أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 30th March,2000العدد:10045الطبعةالاولـيالخميس 24 ,ذو الحجة 1420

محليــات

لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ 17
د, خيرية إبراهيم السقاف
لا تتلفتي من حولكِ,,.فكل الاتجاهات تكون إليَّ,,.وعلى الرغم من أنكِ سوف تكونين إلى هذه الحروف قبلي,,, فأنتِ فيها,,,، وإنني وأنا أغادر إلى المطار استحضرتكِ معي,,.دوماً أنتِ معي,,.حدَّثتُكِ عن رحلتي المفاجئة,,, وعبثاً تُصّدِّقين,,, لأنكِ لاتسمعينني,,, أما أنافأدري أن كل الرحيل إليكِ، وبأنكِ لن تعبأي بأي رحيلٍ آخرَ,,,، لكنكِ بعدُ لا تعلمين كم تفوحُ في أنفي رائحةُ المحطاتِ، وتجذبني قوافلُ السفرِ، وتأخذني دوراتُ الدواليبِ الراكضة فوقَ المسافاتِ السوداء الطويلة المتعرجةِ، وهي تنهبُ الأرضَ إيذاناً بالمضي، أو إنباءً بالوصول,, لكن أجملَ الطرقِ تلك التي تحملُني إليك,,,، لكن,,,،أتدرين بأنك المسافرةُ دوماً؟!، ولماذا تفعلين؟!,,.أتدرين بأنني في كلِّ لحظة رحلة لكِ، أكون أولَ مَن يأخذكِ إلى حيث ذلك الزَّخم، وأول من يأتي بكِ,,,؟أما أنتِ، فأينكِ عنِّي؟!,,.أسألُكِ باللهِ عليكِ ماذا تعرفين عن لحظاتي كيف تمرق؟ وساعاتي كيف تمر؟ وما هي الكلمات التي صَدَدتِها في حلقي قبل أن تخرج منه في كل مرة أجيئكِ فيها فتمرقين منّي في رحيلكِ الدومي؟,,, لأنكِ هناك لا تسمعينني,,,؟أسألكِ بالله عليكِ إلى متى وأنتِ لا تأتين إلا متى تريدين، وتتركينني أقف وحدي حيث أكون في الليل وفي النهار، في الشتاء وفي البرد،أنتظر أوبتكِ فلا تأتين؟,,.وأعود بخفّي حنين، تتسمّر عيناي فوق الشاشات، والأبواب، وعند حفيف الهمس، ورنين الأصوات، أحاول أن ألتقط وجهكِ أو صوتكِ، وتكتظُّ أو تفرغ اللحظات تلوالأخرى، وتنام العصافير، وتستيقظ الفراشات، ولا من يأتي سوى همس يأتي من صناديق الشموع والأنغام,,.وكلها تحتفي بكِ,,.قلتُ لكِ لايكفيني أن تَطُلِّي عليِّ في الأحلام، وفي الرؤى,,, وقلتُ لكِ لا تتركيني وقد وعدتِ,,.وقدَّمتُ لكِ موثقَ البقاءِ معي، أو الرحيل معكِ,,.وماذا فعلتِ؟,,.أبقيتني حيث أكون، ومضيتِ حيثُ أنتِ,,, ورسمتِ فوق الطريق علاماتِ المرور,,.متى تفتحينها يمكنني المرورَ ومتى تُغلقينها عليَّ الانتظارُ,,.وقلتُ لكِ، أنتِ أنا، وإني أنتِ,,, فلا تتركيني أجوب في المحطاتِ وحدي,,, وحين أسبغتِ عليَّ غطاءَ الليل، وودعتِني,,,، تركتِ في جوفي شلالاتِ الدموع، لاتخرجُ من منافذِ البوح، وإنَّما تصبُّ في شقوقِ النفس، حتى استويتُ أوهى من فتيل النار بعد الاحتراق، وأوهن من بيت العنكبوت,,,، وأنتِ؟،وأنتِ، أيمكنكِ أن تقتاتي الخيالَ,,,، وتروي ظمأكِ منه,,, لذلكِ تذهبين,,, وأبقى هنا وحدي,,,؟؟ماعهدتُ شيئاً أبقى لي في الوجود سواكِ,,.ولا عرفتُ أحداً أغلى في الكون منكِ,,.ولا خبرتُ من هو الصدق غيركِ,,.ولا أجدُ في كلِ هذا العالم المزدحم المصطخب من كُنتُه قبل أن أكونَ إلاَّكِ,,.فكيف تقفين فوق بواباتِ الانتظار تحملين المفاتيحَ، وتغلقين الدروبَ، دون أن تؤوبي,,, ودونَ أن أمرق؟,,.آه,,.وقدماي فوق أرضِ المطار,,,، والحياةُ من حولي مطار كبير,,, والمحطات تلتهمني,,, والقوافل تناديني,,, والورق بين يديَّ أحبِّره على ظهرِ اللحظةِ العاجلةِ,,,؟أرسلُ إليكِ في عالمكِ الوضيء بكِ,,, بكِ، لأنني أنتِ,,,،فهلاَّ عرفتِ أنني أرحل منكِ إليكِ حيث تكونين؟لكنَّكِ لاتعلمين؟,,.فَشُقِّي عنكِ غطاءَ المسافةِ كي تدري عنِّي ما لاتدرينه، وتري عندي مالا ترينه، ولسوف لن تتركيني منتظرةً حتى تأتي أو لن تأتي,,, بين الليل والنهار، وبين الليالي والأيام,,,، وتقتاتين من الحلمِ وحده,,, وتكتفين,,.ووحدي من يجوب إليكِ الدروبَ أو الأزمنة، منذُ أن غادرتِ في اجتياحٍ لكلِ شيء فيَّ كي يكون لكِ ومعكِ,,.وحتى أعود,,, هل تأتينني؟أما أنتِ فمعي,,, ولا تغادرينني أبداً,,.وعندما أرحل,,, كذلك,,, أو لا أرحل,,.فمتى الرحيلُ إليكِ؟,,.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved