أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 30th March,2000العدد:10045الطبعةالاولـيالخميس 24 ,ذو الحجة 1420

عزيزتـي الجزيرة

تجارة التبغ أم تجارة الموت
ألم يحن الوقت لتفعيل مكافحة التدخين
تحذير صحي: التدخين سبب رئيس لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين ، وكأننا بهذا الاعلان سنقضي على هذه العادة السيئة والخطيرة صحياً التي لها علاقة بأكثر الأمراض، وأخطرها، سرطان الرئة, فالدخان المنبعث من السجائر به حوالي 4000 مادة كيماوية، بعضها سام وخطر جداً، منها 43 مركباً تسبب السرطان، أضف إلى ذلك مركب النيكوتين وهو سام ويؤدي للإدمان وبشكل كبير, وتعتقد جمعيات السرطان العالمية بأن التدخين من أهم الأسباب المؤدية للوفاة والتي يمكن تلافيها، حيث إنه يموت حوالي 400 ألف أمريكي سنوياً بسبب التدخين.لقد لوحظ بأن عدد المصابين بسرطان الرئة ازداد ازدياداً كبيراً منذ الثلاثينات من هذا القرن، وان نسبة الوفيات في المدخنين عالية بسبب السرطان وأمراض أخرى، حيث اثبتت الاحصاءات بأن 87% من وفيات سرطان الرئة سببها التدخين، وأن نسبة الوفيات تكون أعلى منها في المدخنين الذكور بحوالي 23 مرة من غير المدخنين، وفي النساء المدخنات تكون نسبة الوفيات أعلى 11 مرة منها في النساء غير المدخنات, اضف إلى ذلك ازدياد نسبة سرطان البلعوم، التجويف الفمي، المريء، المثانة، الكلى والبنكرياس.كذلك التدخين يزيد بخمسة أضعاف من احتمال الوفاة بالتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي، ويزيد بنسبة الضعف من احتمال الوفاة بأمراض القلب والشرايين، وفي النساء الحوامل المدخنات عادة ما يكون مواليدهن غير مكتملي النمو أو قليلي الوزن بسبب قلة جريان الدم الى المشيمة.اضف إلى ذلك ان الأشخاص غير المدخنين يعانون أيضاً من الدخان المنبعث من سجائر المدخنين المجاورين لهم، سواء في أماكن العمل، أو في المجالس، حيث يشعر رب البيت بالخجل من طلب عدم التدخين في منزله، أو ربما ان الشخص المدخن يقوم بالتدخين في المنزل أمام زوجته وأطفاله وهو لا يعلم بالضرر الذي يسببه لهم, تدل الدراسات بأن هناك آلاف الحالات من سرطان الرئة بسبب ما يسمى التدخين السلبي، أي تنفس دخان المدخنين، وكذلك دلت الدراسات بأن الأطفال الذين يتعرضون لدخان المدخنين يصابون بضعف النظر.في عام 1971م صدر قانون في أمريكا يمنع شركات التبغ من القيام بأي اعلان تجاري سواء كان في الاذاعة أو في التلفزيون، وكذلك شمل القانون وجود أماكن مخصصة لجلوس غير المدخنين في الأماكن العامة ومواقع العمل, وفي عام 1990م تم حظر التدخين على كل الرحلات الجوية المحلية التي تقل مدتها عن 6 ساعات، والذي أدى إلى منع التدخين في عام 1996م في حوالي 80% من الرحلات الداخلية والخارجية, وفي الآونة الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بدا في الأفق توجه قوي ضد شركات التبغ حيث وجد بانها تتحكم في مستوى النيكوتين الذي يسبب الادمان، وكذلك توجيه الاعلانات التجارية نحو شريحة من المجتمع الأكثر عرضة، وهم صغار السن لابقائهم في قائمة المدمنين على التدخين, اضافة إلى شكاوي العديد من الناس ضد شركات التبغ ولأسباب اصابتهم بسرطان الرئة واتهامهم شركات التبغ بعدم تحذير الناس بخطورة التدخين وكذلك بان التدخين يسبب الادمان, من بين تلك الاحداث قيام العديد من الولايات برفع قضايا ضد شركات التبغ، وأهمها ما حدث عام 1997م وهو تغريم شركات التبغ 368 بليون دولار تدفعها شركات التبغ على مدار 25 عاماً ليتم صرفها على برامج مكافحة التدخين وعلاج الأمراض التي كان التدخين سببها أو له علاقة بها.إن عادة التدخين وادمانه تبدأ في الصغر، حيث وجد بان 70% من المدخنين الامريكيين بدأوا عادة التدخين وهم في عمر قبل الثمانية عشر عاماً، ولهذا السبب تحاول شركات التبغ الحصول على زبائن مدى الحياة، وتبدأ بهؤلاء الصغار، أو الأطفال، إن صحت التسمية, وبسبب الوعي الصحي، والقيود والقوانين والضغوط الكثيرة والمتزايدة على شركات التبغ في الدول المتقدمة التي تشمل منع الاعلانات التجارية في الاذاعة والتلفزيون كما ذكر سابقاً، كذلك تشمل عدم بيع السجائر للأشخاص الذين تقل اعمارهم عن 18 عاماً، كل ذلك دفع شركات التبغ للتدافع نحو سوق العالم الثالث حيث القوانين الرخوة ان وجدت، أو وجود القوانين التي لا يتم تطبيقها، وكذلك لزيادة نسبة صغار السن في هذه الدول, لذلك نرى أن النسبة العليا من ارباح شركات التبغ تأتي من خارج أمريكا وأوروبا، ولهذا نرى الاعلانات التجارية التي تحث على التدخين في تلفزيونات هذه الدول وفي شوارعها,إن المملكة، كالعديد من دول العالم النامي، بها نسبة عالية من صغار السن، ولربما أن أكثر سكانها هم من تحت الثلاثين من العمر، وتزيد نسبة صغار السن عن نصف السكان، وبالتالي هم هدف ممتاز لشركات التبغ، فلماذا تستمر العديد من المجلات المنتشرة في الأسواق في الدعاية لشركات التبغ؟ فإما أن تختار هذه الصحف بين تسويق مجلتها وكسب زبائن من هذا المجتمع أو تكسب شركات التبغ كزبائن دائمين لها, أليس من الأجدى والأنفع ان تتوقف هذه المجلات عن الاعلانات التجارية لشركات التبغ والاستعاضة عنها باعلانات أخرى؟ أم ان هذه المجلات ليس لها أي اخلاقيات وتبحث عن المال ولو كان فيه هلاك المجتمع الذي تتشدق بانها جزء منه وتعمل لصالحه!, الشيء المزعج والغريب حقاً هو رؤية بعض الاعلانات المدفوعة من قبل شركات التبغ تقول فيها لنحافظ على اطفالنا من أخطار التدخين، فالتدخين ليس للصغار, فأصبحت الوقاحة لهذه الشركات ان تتكلم عن خطر التدخين على الاطفال ، وكأن الكبار لا يعانون من خطر التدخين ، أو توحي بان الذي يريد ان يصبح رجلاً، عليه بالتدخين, في الوقت الحالي وفي المملكة ودول الخليج لا تزال العديد من المجلات العامة والسياسية تزخر باعلاناتها عن العديد من أنواع السجائر، وهذا شيء محير، فصحة المجتمع توجب منع هذه الاعلانات، وليس من المنطق ترك هذه المجلات تجني ذهباً من أمراض المجتمع بحجة أو بأخرى، وبخاصة ان المجتمعات العربية هي مجتمعات تهتم بالسياسة، وأكثر قراء الصحف والمجلات السياسية هم من الشباب.من الجهة الأخرى، وجود المحطات الفضائية والتي تبث على القمر العربي عربسات، وهذه المحطات يجمعها العديد من المواثيق حول توجهات العمل السياسي والاخلاقي، وعدم بث ما تراه بعض الدول من أنه تشنيع أو شتم أو تشويه لبعض الدول الأخرى، أو بث ما ينافي الأخلاق والعادات والتقاليد فيها, لكن للاسف، فليس هناك قانون يمنع وجود الاعلانات لشركات التبغ، في الوقت الذي تم منع شركات التبغ من الاعلانات التجارية في دول المنشأ، نراها هنا على شاشات عربسات والذي هو موجه أصلاً لمجتمع مسلم، نامٍ، وأكثره من صغار السن, لماذا لا يتم منع محطات عربسات من بث أي اعلان تجاري لشركات التبغ، على الأقل أسوة بما هو حاصل في أمريكا؟إن الرغبة الأكيدة في خفض عدد المدخنين تشمل العديد من الأعمال، ومن ضمنها رفع سعر علبة السجائر، فرفع سعرها إلى الضعف، أو الثلاثة اضعاف أو أكثر شيء جميل ويعمل في الاتجاه نحو تقليل عدد المدخنين، حيث يجعل من الصعوبة شراءه فسعر علبة السجائر في وطننا رخيصة نسبياً مقارنة بما هي عليه في بريطانيا 25 ريال ، ولكن ما الفائدة من ذلك في الوقت الذي تكسب شركات التبغ زبائن جدد باستمرار بسبب التراخي في اصدار قوانين تتناسب مع أهمية مكافحة التدخين أو التراخي في تطبيق ما تم اصداره من قوانين, ألم يحن الوقت لنعطي الموضوع أهمية تتناسب مع خطورة هذا الأمر وما له من عواقب وخيمة على الجيل النامي والذي مطلوب منه ان يقود الوطن للمستقبل، فكيف به وهو عليل مريض مدمن على التدخين ينتظره الموت بين لحظة وأخرى.
د, محمد جعفر آل حسن
جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved