في المعرض الذي يحتضنه المركز السعودي للفنون بجدة: تنويعات فنية تطرح المشهد التشكيلي القطيفي على المحك,,!! |
* متابعة: حبيب محمود
يطرح فنانو محافظة القطيف، في معرضهم الذي افتتحته حرم صاحب السمو الملكي الأمير فواز بن عبدالعزيز،بمحافظة جدة، المشهد التشكيلي القطيفي على محك مثير للتساؤل والاحتفال والدهشة في وقت معاً, اذ هي المرة الأولى التي تتجاسر فيها المجموعة على عرض أعمالها جماعياً خارج المنطقة الشرقية، على الرغم من ان في اعضائها من يحمل سجلاً مقروءاً من المعارض الشخصية المحلية والخليجية، وحتى الدولية، مثل: زمان جاسم ومنير الحجي وعلي الصفار,
ومكمن التساؤل والاحتفال والدهشة لاينحصر في هذا التكتل العددي،بل فيما يتحمله المعرض من مسؤولية ازاء عرض الحركة التشكيلية في القطيف, فالمعرض يقدم 65 عملاً لستة عشر تشكيلياً, ويفترض بهذا العدد ان يجسد التلوينات والتباينات الفنية، ويختزل ملامح النشاط التشكيلي في القطيف الذي اوجد له موقعاً لافتاً من خريطة التشكيل المحلي,
ملامح إبداعية
وحسب مايشير اليه الفنان زمان محمد جاسم، رئيس جماعة الفنون التشكيلية بمركز الخدمة الاجتماعية في المحافظة، فان المعرض تتركز في اعماله اهم الملامح الابداعية للمشهد التشكيلي في القطيف، وعلى نحو يعكس التجارب بما تحتضنه من مستويات واختلافات على صعيد المضامين والاشكال والمدارس والتوجهات الفنية,
وعلى هذا الأساس يؤكد الفنان زمان جاسم القدر الذي تحمله التجربة من تنوع يطرح بأبعاده التجريبية الحركة التشكيلية في القطيف على محك يتجاوز التجربة الفردية التي خاضها عدد من فناني القطيف الذين أقاموا معارض شخصية, اذ يتيح المعرض بشخصيته الجماعية الفرصة أمام اختزال ملامح الوجه الحقيقي للحركة التشكيلية في القطيف,
احتراف المدهش
زمان جاسم نفسه وهو صاحب تجربة نشرها في معارض محلية وخليجية وحتى اوروبية، يطرح تجربته كفنان له وعيه ورؤيته الحداثية القادرة على احتراف المدهش,
وبحس له ما يبرره، فان مايقدمه زمان في المعرض يراهن على اختزال التعبيرية الرمزية وتكوين الرؤية لا الصورة في قالب لايلتزم حرفياً بما هو متاح للوعي الجاهز وقد يتطلع فيما يراه اختزالاً للتعبيرية الى حلم اقصاه التشيؤ في المحاولة الطفولية,
انطباعية وواقعية
في حين يضع علي الصفار رهانه في اعادة صناعة مضامينه التي كان يهتم بها في تجاربه السابقة, ولذلك فان تركيزه ينصب على الإفادة من التأثيرية والواقعية في تجاربه الجديدة,, وتعود أعماله الى الاحساس بالارض كهاجس مضموني يبذل له قدراته في التكوين والتشكيل وعلى النحو الذي يحقق له الشفافية,
ويلتقي معه منير الحجي في إحساسه بالارض والبيئة, غير ان هذا الأخير يستعرض تجربته التأثرية التي قدمها قبل عام عرضاً صارخاً مكرساً جهوده في اقتناص زمن الضوء وحساسيته, ومرتمياً، حتى اللمسة الأخيرة، في تقنية انطباعية مارس من خلالها مغامرة حسبت نتائجها له كفنان انطباعي فذ, فكانت هذه التجربة تتويجاً تقنياً لاهتمامات بيئية وقع في آثارها على امتداد تجربته الفنية الطويلة,
ويهيم محمد المصلي في مدار قريب من مدار الصفار والحجي، إلا انه يغازل الطبيعة والطبيعة الصامتة مغازلة تختلط معها تجربته الأخرى في الافادة من الموروث الشعبي كمضمون, اما شكلاً فان اهتمامه بالتكوين الصارم الهادىء يعززه استخدام خامة الباستيل بشكل ناجح وموحى,
في حين يجد محمد السيهاتي تجربة كلاسيكية مثيرة، ليس في بعدها الانساني وحسب بل وبعدها الفني وإحساسها المغامر بتقنية الفحم والرصاص، فضلاً عن الخطوط القوية التي تتمتع بها أعماله والقدرة على التشريح وضخ الإحساس ضخاً في العمل الفني,
هاجس سريالي
ويقدم عبدالعظيم شلي أعمالاً لواحدمن فناني القطيف ذوي التجربة الطويلة, فقد خاض شلي التجربة التشكيلية بأبعادها المختلفة, واحتفظ بالموروث الشعبي كمضمون له حساسيته ودلالاته، خاصة حين كان الارتباط بالتراث يعني له الكثير, كما انه تجاسر على خوض التجربة السريالية خوضاً مغامراً، وقدم أعمالاً لم تنل حقها الطبيعي من النقد والمواجهة الجادة حتى الآن,
وفي المدار المتميز، سريالياً ترتفع سوسن الحمالي عن الحذافير السريالية المنوالية، وتثبت تفوق احساس اللون الشفاف وماينطوي عليه من احساس اخاذ يوشك ان يتحول الى حلم يوغل ببساطته وامتناعه في حالة من الغنائية اللونية، اذا جاز التعبير وعلى العكس من السريالية المتوقعة لا تهتم سوسن الحمالي بفوضى الاحساس البصري بل تتاخم الدلالات الثرية متاخمة مترفعة وذات انفة مدهشة,
وبالمقابل تطرح مهدية آل طالب التجربة السريالية طرحاً تحشد فيه الدلالات وتشابك الصور, وبقد ما تراهن عليه اللوحة السريالية عند آل طالب، فان المضمون ينجرف لديها الى مشاهد تأخذ منها الكابة كل مأخذ، ويطفح فيها الاحساس الحزين والمتأزم على نحو تشير اليه التفاصيل والمنمنمات، بل وتعززه التداخلات التي تقدم لوحات كثيرة في لوحة واحدة, ويمكن الالتفات ايضاع الى الكولاج الذي تهتم به مهدية كثيراً,
أما خلود آل سالم فلا يمكن نفي تأثرها بالسريالية، غير أنها لاتقدمه كنموذج, خلود آل سالم تفيد من فلذات سريالية افادة تضعها حسبما تشير هي في مدار تعبيري تحاول الانفلات منه والتخلي عن زخمه, واذا كان مطمحها واضحاً على مستوى التقييم فان ما تسميه تبسيط التعبيرية اصبح رهاناً لديها,
تجريد
حسين المحسن يطرح نفسه كبعد مهم في المعرض، فهو على تمرده يجسد روح الفنان الذي يعيش الصراع النفسي/ الفني الاخاذ وفي تجربته المائية ما يحفز على الاحتفال النوعي, في حين لايمكن المرور، مروراً كريماً على اعماله التجريدية ذات الابعاد الانسائية الحساسة خاصة انه يعود، في هذا المعرض الى الحركة التشكيلية بعد غياب افاد منه ولم يتضرر ابداً,
وقصي العوامي المفتوح بالتجريدية والحروفيات يشارك في المعرض مشاركة هاجسها الحرف ومايختزله من دلالات جمالية خلاقة, ويراهن على مايحفل به الحرف العربي ببعده التراثي الجمالي وعطائه الموحي فنياً وانسانياً,
تنوع فني
يضاف الى هؤلاء تجارب فاضل ابو شومي وجرأة الألوان والفضاءات الموفقة التي يحملها لوحاته، وكذلك محمد الحمران بإحساسه بالملمس والعنصر الطفولي وتركيزه على اقتناص الموقف البسيط وإعادة تأصيله وجدانياً، كذلك تجربة خاتون الجشي وبحثها عن ذاتها بين تجارب عديدة, وكذلك تجربة رشاد الفضل والباستيل الذي يحتلف به وتوزيعاته اللونية الموحية,, ومنير الحمدان في تجاربه التجريدية الضاربة في اعتمادها على الجرأة في الألوان,, كل هذا التنوع الفني يطرحه المعرض طرحاً ليس من السهل توصيفه واختزال تعدده,
|
|
|