أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 28th March,2000العدد:10043الطبعةالاولـيالثلاثاء 22 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

نوافذ
أميمة الخميس
عفارم افندم
يمارس انسان العصر الحديث الكثير من الحماقات اتجاه امنا الارض من تدمير للغابات التي هي بمثابة الرئة التي يتنفس منها العالم وتلويث لمصادر المياه مع اهدارها ناهيك عن ثقب طبقة الاوزون الذي يجعل من مزاج الكرة الارضية مزاجا كارثيا ومدمرا.
ولكن باعتقادي ليس هناك تلوث اشد قسوة وحماقة من التلوث اللغوي ذلك التلوث الذي يصم ويعمي ويجعلنا غير قادرين على التنصت على الايقاع الكوني من حولنا.
ومنذ ان اتقن بنوالبشر مهارة الكلام وهم يرتكبون تلك الخديعة التي تقصيهم عن الينابيع الانسانية الغائبة او المغيبة في اعماقهم بلا كلل.
وصولا الى عصرنا الحديث الذي بتنا نمارس التلوث فيه بشكل حرفي متقن من خلال ادوات متقدمة وحديثة، فالمناهج التعليمية التي تقدم معلومات قد تجاوزها العصر بمراحل ومن ثم تحشو الادمغة بكل شيء سوى ما يعينهم على اقتحام العصر اليست هي نوع من انواع التلوث اللغوي؟
النبرة الاعلامية في دول العالم الثالث المليئة بالبهرجة والتزلف والمغالطات لابجديات الحقائق والتي تخاتل عين الشمس بمنخل متهتك اليست من اشكال التلوث اللغوي؟
الاعصار الاستهلاكي العالمي والذي يوظف جسد المرأة بشكل غرائزي ورخيص ابتداء بالاعلانات السلعية انتهاء بصناعة البغاء عبر ·الانترنت كم من النفايات يصبة في انهر الاتصال العالمية؟
واذا ضيقنا النطاق الى مستوى العلاقات الانسانية سرعان ما نكتشف لصوص الوقت المهرة الذين يسلبونك رونق اللحظات بثرثرات مفرغة من معناها فقط تنطلق من الافواة لتملأ مساحات الهواء بصخب غوغائي خانق، ناهيك عن من يحول عيوبة ونقائصه الى سهام نميمة وحقد يترصد بها ظهور الآخرين.
والسياق السابق يذكرني بقصة طريفة وردت في كتاب استاذنا الكريم ·عبدالكريم الجهيمان من اساطيرنا الشعبية حيث يورد فيها قصة رجل جائع يبحث عن عمل وبينما هو سائر في طريقه وجد مجموعة من الرجال يقومون بنقل مجموعة من الاحجار والرمال من مكان الى آخر فانخرط في العمل معهم طمعا بان ينال اجرا آخر نهاره ولكن بحلول المساء حضر احد العساكر من ذوي الرتبة الكبيرة في الجيش التركي فاصطفوا صفا طويلا فكان يسلم عليهم الواحد تلو الآخر ويقول لهم ·عفارم افندم وهي كلمة شكر باللغة التركية، فتميز الرجل من الغيظ ولكن الحيلة لم تعيه فقام بحمل كلمة الشكر هذه الى مطعم وبعد ان اكل حتى شبع ناولها لصاحب المطعم بالطبع الدراما الشعبية لابد ان توصل هذا الرجل الى القائد العسكري الذي عفا عنه ولا ادرى ان كان قد كافأه ام لا.
وكلمة ·عفارم افندم كلمة فرت من الضوضاء اللغوية والترهلات اللفظية وتحولت لاول مرة الى عشاء ادفأ معدة رجل جائع وفقير.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved