الإمبراطور,, الخطوة الأولى

* مدخل: كان فريق الهلال الكروي آنذاك يبحث عن بديل لقلب الدفاع بشير الغول رحمه الله الذي ألمح إلى نيته اعتزال الكرة، وكفارس الأفق ظهر فجأة فتى يافع ذو تكوين جسماني قوي، حركاته موزونة، سريع الغضب سريع الانقضاض على الكرة، وما ان رآه المدرب الانجليزي جورج سميث حتى أوصى بتسجيله قائلاً هذا أسرع لاعب سيدخل بوابة المنتخب، بعد أيام اجتمع به سمو رئيس نادي الهلال الأمير هذلول بن عبدالعزيز وذلل كل المصاعب التي تعترض طريق تسجيله.
متوسطة عمر
* الزمان: أحد أعوام التسعينات
* المكان: الرياض
* المكان (بالضبط) متوسطة عمر بن الخطاب حي عليشة.
في ثاني أيام عيد الفطر المبارك عام 1396ه ذهب الأستاذ صالح الشنيفي إلى منزل الشيخ محمد النعيمة مهنئاً بالعيد السعيد وهناك أخبرهم أن موعد تسجيل الابن صالح في نادي الهلال سيكون في أول ايام استئناف الدراسة بعد عطلة العيد وأنه سيكون مرافقه أثناء اجراءات التسجيل.
وفي صبيحة العاشر من شهر شوال دخل الأستاذ صالح الشنيفي المدرس بمتوسطة عمر على مدير المدرسة المربي الفاضل الأستاذ سليمان الجليهم مستأذناً للطالب النعيمة في السماح له بالخروج لأمر يخص مستقبله الرياضي، وعندما أذن له خرج الأستاذ الشنيفي ومعه طالبان أحدهما النعيمة إلى حيث ينتظرهم الشيخ عبدالرحمن بن سعيد في نادي الهلال ثم إلى مكتب الوسطى، وقبل نهاية اليوم الدراسي عاد الثلاثة إلى المدرسة وأكمل الطالبان بقية ساعات دراستهم.
ولم يكن يدور في خلد الأستاذ الشنيفي أن هذا الطالب الصغير ذو القوام الرياضي سيكون له شأن كبير في الكرة السعودية والعربية, وقد تذكر وهو يجلس على مكتبه في المدرسة كيف توسم في هذا الفتى النبوغ الرياضي من أول نظرة يراه فيها يركل الكرة في ملعب المدرسة الصغير وتابعه بعد ذلك بعين الخبير الفاحصة وسأل عنه استاذ الرياضة الأستاد محمد الخيال، وأيقن أن أمامه لاعب موهوب لا تنقصه المهارات ولا الامكانيات الفنية ودعا الله أن يرزقه حظاً.
وفي أولى مشاركاته مع فريقه والشنيفي في المدرجات ينتظر ولادة النجم تساءلت الجماهير الغفيرة عن هذا اللاعب الصغير الذي يقف بشموخ بجوار العملاق بشير الغول، إلا أنه لم يحظ بقبول كامل لتوتره وهو يقدم نفسه للأمواج الزرقاء التي ملأت المدرجات، وبين شوطي المباراة رأى الرضى في عيني الانجليزي جورج سميث واستمع إلى نصائحه وتشجيع من سبقه من زملائه.
وبعد المباراة أيقن الكابتن صالح أن الطريق في ملاعب الكرة طويل وشعر أن ما قدمه في ملاعب عليشة الترابية أو في ملعب مدرسته الأسمنتي الصغير لا شيء وإنه الآن بدأ الخطوة الأولى،ولم يمض موسم 97ه إلا وقد عاد إلى منزله بمكافأة الفوز بأول بطولة للدوري وجلس عند ركبة والده رحمه الله يطلب دعاه.
الموهبة والقيادة
الموهبة تخلق مع اللاعب ويصقلها بالتدريب، والقيادة تخلق أيضاً مع الفتى وهذه لا تحتاج إلى الصقل لأنها صفة أصيلة كالشجاعة والكرم,, وتزخر ملاعبنا بكثير من اللاعبين ممن يمتلكون الموهبة والمهارة ويطربون الجماهير بفنهم الكروي الراقي ويمتعون المشاهدين بلوحات (حية) جميلة على المستطيل الأخضر، وصالح النعيمة أحد هؤلاء ولكن ما يجعله مميزاً بينهم هو امتلاكه لصفة (القيادة) الرياضية فهو ولد قائداً رياضياً سواء كان في حارته أيام الطفولة أو في مدرسته أو عندما اشتهر على العشب الأخضر.
همسات
تتلخص موهبة الكابتن النعيمة في أنه يمتلك عناد ويقظة المدافع وتمريرات لاعب الوسط وتسديدات المهاجم.
* للأستاذ صالح الشنيفي مماثلة مع الكابتن يوسف الثنيان,
* تخرج من متوسطة عمر بالرياض جيل رياضي كامل على رأسهم صالح النعيمة وعبدالله السويلم (الشباب) ومشاري العويران ومنصور الرحمة ويوسف جازع ويوسف الثنيان وهاني السديري ومساعد القروني وسعود شافي وعبدالله الشعيبي وفهد عبدالمحسن الغنام وخالد الشريهي والمعلق ناصر الأحمد وسعيد العويران وغيرهم ، وكل هؤلاء لعبوا في أندية الرياض.
* يظل السؤال (المحير) لماذا اختفى دور المدرسة الرياضي فهي المعين الأول والبديل (الصح) عن الحواري، وهذا موضوع مهم لم ينل نصيبه من الطرح والمناقشة من قبل المعنيين.
* اختيار الكابتن صالح النعيمة كان ضد تنظير البعض وضد الثرثرة الصحفية، وما أجمل أن يأتي الانصاف من طرف محايد لا يعرف ألوان الفرق السعودية.
* كل الألقاب تذهب بذهاب صاحبها ويبقى فقط الانصاف لأنه جزء من التاريخ.
* لأن الوفاء طبعه مازال الكابتن صالح النعيمة يحافظ على علاقة الود والاحترام والتقدير التي تربطه بكثير من معلميه وزملائه.
* وأخيراً
أتمنى ألاّ يغيب اسم الأستاذ صالح الشنيفي في يوم تكريم الكابتن صالح النعيمة.