Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



ضحى الغد
مخارج التعليم بين واقع الإغراق وخطة الإنقاذ!!

* لا نلوم الشباب بعد الثامنة عشرة إن واصلوا سير التعليم إلى حيث المدينة الجامعية الجامعة فدخلوا من بابها الأول وخرجوا من بابها الأخير وبأيديهم شهادات مختومة تشهد لهم بالنجاح والامتياز، وحيازة مفاتيح الحياة! ذلك حق لكل من أراده وسعى إليه، لكن محدودية التخصصات الجامعية أخذت تعطينا أعداداً أكبر من حجم الطلب المراد للوظائف العامة والخاصة، وتلك أزمة مرورية لمواكب شبابية خرجت من الجامعة تغذ السير للمواصلة في مدن الحياة العملية لنيل حظها منها! ومن الحكمة ان نفك هذه الاختناقات مبكراً عن طريق توجيه الدخول الى الجامعة لضمان الخروج السليم منها للدخول في معترك الحياة بكيفية أفضل وأنظم!
لقد وصلت أعداد الخريجين الجامعيين في إحدى الدول العربية الكثيفة السكان إلى ما يزيد على ربع مليون خريج في العام الواحد، وسألت أحد خريجي الهندسة من جنسية هذه الدولة العربية عن الفرص الوظيفية لخريجي الطب والهندسة عندهم! فضحك، ثم قال: إن سعيد الحظ منهم من يحصل على وظيفة مندوب مبيعات لدى احدى المؤسسات الخاصة!
فلماذا هذا الانفصام في العلاقات بين الجامعة مستودع التعليم وبين (سوق العمل) الذي يستقبل الخريجين حيث يتوزعون على قطاعاته؟! لماذا لا يتم التنسيق بين الانتاج والاحتياج؟ وذلك مطلب قديم يُطرح، ويُناقش على كافة مستويات وسائل الإعلام، ولكننا لانرى على الواقع اي تطبيق فعلي وعملي له!
وهذا الانفصام بين الانتاج الجامعي والاحتياج الوظيفي الذي يعيشه ذلك المجتمع العربي الكثيف نحن نتجه إليه مالم نقف لنعيد الخطة ونصحح المسار، ونقرأ حاجة المستقبل قراءة صحيحة!
لقد هبط سعر برميل البترول فتنادت منظومة أوبك إلى خفض الانتاج كحل لإنقاذ السوق من سياسة الاغراق إلى سياسة الانقاذ للتوازن بين العرض والطلب! وكانت نتيجة تخفيض الانتاج وتقليل العرض ناجحة، وأدت إلى مؤشرات في ارتفاع سعر البرميل الى ارقام عالية وهو في طريقه إلى الصعود ماظلت دول الانتاج تعتمد سياسة ضبط الانتاج حسب حاجة السوق ومناسبة السعر!
ومثلها الدول والبنوك المنتجة للذهب عندما انخفضت اسعاره، تنادت إلى ايقاف بيع ارصدتها فارتفعت الاسعار خلال ايام معدودة!
وإذا كان نوع من التخصصات النظرية اغرق سوق العمل بإنتاجه، أفليس من المناسب ايقاف ذلك التخصص مؤقتاً! إن خطوة كهذه لن تكون سوى نتيجة صحيحة لدراسة الحالة (النفسية) لسوق العمل! إلا إذا كانت الدراسات النظرية على مختلف تشعيباتها ليست سوى محوٍ للامية الثقافية، وأن ليس بينها وبين ميدان العمل علاقة، ذلك تشخيص آخر يختلف علاجه عن علاج الصوم المؤقت!
لكن إذا كان الصوم المؤقت هو العلاج فإنه ناجح لكثير من الحالات الجسمية والنفسية والوظيفية، ونظرية العرض والطلب تشهد شهادة واضحة على ان الشيء إذا عزَّ غلا وإذا كثر رخص!
حتى وإن كانت السلعة تخصصا جامعيا يتم تسويقه في سوق يغمره العرض ويرفع مزاده ازدياد الطلب!
وإذا كان إيقاف احد التخصصات النظرية مؤقتا يعني ان من سلبيات الايقاف حرمان مصارف السيول المتدفقة الى الجامعة من قناة كان من الممكن ان تحمل حملها لاستيعاب مصارف السيل الذي تدفع به (التلاع) الثانوية! فإن ثمة حلولا أخرى لعل من اقربها توجيه نصيب تلك القناة المقفلة الى قناة اخرى تفيض إلى واد مازال عطشان بحاجة للماء! كأن نفكر بتخصصات أخرى لم نوجدها فنوجدها، او إلى تخصصات مازال السوق يحتاجها فنوجه إليها، أو إلى تخصصات بدا أن المجتمع أخذ يطلبها فنؤسسها!
وقال لي أحد خريجي (علم النفس) لقد مضى علي عام ولم تلح للوظيفة علائم إقبال!
قلت : صبِّر نفسك ووطنها، ستأتي في وقتها المناسب! قال: لكن زملائي خريجي دفعتين سابقتين لم ينالوا فرصتهم بعد! فوظائف خريجي (علم النفس) قليلة والمدرس الواحد يكفي ثلاث مدارس ثانوية، والمصحات النفسية معدودة ويكفيها العدد القليل من الخريجين!
قلت له: مع الصبر ستأتيك الفرصة وستنالها بعون الله وإذنه, فأجابني: إنني أحلم في الليل بالوظيفة وأصبح وليس معي منها شيء! فهل من حل؟! لماذا لا يكلف خريجو (علم النفس) بعمل (المرشد الاجتماعي) في المدارس مساواة بخريجي (الاجتماع) باعتبار ان خريجي (علم النفس) على دراية علمية بطبيعة هذا التخصص؟!
قلت له: أما أنك تحلم بالليل بالوظيفة، فهذا جانب نفسي، وأظني أحتاجك أكثر في هذا الجانب! وأما جانب التصنيف الوظيفي فله أهله الذين نتوجه إليهم بمقترحك! وهو حل، لكن ألا ترى أن الحل الأفضل هو أن نوقف الانتاج (مؤقتا) في بعض التخصصات النظرية التي أغرقنا فيها سوق العمل فلربما ارتفع مؤشر أسهم هذه التخصصات بعد حين تماماً كخطة براميل البترول وسبائك الذهب,,!
عبدالكريم بن صالح الطويان

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved