Tuesday 7th March,2000 G No.10022الطبعة الاولى الثلاثاء 1 ,ذو الحجة 1420 العدد 10022



أضواء على مخاطر التجارة الإلكترونية
أحمد منير فهمي *

تتميز التجارة الالكترونية عن التجارة التقليدية في ان الاولى تتم بوسائل الكترونية حديثة، عبر شبكة المعلومات العالمية انترنت وبسرعة فائقة، بحيث تتم عملية البيع والشراء خلال دقائق معدودة، ودون رقابة فعالة,, بينما التجارة التقليدية تعتمد على العقود والاوراق والمستندات، وبالتالي يمكن رقابتها والتحكم فيها من اطراف العقود ومن البنوك، وأحيانا تشترك في هذه الرقابة شركات المعاينة البرية والبحرية والجوية للتحقق من سلامة البضاعة ومطابقتها للمواصفات وبالتالي فإن فرص الغش في التجارة العادية اقل من التجارة الالكترونية.
ولم يغفل محترفو النصب هذه الفرصة، فهم يستفيدون دائما من كل تطور تكنولوجي، ويسارعون إلى استغلاله في عملياتهم الجنائية، وأخذوا يستغلون هذا التقدم في النصب، وعمدت العصابات المنظمة إلى استخدام التجارة الالكترونية في غسيل الاموال، حيث تسهل لهم القيام بهذه الجرائم،نظراً لعدم وجود رقابة فعالة عليها.
وقد ورد في التقارير الدولية ان هجمات قراصنة الكمبيوتر قد تزايدت، حيث تبين ان عصابات الجريمة المنظمة الروسية ارتكبت في عام 1997 مائتي هجمة في المتوسط، وبلغت احيانا ألف هجمة شهريا، وان قيمة الخسائر الناتجة عن هذه العمليات بواسطة الانترنت في عام 1997 ما يتجاوز 5 بلايين دولار.
وقد نصح الخبراء واضعي القوانين واللوائح ان يضعوا في اعتبارهم كيفية مواجهة جرائم غسيل الاموال وضبطها عند استخدام الجناة للانترنت في تنفيذها، واعداد قواعد قانونية بوضع قيود على المعاملات والتعاقدات لرصد الانواع غير العادية منها وذلك على اساس ضخامة الاموال فيها او على اساس كثرة عددها.
* المصدر: (نشرة مكافحة الجريمة التجارية الدولية CCB ديسمبر 1998 مقال: وجوب العناية باعتبارات الامن حتى تستقيم التجارة الالكترونية ص6).
عوائق مكافحة الغش في التجارة الإلكترونية:
من أهم هذه العوائق القوانين في الدول المطبقة لنظام الانترنت، وقد لوحظت قلة في احكام القضاء بشأن هذه الجرائم, ويجوز ان يكون الاختصاص القضائي مرتبطا بمواقع آلات الكمبيوتر التي اشتركت في التحويل الالكتروني للاموال,
والغالب ان هذه المواقع التي ابرمت فيها المعاملة الالكترونية ضمن شبكة واسعة من آلات الكمبيوتر، وبالتالي فإن تحديد مكان ارتكاب الجريمة يصبح صعبا, والغالب ان يستغل الجناة ذلك، بتعدد مواقع تحويل الاموال وفي اكثر من دولة, ،بالتالي، فقد اصبح الغش بطريقة الكمبيوتر مشكلة عالمية، حيث يصعب تحديد القضاء المختص بنظر الجريمة,, ومثال ذلك إذا تم تحويل نقدي من الولايات المتحدة، ونفذ بالماركات الالمانية وقدمها بنك فرنسي، فيقع تداخل بين الاختصاصات القضائية، مما يجعل مهمة تتبع الجناة اكثر صعوبة.
وقد تنبهت بعض الدول لهذه الوسائل، ومثال ذلك القانون الامريكي الصادر عام 1984 وهو قانون أجهزة الدخول المقلدة إلى أجهزة الكمبيوتر، ومكافحة الغش في الكمبيوتر واساءة استعماله!! Counterfeit Access Device, and Computer Fraud, and Abuse Act.
وقد تم توسيع نطاق تطبيق القانون في عام 1986م لتجريم الغش بطريق الكمبيوتر بين الولايات المتحدة بعضها البعض.
وينص القانون على حظر الدخول الى نظم الكمبيوتر غير المصرح به، ويسري على مصالح الحكومة، وكذلك على المؤسسات المالية، ووكالات ائتمان المستهلكين: وقد ادى استخدام التكنولوجيا المتقدمة في التعاقدات المالية الى تعريض المنشآت لعمليات غسيل الاموال، ومرتكبي الجرائم الاقتصادي، وهو الوجه الآخر لاستخدام هذه التكنولوجيا التي قصد منها السرعة في المعاملات المالية الدولية وتخفيض النفقات ولذلك اوصت التقارير الدولية المشرعين والبنوك بضرورة وضع طرق جديدة تكنولوجية لرقابة تدفق النقود الكترونيا وإلا فإن الجرائم الاقتصادية سوف تهدد العالم في القرن الواحد والعشرين، نظرا لتزايد استخدام التكنولوجيا في تحويل الاموال المتحصلة من الجرائم.
* (المرجع السابق ص7).
أثر الغش في التجارة الإلكترونية
على ميزانية الدولة:
تسهل التجارة الالكترونية فرص التهرب من دفع الضرائب المستحقة للدولة، لسهولة وسرعة تحويل الاموال وشراء السلع خلال دقائق وقد تنبهت الولايات المتحدة لذلك، ففي قانون الضرائب الامريكي على انه على كل منشأة تتلقى مدفوعات الكترونية ان تقدم اقرارا لمصلحة الضرائب، باعتبار ان هذه المدفوعات تعتبر دخلا، وفرض هذا القانون عقوبات على مخالفة أحكامه.
على ان هناك صعوبة تعترض تنفيذه، وهي كيفية تحديد السلطات الحكومية مقدار الدخل الذي يرد للمنشأة بهذه الكيفية، حيث ان المدفوعات ترد من اي مكان في العالم مباشرة إلى كمبيوتر دافع الضرائب, وتعتمد سلطة الضرائب الامريكية في الحصول على المعلومات من الاطراف الاخرى لتبلغ بتصدير هذه المدفوعات وهناك عقبة اخرى هي ان هذا القانون يطبق على دافعي الضرائب الامريكيين فقط، وبالنسبة لانواع محددة من الدخول ويقضي قانون سرية معاملات البنوك ان كل بنك يلتزم بالابلاغ عن عبور المبالغ التي تزيد عن عشرة آلاف دولار، سواء كانت صادرة من البنك او واردة إليه، وفرض عقوبات على مخالفة احكامه.
* (المرجع السابق ص6).
أثر استخدام الإنترنت في
الغش ببيع البضائع المقلدة
ورد في تقرير صادر من شركة أمريكية كبرى لرقابة شبكة الانترنت في مدينة الاسكندرية في ولاية فيرجينيا انه ما بين 1:5، 1:10 من مواقع التجارة الالكترونية الامريكية يتم من خلالها بيع السلع الفاخرة المقلدة, وان عدد هذه المواقع ما بين 20 ألف إلى 25 ألف موقع على مستوى الدولة.
وقد أوضح التقرير ان هذه البضائع مقلدة للماركات العالمية المشهورة مثل ساعات Rolex وغيرها، وان ارسال الانترنت يصل حاليا إلى ما يزيد عن 100 مليون شخص في انحاء العالم, وفي كل دقيقة تتزايد المخاطر على الشركات بفقد ارباحها من الاسواق نتيجة للخلط بين الماركات الصحيحة والمقلدة، وتدهور سمعتها التجارية بسبب بيع المنتجات المقلدة الرخيصة، وان هذه العمليات قد اصبحت سهلة بسبب شبكة الانترنت.
وقد ورد في دراسة حديثة أصدرها مكتب: Dell Computer, and Louis Harris, and Associates ان نسبة 43% من الامريكيين مستخدمي اجهزة الكمبيوتر يقومون بالتسوق عن طريق الانترنت في مواسم العطلات، وان هذه النسبة قد ارتفعت في عام 1998 بنسبة 330% ويقدر الخبراء ان التجارة الالكترونية التي تبلغ قيمتها الاجمالية على مستوى العالم 30 بليون دولار حاليا سترتفع في عام 2000 لتبلغ 67 بليون ريال.
(نشرة مكافحة الجريمة التجارية الدولية CCB يناير 1999 مقال: جرائم التقليد: الانترنت يقدم فرصا متزايدة لبيع البضائع الفاخرة المقلدة الصفحة الاخيرة).
استخدام التجارة الإلكترونية في النصب
كثيراً ما يتم عرض البضائع السيئة وفقيرة المستوى للبيع على شبكة الانترنت، ويستجيب بعض الافراد بسذاجة لهذه العروض، ويقومون بالشراء في دقائق معدودة.
وقد نبهت التقارير الدولية إلى خطر آخر أشد، وهو استخدام النقود الالكترونية إذا انتشر في منشآت اخرى غير البنوك، او المنشآت التي تسيطر عليها البنوك، فستنتج عن ذلك زيادة المخاطر على المستهلكين بتعرضهم لخطر هذه العملات الالكترونية التي لا تدعمها اموال حقيقية مودعة في مؤسسات مالية تحكمها القوانين.
(النشرة السابقة ديسمبر 1998 ص6).
توجيهات لكيفية مكافحة هذه المخاطر
تتعرض المنشآت والأفراد في الدول العربية عامة والخليجية خاصة لهذه المخاطر التي عرضناها, وبناء على ذلك، فيتعين على الحكومات العربية التنبيه لهذه المخاطر قبل ان يتسع نطاقها وتصبح خطرا على الانظمة المالية وعلى التجارة عموما، وتستهدف البنوك وبيوت المال.
ويجب اصدار قوانين تلزم جميع الشركات والبنوك بالابلاغ عن كل مبالغ تصدر منها او ترد إليها متى زادت قيمتها عن حدود معينة، وذلك مقابل عقوبات رادعة، متى كان ذلك بالوسائل الالكترونية.
ومن الحيوي ان ينص قانون مكافحة غسيل الاموال على عقاب هذه العمليات متى تمت الكترونيا، دون ان تتحدى البنوك بقاعدة سرية معاملات العملاء، حيث ان المخاطر لا تتناسب مع هذه السرية، لان التوسع في استخدام التكنولوجيا في غسيل الاموال والغش يمثل مخاطر جسيمة تهدد النظام المالي في الدولة بأسره، وتهدد دخل الدولة من الضرائب، مما يصيبها بالقصور في القيام بالتزاماتها نحو الشعب.
وفضلا عن ذلك,, فاستخدام التجارة الالكترونية في بيع البضائع المقلدة يمكن ان يسبب مشاكل صحية، وقد تنجم عنه مخاطر على حياة الافراد، مثل بيع قطع غيار مقلدة للسيارات او الطائرات، او أدوية مغشوشة مقلدة لماركات عالمية.
على ان المكافحة لن تنجح بمجرد اصدار القوانين، بل يجب تعاون الجميع فيها، بما في ذلك سلطات الامن والشركات والبنوك والمستهلكون، لانه بغير هذا التعاون، ستظل المكافحة قليلة الجدوى، ويجب تنبيه المستهلكين بطريقة مقنعة الى وقت اندفاعهم لشراء السلع رخيصة الثمن، وادراك ان السعر المتدني للسلع المعروضة في الانترنت يجب ان يكون انذارا واضحا بوجود محاولة للغش سيدفعون هم ثمنها في النهاية.
ومن اهم عوامل نجاح الغش في التجارة الالكترونية، اقبال الناس على التعامل في السلع بسذاجة مع اطراف اخرى لا يدرون عنها شيئا، سوى المعلومات والدعاية عنها في الانترنت, لذلك نصحت التقارير الدولية من يشاهدون الانترنت بعدم التعامل بهذه الطريقة الساذجة، وضرورة التحري عن الشركات التي تعرض الاعلانات عن منتجاتها في الانترنت وذلك من القنوات الرسمية, وهذا ما ننصح به رجال الاعمال العرب والخليجيين والمستهلكين إعمالا للحكمة القديمة: الوقاية خير من العلاج .
* المستشار بمجلس الغرف السعودية

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved