرا لإيفاد الرسل والدعاة الى مختلف المناطق في شبه الجزيرة العربية بهدف إقامة التوحيد ومحاربة البدع والخرافات قولا وعملا.
كما تعرضت الدراسة لبيان ردود الفعل عند اعداء الدولة السعودية الناشئة، وكذلك عند اولئك المناوئين للدعوة الإصلاحية، وهذا ما فرض على الإمام محمد بن سعود والشيخ محمدبن عبدالوهاب التعاون والإخلاص والتفاني في سبيل إقامة الدعوة ونشرها ومقاومة اعدائها، فإذا لم يُجد النصح والارشاد، فإن المواجهة العسكرية تكون الفيصل.
وبرهنت الدراسة على ان مراحل الكفاح والجهاد ضد الاعداء اتبع استراتيجية معينة، من اهمها الضرب بيد من حديد على كل من يحاول القضاء على الدعوة او تحجيمها، والاحتراز من اولئك المنافقين الذين يظهرون الولاء، ثم فجأة ينقلبون على اعقابهم حبا في المال والسلطان.
كما بيّنت الدراسة فشل اولئك الذين أرادوا احباط اتفاق الدرعية والقضاء على الدعوة في مهدها، حتى ان بعض المناوئين اعلنوا استسلامهم في نهاية المطاف وانضموا تحت لواء الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب، وهذا ادى بدوره الى اعطاء الدولة الناشئة مزيدا من الثقة والاعتزاز، مما ساعد على اتساع رقعة الدولة السعودية في مساحات واسعة في نجد، وتقهقر اعدائهم وضعفهم شيئا فشيئا حتى أصبحوا ضمن كيان الدولة وموالين لها.
وعن أنظمة الحكم والادارة في عهد الإمام محمد بن سعود، فقد كانت تطبق الشريعة الإسلامية، وكان الامام يشرف بنفسه على شؤون الدولة المختلفة، وتعيين امراء المناطق، والقضاة، وعمال الزكاة، والشورى، ودورهم في تطبيق الانظمة المستمدة من الشريعة الإسلامية السمحة.
وكان من انظمة الحكم التي تطرقت اليها الدراسة النظام الحربي، والخطط العسكرية التي اتبعها الجيش، بالإضافة الى انواع الاسلحة والمؤن.
ولم تُغفِل الدراسة نظام الدولة القضائي، لما لهذا الجانب من أهمية قصوى في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، وبين العباد، وشكل النظام المالي في جعل موارد الدولة من مصادر شرعية وطرق الإنفاق منها.
وأخيراً كان للتعليم نصيبه في هذه الدراسة، لما له من اهمية بالغة في توعية الناس وتعريفهم بأمور دينهم، وقد بذل الشيخ محمد بن عبدالوهاب كل ما استطاع في سبيل تعليم الناس، وحقق الشيء الكثير مما يهدف إليه، كل ذلك بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ثم بمؤازرة الإمام محمد بن سعود الذي خدم الدعوة وأيدها، وحقق لها الأمن والاستقرار ليؤدي رجال العلم مهامهم المنوطة بهم بيسر وسهولة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved