Friday 25th February,2000 G No.10011الطبعة الاولى الجمعة 19 ,ذو القعدة 1420 العدد 10011



توسعة المسجد الحرام في العهد السعودي 3-3
د, محمد بن سعد الشويعر

يذكر رشدي ملحس في ملحق تحقيقه لأخبار مكة، وما جاء فيها من الآثار للأزرقي، عن الشروع في التوسعة قائلا: كانت البشارة بالشروع في التوسعة، لما أعلن انتهاء العمل الأساسي في توسعة المسجد النبوي التي كان العمل يجري فيها، منذ العام 1370ه، ففي تلك المناسبة، أذيع في يوم 5 المحرم عام 1375ه بلاغ رسمي، جاء فيه إنه قد صدر الأمر بأن تنقل جميع الآلات والمعدات، التي استخدمت في مشروع المسجد النبوي الى مكة المكرمة للشروع فورا في مشروع توسعة المسجد الحرام.
وفي يوم 6 صفر عام 1375ه، أذيع مرسوم ملكي بتشكيل لجنة عليا، للاشراف على المشروع، ثم شكلت لجنة ثانية تنفيذية أسندت إليها مراقبة تنفيذ المشروع، ولجنة ثالثة لتقدير أثمان العقارات التي يقتضي تنفيذ المشروع نزع ملكيتها، وقد وحدت اللجنتان الأولى والثانية أخيرا في لجنة واحدة باسم اللجنة التنفيذية العليا.
وعن بدء العمل قال: في يوم 4 ربيع الثاني عام 1375ه، بوشرت أعمال التوسعة وتحويل الطريق في وقت واحد، وبدأت الأعمال في منطقتي أجياد والمسعى فأزيل ما كان بهما من كابلات الكهرباء، وأسلاك التلفونات، ومواسير الماء، والمجاري، ثم بدىء في هدم ما كان قائما في المنطقتين من البيوت، والدكاكين اللازمة في المرحلة الأولى للتوسعة وتحويل الطريق، فتم ذلك بسرعة، كما تم نقل الأنقاض، الى خارج منطقة مكة، ثم جاء دور الحفر، فحفرت أساسات الجدار الخارجي للتوسعة التي تضم المسعى، وبدئ بالناحية الشرقية، من جانب الصفا، فشملت القسم الأكبر من المسعى ومن الناحية الجنوبية، من جانب الصفا الغربي الى ما يقابل باب ام هانئ في منطقة أجياد.
وقد جعل المشروع يمر بثلاث مراحل، بعد المرحلة التمهيدية التي تمت بانتهاء عام 1376ه، المرحلة الاولى في عامي 1377ه، و1378ه، والمرحلة الثانية في عامي 1379ه و1380ه، والثالثة بدأت بدخول عام 1382ه، وقد ذكر في كل مرحلة من الاعمال، ومجموع المساحة لكل دور وللمسجد كله الشيء الكثير حيث قدّر استيعابه لأكثر من 300 ألف من المصلين في وقت واحد (ينظر ملحق رقم 5 ص 330 338 بآخر الجزء الثاني).
وقد تحدث محمد طاهر كردي في كتابه: التاريخ القويم، لمكة وبيت الله الكريم عن الاحتفال الذي تم في يوم الخميس 23 شعبان عام 1375ه، بوضع حجر الاساس لتوسعة المسجد الحرام، على شرف الملك سعود رحمه الله، وما تمّ فيه, وقال: ويستأنس في وضع الملوك والرؤساء الحجر الاساسي في البنايات بما جاء في كتاب التراتيب الادارية عن السهيلي، في الروض الأنف، قال: ذكر ابن قتيبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسس مسجد قباء، كان اول من وضع حجرا في قبلته، ثم جاء أبوبكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه الى حجر أبي بكر، ثم أخذ الناس في البنيان فقال: هذا اول مسجد بُني في الإسلام (يراجع كتابه هذا 5:193 194).
وكان من حسنات الملك عبدالعزيز، واهتمامه بأمر الوافدين لبيت الله الحرام ان ألغى رسوم الحج، ففي عام 1371ه صدر بتاريخ 28/8/1371ه مرسوم ملكي يقضي بإلغاء رسوم الحج وهذا نصه:
بعد الاعتماد على الله، فقد أمرنا بإلغاء الرسوم التي تؤخذ على الحجاج، باسم رسوم الحج، اعتبارا من هذا العام، ومن أُخذ منه عن هذه السنة، فيرجع إليه، نسأل الله ان يجعل هذا مساعدا للمسلمين، لاداء هذا الركن من اركان الاسلام.
التوقيع الملكي الكريم.
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل
(جريدة أم القرى العدد 1414).
وهذا جزء من اهتمام الملك عبدالعزيز بأمر الحرمين الشريفين، وحرصه على ما يريح ضيوف الرحمن حيث جاء في إحدى خطبه في مكة حج عام 1352ه قوله: انني وأسرتي وشعبي جند من جنود الله، نسعى لخير المسلمين، ولتأمين راحة الوافدين الى بيت الله الحرام، واداء مناسكهم (أم القرى يوم 8/12/1352ه).
ويذكر ابراهيم بن عبيد في تاريخه: تذكرة أولي النهى والعرفان انه في عام 1352ه صدرت ارادة الملك عبدالعزيز بإحضار ساعة عظيمة ضخمة، فركبت على قاعدة فوق دار الحكومة المسماة (الحميدية)، وكان ارتفاعها خمسة عشر مترا عن سطح دار الحكومة، كما انه يبلغ ارتفاعها عن سطح ارض الشارع الفاصل بين دار الحكومة، وبين المسجد الحرام، اكثر من خمسة وعشرين مترا، وصارت بهذا تضاهي بارتفاعها منائر المسجد الحرام، وهي ذات وجهتين، احداهما مطلة على المسجد الحرام، وشارع المسعى، والأخرى مطلة على محلة أجياد، ويسمع صوت دقات جرسها، كل من كان في المسجد الحرام وشارع المسعى، وسكان المدارس التي حول الحرم، وما جاور المسجدالحرام، وتضاء مينتها ليلا بالكهرباء وقد شُدّت قاعدتها بالآجرّ، والنورة والحديد، وأحكمت احكاما متقنا ولا شك ان هذه الساعة اول ساعة وجدت بالحجاز، بهذه الصفة ضخامة وضبطا، وقوة وبهاءً ولا شك ان هذه الساعة هي الوحيدة للمسجد الحرام، يعتمد عليها في التوقيت (4: 35).
كما استعاض في ذكر تفاصيل عمارة المسجد الحرام من قبل الملك عبدالعزيز رحمه الله في عام 1354ه، حيث امر بإحضار عمّال، يصلحون جميع ما يلزم للمسجد الحرام، من عمارة وإصلاح وتجديد كل ما يلزم تجديده (4:6364).
وإن قاعدة الامور التنظيمية، والمشروعات الاصلاحية والتعمير، ومن ثم تكاثر الحجاج وتوافدهم على بيت الله الحرام، هو توفر الامن الذي كان مفقودا قبل مجيء الملك عبدالعزيز بعدة قرون، وعجز عنه الولاة، فكان أول ما بشّر الناس عندما عزم في عام 1343ه التوجه الى مكة: هو ان يبسط الأمن في ربوعها، ويزيل الظلم، ويحكم بشرع الله المطهر، ويؤمن طرق الحجاج، وخطبه وكلماته التي نشرتها أم القرى حافلة بذلك، حيث حقق القول بالعمل، فلئن قال: إنني أبشركم بحول الله وقوته ان بلد الله الحرام في إقبال وخير، وامن وراحة، وانني ان شاء الله تعالى سأبذل جهدي فيما يؤمّن البلاد المقدسة، ويجلب الراحة والاطمئنان لها (أم القرى 8/6/1344ه).
فإن العالم الإسلامي بأسره: صحافة وألسنة ومؤلفين، قد تحدثوا عن معانيه، فأعجبهم ما حققه عبدالعزيز عملياً، فهذا عباس متولي حمادة، وقد حج عام 1354ه يقول في كتابه: مشاهداتي في الحجاز: حديث استتباب الأمن في الحجاز، اصبح اليوم حديث الناس، وموضوع دهشتهم وتعجبهم، ثم هو سمر المنتديات الإسلامية والمجالس الدينية، وموضوع عناية الصحف والمجلات الشرقية المسلمة، بل هو الحديث الطيّب الذي يلذّ للحجاج ان ينقلوه الى بلادهم حين عودتهم، من الحجاز وبعدها.
ولقد كنت اظن حين اسمع هذه الاخبار انها دعاية طيبة لأهل الحجاز، ليس غير، إلى ان كان لي شرف السفر الى هذه البلاد، وأنا غير مصدّق استتباب الأمن، بهذا الشكل الذي سمعته، (ص 55) ثم بيّن بالوقائع حقيقة هذا الذي حرص عليه الملك عبدالعزيز، ورجاله الذين كان يحثهم على حفظ الأمن، لأنه أمر ديني، وحماية لسمعة هذا البلد الأمين، وخوفا من رب العالمين، وقد أحدث رحمه الله هيبة في قلوب أهل البادية.
بعدما رسخت هذه القاعدة، وانتهت الحرب العالمية الثانية، هيأ الله للبلاد موارد، رفع الله بها الفقر وأبدله بالغنى، وخرجت كنوز الارض، لمّا سلم الملك عبدالعزيز الأمر لله، وتوكل عليه، وكان أول استثمار لها في تعليم ابناء البلاد والتوسع في فتح المدارس، والتشجيع على التعليم، والعمل بجدٍّ واجتهاد في توسعة الحرمين الشريفين، وبث المشروعات المريحة للحجاج، في سهولة أداء عباداتهم، وتأمين راحتهم من وصولهم للديار المقدسة، حتى تاريخ عودتهم لديارهم، في أمن وأمان، وراحة بال، واطمئنان: خدمة ورعاية,.
وكان من المشروعات الجبارة التي قامت في مكة المكرمة توسعة المسجد الحرام، الذي سار على مراحل منذ عام 1375ه، حتى انتهت التوسعة الاخيرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز بالمباني العظيمة: سعة وفنا معماريا وقوة في البناء والتصميم، وجمالا، مع الخدمات الاخرى التي تؤدى.
وقد أنفق في هذا مئات الألوف من الملايين، حيث اصبح المسجد الحرام، علاوة على سعته وكثرة استيعابه عبارة عن اربعة طوابق: البدروم، والدور الأول، والدور الثاني والسطوح بما فيها سطح المسعى، كما كان المسعى ملاصقا للمسجد الحرام، ولا يفصله شيء، بل وراءه توسعة المروة المهيأة للصلاة في المواسم، وعند تكاثر العدد، ومثلها التوسعة الاكبر عند باب الملك من جهة اجياد.
وقد كان خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، ورجال الدولة يتابعون هذه الامور عمارة وتنظيما مع ارخاء الانفاق، حتى كان المسجد الحرام في هذه التوسعة العظيمة حيث يستوعب في رمضان وفي ايام الحج اكثر من مليون ونصف المليون مصلٍ في آنٍ واحد.
يقول محمد بن مساعد آل عبدالله في كتابه: الزيادات في الحرم المكي الشريف، من العصر النبوي الى العصر السعودي: ولأول مرة استخدم السطح للصلاة فيه، حيث يستوعب أكثر من 80000 مصلٍّ بعد تحسينه، واعداد ثلاثة مبان للسلالم الكهربائية المتحركة بأربعة مسارات، المنتشرة من خارج المسجد، وبذلك تكون المساحة المستخدمة للصلاة في المسجد الحرام بعد التوسعة السعودية الثانية في عهد خادم الحرمين الشريفين: الصحن الحرم القديم والأروقة وفي الطابق الاول والثاني والسطح، وكأنه أُضيف دور ثالث السطح على الطابقين السابقين في التوسعة الأولى.
ثم يضيف بعد ذلك في موطن آخر قوله: مع العلم بأنه قد أُضيفت مساحات جديدة للمصلين من الناحية الشرقية للمسجد الموالية للمسعى، والمعروفة بالساحة الشرقية ساحة المسعى والتي تقع اسفل جبل أبي قبيس القصور الملكية وتمتد على امتداد المسعى، وتبلغ مساحة الساحة الشرقية اكثر من 40 ألف متر مربع، وقد جهزت بكافة الاحتياجات للمصلين كما ان هناك مساحات اضافية من الناحية الجنوبية والغربية مبلطة بالرخام الابيض، يمكن ان يتخذها المصلون في ايام الحج لازدياد اعداد المصلين وفي رمضان ايضا ولم اقم بحساب هذه المساحات في التوسعة، لكونها مساحات، وليست زيادة في مساحة بناء المسجد الحرام (ص43 الهامش وص 44).
والحقيقة انها زيادات لأنها ضمن حرم المسجد الحرام، ومخصصة للصلاة عندما تدعو الحاجة، وتحظى بالعناية التي يحظى بها المسجد من كافة الوجوه.
وكان من حسنات الملك عبدالعزيز ان منع الناس من البيع والشراء في المسجد الحرام، وفي المسعى وأزال المقامات الاربعة، حيث وحّد الناس على إمام واحد في الصلاة، كل هذا من اجل راحة المسلمين وتفرغهم للعبادة وليتسع المسجد الحرام لأكبر عدد ممكن,, يقول محمد طاهر الكردي في كتابه: التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم، بعد ان تحدث عن التوسعة في العهد السعودي الأول: لم نستطع ان نكتب شيئا عن توسعة المسجد الحرام في العهد السعودي الثاني وذلك لمرضنا الطويل، وهذه التوسعة هي اعظم توسعة وقعت بمكة المشرفة، لشوارعها وللمسجد الحرام وقد تركنا هذا المبحث لمكتب توسعة المسجد الحرام، يكتبه بالتفصيل التام بعد انتهاء اعمال التوسعة، لما عندها من المعلومات الوافية والصور والرسوم الكثيرة (5:194).
وقد أورد صوراً لجوانب من توسعة المسجد الحرام من الخارج، تبدو فيها عظمة البناء وروعة التصميم.
والتوسعة والاعمال العمرانية، في مكة المكرمة لم تقتصر على المسجد الحرام، وتوسعته بما يجعله قادرا على استيعاب أكبر عدد ممكن من الحجاج والعمّار، بل اهتمت الدولة السعودية بالطرق والمشاعر والشوارع,.
فعن الطرق: زاد الاهتمام بتعبيد اكبر عدد من الطرق، بين جدة ومكة، والمدينة وينبع، وفي المشاعر، اتساعا وجودة وتعددا للمداخل الى المدينة ومكة والمشاعر، لكي يتيسر جريان السير لضيوف الرحمن، كما عملت الدولة السعودية في مشاريعها لمكة أنفاقا جديدة شقت في الجبال العالية، فأصبحت شوارع، تقرب البعيد، وتعين على انسياب حركة السير وسهولة جريانه مع درء مخاطر السيول وتهيئة مجاريها,, وفي المشاعر جرت توسعة مسجد الخيف بمنى توسعة كبيرة، كما جرى إعمار وتوسعة مسجد نمرة بعرفات ومسجد المشعر الحرام بمزدلفة، وبذلت جهود كبيرة، وأُنفقت اموال طائلة، تقدر بعشرات بل مئات الألوف من الملايين في هذه المشاعر,, طرقا ومنشآت عديدة، ومياها ميّسرة للحجاج حيث كانت قبل العهد السعودي من اعظم ما يعانيه الحجاج لأن الماء لا غناء عنه: للطهارة والشرب والنظافة، والطهي وغير ذلك فمدت شبكات المياه في المشاعر كلها وبنيت الخزانات الواسعة في استيعابها، وجلب الماء من البحر بعد تحليته، ووفرت سائر الخدمات التي لا تستعمل إلا فترة وجود الحجاج في المشاعر وهي ايام قليلة مما اراح الحجاج، وجعل ألسنتهم تلهج بالثناء والدعاء، وفي المواقيت مع بناء المساجد والمغاسل ليعتمر منها الحجاج، يسرت سائر الخدمات لهم مجانا رجاء ما عند الله سبحانه وتعالى، ولا يُعلم في التاريخ جهود بذلت لخدمة الحجاج بمثل ما تبذل الحكومة السعودية منذ دخل الملك عبدالعزيز مكة معتمرا عام 1343ه وحتى الآن: عطاء ومتابعة وتعميرا وتوفيرا.
وقد جاءت تفاصيل احصائية بالمبالغ والقدرة الاستيعابية، وتكاليف البناء والتعويضات في كتاب: الحرمين الشريفين التوسعة والخدمات الذي اصدرته الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف في التوسعتين السعوديتين ولراغب التفاصيل أن يرجع لذلك الكتاب من ص 3972.
والى جانب هذه التوسعة الكبيرة وما تبعها من مشروعات عديدة في مكة والمشاعر، فإن الدولة السعودية قد اوجدت إدارة مستقلة بموازنة مالية كبيرة سنوية، تشرف على شئون الحرمين الشريفين، وخدماتهما، وقد وضع هذا الكتاب الوثائقي، الذي نشرته رئاسة شئون الحرمين تفاصيل الخدمات التي قدمتها الدولة للحجاج والعمار والزوار في الباب الثاني من هذا الكتاب ص 147375,, وفيه اربعة فصول: الاول عن توفير الأمن واصلاح شئون البلاد، لأن ذلك اعظم خدمة تقدم لهم وفيه مبحثان, الثاني: خدمات التعليم والتوجيه والارشاد بالمسجد الحرام وفيه سبعة مباحث، الثالث، الخدمات العامة بالمسجد الحرام وتحته اربعة عشر مبحثا، الرابع: خدمات الزائرين في المسجد النبوي الشريف وتحته 12 اثنا عشر بندا,, وكل واحد من هذه المباحث والبنود فيه تفاصيل ومعلومات قيمة، تبرز الجهد المقدم.
نماذج من السلب
قبل عهد الملك عبدالعزيز كانت الفوضى تضرب بجرانها، وكان الحجاج نهبا لقطّاع الطرق، هذا اذا سلمت أرواحهم، وقد جاء في كثير من الكتب الشيء الكثير، نورد منها النماذج التالية، ليعرف القارئ دور الدولة السعودية في حفظ الأمن بدءاً من عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله وحتى الآن، ومن ذلك: ما جاء في مرآة الحرمين، كما ورد في كتاب: الحرمين الشريفين التوسعة والخدمات يقول: وقد كان الحجاج يعانون من الجمّالة الذين ينقلونهم الى البقاع المقدسة، مصاعب ومشقات كثيرة، من ذلك انهم يتحينون الفرص، اثناء السفر ليبتزوا الحاج، بشتى الوسائل، بقصد الاستيلاء على ما معه من نقود، فتارة يقطعون حزام الجمل فيقع راكبه ويتأخر عن القافلة، حتى يصلح الحزام، وربما انتهزوا فرصة الانفراد به، ففتكوا به اذا لم يبرز لهم الريالات ويتعهد بالغذاء,, وتارة يؤخرون الجمل عن القافلة بحجة ان الرحل في حاجة الى إصلاح، وما يريدن بذلك الا فرصة للفتك بالحاج.
ومن مشاهدات مؤلف مرآة الحرمين يقول: وقد حاول بعض العربان ليلة ان وصلنا الى مكة من جدة، ان يسرقوا أمتعة المعسكر من ثلاثة اماكن، ولكن لم يدركوا ما أمّلوا، فإنّا لما شعرنا بذلك، اخذنا حذرنا، ومكثنا ليلتين متيقظين,, وقد أراد بعض الحجاج المصريين، ان يسافروا الى المدينة قبل حضورنا، وتجمعوا في المكان الذي يعسكر فيه المحمل، بعد ان سلموا اجرة الجمال للجمّالة، فاعتدى هؤلاء عليهم فقتلوا وجرحوا وسلبوا ثم هربوا,, ثم يقول: وليلة ان وصلنا من منى الى مكة، حصل قتال بين الأعراب امام ديوان الحكومة دون ان يبالوا بها، وقد قتل فيه ثمانية.
اما الشيخ عبدالله الخليفي، إمام الحرم سابقا رحمه الله، وهو شاهد عيان، لما وقع في ذلك الزمان، فيقول: وقد حججت في وقت الخوف ثلاث حجج، وجرى لي عدّة وقائع مع الاعراب، قطّاع الطرق، وبمناسبة تبديل الخوف أمناً، اذكر واقعة واحدة تحدثاً بنعمة الله وشكره، ذلك اني في سنة 1338ه ركبت حاجا مع رفقة لا تقل عن مائتي راكب، وسرنا على طريق المدينة، قاصدين بيت الله الحرام، ومعنا الرفقاء والمجيرون الذين بذلنا لهم فوق ما يستحقون، ويسمون ذلك (خاوة) يأخذونها على الحاج على طريق الفُرع وهي منطقة تسمى وادي الفرع بها قرى ونخيل وموارد مياه على طريق المدينة/ مكة بزعمهم انها ديارهم، واهلها قبائلهم لنسير معهم آمنين، فانعكست علينا الحال، إذ مشوا بنا مكرا منهم وختالا، فلما وصلنا الفرع، اقاموا بنا يومين وكلما طلبناهم تعلّلوا بأن اهل الطريق لم يسمحوا بمروركم، من هذا الطريق حتى تؤدوا لهم شيئا تطيب به نفوسهم، فبين أخذ ورد قرروا على كل نفر ثلاثة مجايدة عملة تركية كالريال زائدة عما دفعنا سابقا، ومع ذلك يلزموننا ان نشتري منهم العلف بما يقولون، وقد احاطوا بنا ليلا ونهارا بين سرقة ونهب، واختلاس وقهر، فلما تم قرارهم قاموا إلينا بعنف وغلظة يجمعون ما قرروا (مجلة الحج رمضان عام 1366ه، وانظر كتاب الحرمين الشريفين ص 156).

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved