Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



استشراف الوهم
المركزية 2000م,,!
محمد الدبيسي

إن مجرد اعتقاد قطر أو منطقة معينة، في الاطار العربي أو غير العربي أن لها مركزية معينة وثابته وخاصة في مايتعلق بالثقافةوإنتاجها، ليس إلا وهماً أيديولوجياً، وشوفينيه ليس لها أساس من تاريخ أو اجتماع,, فليست القضية هنا قضية مؤامرة أو اتفاق أو نحوذلك، بقدر ماهي حالة فكرية جذرت في الذهن واصبحت كأنها من المسلمات بينما هي غير ذلك (1)
**تتربى العقدة في جينات الوهم ,, تؤمن بفرادتها,, وتميزها,, وحقها في الإبقاء,, والإلغاء,,!.
وتبتني على عتبات النرجسية ملامح بقائها الشوفيني كحقيقة مطلقة,,ومسلمة بدهية,,,!.
حتى وإن تدنت بقانون التغير الى ان تكون وهماً مجرداً، وإدعاءً لايملك رهانات وجوده,,!.
**في الأدبيات المدرسية البلهاء المستوردة,, لم تكن قاعدة المثال البلاغي العتيد تتسع إلا للعبارة المكررة,, الممسوفة والممنهجة بشكل يحفظ بقاءها الزاهية مصدراً لامخبراً شوقي شاعر لاحافظ !!.
وكنا نرددها,, ونرتاد مصادرها,, فإذا مانمت,, وربت مداركنا,, ترسخت جذور المركزية مؤثلة بمجد من الاصدارات المعبأة بالخطاب الثقافي الواعي بضرورات إنتاجه,, المراكم لوهم المركزية المجذر كينونتها نسقاً وصوتاً,,!.
حتى وان كانت تمتلك في زمن ما,, وجهاً من أوجه الموضوعية,, وحراك الواقع فإن الزمن محكوم بحتمية المتغير,, والحراك اليومي الصاعد,, في الأفق المغاير,,!.
في زمن يمثل فاصلة التحولات,.
ويعطي التاريخ حقه في الاعلال,, والإبدال,,!
ويعطي الفعل حقه في التغيير ,.
ويعطي الإنسان حقه في الصيرورة والتكوّن,,!
فالصوت,, لايلغي المشاهد,.
والصدى,, لا يرتكز إلا للصدى الفارغ!.
وتذبذب العطاء,, لايوازي أعناق الاصوات الجديدة,,!.
**وإن وجد الاستاذ كمال عبدالجواد (2), لنفسه وعبر تصرف روتيني وإن كان للتصرف مبرراته الموضوعية,, ومسوّغاته النظامية منفذاً ومتنافساً للإسقاط,, والسخرية,, واللمز المعبأ بمضادات خيلاء المركزية ومحاولة إشعال فتيل انطفاءاتها الحتمية، حتمية التاريخ,,!
إذ الإسقاط لايمتلك مبرراته الصدقية ولايناقش التصرف لمعرفة حيثيثاته بقدر مايمثل منفذاً لغبار متراكم تؤزه غبيته المركزية الزائلة، المتحولة,,!.
بينما يتحفز المثقف الطليعي للدفاع عن أبهة وجودها,, ووجوده الدائم عبرها مصدراً للثقافة والمعرفة وممثلاً أبدياً لهما,,!!.
ويتوارث الطليعيون والمركزيون
بحمى براجماتيه العقدة/ الوهم ويتغنون في تصدير تماثلاتها,, ودلالاتها,, وامتلاك شرف مخها للجيل الجديد,,، ومنعها عن الجيل المجاور,,!.
** ولذا,, ظل منجز الاطراف,, المغاربه والنفطيون في زوايا جغرافية,, ومحاولات الكينونة اللبنية الهشة,, التي يلزمها اعتراف المركز بشرعية صدقيتها,, وقيمها المعرفية,, مهما علا شأن تلك القيمة,, ومهما امتلكت سندها الواقعي والموضوعي واسبابها المنهجية!.
فمشكلة المشاكل إن صح التعبير هي ان مثل هذه الأوهام الأيديولوجية تجد طريقها الى اذهان المثقفين,, قبل اذهان العاديين، ثم تتحول إلى نوع من الاحساس بالفوقية، ومن ثم امتلاك الحقيقة دون الآخرين, وينتهي الامر بفكر الوصاية ووهم المركزية المطلقة (3).
** حتى اذا ما أضحت الظاهرة إشكالاً يستوجب النقاش والمراجعة,, والقراءة,, وتخطت كونها تعبيراً نزقياً يتمثل بصيغ المشافهة المتداولة,, إلى صيغ مظهرية جادة ونماذج ابداعية تحمل في سياقاتها وأبعادها الدالة,, إشارات واضحة على تفشي العقدة ودلالة واضحة على تعمقها فكرياً وانبرى بعض مثقفي الاطراف (4) إلى تقديمها بالصورة الموضوعية ونقاشها بؤرياً,, بتحليل المرجعيات وقراءة الانتاجات,, تلبدت الاسماع بسقم الصمت,, والاحجام عن الاقدام واستبدال الجدل العلمي,, بالسجال المنقطع المنصرف إلى نزعة الوصاية والأطر الطوباوية المستسلمة الى الأحلام المزيفة,, واسترشاد ايقونة الأنا في العرض والنقاش,, والتعبير,,!,.
إحالات
1 د,تركي الحمد اشكالية المركز والاطراف، مقال نشر في جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 10/11/1999م.
2 كمال عبدالجواد رمز للكاتب جمال الغيطاني يحرر من خلاله زاوية في جريدة أخبار الأدب بعنوان ملحوظات , بتاريخ 28 نوفمبر 1999 الصادر.
3 تركي الحمد,, المصدر السابق.
4 ناقش الناقد فايز أبا هذه القضية عبر سلسلة مقالات نشرت في زاويته من يعلق الجرس بالملحق الثقافي بجريدة البلاد.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved