Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



الزمن المقلوب
أحمد عبد الرحمن العرفج
المنسحبون

قال الصلتان العبدي:

نروح، ونغذو بحاجاتنا
وحاجات من عاش,, لاتنقضي!!
تموت مع المرء حاجاته
وتبقى له حاجةٌ,, مابقي!!
علىطريقة الجاحظ, اعلم - رحمك الله تعالى - أن صناعة الفرح اشد وانكى من صناعة الحزن,,، لأن الفرح بمعنى من المعاني، يعني السير عكس العادة، وضد الفطرة,,، لهذا من يحزن، لايفعل أكثر من يقطّب وجنيته، ويحد حاجبيه، من هنا كانت الابتسامة في وجوه الطيبين صدقة!! وهذه الغنيمة الباردة!!.
تراه يسخر من الآخر، يقلل من عطائه، بحجم من مقداره وأفعالة، ويختصر ذلك كله بقوله: (لايهمك)!! أو بعبارة أمرّ واسخف (ماعنده سالفة)!!
هذا المنسحب، مما تراه فتتذكر قول الحطيئة:

اقلوا عليهم لا أباً لأبيكمُ
- من اللوم - او سدوّ المكان الذي سدّوا!
فلاهو ترك اللوم ولاهو الذي سد المكان، الذي حاول غيره بما يملك من أمكانات أن يسدة!!.
إنها غيرة الفارغين، اولئك الجالسين على رصيف الفراغ، لاهم الذين عملوا، ولاهم الذين أعطوا الطريق حق العمل مظنة الاستجلاء، والبروز، ومن عمل استهدف، و تكتّف، ومن عمل وادركه الخطأ، خير من الذي لم يعمل قط، ولك أن تتخيل أن للمجتهد في حالتي الخطأ والصواب أجراً، وإن تفاوت ذلك الأجر!!.
إن المنسحب من الحياة جبان، عاطل، وكل شيء في الحياة، يحتاج إلى جهد ومشقة إلا الانسحاب، فهو الخروج من بوابة الراحة، الى الموت البطيء، والشلل الهاديء، والفرق ليس كبيراً بين الموت البطيء والشلل الطويل!!.
وهذا العقاد، يخرج لنا بكتابه بكل شجاعة الرجال، مقدماً له بقوله:

هذا كتابي في يد القراءِ
ينزل في بحر بلا انتهاءِ
فيه من الحكمة والغباءِ
وفيه من يأس,, ومن بأساء
وفيه من حب، ومن بغضاء
وفيه من صمت,,، ومن ضوضاء
صورة محياي,, لعين الرائي
فليلق بين القدح والثناء
ماشاءت الدينا,, من الجزاء)
ألم أقل إنها شجاعة الكبار,,، الذين لا يخشون في التأليف (والعمل) لومة لائم,.
أولئك الذين جابوا الحياة، ودخلوا فيها ومعها وبها ولها، فملؤوها ضجيجاً ودوياً!!.
لك أن تنسحب، ولك أن تنام كما تنام البغال، ولك أن تموت على فراشك، كما يموت البعير.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved