Wednesday 8th March,2000 G No.10023الطبعة الاولى الاربعاء 2 ,ذو الحجة 1420 العدد 10023



شعاع
بين التاريخ ,, والآثار
د, طاهر تونسي

من أعلام الفكر والادب في المملكة العربية السعودية، أديب موسوعي الثقافة، ناصع الاسلوب عصامي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان سامية عالية, ثقف نفسه ثقافة عربية اصيلة فاطلع على متون اللغة والادب والتاريخ,, واهتم كثيرا بتاريخ الجزيرة العربية وألف في مناح شتى,, وكان هذا الاديب أول من تنبه لضرورة الاهتمام بالآثار في بلادنا، وقد كان اول انتاجه رسالة كتبها استجابة لطلب الشيخ عبدالله السليمان وزير المالية في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وسماها التحقيق المدعم,, في مسجد الراية وبئر جبير بن مطعم وقد ألف في مقتبل حياته رسالة صغيرة عن السيد احمد الفيض آبادي مؤسس مدرسة العلوم الشرعية قرأتها في حينها.
هذا العلم هو الشيخ عبدالقدوس الانصاري والذي اصدر مجلة نفيسة تغذينا من أطايبها وشربنا من معينها هي مجلة المنهل التي صدرت قبل حوالي نصف قرن من الزمان,, وقد كانت مجلة المنهل مسرحا لكبار الكتاب العرب من مصر والمغرب وسورية واليمن وغيرها من الدول العربية,, وقد حمل الاستاذ نبيه بن عبدالقدوس الانصاري الرسالة بعد أبيه يساعده شاب ناشط همام هو الاستاذ زهير حفيد الشيخ عبدالقدوس الانصاري.
ومن كتب الشيخ عبد القدوس الانصاري كتابه (اصلاحات في لغة الكتابة والأدب) اصدره في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه,, ومن مؤلفاته القيمة,, تاريخ مدينة جدة الذي اعتنى به وأعد له العدة فجاء كتابا جامعا قليل النظير,, ومن ذلك كتابه الذي ذهب فيه الى حتمية ضم جيم جدة سماه التحقيقات المعدة بحتمية ضم جيم جدة وقد حاول الشيخ الانصاري كتابة القصة فنشر قصته واسمها التوأمان والتي هاجمها هجوما عنيفا الاستاذ محمد حسن عواد في كتابه تأملات في الأدب والحياة .
وقد قام الشيخ عبدالقدوس الانصاري برحلات علمية كثيرة في المملكة العربية السعودية والكويت والأردن وسورية ولبنان، وقد درس في هذه الرحلات الآثار الباقية ومن اهم مؤلفاته في هذا الصدد كتابه بين التاريخ والآثار وقد اصدر الشيخ الانصاري الطبعة الاولى من هذا الكتاب في بيروت سنة 1389ه أي قبل حوالي ثلاثين عاما، وقد قال المؤلف في مقدمة الطبعة الاولى: وكنت حينما بدأت هواية تتبع الآثار تداعب مخيلتي في أول عهد الشباب، قد شممت من أريجها العبق ان لها فائدة تذكر في دعم مرويات التاريخ النظري، ولذلك فهي جديرة بالاهتمام وقمينة بالتقدير والاستمرار، اني لمست بالدقة ان كثيرا من الامور المهمة في معرفة تاريخنا العريق قد اهملها تاريخنا النظري المكتوب دفعة واحدة,, ولعل ذلك يعود الى انه كان يراها تافهة بالنسبة لوقته، او لأنها لم تدخل في اطار ما ألم به من الحوادث.
كما فطنت لحقيقة علمية كبيرة ساقتني الى مزيد من الحرص على تتبع ما امكن تتبعه من الآثار واستنطاقها عن ماضي الاخبار,, والحقيقة الماثلة للعيان هي انه اذا اتفق التاريخ الخبري والشاهد الأثري على حدوث امر ما، فإن ذلك يكون حقيقة مؤكدة لا شبهة فيها ولا التواء .
وبعد ظهور الطبعة الأولى اصدر المؤلف الطبعة الثانية وذلك سنة 1391ه وقد رتب المؤلف الآثار التي وصفها على النحو التالي:
1 آثار مكة المكرمة وسوق عكاظ وقبيلة بني سليم.
2 آثار المدينة المنورة وفيها حديث عن حصن كعب بن الاشرف ووادي العقيق وقصر سعيد بن العاص والصويدرة.
3 آثار مدينة الرياض وفي ذلك فصل عن آثار الدرعية واطلالها.
4 آثار جدة وفي ذلك الفصل حديث عن آثار وادي بويب وعن متحف آل باعشن.
5 آثار عسير.
6 الآثار في شمال البلاد العربية السعودية وقد تناول المؤلف فيها الحجر ومدائن صالح وموطن شعيب عليه السلام.
7 آثار الكويت.
8 آثار الأردن.
وقد تناول الشيخ عبدالقدوس الانصار سوق عكاظ ولكن مع الاسف الشديد لم يحاول تحديد موقعه واكتفى ببحث عن زمن ابتدائه وانتهائه وانه لمن المؤسف جدا ألا يقوم باحث سعودي بتحديد مكان سوق عكاظ وهو أحد مفاخر هذه البلاد.
ومن أجود ابحاث الكتاب ما كتبه الشيخ الأنصاري عن حصن كعب بن الاشرف واقتطف منه: يقوم حصن كعب بن الأشرف على هضبة من الحرة الجنوبية الشرقية للمدينة وطوله 33 مترا في عرض 33 مترا وارتفاع ما بقي من جدرانه 4 أمتار وسمكها متر، وله باب واحد في الجهة الغربية وثمانية أبراج ضخمة وبناؤها من حجارة ضخمة ملتصق بعضها ببعض مباشرة وطول بعضها 140سم وعرضها 80سم وسمكها 40 سم، ولا أثر فيه للنقوش ولا للزخرفة، بناء حربي محض، وبوسطه رحبة واسعة مربعة تبلغ مساحتها الف متر مربع وهي غير مرصوفة ولا مبلطة فالصخور الحرية ناتئة فيها وبينها انخفاضات وارتفاعات.
وبجوار الحصن من الداخل 10 غرف مختلفة المقاسات وأعاليه مهدمة,, ولما جاء في كتب التفسير والحديث من كون بني النضير لما غلبوا في محاصرة الرسول صلى الله عليه وسلم استسلموا عام 4 هجرية وحصل الاتفاق على جلائهم من المدينة مع حمل ما يستطيعون حمله من امتعتهم غير السلاح ومن ذلك سقوف حصونهم ونجف ابوابها الجميلة المزخرفة, نقول نظرا لما ذكر نرى ان سقوف هذا الحصن وعقوده اخرجت منه في ذلك العهد ونقلت اخشابها فيما نقل يومئذ وان هذا الحصن وهذه الحجارة الضخمة السود والابراج العظيمة ليعطينا صورة ناطقة عن كيفية بناء الحصون هنا قبيل الاسلام .

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved