أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 16th March,2000العدد:10031الطبعةالاولـيالخميس 10 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

ضرورة مشاركة البرامج التلفزيونية في تربية أبنائنا
لقد تعودنا ان نرى الوالد المتشدد في تربية ابنائه باعتبار
ان الشدة أداة القوة والحزم في تكوين شخصية الانسان الصلب قوي الشكيمة المعتد بنفسه قاهر تحديات الطبيعة وقليلا ما نرى الوالد المتأرجح في تربية ابنائه بين الشدة في مواقف واللين في مواقف اخرى, أما الوالد الذي يعتمد على تدليل أبنائه فيكاد يكون نادرا في ثقافتنا العربية التي تحبذ التربية الحاسمة الهادفة الواعية المدركة لتخريج أبطال رجال ذوي همم وحماس لحماية أنفسهم وأهليهم ووطنهم من الجور عليهم أيا كان شكل الجور ماديا أو معنويا.وعلنا نتساءل: هذا النمط الوالدي صار تراثا في أدبيات التربية؟ أم انها نموذج تراجع أمام أهداف المنهجية التربوية؟ وهل ساهم في هذا التراجع بعض البرامج التلفزيونية خاصة تلك التي تساند نموذج الاتزان في المعاملة الذي يحتاج الى أناة وصبر ومثابرة فلم يكن له مساحة مناسبة من التعضيد خشية ان يختلط الخطأ بالصواب.ان أساليب معاملة الأبناء تدخل في نطاق عملية التنشئة الاجتماعية التي يساهم فيها مع المنزل مؤسسات تربوية أخرى عديدة منها المدرسة والمسجد والجيرة والبيئة وبدرجة كبيرة البرامج التلفزيونية العشوائية وجميع هذه المؤسسات وغيرها مسؤولة مسؤولية مباشرة في مداومة تصحيح المسارات السلوكية للأبناء.وازاء هذه المؤسسات المشاركة في التنشئة الاجتماعية لم تعد الأسرة هي المسؤول الوحيد في التربية السلوكية والصحية والجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية للأبناء، هذه النظرة الكلية الشاملة لمنظمات التنشئة الاجتماعية اعفت الأسرة من ان تكون الوحيدة في المضمار حيث تصارعت الأدوار التربوية المسؤولة عن ارساء دعائم بناء الشخصية واستدخال العادات وتشذيب الدوافع والحاجات.ومما يجدر التنويه اليه ان جنوح احدى هذه المؤسسات عن خط السواء التربوي يؤدي الى الأساليب غير السوية في المعاملة الوالدية، بل يؤدي في كثير من الأحيان الى جنوح الأبناء وعدوانيتهم, وهذا ما يدفع اليه عديد من البرامج التلفزيونية العشوائية غير المخططة تلك التي تنظم دور البطل المهزوز المضطرب وجدانيا المعتل سلوكيا في بيئة ثقافية غير بيئتنا ولكن كم لها من تأثير كبير في سلوك ابنائنا، هؤلاء الذين تكدست بهم دور الملاحظة والتوجيه الاجتماعي.فلا غرابة في القول من واقع الخبرة ان معظم الداخلين لهذه الدور هم نتاج أساليب في التربية خاطئة ساهم فيها, وعن طريق مؤثرات شديدة البرامج التلفزيونية.عزيزي القارىء ألم نشاهد جدلا حول بعض البرامج التي تناقش حقوق الطفل ومنها حقه في الاعتراض لدرجة يصل فيها للاعتراض على قرار صادر من أحد والديه وذلك لمجرد الاعتراض تحت شعار الديمقراطية والحرية في التعبير التلقائي دون تمحيص أو تفكير أو روية أو انتقاء, هذه المجتمعات الديمقراطية لم تقلل حقوق الطفل في الاعتراض من معدل السلوك الانحرافي والعدواني الذي يرجع في الغالب الى استحسان للشعور الذي يعاني منه الطفل نتيجة سوء توجيهه وارشاده، أو شعوره بالاحباط نتيجة غياب السلطة الضابطة أو الاهمال أو غياب العدالة في المعاملة الوالدية مما يستشعر معه الابن بفقدان الشعور بالأمن، الأمر الذي يهدد الذات وفقدان الاعتبار, وهذه العوامل تعتبر مصدرا للعدوان، سواء العدوان على الذات او على الآخر في ممتلكاته أو عرضه أو نفسه.وازاء ذلك قد يتساءل بعض القراء: ان كان ذلك كذلك فما سبيلنا لمواجهة تهديد بعض البرامج التلفزيونية التي تبرز نماذج تربوية خاطئة في ثقافة لا تنتمي لثقافته وازاء ذلك نعرض لوجهة نظر مفادها ان الأهم من كل ما ذكر هو التوجيه مباشرة باخراج برامج تعنى بتثقيف الآباء والأمهات حول أساليب المعاملة الوالدية السوية التي تتوافق مع ثقافتنا الأصيلة مهما أخذنا بأهداب المعاصرة على ان تركز هذه البرامج على ضرورة فهم الابن وتقبله واعطائه فرصة في المشاركة في اختيار حاجياته وكل ما يخصه أو يتعلق به ومنحه قدرا من الاستقلال في الرأي فيما يخص الأمور ذات الصلة به شريطة ألا يخرج عن عاداتنا وتقاليدنا وثقافة مجتمعنا, فضلا عن التعامل الحاسم في رده الى هذه الثقافة دوما حتى تندمج في داخله وتصبح مكونا أصيلا من مكونات شخصيته, مع الحرص الشديد في عدم التذبذب في المعاملة هبوطا وصعودا أو يمنة ويسرة، أو تفضيل أحد الأبناء على الآخر أو الميل لجنس على الآخر ففيه استثارة للشعور بالكراهية والبعض من كل للآخر.وختاما ندعو أجهزة الاعلام الى ضرورة انتقاء البرامج والاهتمام بالبرامج التي تجسد عاداتنا وتقاليدنا وخصائص نمو أبنائنا وطريقة التعامل مع كل مرحلة من مراحل النمو لابنائنا والتنبه حتى لا يندس بينها تلك البرامج ذات التأثير السلبي على سلوكيات أبنائنا.
مندل عبدالله القباع

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved