Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



لما هو آت
لكِ وحدكِ
د ,خيرية إبراهيم السقاف

13
خُيِّل إليَّ أنني سوف أجدكِ ماثلة أمامي كلَّكِ,,, بلحمكِ وعظمكِ,,, بابتسامتكِ,,, تفتحين يديكِ وتستقبلينني كما تعوَّدتُ,,, فأدس رأسي بينهما,,,، واستمد منكِ زاداً يقوّيني على مواصلة الطريق,,.
ولأنكِ وحدكِ من يملكُ هذا الزاد,,.
ولأن الطريق طويلٌ ومجهدٌ,,.
فلقد ذهبتُ أبحث عنكِ,,, في دروبنا,,, في الحجرات الصغيرة التي كنا نتسامر فيها حتى يقول لنا العصفور: إني قد أستيقظتُ في عشي,,,، في ذلك الركن الذي كنتِ تضعين فيه بعض أوراقكِ,,, وسجلَّ الأيام,,,، وقلمكِ,,, أتذكرين كيف كنتُ أداعبك كلما هممتِ أن تفتحي صفحة جديدة في هذا السجل تستبقين الأيام,,, كي تري بدء الفجر متى يكون؟! وإشراقة الصباح متى تأتي؟
لماذا كنتِ تستعجلين الرحيل لماذا؟!
هأنذا لم أجدكِ,,.
إني أدري أنني لن أجدكِ بلحمكِ وعظمكِ وابتسامتكِ,,, لكنني ظللت مصرة على أن تفعلي,,,، أنسيتِ أنك لم تهملي لحظةً أي طلبٍ لي؟,,.
لماذا عوّدتني ذلك ولم تفعلي اللحظة؟!
مشيتُ في الدروب,,, بعضها كان فيه وهج ضوء خفي,,,، وأخرى كنتُ فيها أستضيء بكِ,,.
ذات أمسية قلتِ لي: إنَّ الحبَّ قادرٌ على أن يُفتِّح الوردة فكيف لا يفعل بالإنسان؟!
منذ ذلك,,, وأنا أغرس وردةً كلَّ صباح فوق مكتبي,,, أستمع معها إلى بضع نغماتكِ لأنني أحبكِ فأنتِ الوردة,,, ولأنني أحبكِ وكفى,,, فلقد مسحتُ على ذلك الحس الدفين الذي تحرك بحرقة في صدري عندما لم أجدكِ، وعندما تأكدتُ أنكِ لن تأتي لأنكِ وفيَّةٌ لكلِّ المواقف,,.
فأنتِ حين تكونين,,, تكونين,,.
وأنتِ حين تذهبين,,, تذهبين,,.
وأنتِ حين تأتين,,, تأتين,,.
فكيف أنسى,,, وكيف أحلم؟,,.
لكن كيف,,,؟؟,,, فلأنَّكِ علمتني كيف أحلم,,,، منذ زمن المهد,,, والبسمة الغِرَّةُ تفتّر على الوجه الطفولي,,, كنتِ تقولين: إن الصغار يحلمون بالملائكة,,.
آه,,, أيتها الملاك,,.
اللحظة تذكرت هذا الحلم، مع تلك الابتسامة,,, معكِ، فأنت الملاك,,, وأنت مضامين الحلم,,.
أنتِ لست شيئاً واحداً,,, أنتِ تركيب خرافيٌ ماجاء مثله,,, ولن يجيء,,, ففيكِ عظمة الخالق,,, وفيكِ مشيئته,,,، ولأن فيكِ هاتين، العظمة والمشيئة فإنَّكِ كذلك,,.
أتدرين,,, حين خُيِّل إليَّ أنني سوف ألقاكِ,,, تحوّلتُ إلى ذلك الطفل؟!
لذلك عبثتُ بقدميَّ في التراب,,, أضربُ الأرض بهما، أغرسُ أظفاري فيها,,, أحرّك رأسي يمنة ويسرة مُصرَّة مع الشهيق البكائي في نشيجه أن تكوني هنا,,, فوق بقعة التراب المعفّرة به يداي وقدماي,,, وقد مَسَحَ بغباره وجهي,,.
كوني هنا,,.
ولماَّ لم تأتِ,,.
غرستُ في تلك البقعة وردة,,.
كوني هنا,,.
جئتُ بعدها كي أسقيها بدموعي,,.
كوني هنا,,.
وعندما عدتُ أمشي دونكِ,,.
جئتني مقبلةً,,, فتحتِ ذراعيكِ,,, لم تكني وهماً,,, سمعت صوتكِ,,, جاءني بكِ: أين كنتِ؟,,, ولأنَّكِ سمعتني,,, جاءني سؤالِك: تتحدثين مع مَن؟!,,.
ولأنكِ جئتِ؟ ولأنكِ سألتِ: عرفتُ أنَّكِ,,.
تسمعينني دائماً، وبأنَّكِ في كل الدروب، وفي كل اللحظات، في وجود لا نهاية له,,, أتدرين بأنني
مسحتُ دموعي، غسلتُ الغبار عن أطرافي,,.
عدتُ لمكتبي أسقي وردتي,,.
ومن دفئكِ أستمد قوتي,,, وأواصل المضي,,.
فلتَدُمي معي,,, أبداً,,, فكوني,,.
أنزله من السيارة لعدم حمله بطاقة وخرج به للصحراء

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved