Saturday 4th March,2000 G No.10019الطبعة الاولى السبت 27 ,ذو القعدة 1420 العدد 10019



ألاعيب وفضول في بدعة الانزياح الأسلوبية!!,.
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

رأيت للأستاذ أحمد محمد ويس حشدا ثقافيا يفيد تصورا، ويدفع الى مزيد من التثقف الفلسفي,, أما التصديق: فله شأن آخر برجولة فكرية، وله شأن آخر بتحليل البناء الفلسفي الأرحب من العبارات المقتضبة,, وهو يربط بدعة الانزياح الأسلوبية بنظرية انفجار الكون (1) ولها مكان أرحب بكتابي العقل التاريخي.
قال أبو عبدالرحمن: ولكنني أجد نفسي مشدودا مع مفهوم ونقد الانزياح عند اسماعيل شكري، لأزيد بيانا عادلا منصفا عن العبث والتمظهر والدعاوى في معارفنا النظرية الهامشية بعد أن عجزنا عن صنع صاروخ تتلمذا لا ابتكارا، وبعد أن عجزنا عن كشف موجود في الكون لم يكتشفه الخواجات,, وأبدأ أولا بالعرض بأمانة من أجل التصور كما فعلت في نهاري ليل!! ,, لدعوى الانزياح وتصوره من قول الشابي:
أيها الليل أبا البؤس والهول
(م) أيا هيكل الحياة الرهيب
فيك تجثو عرائس الأمل العذب
(م) تصلي بصوتها المحبوب
وهذان البيتان سَيُحلَّلان في دائرة مصطلح أسلفتُ لكم ذكره سمَّوه الجهة البلاغية في نمطين آخرين من أنماطها، وسيكونان نموذجا لتعدد التشاكل، وأكتفي اليوم بالنمط الأول، وهو الجهة الخطية ,.
وهي جهة خطية متعددة التشاكل,, وصفة تشاكلها ان الوحدات الدلالية في البيتين مشكِّلة لكل تشاكل على التتابع الزمني، ولنبدأ بالتتابع (2) في البيت الاول متوالية البيت الأول فنجدها:
الليل + البؤس + الهول + الرهيب (3) .
والمقوم لهذا التشاكل + خوف، لأن الوحدات الدلالية المتتالية المذكورة آنفا تؤشر عليه.
ثم ذكر انه أسقط مقوم الخوف على وحدة البؤس، لأن الخوف متراكم في الوحدتين المتتاليتين,, يعني المتتاليتين بعد البؤس، وهما الهول والرهيب (4) ,, وأسقط مقوم الخوف أيضا على وحدتي البؤس والهول لعلاقة الاستدعاء بينهن.
وكما أن للتشاكل هاهنا نواة اولى هي الخوف فإن له نواة أخرى هي اللاتشاكل في الليل أو الهول (5) ,, وسر هذا اللاتشاكل أن مقوم الليل + زمان، ومقوم الأب + انسان,, ولكن العلاقة وطيدة بين المقومين، لأن كليهما منتج ومؤثر، فكيف يرفع التعارض بينهما؟,, يرفع بتصحيح الوحدة الدلالية أبو، وهو تصحيح تقدمي.
قال أبو عبدالرحمن: أسلفت مفهوم التصحيح عندهم، وهو انتقاء الموضوع لمقوِّمات المحمول,, ويأتي إن شاء الله بيان معنى أنه تصحيح تقدمي.
وبنية التشاكل في البيت الأول جاءت عندهم وفق هذا الرسم الفضولي: رسم رقم 1
والجهة الخطية في البيت الثاني وهي جهة خطية متعددة التشاكل، لأن الوحدات الدلالية في البيتين الثاني مشكلة لكل تشاكل على التتابع الزمني أي متوالية البيت : على هذا النحو.
عرائس + الأمل + العذب + المحبوب (6) .
والمقوِّم لهذا التشاكل هو + فرح، لأن الوحدات الدلالية المتتالية تؤشر عليه.
وفي هذا الرسم الفضولي أسقط المحبوب كما أسقط في الرسم الفضولي الأول كلمة الرهيب، ومهَّد لذلك بكلامه عن البيت الثاني دون كلامه عن البيت الأول بقوله: وانطلاقا في (7) صياغته من اللاتشاكل في العبارة: عرائس الأمل العذب فالتصحيح ممكن على الشكل الآتي:رسم رقم 2
وهاهنا رسم فضولي ثالث هذا نصه: رسم رقم 3
وَعَنوَنَ لهذا الرسم بأنه تمثيل للجهة الخطية المتضمنة للتشاكلين المتتاليين في علاقات للتقابل (8) ,, وشرحه بهذا الكلام العائم ذي المفردات التي لا تعني أمرا واضحا في سياق الكلام: نلاحظ أن وحدات التشاكل يعني الوحدات الدلالية في البيت الثاني حيث تنتهي سيرورة (9) وحدات التشاكل يعني الوحدات الدلالية في البيت الأول ,, ومن ثم فالتقابل وارد بين وحدات التشاكلين، بحيث تقابل الوحدة الدلالية أ (الليل) الوحدة الدلالية أ (عرائس)، وهما معا وحدتان معجمتان (10) ,, لكن قد نجد بعض الوحدات غير المعجمة (11) تربط نفس علاقة التقابل بوحدات مثلها، أو بوحدات معجمة (12) ، فمثلا يمكن ان تقابل الوحدة ج الهول في التشاكل الأول بوحدة دلالية غير معجمة (13) هي ج؟ المفرحة انطلاقا من الوحدة الدلالية عرائس او العذب المعجمة (14) في التشاكل الثاني، فنحصل على جهة متراكبة ضمن الجهة الخطية من قبيل العلاقة رسم رقم 4
قال أبو عبدالرحمن: ويلزم بيان معاني تلك الرسوم والمصطلحات، ولكنني أرهن بالفراغ من عرضهم لنموذج آخر,, إنني فيما سبق من هذيان نهاري ليل كنت اتكلم في دائرة ما أسموه بالجهة المتراكبة الآحادية الموصوفة باحادية الاتجاه التأويلي,, ومعنى آحادية التأويل عندهم ان الموضوع ينتقي مقومات المحمول دون العكس,, الا ان هناك الجهة المتراكبة المزدوجة، فتتعدد اتجاهات التصحيح للملفوظ (16) الواحد بين التأويل الرجعي والتأويل التقدمي (17) ، وأرضية هذا التقعيد مثال قالوا: انه مشهور في أدبيات كريماص ، وهو: كلب الضابط ينبح,, وفي هذا المثال في سياق بناء التشاكل تصحيح رجعي للوحدة الدلالية كلب ، وتصحيح تقدمي للوحدة الدلالية ينبح .
ونقطة الانطلاق في التصحيحين هي الوحدة الدلالية الضابط ,, وهذا هو رسمهم الفضولي لبيان ذلك:رسم رقم 5
ولم يزد شرحهم عن جملة: لكن يمكن ان نعتبر هذا التأويل إثباتا لمقوم عرضي ايحائي في كل هذه الوحدات الدلالية، وهو + سخرية (18) .
قال أبو عبدالرحمن: لنعد الى جنون نهاري ليل ، لنستعيد معاني مصطلحاتهم، فقولك: زنزانتي مظلمة مؤلَّف من مبتدأ هو الزنزانة، وخبر هو مظلمة,, هذا بلغة النحو,, وبلغة المنطق فالمبتدأ زنزانتي موضوع محمول عليه ، ومظلمة محمول,, ولتعرف معنى الجوهري والعرضي والايحائي في صفة المقوِّم لاحظ ان زنزانتي مظلمة تشاكل نهاري ليل والظلام الوارد محمولا على الزنزانة جوهري بزعمهم في الليل المحمول على نهاري، لأن مفهوم الليل لا يتقوَّم الا بالظلام، وقد أسلفت بطلان ذلك، وان المقوم خصوص ظلام ناتج عن غياب الشمس لا عموم ظلام، اذ هناك منيرات أخرى طبيعية وصناعية.
وفي سياق العمى قالوا: حياتي مظلمة,, وذلك هو التشاكل لجملة نهاري ليل,, فالظلام مقوِّم جوهري في حياة الاعمى,, قال أبو عبدالرحمن: هذا صحيح، لأن مفهوم الاعمى انه لا يبصر بإطلاق، ومن فقد حاسة البصر كان ما حوله ظلاما,, وقالوا: ان الظلام الذي هو مقوم جوهري في حياة الأعمى مقوم جوهري ايضا في الليل الذي هو محمول نهاري، وقد أسلفت بطلان ذلك.
وجاء بيانهم متلعثما في سياق الحزن، فقالوا: حياتي مظلمة,, والظلام على معنى الكآبة، والجملة المشاكِلة نهاري ليل,, وفاتهم أيضا تأويل الليل بالكآبة، لأنه ليس المراد ظلام النهار، وانما المراد ظلام النفس لكآبتها في النهار.
ثم ذكر انهم عرَّفوا الجهة المتراكبة بأنها التي تؤشر على زمن التراكب بين التشاكلات المحتملة (19) ، ولم يبين مراده بزمن التراكب، ولكنه رمز له بهذا السهم (20) ، فنعرف حينئذ المراد بزمن التراكب حيث وجدنا هذا السهم في الأمثلة,, كما انه لم يبيِّن المراد بالتتابع الزمني في قوله عن بيتي الشابي: في هذين البيتين يمكن بناء جهة خطية متعددة التشاكل تحافظ فيها الوحدات الدلالية المشكِّلة لكل تشاكل على التتابع الزمني .
ولكنني مستخرج ذلك استنباطا,.
قال أبو عبدالرحمن: الحمد لله على قضائه الذي أوجب عليَّ حِسبَة أن أكون مستنبطا الخواء من العبث!!
لقد جعل الخوف مقوما لتشاكل المفردات الأربع: الليل، والبؤس، والهول، والرهيب.
قال أبو عبدالرحمن: كان عليه ان يقيِّده، فيسميه المقوم العام، ليفهم الناس عبثه,, الا أنه هذه المرة لم يجعل الخوف مقوما عاما مشتركا، بل اكتفى بوصفه بالمقوِّم، ولم يجعل ما بعد الليل مقوما لليل، بل جعل المفردات الثلاث بعد الليل مؤشرات على المقوم الذي هو الخوف، فالخوف بمعنى مخيف محمول على الليل.
قال ابو عبدالرحمن: الخوف ليس مقوما لليل: لا بمفهوم الاسم اللغوي اذ هو كما أسلفت لا يعني غير مقدار من الزمان قياسه من غروب الشمس الى طلوعها ,, ولا بواقع المسمى وهو مظروفات الليل,, بل الخوف عارض غير لازم، وهو أغلبي في عصر ومصر، وغير أغلبي في عصر ومصر,, وليلنا اليوم جهوري، والخوف لذات الليل عارض غير أغلبي.
قال أبو عبدالرحمن: الا أنني أعفي اسماعيل من هذا النقد، وأقول: انه لم يزعم أن الخوف مقوِّم لليل وحده، بل هو مقوم للمفردات الأربع: الليل، وما بعده,, أي مقوم للتشاكل في الوحدات الأربع,, أي مقوم للتشاكل المتعدد المرتبط بعلاقة الانفصال (21) ، فلنبحث معاني بقية المفردات الأربع، فالمفردة الثانية البؤس، فمادة الباء والهمزة والسين تعني الشدة في تأصيل ابن فارس (22) ,, ولكن من سياق بقية معانيها في اللغة علمنا أنها تعني شدة مقيدة، وهي ما أثمر حزنا وكآبة، ولهذا فسَّرها الراغب بالشدة والمكروه معا، وبيَّن الراغب أن البؤس أكثر في الفقر والحرب، وان البأس والبأساء أكثر في النكاية (23) .
قال أبو عبدالرحمن: الخوف ليس مقوما للبؤس، وليس البؤس مؤشرا على الخوف، لأن الخوف حالة اضطراب وذعر وفزع وقلق توقعا لحصول مكروه، والبائس في امر مكروه بشريا يجب الصبر عليه شرعا ، وهذه الحالة التي هو فيها لا تعني خوفه من البؤس، لأنه يعيشه,, فإن زعم متفلسف للأسلوبين ان البؤس يُخاف منه: فلا يسلم لهم ذلك الا على جعل الخوف بمعنى مجازي هو الكره وانتفاء الرغبة والارادة للبؤس,, وعلى التسليم بأن توقع البؤس يحدث ذعرا: فغير مسلم لهم أيضا، لأن التوقع يكون عن أمارة مظنونة أو معلومة (24) ، وليس كل من رأى بائسا تكون عنده أمارة توقع، فيخاف,, ولو سلمنا ذلك وهو غير مسلَّم لكان المقوم المخيف لا الخوف.
والمفردة الثالثة الهول وقد جعل لها ابن فارس أصلين هما: المخافة، والتحسين (25) .
قال أبو عبدالرحمن: تعدُّد الأصول مع اتحاد الواضِع ممتنع في لغة العرب، والمحقق عندي ان الأصل في المادة: المبالغة فيما يقتضي تعظيما أو تحقيرا,, ومن أراد التحقق فليستقرىء المطولات من متون اللغة، ومن ثم يكون الخوف جزء معنىً من طريق المجاز، والهول مخوف لا خوف.
والعدل هاهنا: ان البؤس والهول غير مقوَّمين بالخوف، لأنهما قائمان بغيره,, ولكنهما مشيران اليه في بعض الأحوال، لما أسلفته عن مدى درجة وجود الخوف في هاتين المادتين.
والمادة الثالثة الرهيب، فقد جعل ابن فارس للمادة أصلين: هما الخوف والدقة كالرهب بسكون الهاء بمعنى الناقة المهزولة (26) .
والمرجَّح لدي الآن ما قرره الراغب من ان الرهب بمعنى الخوف مع تحرز (27) ، وأن المعنى الثاني مجاز من الأول، لأن الخوف يحدث هزالا.
قال أبو عبدالرحمن: يحصل لاسماعيل شكري: ان الرهب بعض خوف، وان الوحدات الأربع غير قائمة بالخوف، وان اشارتهن اليه مقيَّدة، والى مناسبة عن تحليل ومحاكمة هذا العبث والله المستعان.
الحواشي:
(1) انظر مجلة الفيصل العدد 274 ص 49 56.
(2) أبسَّط هذا العبث، ليكون مفهوما لدى عامة المثقفين، ومن ثم يعرف الجمهور انه عبث من مجرد تصوره، ويبقى تعقبي لهذا العبث حاجة كمالية لمن أراد مزيدا من القناعة,, وإمعانا في التبسيط أظهر ما حقه الإضمار!!
(3) قال أبو عبدالرحمن: هاهنا نحن مع أربع وحدات.
(4) نحن هاهنا مع ثلاث وحدات لا أربع، فلماذا أُسقط الليل؟!
(5) على تحليله: فالاولى ذكر أبو الهول، لأن أبا مقصودة في الرسوم العبثية.
(6) هاهنا نحن أيضا أمام أربع وحدات حسب لغتهم.
(7) أي في صياغة الشكل الذي سيأتي، وجواب الانطلاق قوله قبيل رسم الشكل: فالتصحيح ممكن,, قال أبو عبدالرحمن: أساليب القوم أعجمية.
(8) يأتي بعد أسطر ان شاء الله شرح معنى التقابل.
(9) المعروف التعبير بالصيرورة، فسبحان من ألهم هؤلاء القوم التلاعب بلغة العرب وآدابها.
(10) هكذا ورد، والمراد معجميَّتان.
(11) هكذا ورد، والمراد: معجمية.
(12) المراد معجمية.
(13) المراد غير معجمية، ولا معنى للاعجام في سياقه.
(14) المراد المعجمية.
(15) مجلة فكر ونقد السنة الثالثة العدد 23 نوفمبر 1999م ص 119 121.
(16) وهو ما يسمونه الوحدة الدلالية.
(17) في بحثي عن نهاري ليل بينت معنى التأويل الرجعي، ويأتي إن شاء الله بيان التأويل التقدمي.
(18) المصدر السابق ص 119.
(19) المصدر السابق ص 116.
(20) المصدر السابق ص 118.
(21) انظر المصدر السابق ص 116.
(22) مقاييس اللغة 1/328.
(23) المفردات ص 75.
(24) انظر المفردات ص 166م.
(25) مقاييس اللغة 6/20.
(26) مقاييس اللغة 2/447.
(27) المفردات ص 209

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

التقسيط والقروض البنكية

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved