Tuesday 29th February,2000 G No.10015الطبعة الاولى الثلاثاء 23 ,ذو القعدة 1420 العدد 10015



هل هي طبيعة العنصر السلافي؟
عبدالله بن ادريس

منذ أربعة قرون أي في القرن السادس عشر الميلادي استولت روسيا القيصرية على بلاد القوقاز ومنها جمهورية شيشانيا ,, وقد تكون كثير من تلك الدول القوقازية استسلمت أو كان كفاحها ضعيفا ضد روسيا الغازية المعتدية,, الا ان الشيشان كان شعبا مختلفا عن جيرانه وأبناء دينه,, فقد كافح وناضل منذ ذلك الحين وحتى اليوم.
وهاهو كفاحه متواصل على مدى قرون,, فقد ثار عدة ثورات,, وناضل ولا يزال يناضل,, مستهينا بكل متاعب النضال ضد الروس المعتدين وضحى بالآف الشهداء في ثوراته المتلاحقة,, كلما حانت له فرص الكفاح والنضال من اجل استقلال بلاده وإعادة سيادته عليها.
ولم يكن لكفاحه وجهاده وقتاله المستميت من وقود يسعر معاركه الضارية ضد الاحتلال الروسي الا شيء واحد.
وحسبه بهذا الشيء الوحيد قوة وقدرة وعزة وكرامة وإباء للضيم، ألا يرى في حياته شيئا أسمى واجل وأولى بالجهاد,, وان طال زمانه، من دينه الاسلام الذي يراه حياته ووجوده.
وفي كل فترة يجد هذا الشعب المسلم الشجاع نفسه على استعداد لخوض معركة التحرير والاستقلال يبادر بالثورة ويتحمل نتائجها المؤلمة والقاسية من هذه الدولة الكبرى المحتلة لبلاده فينجح حينا ويخفق حينا,, آخر حسب امكاناته المحدودة نسبة الى امكانات الدولة الكبرى المحتلة.
* * *
لك الله يا شعب شيشانيا المسلم القوي بإسلامه ,, وايمانه بمشروعية نضاله التحرري، وان طال الزمن لك الله يا هذا الشعب المسلم الشجاع لكأنما أخذت على نفسك يا شعب شيشانيا عهدا موثقا بأن تكون مثالا وأنموذجا حيا للشعب الذي يعتز باسلامه، ويناضل دفاعا عن دينه وعقيدته وعن استسلاب شخصيته القومية.
مهما طال زمان هذا النضال او ارتفع حجم المآسي ووطأة القتال ودمار البنى التحتية، وخراب المدن والقرى، وتشريد الشعب تحت كل سماء وفوق كل أرض.
ان قسوة روسيا المحتلة,, ومع ضخامة امكاناتها المادية والبشرية لم تفت في عضد هذا الشعب العظيم بروحه الاسلامية وصلابة ارادته في الحرية والاستقلال مهما كلفه ذلك من ثمن باهظ ودماء ودموع.
ولم تكن هذه الحرب التي يخوض غمارها منذ ستة شهور هي الاولى في معاركه التحررية المستمرة,, ولن تكون الاخيرة كما تتوقع روسيا ذلك.
* * *
ولنا ان نتساءل: هل القسوة، والعنف، وعدم الرحمة، والاستهتار بحقوق الانسان، ووقاحة الوجوه الصفيفة التي لا تكترث بالرأي العام العالمي الذي يدينها في وسائل اعلامه، وفي تنظيماته السياسية، والاجتماعية، والانسانية، على الجرائم البشعة التي يرتكبها الجيش الروسي في الشيشان لنا ان نتساءل هل هذه العدوانية هي طبيعة وجبلة أو جينات في الدم الروسي كما هي في الدم الغربي الذي عرف بالتعصب العرقي والديني والاجرام المتوحش، والذي شهده العالم أجمع في البوسنة والهرسك وفي كوسوفا ,,؟ ومعلوم ان الروس والصرب من العنصر السلافي أبناء قومية واحدة لهذا كانت أرواحهم وطبائعهم الشريرة,, أم ان روسيا تريد بهذه الوحشية الدموية ارسال رسالة الى جمهوريات القوقاز التي ما زالت تخضع لاستعمارها لتقول لهم ان هذا سيكون مصير كل من يتحرك منكم مطالبا بالاستقلال,,؟ وعلى مبدأ المثل العربي إياك أعني واسمعي يا جارة ؟!
كلا الاحتمالين في رأيي واردان, فهي تريد إهلاك الشعب الشيشاني، وانذار الجيران بأن هذا مصير من يتطلع الى حريته واستقلاله.
والا ماذا تستفيد من سحب جثة احد الأموات معلقا بحبل والدبابة تسحبه على الأرض,,؟ ومثل ذلك احد المقاتلين يذبحه ويدفعه الجنود الوحوش، بأقدامهم القذرة ملفوفا في بطانيته فوق الدبابة وكأنه لا حرمة لإنسانية هؤلاء الناس الذين لا ذنب لهم الا الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم,,؟
* * *
لقد بلغت الوحشية والغطرسة وفودكا الشعور والغرور بالقوة الشرسة، مضافا الى الشعور بالعار الذي لحق بهذا الجيش في هزيمته على يد رئيس الشيشان الراحل دوداييف قبل خمس سنوات ما لم تبلغه في أكبر معارك الحرب العالمية الثانية قتلا وتشريدا، وتدميرا لكل معالم الحياة الانسانية,, بلا أدنى شفقة أو رحمة انسانية.
لقد حول الروس المتوحشون عاصمة الشيشان غروزني الى هياكل تنوح على شرفاتها البوم,, وتنعق في خرائبها الغربان,, باكية ظلم الانسان القوي المتعجرف للانسان الضعيف.
انه لمن العجيب والمحزن في نفس الوقت ان تتعامل روسيا وهي احدى القوى الكبرى في هذا العصر بهذه الروح العدوانية الشرسة، وبهذه الوحشية المسعورة ضد الشعب الشيشاني الذي كل مطلبه استقلال وطنه وحماية عقيدته الاسلامية, وتطبيق شريعة الاسلام في مجتمعه ,, كشعب مسلم له شخصيته الخاصة والتي يموت في سبيل الحفاظ عليها من الاستلاب.
وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد .


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

مشاعر

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

ملحق المجمعة

القوى العاملة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تغطيات

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved